كلف جلالة الملك عبدالله الثاني أمس سمير الرفاعي تشكيل حكومة جديدة تتولى "إجراء مراجعة شاملة، تفضي إلى إزالة كل المعيقات التي تحول دون التقدم في تنفيذ استراتيجية الإصلاح والتطوير والتحديث". وبعد قبوله استقالة حكومة الرفاعي السابقة، طلب جلالته من الرفاعي تشكيل حكومة جديدة تواصل تنفيذ الخطط والبرامج، التي بدأتها الحكومة السابقة لترجمة "توجيهاتنا التي احتواها كتاب التكليف، الذي عهدت فيه إليك بتحمل أمانة المسؤولية قبل حوالي سنة، إلى عمل خير ناجع، ينعكس بالخير على أردننا الأبي وشعبنا العزيز".
وبعد أن أشاد جلالته في كتاب التكليف السامي الذي وجهه للرفاعي أمس "بما أنجزته الحكومة في الكثير من المجالات"، أكد الملك "أن الطريق ما تزال طويلة، ما يستوجب الاستمرار في العمل، وفق منهجية برامجية، علمية، شفافة، لتحقيق الأهداف التي حددتها في كتاب التكليف للحكومة السابقة".
وشدد جلالته على أن "الاستمرار في عملية الإصلاح الشاملة خيار استراتيجي وضرورة تفرضها مصالح شعبنا، ومتطلبات بناء المستقبل المزدهر الذي ننشد"، مشيرا إلى أن "وتيرة الإصلاح لم تسر بالسرعة التي أردناها، فتعثرت وتباطأت بين الحين والآخر، وأُخضعت غير مرة للحسابات الضيقة، والمصالح الخاصة، ما أفقد الوطن فرصا كثيرة، وحد من قدرتنا على الإفادة مما يزخر به العصر من إمكانيات التطور، وحصد المكتسبات، التي تبني على إنجازات أردننا الغالي".
ولفت إلى أن "تحقيق التنمية السياسية، بما يزيد من المشاركة الشعبية في صناعة القرار، شرط لنجاح كل جوانب الإصلاح الاقتصادية والاجتماعية الأخرى".
وقال "على الحكومة أن تواصل العمل، من أجل إيجاد البيئة الكفيلة بترجمة رؤيتنا الإصلاحية إلى واقع يعيشه كل أبناء شعبنا. والآن، وقد أجريت الانتخابات النيابية، التي شكلت نقلة مهمة على طريق تحسين العملية الانتخابية وضمان نزاهتها وحياديتها، فإنني أؤكد على ضرورة إرسال قانون الانتخاب المؤقت إلى مجلس النواب بصفة الاستعجال، لدراسته وإدخال ما يلزم عليه من تعديلات، تنسجم مع مصالح الوطن وطبيعة المرحلة، بحيث يستقر هذا التشريع الرئيسي في الحياة السياسية. ولا بد أيضا من التعاون مع السلطة التشريعية على إنجاز قانون اللامركزية، لتمكين المواطنين من القيام بدور أكبر في صناعة مستقبلهم، وتحديد أولوياتهم التنموية".
ووجه جلالته الحكومة إلى "التوافق مع مجلس النواب على آلية عمل، ترتكز إلى الدستور والقوانين، لتوضيح أسس التعامل بين أعضاء السلطتين، وبحيث يعمل الجميع بروح الفريق، لخدمة أهدافنا الوطنية".
وقبل ذلك، كانت صدرت الإرادة الملكية السامية أمس، بدعوة مجلس الأمة إلى الاجتماع في دورته العادية الأولى اعتبارا من الأحد المقبل، في حين أنه من المتوقع أن تصدر الإرادة الملكية السامية قبل نهاية الأسبوع الحالي، بإعادة تشكيل مجلس الأعيان الجديد، إذ يرجح بقاء رئيسه الحالي طاهر المصري، وإدخال من 11 إلى 15 عينا جديدا على تشكيلته، والتي يتوقع أن تضم 60 عينا.
إلى ذلك، تواصل حراك تأسيس الكتل النيابية، إذ أعلن أمس عن تشكيل كتلة جديدة تحمل اسم "العمل الوطني"، لتكون بذلك الكتلة الخامسة التي يعلن عن تشكيلها رسميا بعد كتل: حزب التيار الوطني (17 نائبا)، والجبهة الموحدة (لم يعلن عن عدد أعضائها حتى الآن)، والوفاق (19 نائبا)، والتيار الديمقراطي (9 أعضاء).
وكان رئيس الوزراء المستقيل بعث برسالة إلى جلالة الملك عبر فيها عن شكره وزملائه الوزراء لجلالة الملك لما أولاه جلالته لهم "من توجيه ودعم ورعاية، ونحن نجهد للنهوض بمسؤولياتنا في خدمة وطننا الغالي، والعمل على تحقيق رؤية جلالتكم، المستهدفة بناء المستقبل المشرق، الذي ينعم فيه شعبكم الأبيّ بالحياة الآمنة الكريمة، المفتوحة على أوسع آفاق التقدم والإنجاز".
إلى ذلك، شرع رئيس الوزراء المكلف في ساعة متأخرة من ليلة أمس في إجراء المشاورات وسط تكتم شديد من أجل تشكيل حكومته التي من المتوقع أن تبدأ ملامحها في الظهور ظهر اليوم.
وفي سياق مشاوراته، من المقرر أن يلتقي الرفاعي صباح اليوم بأعضاء مجلس النواب الجديد، فيما يعلن رئيس الوزراء المكلف عن تشكيلة حكومته الجديدة اليوم أو غدا وفق ما كشفته لـ"الغد" مصادر واسعة الاطلاع توقعت خروج نحو 9 وزراء من حكومة الرفاعي المستقيلة، فضلا عن تغيير في الحقائب.
ومن المتوقع أن يخرج من الحكومة فضلا عن نائب رئيس الوزراء وزير الدولة رجائي المعشر، ونائب رئيس الوزراء وزير الداخلية نايف القاضي، وزراء الشؤون البرلمانية توفيق كريشان والصحة نايف الفايز والمياه محمد النجار، والعمل سمير مراد، والتنمية السياسية موسى المعايطة، والبلديات علي الغزاوي، والسياحة سوزان عفانة، والأشغال محمد عبيدات، فيما يرجح بقاء الدكتور خالد الكركي نائبا لرئيس الوزراء من دون حقيبة وزارة التربية والتعليم.
كما ترددت أسماء يمكن أن تغادر الحكومة، من بينها وزيرا الصناعة والتجارة عامر الحديدي والدولة لشؤون الإعلام والاتصال علي العايد