احساس المطر
06-03-2008, 01:36 AM
بين رسوخ "الظاهرة" ولحظية "الحدث" : المواجهة بين الإعلام العربي والإرهاب
تزداد أهمية الدور الذي يمكن أن يؤديه الإعلام العربي في مواجهة الظاهرة الإرهابية عموماً وفي تغطية العمليات الإرهابية خصوصاً . وتستدعي خطورة هذا الدور من جانب، والممارسة الإعلامية المستمرة منذ أكثر من ثلاثة عقود من جانب آخر، ضرورة اتخاذ وقفة نقدية إزاء التناول الإعلامي للظاهرة الإرهابية في ضوء الخصائص والسمات المميزة للتنظيمات الإرهابية في البلدان العربية، والقواعد والنظريات الإعلامية المعروفة، وذلك من أجل تجاوز السلبيات وتحقيق أقصى فاعلية ممكنة للإعلام العربي في مرحلتي الوقاية والمجابهة.
وبقدر كبير من الاختصار، يمكن تحديد السمات المميزة للظاهرة الإرهابية في المجتمعات العربية على النحو التالي:
1- الطابع التديني : تنطلق التنظيمات الإرهابية في البلدان العربية من منطلقات تدينية، وترفع شعارات دينية، وتزعم أنها تعمل تحت مظلة دينية.
2- تدعي جميع التنظيمات الإرهابية في البلدان العربية أنها تخدم قضية وأنها تعمل في خدمة المصلحة العامة (الدينية والاجتماعية والوطنية).
3- تحاول التنظيمات الإرهابية العربية استغلال ارتباك الكثير من الأنظمة العربية وتعثر خطواتها في إنجاز مهامها الوطنية والاجتماعية والثقافية لصالحها، وتسعى لتجيير هذا الارتباك (وربما الفشل أحياناً)، والشعور بالإحباط الناجم عنه لصالحها، وتظهر بمظهر القوة التي تتبنى نضال الشعوب لإنجاز المهام الوطنية والاقتصادية والثقافية والدينية.
4- من المؤكد أن التنظيمات الإرهابية في المجتمعات العربية لم توجد في فراغ، وإنما ظهرت في سياق ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية ودينية معينة، أنتجتها وربما مازالت تعيد إنتاجها.
5- تعتمد التنظيمات الإرهابية في المجتمعات العربية أساساً على فئة الشباب المٌحْبَط بسبب معطيات الواقع العربي ومفرزاته.
6- تتميز التنظيمات الإرهابية في المجتمعات الدينية بطابعها غير القطري، وبأنها عابرة للحدود القطرية، وذلك نتيجة للقضية العامة، التي تزعم أنها تعمل من أجلها.
7- تحرص التنظيمات الإرهابية العربية على تحقيق التواصل الدائم مع الجماهير الواسعة من خلال استخدامها لوسائل الإعلام العامة، والإلكترونية (الإنترنت خاصة)، وإقامة صلات خاصة مع بعض الوسائل الإعلامية العربية (وخاصة الفضائيات التلفزيونية الواسعة الانتشار) واعتمادها على بعض الأوساط المتدينة المتعاطفة معها.
تستدعي ظاهرة بهذا التعقيد وتمتلك هذه السمات فهماً متعدد الجوانب، ومجابهة متعددة الأبعاد، وهذا ما يفسر ارتباك المعالجة الأمنية لوحدها، على أهميتها، في مجابهة هذه الظاهرة، كما أنه يفسر الاندفاع سواء على مستوى كل بلد أو على المستوى العربي العام، باتجاه تبني مفهوم المعالجة التكاملية للظاهرة الإرهابية، التي تسهم فيها جميع الأجهزة والجهات والمؤسسات الرسمية والأهلية المعنية بالجوانب المختلفة لهذه الظاهرة.
تبرز أهمية إسهام المؤسسة الإعلامية العربية في مجابهة الظاهرة الإرهابية في تزايد قوة حضور الإعلام في حياة الفرد والمجتمع، وذلك بسبب قوة الوسائل الإعلامية، وتعددها، وغزارة إنتاجها وتنوعه، ومقدرته على مخاطبة الشرائح الاجتماعية المختلفة، والوصول إلى المناطق المختلفة بأقصى سرعة، وباستخدام أساليب إخراج وعرض وتقديم جذابة. لقد استطاع الإعلام أن يستجيب للتطورات الحاصلة في شتى مجالات الحياة، وأن يطور نظرياته وأدبياته بشكل أسرع من مؤسسات التربية والتعليم والتنشئة الكلاسيكية، وهذا ما جعل الإعلام عموماً أكثر مقدرة على الوصول على الجماهير الواسعة، ومخاطبتها ، وربما التأثير فيها.
في ضوء ما تقدم، استطاع الإعلام أن يحتل موقعاً متقدماً في مواجهة الظاهرة الإرهابية، وقد تجلى ذلك في الدور الذي يؤديه الإعلام العربي في المرحلة الوقائية، من خلال إسهامه في نشر وترسيخ ثقافة من شأنها تحصين الفرد والمجتمع ضد الخطر الإرهابي، كما تجلى في دور الإعلام في مرحلة المواجهة الأمنية كداعم أساسي للجهد الأمني والسياسي في مجابهة العمليات الإرهابية، وإيضاح آثارها وأخطارها، وتعبئة الرأي العام ضدها.
ويمكن للباحث المتتبع، تحديد أبرز سمات المعالجة الإعلامية العربية للظاهرة الإرهابية وللعمليات الإرهابية على النحو التالي :
1- التركيز على الحدث أكثر من التركيز على الظاهرة. يعطي الإعلام العربي اهتماماً للعمليات الإرهابية أكثر من الاهتمام الذي يعطيه للإرهاب كظاهرة لها أسبابها وعواملها.
2- هيمنة الطابع الإخباري على التغطية الإعلامية العربية للعمليات الإرهابية، وتقديم تغطية متعجلة وسريعة، وربما أحياناً سطحية، تهتم أساساً بتقديم جواب عن سؤال : ماذا حدث؟!
3- تغيب في الغالب، التغطية الإعلامية ذات الطابع التفسيري والتحليلي، كما تغيب التغطية ذات الطابع الاستقصائي، الأمر الذي يؤدي إلى بقاء المعالجة الإعلامية على سطح الحدث والظاهرة.
4- تتوارى في الغالب، معالجة جذور الظاهرة الإرهابية وأسبابها العميقة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية، وهذا ما يجعل الظاهرة تبدو وكأنها مجردة ومطلقة، وتقع خارج حدود الزمان والمكان والمجتمع، وهذا ما يضعف قدرة التغطية على الإقناع، لأنه يفقدها طابعها الملموس.
5- تسود في الغالب، معالجة العملية الإرهابية كحدث منعزل، وليس كعملية Process تجري في سياق معين، وتحدث في بيئة معينة.
6- لا تنطلق التغطية الإعلامية العربية للظاهرة الإرهابية وللعمليات الإرهابية من الإستراتيجية الإعلامية للإرهابيين، وبالتالي تتعثر خطوات هذه التغطية في مواجهة إعلام الإرهابيين.
7- لا يتوفر لدى الكثير من وسائل الإعلام العربية كادر إعلامي مؤهل ومختص، قادر على تقديم معالجة إعلامية مناسبة لهذه الظاهرة المعقدة والمتشابكة والمتعددة الأبعاد.
8- لا تعتمد وسائل الإعلام العربية، في الأعم الأغلب، على الخبراء والمختصين في المجالات الأمنية والاجتماعية والنفسية والثقافية والدينية والتربوية لمعالجة الجوانب المختلفة للظاهرة الأمنية، كما لا تتعاون ، كما يجب ، مع المؤسسات التربوية والدينية والاجتماعية المعنية بمواجهة الظاهرة الإرهابية.
9- يغلب على التغطية الإعلامية العربية للظاهرة الإرهابية الطابع الرسمي والاعتماد، في الغالب، بشكل مطلق على مصدر واحد، وهو المصدر الرسمي، وهذا ما يضفي عليها طابعاً بالغ الرسمية، وربما الجمود، لا يتوافق مع الخصائص الذاتية للإعلام.
10- تتميز التغطية التي يقدمها الإعلام العربي للظاهرة الإرهابية بعدم الانتظام وعدم الاستمرارية، ولذلك تأتي هذه التغطية متقطعة، تزداد كثافة أثناء العمليات والمناسبات والمؤتمرات، ثم تضعف، وتتوارى، وربما تختفي نهائياً وهذا ما يؤثر سلبياً في قوة تأثيرها.
11- لا تقوم التغطية الإعلامية العربية للظاهرة الإرهابية، في كثير من الأحيان على قواعد علم الإعلام ونظرياته، ولا تستخدم مداخل إقناعية مناسبة، ولا تنطلق من نظريات تأثير مناسبة، بل ربما تتسم هذه التغطية بالعفوية والارتجال وعدم التخطيط، الأمر الذي يجعلها تغطية تفتقر إلى الإطار المرجعي الذي يحقق لها التماسك المنهجي.
12- تقع هذه التغطية في أحيان كثيرة في فخي التهوين أو التهويل بالظاهرة الإرهابية. وهذا ما يؤثر سلبياً على مصداقية هذه التغطية وعلى مقدرتها على الوصول والتأثير.
13- تفتقر الممارسة الإعلامية العربية إلى وجود أي قدر من التعاون والتنسيق على مستوى عربي من أجل تقديم تغطية ذات طابع عربي عام ومشترك لهذه الظاهرة.
استناداً إلى ما تَقَدَّم يمكن تقسيم سمات التغطية الإعلامية العربية للظاهرة الإرهابية إلى نوعين أساسيين :
1- سمات ذاتية : توجد أسبابها في الظروف الذاتية للمؤسسة الإعلامية العربية، ويقع حلها، بالتالي، داخل هذه المؤسسة، بمعنى أن حلها إعلامي، يتعلق بالأداء الإعلامي، وبالمهارات الإعلامية.
2- سمات موضوعية: توجد أسبابها في الظروف الموضوعية السائدة في جوانب متعددة في حياة الدولة والمجتمع، ويقع حلها، وبالتالي، خارج إطار المؤسسات الإعلامية، بمعنى أن حلها ليس إعلامياً، بل هو سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي.
اعتمدنا في تحديد سمات التغطية الإعلامية العربية للظاهرة الإرهابية أساساً على المتابعة الدقيقة للممارسة الإعلامية العربية، وعلى الكثير من البحوث والدراسات العلمية الميدانية التي جرت في هذا المجال.
نرجو أن نكون قد نجحنا في تقديم تشخيص موضوعي واضح، لا يدعي الكمال، بقدر ما يستدعي النقاش، وذلك بهدف الوصول إلى تقييم أكمل، يرسخ ما هو إيجابي، ويسعى لتجاوز ما هو سلبي، سعياً لخدمة الوطن والدين، ودرء أخطار الظاهرة الإرهابية عن الفرد والمجتمع.
أ.د. أديب خضور
باحث وأكاديمي
تزداد أهمية الدور الذي يمكن أن يؤديه الإعلام العربي في مواجهة الظاهرة الإرهابية عموماً وفي تغطية العمليات الإرهابية خصوصاً . وتستدعي خطورة هذا الدور من جانب، والممارسة الإعلامية المستمرة منذ أكثر من ثلاثة عقود من جانب آخر، ضرورة اتخاذ وقفة نقدية إزاء التناول الإعلامي للظاهرة الإرهابية في ضوء الخصائص والسمات المميزة للتنظيمات الإرهابية في البلدان العربية، والقواعد والنظريات الإعلامية المعروفة، وذلك من أجل تجاوز السلبيات وتحقيق أقصى فاعلية ممكنة للإعلام العربي في مرحلتي الوقاية والمجابهة.
وبقدر كبير من الاختصار، يمكن تحديد السمات المميزة للظاهرة الإرهابية في المجتمعات العربية على النحو التالي:
1- الطابع التديني : تنطلق التنظيمات الإرهابية في البلدان العربية من منطلقات تدينية، وترفع شعارات دينية، وتزعم أنها تعمل تحت مظلة دينية.
2- تدعي جميع التنظيمات الإرهابية في البلدان العربية أنها تخدم قضية وأنها تعمل في خدمة المصلحة العامة (الدينية والاجتماعية والوطنية).
3- تحاول التنظيمات الإرهابية العربية استغلال ارتباك الكثير من الأنظمة العربية وتعثر خطواتها في إنجاز مهامها الوطنية والاجتماعية والثقافية لصالحها، وتسعى لتجيير هذا الارتباك (وربما الفشل أحياناً)، والشعور بالإحباط الناجم عنه لصالحها، وتظهر بمظهر القوة التي تتبنى نضال الشعوب لإنجاز المهام الوطنية والاقتصادية والثقافية والدينية.
4- من المؤكد أن التنظيمات الإرهابية في المجتمعات العربية لم توجد في فراغ، وإنما ظهرت في سياق ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية ودينية معينة، أنتجتها وربما مازالت تعيد إنتاجها.
5- تعتمد التنظيمات الإرهابية في المجتمعات العربية أساساً على فئة الشباب المٌحْبَط بسبب معطيات الواقع العربي ومفرزاته.
6- تتميز التنظيمات الإرهابية في المجتمعات الدينية بطابعها غير القطري، وبأنها عابرة للحدود القطرية، وذلك نتيجة للقضية العامة، التي تزعم أنها تعمل من أجلها.
7- تحرص التنظيمات الإرهابية العربية على تحقيق التواصل الدائم مع الجماهير الواسعة من خلال استخدامها لوسائل الإعلام العامة، والإلكترونية (الإنترنت خاصة)، وإقامة صلات خاصة مع بعض الوسائل الإعلامية العربية (وخاصة الفضائيات التلفزيونية الواسعة الانتشار) واعتمادها على بعض الأوساط المتدينة المتعاطفة معها.
تستدعي ظاهرة بهذا التعقيد وتمتلك هذه السمات فهماً متعدد الجوانب، ومجابهة متعددة الأبعاد، وهذا ما يفسر ارتباك المعالجة الأمنية لوحدها، على أهميتها، في مجابهة هذه الظاهرة، كما أنه يفسر الاندفاع سواء على مستوى كل بلد أو على المستوى العربي العام، باتجاه تبني مفهوم المعالجة التكاملية للظاهرة الإرهابية، التي تسهم فيها جميع الأجهزة والجهات والمؤسسات الرسمية والأهلية المعنية بالجوانب المختلفة لهذه الظاهرة.
تبرز أهمية إسهام المؤسسة الإعلامية العربية في مجابهة الظاهرة الإرهابية في تزايد قوة حضور الإعلام في حياة الفرد والمجتمع، وذلك بسبب قوة الوسائل الإعلامية، وتعددها، وغزارة إنتاجها وتنوعه، ومقدرته على مخاطبة الشرائح الاجتماعية المختلفة، والوصول إلى المناطق المختلفة بأقصى سرعة، وباستخدام أساليب إخراج وعرض وتقديم جذابة. لقد استطاع الإعلام أن يستجيب للتطورات الحاصلة في شتى مجالات الحياة، وأن يطور نظرياته وأدبياته بشكل أسرع من مؤسسات التربية والتعليم والتنشئة الكلاسيكية، وهذا ما جعل الإعلام عموماً أكثر مقدرة على الوصول على الجماهير الواسعة، ومخاطبتها ، وربما التأثير فيها.
في ضوء ما تقدم، استطاع الإعلام أن يحتل موقعاً متقدماً في مواجهة الظاهرة الإرهابية، وقد تجلى ذلك في الدور الذي يؤديه الإعلام العربي في المرحلة الوقائية، من خلال إسهامه في نشر وترسيخ ثقافة من شأنها تحصين الفرد والمجتمع ضد الخطر الإرهابي، كما تجلى في دور الإعلام في مرحلة المواجهة الأمنية كداعم أساسي للجهد الأمني والسياسي في مجابهة العمليات الإرهابية، وإيضاح آثارها وأخطارها، وتعبئة الرأي العام ضدها.
ويمكن للباحث المتتبع، تحديد أبرز سمات المعالجة الإعلامية العربية للظاهرة الإرهابية وللعمليات الإرهابية على النحو التالي :
1- التركيز على الحدث أكثر من التركيز على الظاهرة. يعطي الإعلام العربي اهتماماً للعمليات الإرهابية أكثر من الاهتمام الذي يعطيه للإرهاب كظاهرة لها أسبابها وعواملها.
2- هيمنة الطابع الإخباري على التغطية الإعلامية العربية للعمليات الإرهابية، وتقديم تغطية متعجلة وسريعة، وربما أحياناً سطحية، تهتم أساساً بتقديم جواب عن سؤال : ماذا حدث؟!
3- تغيب في الغالب، التغطية الإعلامية ذات الطابع التفسيري والتحليلي، كما تغيب التغطية ذات الطابع الاستقصائي، الأمر الذي يؤدي إلى بقاء المعالجة الإعلامية على سطح الحدث والظاهرة.
4- تتوارى في الغالب، معالجة جذور الظاهرة الإرهابية وأسبابها العميقة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية، وهذا ما يجعل الظاهرة تبدو وكأنها مجردة ومطلقة، وتقع خارج حدود الزمان والمكان والمجتمع، وهذا ما يضعف قدرة التغطية على الإقناع، لأنه يفقدها طابعها الملموس.
5- تسود في الغالب، معالجة العملية الإرهابية كحدث منعزل، وليس كعملية Process تجري في سياق معين، وتحدث في بيئة معينة.
6- لا تنطلق التغطية الإعلامية العربية للظاهرة الإرهابية وللعمليات الإرهابية من الإستراتيجية الإعلامية للإرهابيين، وبالتالي تتعثر خطوات هذه التغطية في مواجهة إعلام الإرهابيين.
7- لا يتوفر لدى الكثير من وسائل الإعلام العربية كادر إعلامي مؤهل ومختص، قادر على تقديم معالجة إعلامية مناسبة لهذه الظاهرة المعقدة والمتشابكة والمتعددة الأبعاد.
8- لا تعتمد وسائل الإعلام العربية، في الأعم الأغلب، على الخبراء والمختصين في المجالات الأمنية والاجتماعية والنفسية والثقافية والدينية والتربوية لمعالجة الجوانب المختلفة للظاهرة الأمنية، كما لا تتعاون ، كما يجب ، مع المؤسسات التربوية والدينية والاجتماعية المعنية بمواجهة الظاهرة الإرهابية.
9- يغلب على التغطية الإعلامية العربية للظاهرة الإرهابية الطابع الرسمي والاعتماد، في الغالب، بشكل مطلق على مصدر واحد، وهو المصدر الرسمي، وهذا ما يضفي عليها طابعاً بالغ الرسمية، وربما الجمود، لا يتوافق مع الخصائص الذاتية للإعلام.
10- تتميز التغطية التي يقدمها الإعلام العربي للظاهرة الإرهابية بعدم الانتظام وعدم الاستمرارية، ولذلك تأتي هذه التغطية متقطعة، تزداد كثافة أثناء العمليات والمناسبات والمؤتمرات، ثم تضعف، وتتوارى، وربما تختفي نهائياً وهذا ما يؤثر سلبياً في قوة تأثيرها.
11- لا تقوم التغطية الإعلامية العربية للظاهرة الإرهابية، في كثير من الأحيان على قواعد علم الإعلام ونظرياته، ولا تستخدم مداخل إقناعية مناسبة، ولا تنطلق من نظريات تأثير مناسبة، بل ربما تتسم هذه التغطية بالعفوية والارتجال وعدم التخطيط، الأمر الذي يجعلها تغطية تفتقر إلى الإطار المرجعي الذي يحقق لها التماسك المنهجي.
12- تقع هذه التغطية في أحيان كثيرة في فخي التهوين أو التهويل بالظاهرة الإرهابية. وهذا ما يؤثر سلبياً على مصداقية هذه التغطية وعلى مقدرتها على الوصول والتأثير.
13- تفتقر الممارسة الإعلامية العربية إلى وجود أي قدر من التعاون والتنسيق على مستوى عربي من أجل تقديم تغطية ذات طابع عربي عام ومشترك لهذه الظاهرة.
استناداً إلى ما تَقَدَّم يمكن تقسيم سمات التغطية الإعلامية العربية للظاهرة الإرهابية إلى نوعين أساسيين :
1- سمات ذاتية : توجد أسبابها في الظروف الذاتية للمؤسسة الإعلامية العربية، ويقع حلها، بالتالي، داخل هذه المؤسسة، بمعنى أن حلها إعلامي، يتعلق بالأداء الإعلامي، وبالمهارات الإعلامية.
2- سمات موضوعية: توجد أسبابها في الظروف الموضوعية السائدة في جوانب متعددة في حياة الدولة والمجتمع، ويقع حلها، وبالتالي، خارج إطار المؤسسات الإعلامية، بمعنى أن حلها ليس إعلامياً، بل هو سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي.
اعتمدنا في تحديد سمات التغطية الإعلامية العربية للظاهرة الإرهابية أساساً على المتابعة الدقيقة للممارسة الإعلامية العربية، وعلى الكثير من البحوث والدراسات العلمية الميدانية التي جرت في هذا المجال.
نرجو أن نكون قد نجحنا في تقديم تشخيص موضوعي واضح، لا يدعي الكمال، بقدر ما يستدعي النقاش، وذلك بهدف الوصول إلى تقييم أكمل، يرسخ ما هو إيجابي، ويسعى لتجاوز ما هو سلبي، سعياً لخدمة الوطن والدين، ودرء أخطار الظاهرة الإرهابية عن الفرد والمجتمع.
أ.د. أديب خضور
باحث وأكاديمي