دعا سموّ الأمير الحسن بن طلال إلى تفعيل المزيد من جهود التواصل والاتصال الفكري والتكنولوجي ، عربياً وإقليمياً ، من أجل تذليل الصعوبات وبدء أولى الخطوات نحو اللحاق بالعالم الحديث الذي يجتاح مسافاتْ أمامنا ، من خلال بناء جسور التواصل مع هذا العالم لمراقبة تقدّمه والإفادة مما يخدم مصلحتنا والتعاون من أجل بناء الأفكار الوثابة التي تخدم مستقبل الأجيال القادمة.

وقال سموّه ، في كلمة ألقاها خلال المؤتمر الدولي التاسع للنمذجة والمحاكاة الذي عقد في جامعة فيلادلفيا ، إنه من الضروري تجسير الفجوة بين المحليّ والعالمي فيما يتجاوز المدى الحالي لهيئات المجتمع المدني ، مما يمكّن من إيجاد علاقات متكافئة للتطوير بين الحاجات المحليّة المحددة والمعايير العالمية الموجودة والناشئة: مؤكداً ضرورة ممارسة مبدأ التكاملية حتى تتمكن منظمات المجتمع المدني والمجتمعات المحليّة والمؤسسات الاجتماعية والأفراد من لعب دور بارز في عمليات اتّخاذ القرارات المناسبة.

وأضاف أن التكامل التعاوني بين مؤسسات المجتمع المدني المحليّة والإقليمية المتنوّعة سيتطلّب أدوات وواجهات بينية جديدة من التبادل لدفع هذه التحالفات الجديدة ونماذج الحاكمية قدماً.

وقال الأمير الحسن إن هناك تخمينات كثيرة حول مدى التضافر الذي سيخلقه الجيل الجديد من أنظمة شبكة الانترنت ، والذي من المتوقع تقديمه بحلول عام ,2010 فمن المتفق عليه بشكل عام أن هذا الجيل سيكون قادراً على فهم واستعمال المعلومات عن طريق ترجمة المفاهيم واستنتاج معلومات جديدة ، بدلاً من اتّباع الأوامر ومطابقة الكلمات الرئيسية ببساطة: مشيراً إلى أنه بينما يتوقّع العالم تطوير الكفاءات التكنولوجية الجديدة ، وهي متعددة أنظمة التشغيل وموجودة في كلّ مكان وثلاثية الأبعاد وتنبؤية وذات توجّه خدماتي ، فإن الخطوط العامّة لشكلْ موازْ من التعاون السياسي والثقافي والاجتماعي قد أصبحت واضحة. إذ أننا ننتقل بسرعة من الذكاء الفردي ، الذي يشكله القطاعان العام والخاص ، إلى الذكاء الجمعي الذي يتم التعبير عنه في القطاع المشترك ، والذي هو آخذ في الانبثاق من خلال المعرفة الأصيلة والتوافق العالمي المرسّخ للذات. وفي الوقت نفسه ، نواجه القيود المتأصّلة في المنظمات الدولية القائمة ، والتي هي عاجزة عن التعبير المباشر أو التمثيل الرسمي للمصالح المشتركة بين شعوب العالم ووعيها.

وأكّد سموه أن قضايا الأمن الإنساني مثل النمو السكاني والفقر والغذاء والمصادر والبيئة والهجرة والطاقة والسلام والفهم الثقافي تحتاج ، في عالمْ ذي استقلال متكافل ، إلى أن تتم معالجتها من خلال قطاع متواجد في نقاط الاتصال بين القواسم العالمية: مشدداً على أن واحدة من أكبر المهمات في القرن الواحد والعشرين تتمثل في تعريف الاختصاصات والمسؤوليات القانونية العالمية الجديدة ضمن الفضاء الخاصّ والفضاء العام والقواسم العالمية.

وتمنى سموه أن تتمكن الدول النامية ، من خلال التعاون النظامي مع الدول الصناعية ، من الاستفادة في تضييق الهوة الرقمية التكنولوجية العلمية.

وأضاف الأمير الحسن أن المزاوجة بين تكنولوجيا الجيل الجديد من الانترنت ومجتمع مدني عالمي ذي قدرة تنظيمية هو أمر حيوي ومهم. فالشبكات الدلالية توفر للإنسانية منصة تنسيقية وإدارية تدعمها المعرفة الأصيلة والذكاء الجمعي والتوافق الشعبي العالمي. فهذه التطبيقات الجديدة ، التي تعمل مثل صندوق أدوات رقمي ، يمكن دمجها في نظام تكنولوجي عالمي - محليّ جديد بالكامل من أجل تنشيط والإفادة من الوعي والتعاون الجمعيين. وهذا سوف يدعم الحلول الإبداعية والدينامية الناشئة والتي تسمح بالتواصل المتبادل بدلاً من السيطرة المركزية ، وبفتح المجال أمام العديد من الاحتمالات الجديدة لمشاركة أكبر في القواسم العالمية.

وقال سموه ان التكنولوجيا الصاعدة يمكنها أن تقود إلى مسؤولية أعظم ، بحيث تمكّن المجتمع المدني العالمي من توجيه الحكومات والأسواق إلى معايير جديدة ، وضمان الشفافية ، وترسيخ مبادىء الإدارة الجيدة والمسؤولية الاجتماعية ، إلى جانب تعزيز المسؤولية الديمقراطية والهوية العالمية ، وزيادة المشاركة الاجتماعية والسياسية بتسهيل التعاون والتنسيق بين العمليات والمبادرات العالمية والإقليمية والمحليّة لمنظمات المجتمع المدني والمجالس المحليّة ، ومجالس الوجهاء والوسائط المدنية ، بالإضافة إلى رعاية المشاركة السكانية بشكل واسع. وهذا كُلّه يمكن أن يؤدّي إلى نظرة جديدة للأمن الإنساني ، الذي لا يستند إلى التعريفات التقليدية للمصالح الرسمية والقواعد التقليدية للدعم ، وإنما يستند إلى الحماية الاجتماعية وتمكين الناس.

ودعا الأمير الحسن إلى تبني مبدأ التفكير والعمل إقليمياً وعالمياً ، وإلى تطوير حوار إقليمي فوق قُطري ذي نهج حضاري من أجل تفعيل الذكاء الجمعي والتوصل إلى حلول فوق قُطرية للتحديات الحالية بالاستناد إلى القدرة الاحتمالية الجمعية: مشدداً على ضرورة إحكام السببية قبل الحديث عن الأهداف التي تُمليها مقتضيات الساعة ، وكذلك ضرورة تقصي الحقيقة الاجتماعية ومواجهتها وتقديم البديل عوضاً عن التذمّر في المجالس الاجتماعية.