هنا .. و في نفس المكان .. خططت اول لوحات حزني و بثثتها لفضاء كوني .. لكأنه عمرٌ مضى على شعواء الحب هذه .. تغيرت أشياء كثيرة .. و خُلقت بصور جديدة .. و زُرعت دماً جديداً ..
هنا صرخت صرختي الاولى .. والآن أقف على خرابي لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً .. أرى موتي .. حزني .. إنهياري .. ولا املك الا ملاذ الدموع .. ذلك الاستسلام الذي يشبه انتحار الارواح بطريقة تشبه المتعة
يا له من عالم معقد .. سمعنا عنه كثيراً .. و خفنا منه اكثر .. و في لمسة تصنعها الاقدار .. نصبح مثل دمى المسارح .. ابطالاً لحكايات .. كنا بالامس نشاهدها من مقاعد المتفرجين .. و تبدأ مرحلة زرع الثقافات .. مثل الموت المستحيل .. و الفكر المُرهِق .. و الذهول .. و الغربة عن قرب .. و الموت على قيد الحياة .. و أهمها و أولها .. الحزن ..
إنه الحزن و كفى .. جحافلٌ من كائنات مبهمة .. تخضب قللبك بعلقم الشوق .. و اليأس .. فينبت على جلدك معالم الحب مكتوب في حواشيها " أحبها "
هو الدموع .. أنهار من الدموع تنهل من بين عينيك .. مذيبة أنّات القلب .. فيرتسم على خديك صورة قلبك المحتضر .. و تمتزج معالم الحزن لتقول " أحبها "
هو صوتك الاجش .. حشرجة من الكمد تستحوذ على بحات صوتك .. و تجسد مآسي كونك .. تغور بين شفتيك .. فتحاول اجتذابها .. واذ بها قد سبقتك .. بادية لكل الخلق " أحبها "
هو زفير عينيك .. غيومٌ كثيفة من الوجد تطبق على عينيك .. تكاد أن تقتلهما .. فيشتعل الاضطراب اذا رأيتها و أخجل .. اتضآل .. أتصاغر .. أضعف .. أن ارسل لها بعيني كلمة حب واحدة .. فان الزمان يقف خلف المكان .. و فكري يأبى إلّا ان يطبق علي .. و يلوح لي بالمستحيل دوماً .. فأرمش كي أمنعها من الانفجار " أحبها "
هنا أقف مجدداً .. كي أجلد نفسي .. ولا أحسبها المرة الاخيرة - إلا اذا مِت - لكني لكثرة أشواك الحزن لا أستطيع أن أراني جيداً .. و كلما حاولت أن أجتذبني .. قرصتني أفعى مختلفة .. لكأني أراني افقد معايير الانسان على التحمل شيئاً فشيئاً .. حتماً إن الامر كذلك .. و إلّا .. فكيف ما زلت حتى الساعة .. أحتفظ بشيء من الروح ..
محمد قسايمة
جميع الحقوق محفوظة
مواقع النشر (المفضلة)