فـي عيـد الام

بقلم : عبير المجالي

تحتفظ الذاكرة في الحادي والعشرين من كل عام بمناسبة رائعة لتكريم الأم أحب مخلوق لقلوبنا اعترافاً بفضلها ودورها المميز ،و يأبى الحزن بهذا اليوم إلا أن يكون و تهرب الدمعة و تترقرق في المقل تتعاقبها تنهيدة حزن غائرة ونحن نستمع إلى "ست الحبايب" أغنية شجية بصوت عذب تمس وترا حساسا في النفس ، ونبكي حتى لو كنا نعيش قرب أمهاتنا ولنا آلاف الأسباب للبكاء ،ربما هو شعور بالتقصير تجاه هذه الأم،أو لإحساسناكم هن عظيمات لا يتوقفن عن العطاء يتحاملن على سنوات عمرهن ليجددن عطاء متواصل.
ربما نتسائل ما خسارة الأم التي تحترق لتضيء حياة الآخرين ، التي تقتصد من نصيبها في الحياة لتوفره لأسرتها وأبنائها ؟ للأسف أحيانا تكون الحقيقة مرّة كالعلقم نجد ام تشكي من جفاء أولادها وسوء معاملتهم لها، و نكرانهم للجميل.. وأم أوقفت حياتها على أولادها، تقوم بدور الأب والأم، وظلت ترعى أولادها بكل طاقتها، حتى تخرجوا من الجامعة، وتزوجوا، واستقل كل منهم بحياته، ولم يعودوا يزورونها إلا في المناسبات، فأصبحت تعلّق نظرها على صور الأحباب وكأنها تحاول شمّ رائحة بخور الأعزاء، تلك الأمهات خسرن الحب ولم يخسرن العمر. وكثير من الأبناء العاقون أودعوا أمهاتهم في دور وملاجئ العجزة والمسنين ،بعدما بلغن من الكبر عتيا ونكسن في الخلق ،والبعض ترك امه بلا معيل عندما كبرت وغزا الهرم حياتها واشتعل الرأس شيبا ،مسكينة هي الأم فمنذ حصولها على هذا اللقب الجميل الثمين بدأت برحلة العطاء المزينة بحباتِ الدموعٍ .
ما الهدية التي تنتظرها هذه المرأة التي احتضنتك في جسدها يوما و رعتك طوال أيام حياتك، وكبرتُ في حضنها تتخبط بأريج رائحتها ..ماذا تحتاج هذه المرأة التي تتحصن الحياة وتتظاهر أمام الجميع بالقوة حتى لو كان لا يضاهيها أحدا وهْنا وضعفا، لا تعش لنفسها ساعةً واحدة تصطنع دائماً الابتسامة حتى لو افتقرت السعادة. تتكاثف همومها في مآقيها ولا تمطر دمعاً لكي لا يشفق عليها احد.
أنها لا تنتظر كعكة كبيرة تتناول معها الصبر وطول البال ولا باقة ورد حمراء جميلة تشمها بعد ان غاب عنها العبق والبخور ،هي بحاجه لبرها ورعاية حقوقها وطاعتها وهذا حق أوجبه الله عز وجل واقرن عبادته بطاعة الوالدين وحذر تحذيرا شديدا من معصيتهم. كرّمها الإسلام أحسن تكريم فجعل البر بها والتذكير بحقوقها حقاً مشروعاً طوال السنة، لأنه لا يكفي يوم واحد سنويا لتكريم الأم التي حملتنا كرها ووضعتنا كرها .
أمي عندما انظر اليك وقد اضعفت السنوات كيانك اتذكر كم ضمه وقبله ودمعه اعطيتها لي راضيه لا تطلبين عليها اجراً ولاشكراً انما حباً وكرماً . اسمحي لي اليوم ان أحكي للعالم مشاعري وأنقش عواطفي على ظهر يدي، امي إن صغر العالم فأنت تبقين كبيره بقلبك الذي يتسع لكل حب وبحنانك الذي يفوق كل التصورات ، دعيني اقبل أنامل لا تستحق سوى القبل ،وتتجمع على أوتارها كل الألحان فأرى فيها حكاية أرض ووطنِ....رب اغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربياني صغيرا.