دموع الغصون
12-29-2012, 12:49 AM
وفرانسيسكو دي جويا (1746 – 1828) هو فنان أسباني، يعتبر آخر أساتذة المدرسة القديمة في الرسم، وأول المحدّثين أيضا، وقد كانت أعماله مصدر إلهام لكثير من فناني الأجيال التالية مثل بيكاسو ومانيه.
فنان رسم مجموعة لوحات سماها ( اللوحات السوداء ) وهي بالفعل من أسود اللوحات في التاريخ هذا إن لم تكن هي أسودها فمن حـُكم عليه أن يرى ( فرنسا ) تحتل بلاده و أن يشاهد أولاده السبعة وزوجته يموتوا و أن يصاب بالصمم إثر مرض ألم ّ به فأفقده تلك الحاسة المهمة يجب أن يرسم ما هو أسود من ذلك ولو لم يرسم تلك اللوحات بعد تلك الأهوال التي رآها لما اعتبرته طبيعيا ً
هو إسباني المولد و الجنسية وهو بذلك يخالف كل انطباعاتنا عن الرسامين الذين لطالما حسبناهم حكرا ً على فرنسا ) و( انجلترا ) و ( إيطاليا ) ..( فرانشيسكو خوسيه دي جويا لوريانتس )من مواليد عام ( 1746 م ) في ( فوينديتودوس ) وعاش حياته هناك حتى انتقل هو وعائلته إلى منزلهم الجديد في مدينة (Saragossa ) وهناك التحق بالمدرسة وتعرف فيها على (Martin Spatter )
وقد كانت مراسلاتهم مصدرا ً مهما ً لفهم عمل ( جويا ) في محكمة ( مدريد ) كرسام محكمة ..
عندما كان في عمر الـ ( 14 ) عمل مع الرسام ( خوسيه لوزان ) وبعد ذلك بفترة انتقل إلى ( مدريد )وهناك درس عند الفنان (رفاييل أنتون ) والذي كان يتمتع بشعبية عالية لدى الأسرة الحاكمة لكنه سرعان ما اختلف مع معلمه خصوصا ً و أن نتائج اختباراته لم تكن مرضية حاول الالتحاق بالأكاديمية الملكية للفنون الجميلة مرتين لكنه قوبل بالرفض في المحاولتين ..في عام ( 1771 م ) سافر إلى ( روما ) حيث ربح جائزة في مسابقة رسم نظمتها مدينة ( بارما ) وفي وقت لاحق من نفس السنة عاد إلى ( Saragossa ) ورسم أجزاء من قبة ( كنيسة العمود )درس مع (Francisco Bayeu Subi'as ) وبدأ يظهر على لوحاته تناسق الأنغام الذي اشتهر به .. تزوج ( جويا ) بـ ( جوزيفا ) وهي أخت (Francisco Bayeu ) وكان يلقبها ـ ( Pepa ) كان هذا الزواج وعضوية ( فرانشيسكو ) في الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة هما ما مكنا ( جويا ) من العمل كرسام للتصاميم التي ستنسج في المصنع الملكي .. هناك وعلى مدى خمس سنوات كان قد رسم ما يقارب ( 42 ) نقشة كانت الركيزة الأساسية لتزيين وتغطية جدران ( El Escorial ) و (Palacio Real del Pardo ) وهي أماكن إقامة الملوك الإسبان قرب ( مدريد ) مما جذب انتباههم لموهبته و أوصله للبلاط الملكي .
في عام ( 1783 م ) طلب كونت ( فلوريدا بلانكا ) من ( جويا ) أن يرسم له صورة شخصية وقد كان هذا هو بداية صداقته بولي العهد الأمير ( دون لويس ) و أثناء ذلك بدأت دائرة معجبيه من النبلاء بالازدياد لتشمل دوق ودوقة(Osuna ) وكذلك العديد من الناس البارزين في المملكة بما فيهم ملك ( إسبانيا ) نفسه .. في وقت ما بين أواخر عام ( 1792 م ) و أوائل عام ( 1793 م ) أصاب ( جويا ) مرض خطير لم تـُعرف طبيعته في ذلك الوقت لكن من الواضح أنه كان قويا ً لدرجة أنه ترك ( جويا ) بلا سمع وأسلمه إلى نوع من العزلة والتعمق الغريبين وجعله يكمل بعض أعماله الغير مكتملة .. في عام ( 1808 م ) غزت القوات الفرنسية ( إسبانيا ) و التي استمرت ست سنوات وعندما ماتت زوجته عام ( 1812 م ) كان ( جويا ) يصور الحرب في لوحة ( الثالث من مايو ) ويجهز سلسلة من اللوحات أسماها ( كوارث الحرب ) .. بهدف عزل نفسه عن الناس اشترى منزلا ً ريفيا ً منعزلا ً خارج ( مدريد ) ومن سخرية القدر أن هذا المنزل كان يسمى ( Quinta del Sordo ) و يعني بالعربية ( منزل الأصم ّ ) وقد سمـّي بذلك نسبة للمالك السابق أي قبل انتقال ( جويا ) للسكن فيه وفي هذا المنزل رسم ( جويا ) لوحاته السوداء كانت مليئة بالصور الحزينة والسوداوية و النابعة من خوف الفنان من الجنون العديد من هذه اللوحات بما فيها أبشع لوحات التاريخ رُسمت على جدران غرفة الطعام وغرفة الجلوس ..في مايو من عام (1824 م ) ترك ( جويا ) بلاده ليسافر إلى ( بوردو ) و ( باريس ) ثم عاد إلى ( إسبانيا ) في عام ( 1826 م ) ثم عاود الكرة وسافر إلى ( بوردو ) و استقر هناك إلى أن توفي فيها في عام ( 1828 م ) عن عمر يناهز ال ( 82 ) عاما ًدُفن في ( بوردو ) ثم نـُقلت بقاياه إلى ( المصلى الملكي للقديس أنتوني ) في عام (1919 م ) ...
وعندما اجتاحت القوات الفرنسية أسبانيا واحتلتها أثناء الحروب النابليونية، تأثر جويا كثيرا وانهمك في رسم مجموعة من اللوحات التي تعرف الآن بلوحات كوارث الحرب، وهي مجموعة من حوالي ثمانين لوحة تصور بشاعة الحرب وقسوتها.
كان ذلك أثناء الحرب التي تعرف بحرب شبه الجزيرة Peninsular War، والتي استمرت من 1808 وحتى 1814، واشتعلت الحرب في الشوارع بين الغزاة وقوات المقاومة، وارتكب الغزاة العديد من المذابح الدموية، وصارت رائحة الموت تزكم الأنوف في كل مكان.
رأى جويا أسبانيا الجميلة تتهاوى وتصير إلى خراب، وقد جعله هذا يميل إلى التشاؤم والسوداوية، وأصبح حزينا وكئيبا جدا. عام 1819، وفي سن الثانية والسبعين، انتقل جويا إلى منزل خارج مدريد لينعزل فيه وحيدا، وكان جويا قد أصبح أصم وعصبيا جدا، وقد زادت الحرب التي مرّت بها أسبانيا من حالته النفسية سوءا، حيث رأى فيها الخوف والذعر والقلق والأرق وصارت تنتابه نوبات من الهيستيريا. ووحيدا في المنزل مع مخاوفه وصممه، أبدع جويا أربع عشرة لوحة مفزعة أصبحت تعرف الآن باللوحات السوداء.
http://bp1.blogger.com/_1CYkcKOzm20/SEaiYXRE6xI/AAAAAAAAA9g/i0gCS7XNuRI/s400/%D8%B2%D8%AD%D9%84+%D9%8A%D9%84%D8%AA%D9%87%D9%85+ %D8%A7%D8%A8%D9%86%D9%87.jpg
ربما كانت أبرز هذه اللوحات هي زحل يلتهم ابنه Saturn Devouring His Son، والتي تصوّر الإله الروماني زحل وهو يلتهم ابنه على إثر نبوءة تقول أن أحد أبناءه سيهزمه. أبدع جويا في تصوير وحشية الحدث، وجعله على خلفية سوداء مقبضة. رأس ابن زحل وأطرافه مخلوعة والدم يغطى مكانها، بينما تبرز عينا زحل إلى الخارج وكأنه أصيب بالجنون، وأصابعه الصلبة تنغرز في لحم ابنه، ولا توجد حركة بجسم الولد مما يوحي بأنه قد مات بالفعل. وتشير هذه اللوحة إلى الاضطرابات الأهلية التي كانت تسود أسبانيا. كانت أسبانيا تأكل أبناءها كما فعل زحل.
http://bp1.blogger.com/_1CYkcKOzm20/SEaiYiFHdiI/AAAAAAAAA9o/8ocN6xQUTkE/s400/%D8%B3%D8%A8%D8%AA+%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AD% D8%B1%D8%A7%D8%AA.jpg
لوحة شهيرة أخرى هي لوحة سبت الساحرات Witches' Sabbath، وهي لوحة كئيبة تبدو كنذير شؤم، حيث يشير إلى الاعتقاد القديم بأن يوم السبت كانت تخصصه الساحرات للاجتماع معا بالشيطان الذي يظهر لهم على شكل جدي.
http://bp2.blogger.com/_1CYkcKOzm20/SEahBxZXsNI/AAAAAAAAA84/fl0XU_oUZcA/s400/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AA%D8%A7%D9%84+%D8%A8%D8%A7% D9%84%D9%87%D8%B1%D8%A7%D9%88%D8%A7%D8%AA.jpg
ليست كل اللوحات السوداء تتميز بمحدودية الألوان كالمثالين السابقين، فهناك مثلا لوحة القتال بالهراوات Fight With Clubs، والتي تبيّن براعة جويا في مزج ظلال مختلفة من الأحمر والأزرق. وتظهر اللوحة رجلين يتعاركان بالهراوات في أحد السهول، ولا يبدو أن لأي منهما فرصة للفكاك من الآخر لأن قدمي كل منهما عالقة عميقا في الوحل. يبدو لي الرجلان رقيقي الحال وفي ملابس رثة، بينما المكان مقفر حولهما، فعلام هذا العراك المؤذي عديم الجدوى؟
http://bp0.blogger.com/_1CYkcKOzm20/SEahBaW3V7I/AAAAAAAAA8o/H-dZ6BEeEF8/s400/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D8%B1%D8%B4.jpg
وهذه اللوحة بعنوان رجل أصم Deaf man، حيث تصور رجلا طاعنا في السن وهناك مخلوق قبيح يبدو كشيطان يصرخ في أذنه. وأغلب الظن أن هذه اللوحة تصور جويا نفسه الذي أصيب بالصمم ولم يعد يسمع شيئا. ولا يبدو على الرجل أنه سمع شيئا بالرغم من صراخ المخلوق الملاصق لأذنه.
http://bp2.blogger.com/_1CYkcKOzm20/SEaiYB4m-hI/AAAAAAAAA9Y/tRwgjFjxeM4/s400/%D8%B1%D8%AC%D9%84+%D8%B9%D8%AC%D9%88%D8%B2+%D9%8A %D8%A3%D9%83%D9%84.jpg
وفي لوحة رجل عجوز يأكل Old man eating، والتي رسمها لغرفة الطعام بمنزله، يعبر جويا في اللوحة عن وحدته وانعزاله، حتى أنه لا يجد من يتناول معه الطعام سوى هذا المخلوق ذو الجمجمة الخالية من العينين، والذي يشير إلى الموت الذي ينتظره.
ترى أي عذاب وألم كان يشعر به جويا حتى تخرج لوحاته بهذا الشكل؟ ولأنه يحمل روح الفنان فقد خلد لنا عذابه هذا ليظل ممتدا وخالدا على مدى مئات السنين.
http://bp3.blogger.com/_1CYkcKOzm20/SEahCLMHrMI/AAAAAAAAA9A/rkoL2xGlgoc/s400/%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%AA%D8%A7%D9%86.jpg
امرأتان
http://bp2.blogger.com/_1CYkcKOzm20/SEahBHS-qWI/AAAAAAAAA8g/Dik-vctTV50/s400/%D8%A3%D8%B2%D9%85%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A7.jpg
أزموديا
http://bp3.blogger.com/_1CYkcKOzm20/SEahBt2hO8I/AAAAAAAAA8w/Ehs62HXVico/s400/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%82%D8%AF%D8%A7%D8%B1.jpg
الأقدار
http://bp3.blogger.com/_1CYkcKOzm20/SEaiXyAE1xI/AAAAAAAAA9Q/59jB5eohM_k/s400/%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%84+%D9%8A%D9%82%D8%B1%D8%A1% D9%88%D9%86.jpg
رجال يقرءون
فنان رسم مجموعة لوحات سماها ( اللوحات السوداء ) وهي بالفعل من أسود اللوحات في التاريخ هذا إن لم تكن هي أسودها فمن حـُكم عليه أن يرى ( فرنسا ) تحتل بلاده و أن يشاهد أولاده السبعة وزوجته يموتوا و أن يصاب بالصمم إثر مرض ألم ّ به فأفقده تلك الحاسة المهمة يجب أن يرسم ما هو أسود من ذلك ولو لم يرسم تلك اللوحات بعد تلك الأهوال التي رآها لما اعتبرته طبيعيا ً
هو إسباني المولد و الجنسية وهو بذلك يخالف كل انطباعاتنا عن الرسامين الذين لطالما حسبناهم حكرا ً على فرنسا ) و( انجلترا ) و ( إيطاليا ) ..( فرانشيسكو خوسيه دي جويا لوريانتس )من مواليد عام ( 1746 م ) في ( فوينديتودوس ) وعاش حياته هناك حتى انتقل هو وعائلته إلى منزلهم الجديد في مدينة (Saragossa ) وهناك التحق بالمدرسة وتعرف فيها على (Martin Spatter )
وقد كانت مراسلاتهم مصدرا ً مهما ً لفهم عمل ( جويا ) في محكمة ( مدريد ) كرسام محكمة ..
عندما كان في عمر الـ ( 14 ) عمل مع الرسام ( خوسيه لوزان ) وبعد ذلك بفترة انتقل إلى ( مدريد )وهناك درس عند الفنان (رفاييل أنتون ) والذي كان يتمتع بشعبية عالية لدى الأسرة الحاكمة لكنه سرعان ما اختلف مع معلمه خصوصا ً و أن نتائج اختباراته لم تكن مرضية حاول الالتحاق بالأكاديمية الملكية للفنون الجميلة مرتين لكنه قوبل بالرفض في المحاولتين ..في عام ( 1771 م ) سافر إلى ( روما ) حيث ربح جائزة في مسابقة رسم نظمتها مدينة ( بارما ) وفي وقت لاحق من نفس السنة عاد إلى ( Saragossa ) ورسم أجزاء من قبة ( كنيسة العمود )درس مع (Francisco Bayeu Subi'as ) وبدأ يظهر على لوحاته تناسق الأنغام الذي اشتهر به .. تزوج ( جويا ) بـ ( جوزيفا ) وهي أخت (Francisco Bayeu ) وكان يلقبها ـ ( Pepa ) كان هذا الزواج وعضوية ( فرانشيسكو ) في الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة هما ما مكنا ( جويا ) من العمل كرسام للتصاميم التي ستنسج في المصنع الملكي .. هناك وعلى مدى خمس سنوات كان قد رسم ما يقارب ( 42 ) نقشة كانت الركيزة الأساسية لتزيين وتغطية جدران ( El Escorial ) و (Palacio Real del Pardo ) وهي أماكن إقامة الملوك الإسبان قرب ( مدريد ) مما جذب انتباههم لموهبته و أوصله للبلاط الملكي .
في عام ( 1783 م ) طلب كونت ( فلوريدا بلانكا ) من ( جويا ) أن يرسم له صورة شخصية وقد كان هذا هو بداية صداقته بولي العهد الأمير ( دون لويس ) و أثناء ذلك بدأت دائرة معجبيه من النبلاء بالازدياد لتشمل دوق ودوقة(Osuna ) وكذلك العديد من الناس البارزين في المملكة بما فيهم ملك ( إسبانيا ) نفسه .. في وقت ما بين أواخر عام ( 1792 م ) و أوائل عام ( 1793 م ) أصاب ( جويا ) مرض خطير لم تـُعرف طبيعته في ذلك الوقت لكن من الواضح أنه كان قويا ً لدرجة أنه ترك ( جويا ) بلا سمع وأسلمه إلى نوع من العزلة والتعمق الغريبين وجعله يكمل بعض أعماله الغير مكتملة .. في عام ( 1808 م ) غزت القوات الفرنسية ( إسبانيا ) و التي استمرت ست سنوات وعندما ماتت زوجته عام ( 1812 م ) كان ( جويا ) يصور الحرب في لوحة ( الثالث من مايو ) ويجهز سلسلة من اللوحات أسماها ( كوارث الحرب ) .. بهدف عزل نفسه عن الناس اشترى منزلا ً ريفيا ً منعزلا ً خارج ( مدريد ) ومن سخرية القدر أن هذا المنزل كان يسمى ( Quinta del Sordo ) و يعني بالعربية ( منزل الأصم ّ ) وقد سمـّي بذلك نسبة للمالك السابق أي قبل انتقال ( جويا ) للسكن فيه وفي هذا المنزل رسم ( جويا ) لوحاته السوداء كانت مليئة بالصور الحزينة والسوداوية و النابعة من خوف الفنان من الجنون العديد من هذه اللوحات بما فيها أبشع لوحات التاريخ رُسمت على جدران غرفة الطعام وغرفة الجلوس ..في مايو من عام (1824 م ) ترك ( جويا ) بلاده ليسافر إلى ( بوردو ) و ( باريس ) ثم عاد إلى ( إسبانيا ) في عام ( 1826 م ) ثم عاود الكرة وسافر إلى ( بوردو ) و استقر هناك إلى أن توفي فيها في عام ( 1828 م ) عن عمر يناهز ال ( 82 ) عاما ًدُفن في ( بوردو ) ثم نـُقلت بقاياه إلى ( المصلى الملكي للقديس أنتوني ) في عام (1919 م ) ...
وعندما اجتاحت القوات الفرنسية أسبانيا واحتلتها أثناء الحروب النابليونية، تأثر جويا كثيرا وانهمك في رسم مجموعة من اللوحات التي تعرف الآن بلوحات كوارث الحرب، وهي مجموعة من حوالي ثمانين لوحة تصور بشاعة الحرب وقسوتها.
كان ذلك أثناء الحرب التي تعرف بحرب شبه الجزيرة Peninsular War، والتي استمرت من 1808 وحتى 1814، واشتعلت الحرب في الشوارع بين الغزاة وقوات المقاومة، وارتكب الغزاة العديد من المذابح الدموية، وصارت رائحة الموت تزكم الأنوف في كل مكان.
رأى جويا أسبانيا الجميلة تتهاوى وتصير إلى خراب، وقد جعله هذا يميل إلى التشاؤم والسوداوية، وأصبح حزينا وكئيبا جدا. عام 1819، وفي سن الثانية والسبعين، انتقل جويا إلى منزل خارج مدريد لينعزل فيه وحيدا، وكان جويا قد أصبح أصم وعصبيا جدا، وقد زادت الحرب التي مرّت بها أسبانيا من حالته النفسية سوءا، حيث رأى فيها الخوف والذعر والقلق والأرق وصارت تنتابه نوبات من الهيستيريا. ووحيدا في المنزل مع مخاوفه وصممه، أبدع جويا أربع عشرة لوحة مفزعة أصبحت تعرف الآن باللوحات السوداء.
http://bp1.blogger.com/_1CYkcKOzm20/SEaiYXRE6xI/AAAAAAAAA9g/i0gCS7XNuRI/s400/%D8%B2%D8%AD%D9%84+%D9%8A%D9%84%D8%AA%D9%87%D9%85+ %D8%A7%D8%A8%D9%86%D9%87.jpg
ربما كانت أبرز هذه اللوحات هي زحل يلتهم ابنه Saturn Devouring His Son، والتي تصوّر الإله الروماني زحل وهو يلتهم ابنه على إثر نبوءة تقول أن أحد أبناءه سيهزمه. أبدع جويا في تصوير وحشية الحدث، وجعله على خلفية سوداء مقبضة. رأس ابن زحل وأطرافه مخلوعة والدم يغطى مكانها، بينما تبرز عينا زحل إلى الخارج وكأنه أصيب بالجنون، وأصابعه الصلبة تنغرز في لحم ابنه، ولا توجد حركة بجسم الولد مما يوحي بأنه قد مات بالفعل. وتشير هذه اللوحة إلى الاضطرابات الأهلية التي كانت تسود أسبانيا. كانت أسبانيا تأكل أبناءها كما فعل زحل.
http://bp1.blogger.com/_1CYkcKOzm20/SEaiYiFHdiI/AAAAAAAAA9o/8ocN6xQUTkE/s400/%D8%B3%D8%A8%D8%AA+%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AD% D8%B1%D8%A7%D8%AA.jpg
لوحة شهيرة أخرى هي لوحة سبت الساحرات Witches' Sabbath، وهي لوحة كئيبة تبدو كنذير شؤم، حيث يشير إلى الاعتقاد القديم بأن يوم السبت كانت تخصصه الساحرات للاجتماع معا بالشيطان الذي يظهر لهم على شكل جدي.
http://bp2.blogger.com/_1CYkcKOzm20/SEahBxZXsNI/AAAAAAAAA84/fl0XU_oUZcA/s400/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AA%D8%A7%D9%84+%D8%A8%D8%A7% D9%84%D9%87%D8%B1%D8%A7%D9%88%D8%A7%D8%AA.jpg
ليست كل اللوحات السوداء تتميز بمحدودية الألوان كالمثالين السابقين، فهناك مثلا لوحة القتال بالهراوات Fight With Clubs، والتي تبيّن براعة جويا في مزج ظلال مختلفة من الأحمر والأزرق. وتظهر اللوحة رجلين يتعاركان بالهراوات في أحد السهول، ولا يبدو أن لأي منهما فرصة للفكاك من الآخر لأن قدمي كل منهما عالقة عميقا في الوحل. يبدو لي الرجلان رقيقي الحال وفي ملابس رثة، بينما المكان مقفر حولهما، فعلام هذا العراك المؤذي عديم الجدوى؟
http://bp0.blogger.com/_1CYkcKOzm20/SEahBaW3V7I/AAAAAAAAA8o/H-dZ6BEeEF8/s400/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D8%B1%D8%B4.jpg
وهذه اللوحة بعنوان رجل أصم Deaf man، حيث تصور رجلا طاعنا في السن وهناك مخلوق قبيح يبدو كشيطان يصرخ في أذنه. وأغلب الظن أن هذه اللوحة تصور جويا نفسه الذي أصيب بالصمم ولم يعد يسمع شيئا. ولا يبدو على الرجل أنه سمع شيئا بالرغم من صراخ المخلوق الملاصق لأذنه.
http://bp2.blogger.com/_1CYkcKOzm20/SEaiYB4m-hI/AAAAAAAAA9Y/tRwgjFjxeM4/s400/%D8%B1%D8%AC%D9%84+%D8%B9%D8%AC%D9%88%D8%B2+%D9%8A %D8%A3%D9%83%D9%84.jpg
وفي لوحة رجل عجوز يأكل Old man eating، والتي رسمها لغرفة الطعام بمنزله، يعبر جويا في اللوحة عن وحدته وانعزاله، حتى أنه لا يجد من يتناول معه الطعام سوى هذا المخلوق ذو الجمجمة الخالية من العينين، والذي يشير إلى الموت الذي ينتظره.
ترى أي عذاب وألم كان يشعر به جويا حتى تخرج لوحاته بهذا الشكل؟ ولأنه يحمل روح الفنان فقد خلد لنا عذابه هذا ليظل ممتدا وخالدا على مدى مئات السنين.
http://bp3.blogger.com/_1CYkcKOzm20/SEahCLMHrMI/AAAAAAAAA9A/rkoL2xGlgoc/s400/%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%AA%D8%A7%D9%86.jpg
امرأتان
http://bp2.blogger.com/_1CYkcKOzm20/SEahBHS-qWI/AAAAAAAAA8g/Dik-vctTV50/s400/%D8%A3%D8%B2%D9%85%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A7.jpg
أزموديا
http://bp3.blogger.com/_1CYkcKOzm20/SEahBt2hO8I/AAAAAAAAA8w/Ehs62HXVico/s400/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%82%D8%AF%D8%A7%D8%B1.jpg
الأقدار
http://bp3.blogger.com/_1CYkcKOzm20/SEaiXyAE1xI/AAAAAAAAA9Q/59jB5eohM_k/s400/%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%84+%D9%8A%D9%82%D8%B1%D8%A1% D9%88%D9%86.jpg
رجال يقرءون