anoucha
09-11-2009, 02:38 AM
قال مالك بن نبي رحمه الله :”إن الكتب والأفكار التي تؤثر في
التاريخ؛ إنها العواصف التي تغير وجه العالم”. ولد الأستـاذ مالك بن نبي في 05 ذي القعدة 1323 هـ الموافق لـ 01 جانفي 1905 بقسنطينة، مدينة العلم والعلماء. انتقلت أسرته
إلى مدينة تبسة ثم لحق بها بعد فترة قضاها في قسنطينة عند أقاربه، وفي تبسة انتظم في حلقة لحفظ ما تيسر من القرآن الكريم، و أتم تعليمه الابتدائي والإعدادي.
ثم عاد إلى قسنطينة لمزاولة المدرسة التكميلية، ثم ثانوية التعليم الفرنسيي الإسلامي حيث نال شهادته سنة 1925. كان بن نبي يتمتع بفطنة وذكاء ورهافة حس، فكان يلاحظ و يحكم على ما يحدث في المجتمع الجزائري آنذاك، من جراء الوجود الاستعماري منذ قرابة القرن بما أحدثه من تمييز واغتصاب الأملاك وعدم المساواة … و بعد انتهائه من الدراسة، بحث
عن عمل يناسبه، لكن إذا استثنينا مدة قصيرة اشتغل فيها عادلا، (أي مترجما) بالمحكمة الشرعية بمدينة آفلو، وبعدها إلى مدينة شلغوم العيد، باءت كل محاولاته بالفشل؛ لأن الإدارة الاستعمارية أوصدت كل الأبواب في وجهه.
في سنة 1930، غادر ابن نبي الجزائر متوجها إلى باريس (فرنسا)؛ لمواصلة دراسته، فحيل بينه وبين رغبته في دخول معهد الدراسات الشرقية، فتوجه إلى مدرسة اللاسلكي، التي تخرج فيها مهندسا كهربائيا سنة 1935، فكان بذلك أول مهندس جزائري في الكهرباء.
في سنة 1946 انطلق في إنتاجه الوفير، و هو يتمتع بثقافة مزدوجة، بنشره كتاب “الظاهرة القرآنية”، وكرس بن نبي حياته للبحث والتفكير في “مشكلات الحضارة”، وطور نظريته الخاصة حول الحضارة، فجاء فكره متميزا و قويا، يظهر فيه تشبع المفكر بالثقافة الإسلامية والغربية في آن واحد. و حمل عمله في طياته نضال المفكر ضد الاستعمار وضد الوضعية التي آل إليها شعبه تحت وطئته، لكن دون أن يلين في حكمه عليه، بل لائما إياه على خموله و استسلامه التاريخيين.
كان يهدف من خلال كتاباته إيقاضه من سباته الطويل الذي غرق فيه على غرار الشعوب الإسلامية الأخرى، لقد كان يريد توجيهه في طريق نهضة أخرى غير تلك التي وضعت كل الوزر على الاستعمار، كان بن بني يريد أن يتخلص شعبه من “القابلية للاستعمار” أي التخلص من استسلامه لوطأة المشاكل و عجزه على حلها؛ و ذلك بأن يبذل الجهد الهائل الضروري للوصول إلى أهدافه، بدلا من انتظار الحل من الصدفة أو من الغير.
فالإسلام لا ينبغي على الإطلاق أن يصبح وسيلة لتنويم الشعوب المسلمة؛ بأن نحدثها باستمرار على ماضيها المجيد، بل يجب أن يكون “قوة عاملة”، وحقيقة محركة تعيدها إلى الحياة، و تشدهم إلى مصير الإنسانية المشتركة.
وبين 1948 و1955، نشر مقالات في صحيفتي “الجمهورية الجزائرية” و”الشاب المسلم”. كتب حوالي 300 مقال تحتوي على جانب من فكره.
كان في القاهرة ينشط ندوات و محاضرات، و عند اندلاع الثورة الجزائرية، طلب إرساله على الحدود الجزائرية للمشاركة في الكفاح، وكتابة مذكرات الثورة، غير أن طلبه لم يحظ بالقبول.
بعد الاستقلال عاد إلى الجزائر وأسندت إليه وظيفة مدير التعليم العالي بين 1964 و1967، وهي السنة التي قدم فيها استقالته للتفرغ لعمله الفكري. وكان ينشط ندوات أسبوعية في بيته، ومحاضرات في الجزائر
و الخارج. وهو صاحب فكرة الملتقيات الإسلامية السنوية التي دامت أكثر من عشرين سنة.
كتب من جديد في صحيفة “الثورة الإفريقية” إلى غاية 1968 حول الحضارة و الثقافة والسياسة والاقتصاد والاجتماع …
وفي 04 شوال 1393 هـ الموافق لـ 31 أكتوبر 1973 توفي بالجزائر العاصمة فارس الفكر، وفقيه الحضارة، وأكبر مفكر مسلم في عصرنا، تاركا وراءه عملا، يجدر بإنسانية القرن الواحد والعشرين استغلاله من أجل إيجاد طريق جديدة تؤدي إلى تلاقي الحضارات ومنها تكوين “الحضارة الإنسانية” رحمه الله رحمة واسعة وجعل اسمه للخلود وروحه للخلد.
مؤلفاته:
1-الظاهرة القرآنية (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1946.
2-لبيك (فرنسي)، طبع سنة 1947.
3-شروط النهضة (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1948.
4-وجهة العالم الإسلامي (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1954.
5-فكرة الإفريقية الآسيوية (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1957.
6-نجدة الجزائر (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1957.
7- فكرة كومنويلث إسلامي (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1958.
8-مشكلة الثقافة (عربي)، طبع سنة 1959.
9-الصراع الفكري في البلاد المستعمرة (فرنسي)، طبع سنة 1960.
10-البناء الاجتماعي الجديد (عربي)، طبع سنة 1960.
11-تأملات (عربي)، طبع سنة 1960.
12-في مهب المعركة (عربي)، طبع سنة 1960.
13-ميلاد مجتمع (عربي)، طبع سنة 1962.
14-آفاق جزائرية (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1964.
15-مذكرات شاهد للقرن:
الجزء الأول: الطفل (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1965.
الجزء الثاني: الطالب (عربي)، طبع سنة 1970.
16-إنتاج المستشرقين (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1967.
17-الإسلام و الديمقراطية (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1968.
18-مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1970
19-معنى المرحلة (فرنسي)، طبع سنة 1970.
20-المسلم بين الرشاد و التيه (عربي)، طبع سنة 1972.
21-المسلم في عالم الاقتصاد (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1972.
22-دور المسلم في الثلث الأخير من القرن العشرين (عربي)، طبع سنة 1973.
من قاموس مالك بن نبي.
“القانون السامي: غير نفسك، تغير تاريخك”.
“إن الثقافة بما فيها الفكرة الدينية التي هي أساس كل ملحمة إنسانية، ليست علما، لكنها البيئة التي يعيش فيها الإنسان حامل الحضارة، إنها بيئة كل شيء، مهما كان دقيقا، و علامة مجتمع يسير نحو مصير واحد، فيها تتكاتف جهود الراعي و الحداد و الفنان و العالم و رجل الدين … إن تركيب العادات والمواهب والتقاليد والأذواق والسلوك والمشاعر هو الذي يعطي لحضارة ما وجهها وقطبيها اللذين تعيش بهما : العبقرية و الروح
والروح”.
”إننا بدل أن نبني حضارة، قمنا فقط بتكديس منتجاتها، لم تكن النهضة الإسلامية بناء، بل تكديس المواد، فيمكننا القول إذن: إن عمر نهضة العالم الإسلامي قارب القرن من الزمن ولم تصل لهدفها، مثل مجتمعات انطلقت من نفس النقطة، إن ذلك ليس بسبب الوسائل، بل بسبب الأفكار. وما أكثر الأشعار التي نظمناها للتغني بنهضتنا، بدل السعي الحثيث مثل اليابان الذي حقق نجاحات باهرة … نعم لقد نجحت اليابان حيث لم يستطع العالم الإسلامي تحقيق أي فوز يذكر على التخلف؛ لأنه أراد النهوض بعالم الأشياء بدل النهوض بعالم الأشخاص و الأفكار”.
“في الداخل، علينا أن نعيد بناء حضارتنا، و في الخارج يجب علينا المشاركة في العمل الذي تتفق عليه الإنسانية في عالم يؤدي دوره التاريخي، وفيه الفكر واحد، و فيه يولد فن عالمي كما يرى الكاتب الفرنسي مالرو”.
“إن محرك القيم الاجتماعية هو الدين، لكن الدين و هو في مرحلة النمو والتوسع والحيوية، أي عندما ينتج فكرا جماعيا … لكن عندما يتقوقع الدين، ويصبح أنانيا و يفتر إشعاعه، و عند ذاك تنتهي مهمته التاريخية في الأرض، ولا يقدر على إخراج حضارة للوجود؛ فيصبح إيمانا لنساك يهربون من الحياة ويهربون من واجباتهم مثلما فعل الإنسان المعاصر لابن خلدون حينما آثر الانعزال و الاعتكاف السلبي”.
“علينا إذن النظر إلى كل عملية دمقرطة، خاصة في بدايتها، على أنها عمل تربوي على مستوى الشعب برمته بكل ما يقتضيه العمل التربوي من عمل نفسي و أخلاقي و اجتماعي و سياسي. إن الديمقراطية ليست مجرد نقل السلطة من طرف إلى آخر، بين السلطان و الشعب مثلا. إنما الديمقراطية ترسيخ الشعور و السلوك و القيم التي تؤسسها في روح الشعب و في ضميره وفي تقاليده، فالدستور الديمقراطي لا يعبر عن ديمقراطية حقه إلا إذا سبقته عملية دمقرطة؛ ولذا نقول: إن البلدان الفتية التي تأخذ دساتيرها من البلدان ذات التقاليد الديمقراطية العريقة لا يجب أن تكتفي بذلك، و إنما عليها إدخالها في نفسية شعوبها”.
التاريخ؛ إنها العواصف التي تغير وجه العالم”. ولد الأستـاذ مالك بن نبي في 05 ذي القعدة 1323 هـ الموافق لـ 01 جانفي 1905 بقسنطينة، مدينة العلم والعلماء. انتقلت أسرته
إلى مدينة تبسة ثم لحق بها بعد فترة قضاها في قسنطينة عند أقاربه، وفي تبسة انتظم في حلقة لحفظ ما تيسر من القرآن الكريم، و أتم تعليمه الابتدائي والإعدادي.
ثم عاد إلى قسنطينة لمزاولة المدرسة التكميلية، ثم ثانوية التعليم الفرنسيي الإسلامي حيث نال شهادته سنة 1925. كان بن نبي يتمتع بفطنة وذكاء ورهافة حس، فكان يلاحظ و يحكم على ما يحدث في المجتمع الجزائري آنذاك، من جراء الوجود الاستعماري منذ قرابة القرن بما أحدثه من تمييز واغتصاب الأملاك وعدم المساواة … و بعد انتهائه من الدراسة، بحث
عن عمل يناسبه، لكن إذا استثنينا مدة قصيرة اشتغل فيها عادلا، (أي مترجما) بالمحكمة الشرعية بمدينة آفلو، وبعدها إلى مدينة شلغوم العيد، باءت كل محاولاته بالفشل؛ لأن الإدارة الاستعمارية أوصدت كل الأبواب في وجهه.
في سنة 1930، غادر ابن نبي الجزائر متوجها إلى باريس (فرنسا)؛ لمواصلة دراسته، فحيل بينه وبين رغبته في دخول معهد الدراسات الشرقية، فتوجه إلى مدرسة اللاسلكي، التي تخرج فيها مهندسا كهربائيا سنة 1935، فكان بذلك أول مهندس جزائري في الكهرباء.
في سنة 1946 انطلق في إنتاجه الوفير، و هو يتمتع بثقافة مزدوجة، بنشره كتاب “الظاهرة القرآنية”، وكرس بن نبي حياته للبحث والتفكير في “مشكلات الحضارة”، وطور نظريته الخاصة حول الحضارة، فجاء فكره متميزا و قويا، يظهر فيه تشبع المفكر بالثقافة الإسلامية والغربية في آن واحد. و حمل عمله في طياته نضال المفكر ضد الاستعمار وضد الوضعية التي آل إليها شعبه تحت وطئته، لكن دون أن يلين في حكمه عليه، بل لائما إياه على خموله و استسلامه التاريخيين.
كان يهدف من خلال كتاباته إيقاضه من سباته الطويل الذي غرق فيه على غرار الشعوب الإسلامية الأخرى، لقد كان يريد توجيهه في طريق نهضة أخرى غير تلك التي وضعت كل الوزر على الاستعمار، كان بن بني يريد أن يتخلص شعبه من “القابلية للاستعمار” أي التخلص من استسلامه لوطأة المشاكل و عجزه على حلها؛ و ذلك بأن يبذل الجهد الهائل الضروري للوصول إلى أهدافه، بدلا من انتظار الحل من الصدفة أو من الغير.
فالإسلام لا ينبغي على الإطلاق أن يصبح وسيلة لتنويم الشعوب المسلمة؛ بأن نحدثها باستمرار على ماضيها المجيد، بل يجب أن يكون “قوة عاملة”، وحقيقة محركة تعيدها إلى الحياة، و تشدهم إلى مصير الإنسانية المشتركة.
وبين 1948 و1955، نشر مقالات في صحيفتي “الجمهورية الجزائرية” و”الشاب المسلم”. كتب حوالي 300 مقال تحتوي على جانب من فكره.
كان في القاهرة ينشط ندوات و محاضرات، و عند اندلاع الثورة الجزائرية، طلب إرساله على الحدود الجزائرية للمشاركة في الكفاح، وكتابة مذكرات الثورة، غير أن طلبه لم يحظ بالقبول.
بعد الاستقلال عاد إلى الجزائر وأسندت إليه وظيفة مدير التعليم العالي بين 1964 و1967، وهي السنة التي قدم فيها استقالته للتفرغ لعمله الفكري. وكان ينشط ندوات أسبوعية في بيته، ومحاضرات في الجزائر
و الخارج. وهو صاحب فكرة الملتقيات الإسلامية السنوية التي دامت أكثر من عشرين سنة.
كتب من جديد في صحيفة “الثورة الإفريقية” إلى غاية 1968 حول الحضارة و الثقافة والسياسة والاقتصاد والاجتماع …
وفي 04 شوال 1393 هـ الموافق لـ 31 أكتوبر 1973 توفي بالجزائر العاصمة فارس الفكر، وفقيه الحضارة، وأكبر مفكر مسلم في عصرنا، تاركا وراءه عملا، يجدر بإنسانية القرن الواحد والعشرين استغلاله من أجل إيجاد طريق جديدة تؤدي إلى تلاقي الحضارات ومنها تكوين “الحضارة الإنسانية” رحمه الله رحمة واسعة وجعل اسمه للخلود وروحه للخلد.
مؤلفاته:
1-الظاهرة القرآنية (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1946.
2-لبيك (فرنسي)، طبع سنة 1947.
3-شروط النهضة (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1948.
4-وجهة العالم الإسلامي (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1954.
5-فكرة الإفريقية الآسيوية (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1957.
6-نجدة الجزائر (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1957.
7- فكرة كومنويلث إسلامي (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1958.
8-مشكلة الثقافة (عربي)، طبع سنة 1959.
9-الصراع الفكري في البلاد المستعمرة (فرنسي)، طبع سنة 1960.
10-البناء الاجتماعي الجديد (عربي)، طبع سنة 1960.
11-تأملات (عربي)، طبع سنة 1960.
12-في مهب المعركة (عربي)، طبع سنة 1960.
13-ميلاد مجتمع (عربي)، طبع سنة 1962.
14-آفاق جزائرية (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1964.
15-مذكرات شاهد للقرن:
الجزء الأول: الطفل (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1965.
الجزء الثاني: الطالب (عربي)، طبع سنة 1970.
16-إنتاج المستشرقين (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1967.
17-الإسلام و الديمقراطية (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1968.
18-مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1970
19-معنى المرحلة (فرنسي)، طبع سنة 1970.
20-المسلم بين الرشاد و التيه (عربي)، طبع سنة 1972.
21-المسلم في عالم الاقتصاد (عربي – فرنسي)، طبع سنة 1972.
22-دور المسلم في الثلث الأخير من القرن العشرين (عربي)، طبع سنة 1973.
من قاموس مالك بن نبي.
“القانون السامي: غير نفسك، تغير تاريخك”.
“إن الثقافة بما فيها الفكرة الدينية التي هي أساس كل ملحمة إنسانية، ليست علما، لكنها البيئة التي يعيش فيها الإنسان حامل الحضارة، إنها بيئة كل شيء، مهما كان دقيقا، و علامة مجتمع يسير نحو مصير واحد، فيها تتكاتف جهود الراعي و الحداد و الفنان و العالم و رجل الدين … إن تركيب العادات والمواهب والتقاليد والأذواق والسلوك والمشاعر هو الذي يعطي لحضارة ما وجهها وقطبيها اللذين تعيش بهما : العبقرية و الروح
والروح”.
”إننا بدل أن نبني حضارة، قمنا فقط بتكديس منتجاتها، لم تكن النهضة الإسلامية بناء، بل تكديس المواد، فيمكننا القول إذن: إن عمر نهضة العالم الإسلامي قارب القرن من الزمن ولم تصل لهدفها، مثل مجتمعات انطلقت من نفس النقطة، إن ذلك ليس بسبب الوسائل، بل بسبب الأفكار. وما أكثر الأشعار التي نظمناها للتغني بنهضتنا، بدل السعي الحثيث مثل اليابان الذي حقق نجاحات باهرة … نعم لقد نجحت اليابان حيث لم يستطع العالم الإسلامي تحقيق أي فوز يذكر على التخلف؛ لأنه أراد النهوض بعالم الأشياء بدل النهوض بعالم الأشخاص و الأفكار”.
“في الداخل، علينا أن نعيد بناء حضارتنا، و في الخارج يجب علينا المشاركة في العمل الذي تتفق عليه الإنسانية في عالم يؤدي دوره التاريخي، وفيه الفكر واحد، و فيه يولد فن عالمي كما يرى الكاتب الفرنسي مالرو”.
“إن محرك القيم الاجتماعية هو الدين، لكن الدين و هو في مرحلة النمو والتوسع والحيوية، أي عندما ينتج فكرا جماعيا … لكن عندما يتقوقع الدين، ويصبح أنانيا و يفتر إشعاعه، و عند ذاك تنتهي مهمته التاريخية في الأرض، ولا يقدر على إخراج حضارة للوجود؛ فيصبح إيمانا لنساك يهربون من الحياة ويهربون من واجباتهم مثلما فعل الإنسان المعاصر لابن خلدون حينما آثر الانعزال و الاعتكاف السلبي”.
“علينا إذن النظر إلى كل عملية دمقرطة، خاصة في بدايتها، على أنها عمل تربوي على مستوى الشعب برمته بكل ما يقتضيه العمل التربوي من عمل نفسي و أخلاقي و اجتماعي و سياسي. إن الديمقراطية ليست مجرد نقل السلطة من طرف إلى آخر، بين السلطان و الشعب مثلا. إنما الديمقراطية ترسيخ الشعور و السلوك و القيم التي تؤسسها في روح الشعب و في ضميره وفي تقاليده، فالدستور الديمقراطي لا يعبر عن ديمقراطية حقه إلا إذا سبقته عملية دمقرطة؛ ولذا نقول: إن البلدان الفتية التي تأخذ دساتيرها من البلدان ذات التقاليد الديمقراطية العريقة لا يجب أن تكتفي بذلك، و إنما عليها إدخالها في نفسية شعوبها”.