ظلم قهري وتعنت في عادات وتقاليد بعضها يخلو من أي رحمة أو انسانية ولا يمت للدين بأي صلة، أسباب تجسدت وأنتجت أبشع صورة من صور العذاب لفتيات سعى أهلهن لقتلهن لا لذنب اقترفنه ولا لجريمة ارتكبنها سوى أنهن كن ضحايا لسفاح القربى من شقيق أو أب أدى الى الحمل، ولم يدن المجتمع الجاني الحقيقي، واكتفى بالاستقواء على الفتاة الضعيفة. فتيات بعمر الورود حفرت القسوة على قسمات وجوههن الغضة صورا تروي الإساءة ولم يتجاوزن الثامنة عشرة ويقبعن في دار تربية ورعاية الفتيات "الخنساء" سابقا، وصلنها بعد دورة من العذاب بأمر قضائي نتيجة الحمل بطريقة غير شرعية أو لغيرها من الاسباب مثل الهروب من منزل مورس بحقهن فيه الاغتصاب من أحد الاقرباء أو تعرضن فيه لأنواع أخرى من الإساءة. وتستقبل الدار التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية الفتيات المحتاجات للحماية من سن 12 -18 سنة بهدف ايوائهن ورعايتهن وتوفير الرعاية النفسية والاجتماعية بحسب مديرة الدار فاطمة الخوالدة. المؤلم هو موقف بعض الأهالي في مثل تلك الحالة من الفتيات حيث يصرون أنها غلطة الفتاة، بل إن بعضهم وبهدف درء العقاب عن الذكر يتهمون الفتاة بأنها فرطت بنفسها وأخطأت مع أحد الشبان والان تتهم شقيقها أو أباها متناسين أنه بحال وصول القضية للجهات المختصة فمن الطبيعي أن يجري فحص الـ (DNA) الذي يبين هوية المغتصب. الإعلاميون الذين زاروا الدار أمس بترتيب من شبكة الإعلاميين الأردنيين للحماية من العنف الأسري التابعة للمجلس الوطني لشؤون الأسرة لم يسمح لهم بإجراء مقابلات مع الفتيات ضحايا الإساءة بكافة أشكالها كون الفتيات لم يبلغن السن القانونية التي تخولهن الحديث للإعلام، فضلا عن أن غالبيتهن مغلفات بقضايا أحيطت بالسرية التامة حفاظا على سلامتهن.بيد أن جولة "الغد" والإعلاميين داخل الدار ورؤيتهم للفتيات وهن يمارسن نشاطات تعليمية وتدريبية توفرها الدار مثل دروس الخياطة، وفن التجميل، والكمبيوتر جعلت الوفد الإعلامي يكوّن فكرة حسنة عن حال تلك الفتيات.بعض الفتيات حولن للدار بموجب مذكرة توقيف أو حكم أو احتفاظ من قبل المحكمة التي حولت إليها القضية من قبل إدارة حماية الأسرة أو مديرية الأمن العام، إذ إن بعض الحالات هي لقاصرات هربن من بيوتهن ونتيجة تبليغ الأهل عن هروبهن يبحث عنهن الامن الى أن يجدهن ليكون المطاف الاخير لهن دار تربية ورعاية الفتيات خوفا عليهن من الرجوع الى الأهل الذين غالبا ما يتوعدون الفتاة ويهددون بقتلها لهروبها من البيت. بعض الحالات تعرضت لعنف أسري، وبعضها تم تحويلها على إثر قضية تسول، واللافت أن كافة الحالات تشترك بإحاطتها بأقصى درجات السرية خوفا على الفتيات من أهاليهن مع أنهن لم يرتكبن جريمة أو حتى جنحة ووجودهن في الدار لحمايتهن فقط ومع ذلك هن مجرمات بنظر المجتمع.والدليل على تجريم المجتمع يكمن في عدم استقبالهن بعد أن يبلغن الثامنة عشرة والنظر إليهن على أن وجودهن في الدار سببه خطأ ارتكبنه.هذا الامر يحدو بالدار الى أن تتكتم على هوية القاصرات عند الذهاب بنشاطات خارجية مثل المخيمات الكشفية والرحلات، اذ بينت الخوالدة أنه عند خروج الفتيات بنشاطات خارجية فإنه يقال أنهن من دار أيتام أو من جمعية.المؤلم أكثر يكمن في أحلام الفتيات الموؤودات، وهو أمر تعكسه رغبة معظم الملتحقات منهن ببرنامج "تعزيز ثقافة المتسربين" الذي توفره الدار للواتي أكدن أنهن يحلمن بإكمال دراستهن في الجامعة رغم إدراكهن أن البرنامج معد للفئة التي انقطعت عن الدراسة لأكثر من ثلاث سنوات ويمنح شهادة تعادل الصف العاشر ليمكن الفتاة من متابعة التعليم المهني فقط ما يعني عدم إمكانية دخولها الجامعة.الخوالدة بينت أن الدار التي يوجد بها حاليا (54) فتاة توفر الغذاء، الكساء، الايواء، الرعاية الصحية ومصروفا شهريا لكل فتاة مقداره ستة دنانير، لافتة الى وجود عدة برامج تنفذها الدار أهمها برنامج الخدمات الاجتماعية الهادف لتوفير الدعم النفسي للفتيات من خلال جلوسهن مع المرشدات النفسيات.كما توفر الدار التي تأسست عام 1973 برنامج تعليم مهني بالتعاون مع مؤسسة التدريب المهني لتدريب الفتيات على مهنة تعتمد عليها مثل الاشغال اليدوية كالتطريز والخياطة.وبينت الخوالدة أنه خلال عام 2009 استقبلت الدار 95 فتاة خرج منهن 78 فتاة، في حين تكرر دخول 30 فتاة، لافتة أن 14 منهن ساهمت الدار بمساعدة عدة جمعيات مدنية بتزويجهن خلال هذا العام.عام 2008 استقبلت الدار 126 فتاة ساهمت الدار بتزويج "8" منهن . وبينت الخوالدة أن الدار الموجودة في ياجوز حاليا وستنتقل الى طبربور خلال العام القادم، تتيح للفتاة في حال بلوغها سن الثامنة عشرة الخروج من المركز بعد أن توقع إقرارا يبين رغبتها بالخروج والتأكد من أن سلامتها غير معرضة للخطر، مؤكدة أن المركز لا يخرج أي فتاة الا بعد الاطمئنان على سلامتها.وقالت الخوالدة "مددنا لـ 3 حالات تعدين الثامنة عشرة هذا العام".ولفتت أن أغلب الحالات بعد بلوغها الثامنة عشرة تحول الى دار اليافعات أو لدار الوفاق الأسري.وأكدت الخوالدة أن ملفات الفتيات سرية جدا وتنحصر معرفتها بالمرشدة النفسية والمديرة، لافتة أنه بحال كانت الفتاة هاربة من بيت أهلها يتم تبليغهم بوجودها لديهم الا أنه لا يسمح بزيارتها الا بعد التأكد من أن الفتاة غير معرضة للخطر نتيجة هذه الزيارة.وزيادة في الحرص تقول الخوالدة إن الدار تمنع تماما إدخال الطعام من الأهالي للفتيات خوفا من أن يكون مسموما. وفي حالة وجود قضايا متابعة في المحاكم كأن يكون للفتاة الى جانب تعرضها للاساءة، مراجعة للمحاكم لقضية إرث مثلا توفر الدار الاستشارة القانونية لهن مجانا.ورغم أن المركز يتابع بشكل شخصي أمور الفتيات بعد خروجهن، الا ان الخوالدة تؤكد أهمية وجود برنامج رعاية لاحق يتضمن متابعة أمور الفتيات الخارجات، مبينة أن عدم وجود مظلة قانونية لهذا الأمر يحول دون حصوله.
تفاصيل الخبر هنا...
مواقع النشر (المفضلة)