قصة سيدنا صالح عليه السلام



"قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجواً قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب"

كان سيدنا صالح عليه السلام معروفا بالحكمة والنقاء والخير ، كان قومه يحترمونه قبل أن يوحى الله إليه ويرسله بالدعوة إليهم.

بعد الطوفان الذى أغرق الأرض بادت البشرية ولم يبق من ذرية نوح عليه السلام أحد ومرت سنوات وسنوات وجاء قوم بعد قوم وتكررت قصة العذاب ولكن بشكل مختلف ، ومن أشهر القبائل العربية فى تلك الفترة قبيلة تسمى ثمود ، كان قوم ثمود أشداء أقوياء ، لهم حضارة عمرانية واضحة المعالم ، قد نحتوا فى الجبال بيوتاً وقصوراً للسكنى كأنهم مخلدون فى هذه الحياة الدنيا ، وسوف لا يعتريهم موت أو فناء «واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبؤاكم فى الأرض تتخذون من سهولها قصوراً وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا فى الأرض مفسدين» ، أنعم الله عليهم بنعم لا تعد ولا تحصى فأعطاهم الأرض الخصبة والماء العذب والحدائق والنخيل ، لكنهم قابلوا النعمة بالجحود والكفر والعصيان والنكران ، فوسوس لهم الشيطان وكفروا بالله تعالى ، كانوا يعبدون الأصنام من دون الله الواحد الأحد عبدوها وجعلوها شريكة لله. فأراد الله هدايتهم فأرسل لهم نبيا منهم وهو سيدنا صالح عليه السلام ، رجل كريم تقي محبوب لديهم حتى يعظهم ويصلحهم ويدلهم على طريق الحق والهداية.

بدأ سيدنا صالح عليه السلام يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له وترك ما هم فيه من عبادة الأصنام فقال لهم « يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره» بالرغم من نصاعة دعوة سيدنا صالح فقد بدا واضحا أن قومه لا يصدقونه ، وكانوا يشككون فى دعوته ، واعتقدوا أنه مسحور ، وطالبوه بمعجزة تثبت أنه رسول من الله إليهم ، لفتوا نظره إلى صخرة كبيرة كانت قريبة منهم وأشاروا إليها وقالوا إن أنت أخرجت لنا من تلك الصخرة ناقة معلومة لنا لصدقناك.

قام سيدنا صالح عليه السلام إلى مصلاه فصلى ودعا ربه أن يحقق المعجزة ، وتحققت المعجزة وتجلت ظاهرة تدل على صحة نبوته. نظر أهل ثمود إلى الصخرة فوجدوها تنشق وتخرج منها ناقة. حينئذ قال سيدنا صالح لقومه «ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل فى أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب» وأصدر الله أمره إلى صالح أن يأمر قومه بعدم المساس بالناقة أو إيذائها أو قتلها ، وأمرهم أن يتركوها تأكل فى أرض الله ولا يمسوها بسوء ، وحذرهم أنهم إذا مدوا أيديهم بالأذى للناقة فسوف يأخذهم عذاب قريب.

فى البداية تعاظمت دهشة قوم ثمود حين خرجت الناقة من صخور الجبل ، فقد كانت ناقة مباركة ، قيل إنها كانت معجزة لأنها إذ تشرب من المياه الموجودة فى الآبار فى يوم لا تقترب منه بقية الحيوانات من المياه فى هذا اليوم ، وقيل إن لبنها كان يكفى آلاف الرجال والنساء والأطفال ، وقيل إنه إذا نامت الناقة فى موضع هجرته كل الحيوانات الأخرى.كان واضحا أنها ليست مجرد ناقة عادية إنما هى آية من الله ووصفها الله سبحانه وتعالى «ناقة الله» ، قال سيدنا صالح عليه السلام لمن لم يؤمن هذه ناقة وهى معجزتي إليكم فاتركوها ولا تتعرضوا لها بسوء ، ثم دار الحوار بين الكافرين الذين أصروا على عنادهم وكفرهم وقتلوا الناقة وتحدوا النبي فى أن يأتيهم العذاب.

علم سيدنا صالح عليه السلام بما حدث فخرج غاضباً على قومه ، وقال لهم ألم أحذركم من أن تمسوا الناقة ، قالوا قتلناها فأتنا بالعذاب ألم تقل إنك من المرسلين، ، قال سيدنا صالح لقومه »تمتعوا فى داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب» وبعدها غادر سيدنا صالح عليه السلام قومه ومضى.

انتهى الأمر ووعده الله بهلاكهم بعد ثلاثة أيام ، مرت الثلاثة أيام على الكافرين من قوم صالح وهم يهزءون من العذاب وينتظرون ، وفى فجر اليوم الرابع انشقت السماء عن صيحة جبارة واحدة انقضت الصيحة على الجبال فهلك فيها كل شىء حي ، وارتجفت الأرض رجفة جبارة فهلك فوقها كل شىء حي وقال الله سبحانه وتعالى «إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر» هى صرخة واحدة لم يكد أولها يبدأ وآخرها يجىء حتى كان كفار قوم صالح قد صعقوا جميعا صعقة واحدة قبل أن يدركوا ما حدث.

هكذا نال الكفار جزاءهم من الله على مكرهم وهلكوا جميعا ، أما الذين آمنوا منهم بسيدنا صالح علية السلام فكانوا قد غادروا المكان مع نبيهم ونجوا. وقيل إن صالح عليه السلام عاش نحو ثمانية وخمسين سنة ، ودفن بالأحقاف شمالي حضرموت من بلاد اليمن ، وقيل توفاه الله تعالى بفلسطين.

وذكر فأن الذكرى تنفع المؤمنين