-
رائحة الاشباح
رائحة الاشباح
السبت, 04 أكتوبر/تشرين أول 2008 20:27 حسان القضاة
http://www.al79n.com/images/stories/hassan1.jpg سنه ثقيله من صمت الاشباح مرت... لدرجه انها لم تستطع انتظار تمامها قبل استئناف مخططها في لبنان... هي سطور كتبتها عند اغتيال النائب الصحفي جبران التويني .. انشرها الآن فهي لا تزال صالحه للنشر خصوصاً بعد اغتيال الجميل....واغتيال النائب انطوان غانم في انفجار سن الفيل..والآن انتقال التفجيرات إلى سوريا ..
كنتُ لا أزال صغيراً.. عندما اندهشتُ من كم الشعارات الموجودة بين الحدود السورية - اللبنانية ..مع أني فهمتُ من كل تلك الشعارات المنتشرة عموماً بسوريا على اسوار المدارس والجوامع والمعلقة بجانب اجراس الكنائس بأنه بين سوريا والشعارات عشق غريب يأخذ طابع السحر الاسود.. كنتُ فرحاً جداً بها بسذاجة طفلٍ صغير تأخذه بضع شعارات برحلة مجانيه إلى احلام الوحده ..
وعند دخول لبنان - والتي لم تكن تعني لاكثر السوريين والدبلوماسيين القاطنين فيها اكثر من محافظة سوريه بكثيرٍ من الحضارة والتقدم .. ولم تكن تعني لي اكثر من مدينه - للسعاده بترف - في مطاعم بيروت وزحلة.. لم افهم الكثير من الامور هناك .. شدني منظر العسكر(( السوريين )) .. وصور السيد الرئيس المنتشره ببذخ مفرط في كل مكان..
كان صديقي عمر قد همس لي يوماً - بعدما لبست بدلتي المدرسية السوريه والتي تأخذ طابعاً عسكرياً في عجلون - بأن هذا ممنوع..قتل صديقي عمر فرحه طفلٍ صغير.. لكن كلامه عاد إلى ذاكرتي امام ذلك الكم من نقاط التفتيش السورية داخل الاراضي اللبنانيه .. أين أنت يا عمر...؟؟؟
واذكر يوماً وسائق (( سيارة السفريات )) السوري قد قال في محاولة فاشله لوضع (( كم كروز دخان )) تحت حماية جوازٍ احمر من المستغرب أن يسافر به طفل لم يتجاوز الثانية عشر من عمره بأن هذه القلعه على يمين الشارع والتي تأخذ طابع استراحه للمسافرين هي في حقيقه الامر للغزالي.. والغزالي طبعاً قائد القوات السوريه في لبنان.. لذلك فكل ما فيها (( من خيرات لبنان القادمه من المعابر السرية والتي وصلت حتماً بلا ثمن )) وكان في كلام السائق تلميحٌ فاضح بأن(( التهريب مش ممنوع ))
كل تلك الأمور اثارت تناقضات في نفسية طفلٍ صغير ..لم يفهم دور سوريا في لبنان .. ولم يعلم شيئاً عن اتفاق الطائف.. ولم يكن قد مر علية في كتب التاريخ السورية سوى أن السادات هو الخائن الاكبر الملعون حتى في قبره.. تمنيتُ لو كان هناك في ما درسته في سوريا ايام الصبا ما يشير إلى التضحيات السورية في لبنان .. والكثيرة جداً في الحقيقة..
مرت الايام .. وها أنا اكبر.. وتتسع مفاهيم الادراك في ذاتي.. ولكني إلى الآن لم افهم حقيقة الدور السوري في لبنان ..بالامس امام شاشه التلفاز ..وفور وصول خبر اغتيال النائب الصحفي (( جبران التويني )) اختلف الجميعُ في المنزل .. من الفاعل ؟؟
أبي .. بخبرته كدبلوماسي سابق في سوريا .. اشار وربما ليس صراحه بأن سوريا هي الفاعل .. فالبصمات السوريه لا تزال موجوده ..والشبح السوري لا يزال جالساً على صدر لبنان يشاركه النفس والتنفس ..
أمي - بطيبه ام - متحيزه دائماً لسوريا ولابتسامه صديقتها وجارتها هناك - ام رياض - دافعت عن سوريا بكل طريقة .. وكان اهم كما سمعته منها بأن سوريا ليست بذلك الغباء لتقوم بذلك الاغتيال ..خصوصاً الآن ..
في داخلي عشقٌ كبير لسوريا.. طالما كان قاسيون في اوراقي.. وطالما تمنيتُ (( شربة ماء )) من نبع الفيجه المقدس..ولكن في داخلي الآن عتبٌ على سوريا.. وحزنٌ اكبر .. والكثير الكثير من الاسئلة ...
ما اجمل أن تكون الشعارات مكتوبه على جدران القلب .. وما اجمل أن نترجم - قوميتنا المفرطه - بالافعال.. وما اجمل أن نبتعد عن اهانه الاموات في كتب (( الديانه )) و (( التاريخ )) مهما كنا نكرههم .. وما أجمل أن نعرف الحقيقة..
وفي النهايه يبقى هناك من يشتم رائحه شبح (( غير سوري )) في المنطقه.. يمارس دوراً غير معلن في رسم المستقبل .. ويتجه بقلوبنا جميعاً نحو الجحيم...
حسان القضاة