بسم الله الرحمن الرحيم
(قُلوبٌ حائِرة)
الحلقة الثانية
"حب واحد .. و دينان إثنان !"
وصلت الى زاوية (قلوب حائرة) رسالة من الصديق (أ.ع) يطرح فيها مشكلته ويرغب في عرضها عليكم ومناقشتها أملا في الحصول على أنسب الحلول .. أترككم مع الرسالة ، وقد تضمنت تعديلات لتلائم العرض:
" انا شاب في الـ 28 من عمري من الشمال ، تعرفت على شابة ايام الدراسة الجامعية في موقف غريب جدا ، جعلني اتعلق بها وجعلها تتعلق بي ، وبسرعة شديدة احببنا بعضنا لما في شخصياتنا من تقارب ، ولما أثّر ذلك الموقف في كلينا ، وبعد تعلّقي بها ، اخبرتني بسر حوّل حياتنا الى جحيم ، ألا وهو انها (على دين المسيحية). في بداية الأمر لم تكن تعلم تلك الفتاة انني مسلم ، لأنني أخبرتها ذات مرة انني كنت أعمل كسائق في جمعية الشابات المسيحيات ، ولم تتوقع ان إدارة الجمعيّة توظّف في مرافقها موظفين من اتباع الديانات الأخرى.
صدقا لم افكّر في بداية علاقتنا بموضوع اختلاف الأديان ولا هي أيضا فقد تفاجأت بشكل رهيب ، وأيضا الفتاة واجهت نفس الموقف ، والآن لا أعلم الى أين ستفضي علاقتنا ، فأنا أرغب في الزواج بها وهي أيضا ، ولكن ما ان اخبرت والداي حتى غضبوا علي وأهانوني ، وهددني والدي بالبراءة مني ، وايضا حين صارحت الفتاة أهلها قوبلت بنفس الرد ، حاولت الإبتعاد عنها وحاولت هي ايضا ولكننا لم نستطع وزادت اواصر علاقتنا اكثر واكثر .. ماذا افعل أنصفوني ارجوكم"
أخوتي الأكارم .. موضوع شائك ، وتعرّض لهُ الكثيرون .. فالحب لا يقف عند حدود ، وإن كان علينا توخّي الوقوع في الشبهات ، ولكن ربما لموقف صدفة او حادث عرضي ان يُفضي بشخصين الى الرغبة في الزواج بين اتباع دينين مختلفين.
المعروف في الإسلام ، ان من الجائز ان يتزوج الرجل البالغ المسلم من إمرأة نصرانية لقوله تعالى:
﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [المائدة:5].
ولمزيد من التوضيح حول الرأي الشرعي في هذه المسألة دعونا نتطلع على القيود التي رآها علماء المسلمين في زواج المسلمين من الكتابيات:
الأول: الراجح على رأى جمهور الفقهاء هو إباحة زواج المسلم من الكتابية، ترغيبًا لها في الإسلام، وتقريبًا بين المسلمين وأهل الكتاب، وتوسيعًا لدائرة التسامح والألفة وحسن العشرة بين الفريقين.
الثاني: أن تكون عفيفة محصنة فإن الله لم يبح كل كتابية، بل قيد في آياته الإباحة نفسها بالإحصان، حيث قال: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) قال ابن كثير: والظاهر أن المراد بالمحصنات العفيفات عن الزنى.
الثالث: ألا تكون من قوم يعادون المسلمين ويحاربونهم .
السؤال الآن:
ماذا تنصحون (أ.ع) في هذه المرحلة؟ وهل ترون من مانع لو أصرّ على الإقتران بهذه الفتاة ما دام الزواج بين المسلم والكتابية مباحا ومحققا لشروط جمهور العلماء؟ أم ان العادات في مجتمعنا تحدّ من حريّة الفرد في اختيار شريكه الكتابيّ أكثر من الدين؟
اهلا بمشاركاتكم جميعا ..
تابعوا في حلقات (قلوب حائرة) السابقة :
الحلقة الأولى: "أحبها وأهلها ما يرضون"
للمشاركة في اختيار الحلقات المقبلة اضغط هنا
مواقع النشر (المفضلة)