الجزء الخامس
منذ أول لحظه قدم له القدر اعتذاره عن كل ما سيحل به من كوارث نتيجه ذلك اللقاء.. اعتذار القدر كان بتسهيل مهمه كنان بصوره مكشوفه في العثور على الزنبقه السوداء…
هي ايضاً منذ اللحظه الاولى اعطته اشاره تحذريه بعدم الاقتراب منها..لكنه فشل في التقاطها..كانت الاشاره تنساب مع انغام كمانها لحظه دخوله...انغام حزينه فوق العاده..تحتضن ملايين الخيبات العاطفيه..وتدعو كل من يسمعها إلى البكاء
فيها دعوه سريه للدخول إلى مدن الحزن بسعاده..
هو اللقاء إذن..
وتلك صاحبه الرداء الاسود ..تجالس كرسياً..والناظر إليها لا يعرف من يحتضن الآخر هي أم الكمان.. ذلك الامتزاج الخارق والرابط السري بين عازفٍ محترف..وآلهٍ موسيقيه ..لحظه قد تمنح رسام اكثر من مشروعٍ لأكثر من لوحه..فكيف إذا كان من يعزف الزنبقه السوداء ..ومن يستمع رسام مجنون؟؟؟
دائماً في الحب ..أمور بسيطه وأقل من عاديه ما أن يفعلها من نحب.. تأخذ طابع القداسه..نتعامل معها باندهاشٍ صادق لا يُفسر.. ونعطي لها اهميه المعجزات..والأمور الخارقه ..والغير متوقعه..
فكيف إذا كان من نحب خارقاً بذاته.. ومدهشاً بدون تكلف..فهل يكفي أن ننتحر اندهاشاً للتعبير عن مشاعرنا..؟؟
هو اللقاء إذن..
((ذلك القوس في يدها..هل يعزف على الأوتار عم على جسدي.. ))
لكأنها ساحره طيبه تنثر العطايا والهدايا على جميع المندهشين حولها.. فذلك الاحساس الراقي الصادق الرفيع..كم منا يستطيع الوصول إليه..والاحتراق معه..لحظه تصوف .............
غائصاً في تفاصيلها الصغيره كان كنان..فذلك الرداء الاسود بحزنه الغامض لم يكن دليلاً كافياً أنها هي من تجلس امامه ..الزنبقه السوداء......برغم أنه عندما اخترق حاجز العشره امتار وضع يده على الباب الخشبي لمدخل القاعه في (( بيت العود )) في محاوله غبيه لتطبيق قوانين فيزيائيه لتفريغ شحنه التوتر الكبير في جسده..
يبن تلك الانامل الرقيقه ..كان الدليل القاطع..إنها هي ..مثل شيفره سريه كان خاتمها.. استطاع كنان أن يلتقطها بسرعه..ذلك الخاتم برغم حركته مع قوس الكمان إلا أن كنان استطاع الوصول إلى تفاصيله التي لم تكن غريبه عنه..كان يحمل نفس النقوش المرسومه على السوار.. ومما يؤكد ذلك أيضاً حجر الفيروز الصغير الجالس بخجل في منتصف الخاتم.. مما يفضح أن الخاتم والسوار جزء من طقمٍ واحد للزنبقه السوداء.. اكتشف ذلك مع فرحه سريه لكونه رسام... فالرسام وحده القادر على التقاط التفاصيل الصغيره والرسوم الأصغر ...بسرعه مدهشه.... إنها هي لكأنه يريد أن يصرخ (( أنا هنا )).. ليخرجها من حاله التصوف في العزف..ويفوز ربما بنظره ..
انكمش قلبه فجاءة من الخوف..عندما أحس بتلك اليد القاسيه تهزه من الخلف..كان ضخماً جداً ذلك العازف ..نبه كنان أنه يسد المدخل الوحيد للقاعه .. اعتذر كنان بخجل..لكن خجله لم يمنعه من الابتسام مستغرباً (( أي الحانٍ قد تصدر من اصابع هذا العازف الضخم..؟؟))
افسح كنان المجال للعازف للمرور..ليكتشف فجاءة بأن جميع الموجودين في القاعه ينظرون إليه..متسائلين ربما..(( من هذا الغبي الذي يسدُ المدخل..ويبتسم بسذاجه اثناء مراقبه ( بيلسان ) وهي تعزف..))
ثواني كانت أطول من الثواني..اعادته إلى كتابٍ كان قد قرآه يوماً يصف أول سبع ثواني من عمر الكون بأربعهِ الاف صفحه.. فكم من الاقلام والأوراق سيحتاج كنان للتعبير عن بركان المشاعر في قلبه..عن تلك تلك الاحاسيس والانفعالات...والزلازل..
اختصر كنان مسافه المترين بينهما بنظره..ليكتشف أنها هي أيضاً انتبهت لوجوده..رغم استمرارها بالعزف..
تمنى لو نظر إلى عينيها أكثر..لاكن شعوره بالاحراج والخجل ارغمه على ابعاد عينيه مع علمه المسبق بأن كل العيون في القاعه تنظر إليه..
توقف عند اعلانٍ وضع يجانبه على الجدار..يعلن فيه (( بيت العود )) عن عقد دورات للمبتدئين بعد اسبوعين فقط من الآن..........))
نظر إلى بيلسان من جديد..واقترب منها..خطوه ونصف.. قبل أن يقول وهو يتأمل عيون حوريه تنظر إليه بتعجب.. (( هل وصلتُ متأخراً ؟؟؟ ))
يتبع...
مواقع النشر (المفضلة)