أتابع التحليلات والمقالات التي تتناول فضيحة الفضائح أو أمُّ الفضائح التي اقترفها فريق أوسلو في رام الله بعد انكشاف دوره في إنقاذ الكيان الصهيوني من إدانة مضمونة كان يمكن أن تكون أول إدانة لهذا الكيان المغتصب في تاريخ الصراع العربي الصهيوني بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ، ولقد إسترعى انتباهي في تحليلات ومقالات الزملاء في صحفنا أنهم توزَّعوا على أكثر من فسطاط ، الفسطاط الأول فسطاط التشفـِّـي بفريق رام الله ، وقد التقى في هذا الفسطاط كتابٌ من خصوم فريق رام الله من أنصار حماس والجهاد وغيرهما من الفصائل الرافضة لأوسلو مع كتاب ٍ عـُرف عن بعضهم قربهم من فريق رام الله ، وعـُرف عن بعضهم خصومتهم لحماس وطروحاتها ، وأحسب أنه من الظلم أن ننكر على خصوم فريق رام الله إلتقاط هذه الفضيحة التي شكـَّـلت فرصة ذهبية لهم ، لا للتشفـِّـي فقط بفريق رام الله ، بل للتشكيك بنهجه وللتأكيد على أن هذا النهج لم يجلب للقضية الفلسطينية إلا التنازلات تلو التنازلات التي ضحـَّـت بثوابت القضية وبحقوق الشعب الفلسطيني ، والفسطاط الثاني هو فسطاط الموضوعية والمهنية والروح الوطنية وقد تجلى هذا الفسطاط في تحليلات ومقالات العديد من كتاب ( الدستور ) وبعض شقيقاتها ، والفسطاط الثالث هو فسطاط الصمت المطبق كصمت شهرزاد الملك شهريار ، وتجلى هذا الفسطاط في إحجام معظم الكتاب المحسوبين على فريق رام الله في بعض صحفنا عن تناول الفضيحة لا من قريب ولا من بعيد ، وأحسب أن هؤلاء الزملاء وجدوا في الصمت ملاذا يحفظ لهم بعض ماء الوجه ، والفسطاط الرابع هو فسطاط التبرير والتستر على الفضيحة والمفضوحين ، وقد إنحشر في هذا الفسطاط ، أو على الأصح حـُـشر فيه ، قلة من الزملاء الذين ارتبطوا عضويا أوسياسيا أوماليا ، أو كل هذه معا ، بفريق رام الله ، فانبروا ، كما يفعلون دائما ، وعلى طريقة ( معاهم معاهم ، عليهم عليهم ) ، يحاولون دون جدوى أن يبرِّروا الفضيحة ويستروا عورات مرتكبيها ، ولا داعي لذكر أسماء ، فالقارىء الأردني ذكي ويعرف هذه الأسماء إسما إسما .
أما أن هذه الفضيحة هي فضيحة الفضائح وأم الفضائح ، فلأنها لم تتوقف عند كشف وفضح دور فريق رام الله في إنقاذ الكيان الصهيوني من ما كان يمكن أن يكون أول إدانة له في تاريخه العابر بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ، بل لقد خرج من رحم هذه الفضيحة فضائح أشد قبحا منها ، فضيحة تورُّط فريق رام الله في تحريض الصهاينة على تكثيف هجومهم الوحشي على غزَّة وأهل غزَّة وتحريضهم على اقتحام القطاع لإسقاط حكم حماس ، وفضيحة تبرئتهم للمجرم باراك ولكيانه ولجيشه من دم أهل غزَّة فيما لو تمَّ الإقتحام بقولهم لباراك إن أهل غزَّة يستحقون أن تسيل دماؤهم عقابا لهم على انحيازهم لحماس في الإنتخابات التشريعية ، وفضيحة مقايضة تأجيل التصويت على توصيات لجنة غولدستون بمنح الصهاينة لفريق رام الله رخصة تأسيس شركة خليوي ثالثة ، وفضيحة إنكشاف أكاذيب فريق رام الله ، قالوا إن قرار سحب التصويت على تقرير غولدستون جاء من العرب ، فكذَّبهم العرب على لسان عمرو موسى الذي نفى أن يكون قرار السحب قرارا عربيا ، وكذَّبهم وزير خارجية مصر السيد أحمد أبو الغيط الذي أكد أن مصر علمت بقرار السحب بعد الإعلان عنه ، وكذَّبهم مندوب قطر في مجلس حقوق الإنسان الذي أكد أن قرار السحب جاء نتيجة اتفاق بين سلطة رام الله والأمريكان ، وقالوا إن قرار سحب التصويت على تقرير غولدستون جاء من منظمة المؤتمر الإسلامي فكذَّبهم الدكتور أكمل الدين أوغلو الأمين العام للمنظمة الذي صرَّح على شاشات الفضائيات أن قرا السحب كان قرارا فلسطينيا أمريكيا أوروبيا ، وقالوا إن قرار السحب كان بموافقة اللجنة التنفيذية لمنظمة ( التحرير؟؟؟؟؟ ) وبموافقة اللجنة المركزية لفتح ، ونفت اللجنتان أن يكون لهما علم بالقرار ، أرأيتم كيف أن هذه الفضيحة هي فضيحة الفضائح وأم الفضائح ..؟
زياد أبو غنيمة
مواقع النشر (المفضلة)