آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

تحميل برنامج الغاء تثبيت البرامج من الكمبيوتر Should I Remove It » آخر مشاركة: اردني وافتخر دردشة وتعليله وسواليف.. » آخر مشاركة: عاشق الحصن بريد الاعضاء » آخر مشاركة: محمد العزام اهلا بكم ..رمضان كريم » آخر مشاركة: حسان القضاة شو عم تسمع هلا » آخر مشاركة: حسان القضاة ما هو سبب تواجدك في المنتدى والى اي حدّ يستمر او ينتهي إنتسابك له ؟ » آخر مشاركة: قلعتي أبدية مرحبا » آخر مشاركة: محمد العزام " أميــــرةُ قـوسِ النَّصـــــر" » آخر مشاركة: قلعتي أبدية ~ إبريـــــــــــــــــل ~ » آخر مشاركة: حسان القضاة اسئلة مهمة بالفوتوشوب في المطابع 2019 » آخر مشاركة: المصمم يزن جبريل صاحب المركز الاول فى مجال تنزيل الملفات كامل مدي الحياة IDM 6.32 » آخر مشاركة: siiin همسات وأشوق » آخر مشاركة: حسان القضاة ""أيلـول""... » آخر مشاركة: قلعتي أبدية تبليغ عن رسالة زائر بواسطة راشد مرشد » آخر مشاركة: أميرة قوس النصر اشتقنالكم » آخر مشاركة: Mahmoud Zaben تُراهات ما قبل النوم ... » آخر مشاركة: قلعتي أبدية شو مزاجك اليوم... » آخر مشاركة: قلعتي أبدية قبول بلاغ عطل ثلاجات كلفينيتور 01092279973 & 0235700997 وكيل كلفينيتور (م .الجديدة) » آخر مشاركة: الوكيل1 قبول بلاغ عطل ثلاجات هوفر 01154008110 & 0235699066 وكيل هوفر (م.6اكتوبر) » آخر مشاركة: الوكيل1 قبول بلاغ عطل ثلاجات جنرال اليكتريك 01207619993 & 0235700997 وكيل جنرال اليكتريك (الز » آخر مشاركة: الوكيل1
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 18

الموضوع: رواية "عودة الزيتون"

  1. #1
    عضو جديد الصورة الرمزية بنت القمر
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    المشاركات
    23

    افتراضي رواية "عودة الزيتون"

    ها قد مر يومان...وتبقت دقيقتان... ليبدأ القطار عندها بالتحرك وتبتدأ معها رحلة العالم ضمن دورة حاكها الزمن عبر السنين لتبدأ الأشياء بالتحرك ضمن دروب مرسومة في عوالم هناك وضمن أسطورة سنابل السماء كما أرادها صديقي أن تكون....

    ضمن دروب عالمي انطلقت عربات الغجر وخيول البدو.تصاعدت النجوم لتحلق في مدارات القمر.تثاءبت الأتربة ضمن السهول وأنشدت حبات الماء لحن الخلود على مسامع أرواح نائمة ضمن عالم المجهول........

    ضمن دروب عالمي كان لشذا الأزهار أصوات و كان لألوانها كلمات.في تلك الدروب ما الخيالات إلا حقائق وما الوقائع إلا خيالات....

    هناك قد نسير متحدين...منفصلين في آن معا.قد تغرب الشمس تارة ثم تعود للشروق قد تسمع الموسيقى تنطق والكلام يصمت قد يبدأ الصدى بالكلام ليرسم قصة ليروي لوحة ضمن عوالم النجاة....

    كل يوم كنت احلق وحيدة أسافر على متن ذلك القطار لأدور ضمن صفحات تلك العوالم لترتسم تلك الدروب في مخيلتي لتمنحني أملا تارة وحزنا تارة وخليطا من التناقضات تارة أخرى

    تلك التناقضات التي لا تسرق منك لحظة وإنما تمنحك لحظة.... لتنظر إلى جداول الماء...لتنظر إلى نسمات الهواء...لتنظر إلى شروق الشمس والى القمر في وسط السماء....

    تمنحك لحظة لتزور طفلا صغيرا يتشبث في رحم أمه وآخر خرج إلى الحياة....لترسم صورة عائلة ما عادت عائلة فباتت لوحة ضمن مدارات الزمن وأخرى تزرع الأمن والحنان.....لتثير قضية ضمن مدارات أفكارك علك تمنحها نفحة حنان....إيمان.... اعتقاد....انك لا بد غائب وأنها لا بد حاضرة ضمن عوالم الواقع وان كانت للحظة ضمن ثنايا اوراق....

    كنت أنانية ارغب بالاحتفاظ بتلك العوالم دون أن يكون معي مرافق فالتقيته بينما قطاري يسير فعلمني معنى أن تكون مع الناس أن يكون عالمك منسوج ضمن عوالم الواقع بفارق انه بلا حدود..........

    بلا حدود لا يصنعها تمرد أو أنانية وإنما يصنعها إنسانية...حب...مشاركة....إرادة قوية عندها تعلمت معنى أن تكون حالما متفائلا مسئولا عن عوالم هناك.......

    فأردنا أن نشارككم عوالمنا صديقي و أنا....تلك العوالم التي بدايتها ثنايا اوراق ونهايتها أفكار وخيالات وعوالم بلا حدود....

    فأردنا أن نشارككم ثورات قلمينا ورغبنا بطرح روايتنا عودة الزيتون...

    عودة الزيتون...رواية سيخطها قلم وثورات شاعرنا المميز حسان القضاة... وقلمي ... قلم بنت القمر... ستتعاون اقلامنا.. افكارنا.. احاسيسنا.. لنبني رواية .. حلم وقصة.. لنبني.. عودة الزيتون.. لتكون ولادتها على صفحات موقعنا...

    وكلنا امل أن تكون أفكارنا هي الأنوار التي ستنير عوالمنا وواقعنا لنكون من نريد والوطن الذي نريد......فهل سنرى الأنوار تنبت والأفكار تتعالى علنا نرسم واقعنا كما نرغب أن يكون؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!

    استمتعنا بمروركم...ونشكركم من الأعماق على تواصلكم الكريم....ويشرفنا حضوركم وسط حروفنا البسيطة.....

    أتعلمون كل ما يزيد من روعة الكلمات زائريها......ويسعدنا أن تقدمنا وعرضنا لكم موضوعا مختلفا موضوعا بسيطا بمعاني كبيرة مفيدة لكل من أحب...لكنه حب من نوع خاص هو عشق الاحرف والكلمات أردنا منكم زيارة روايتنا... وثورات قلمينا.. اردنا منكم متابعتنا في حكايتنا... عودة الزيتون...سنعمل انا بنت القمر وكاتبنا المميز حسان القضاة.. على اضافة مشاهد يومية من رواية عودة الزيتون...وهي رواية سيخطها قلم المميز دائما حسان القضاة وقلم بنت القمر ...مشهد سيخطه قلمه المبدع.. ومشهد يتلوه يخطه قلمي... لنبني رواية بقلمينا...قلم بنت القمر... وحسان القضاة...

    نبحث عن زياراتكم وكلماتكم و متابعتكم لحكايتنا... روايتنا... اناشيدنا.. ثوراتنا.. احساسنا.... غضبنا... صدقنا... احلامنا... امالنا... افكارنا.. عوالمنا التي بلا حدود.... عل الأنوار تنطلق من على صفحات روايتنا.................

    عودة الزيتون.....

    فتقبلوا تحياتنا................حسان القضاة...وبنت القمر....
    التعديل الأخير تم بواسطة بنت القمر ; 10-04-2007 الساعة 11:54 PM
    لا يكون الحب قرارا ابدا .
    انه ذلك الشيء الذي يختار اثنين بكل دقة ويشعل بينهما فتيل المواجهة ويتركهما في فوضى المشاعر دون دليل.
    انه يريدهما بذلك ان يتعلما اول دروس الحب كيف يحتاج كل منهما الى الاخر.

  2. #2
    المدير العام
    رئيس مجلس الادارة
    الصورة الرمزية حسان القضاة
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    العمر
    40
    المشاركات
    3,262

    افتراضي

    رواية (( عودة الزيتون ))/الفصل الأول
    الجزء الأول

    أمام فوضى الأسئله والمشاعر الغامضه التي تتسلل إليه عند كل (( جبهة )) مواجهه مع ذكرى....قد يندم..

    أمام لعنه مباركه عنوانها (( عينيها )) قد يتلاشى التصميم ..والشعور بضعفٍ غير مبرر أعراض المرض (( عندها ))

    أمام احلامٍ كبيره... كانت أجمل ما يملك يوماً .. قد لا يقوى على الاستمرار ..إذا كان اللحن الوحيد القادر على سماعه.. صوتُ تحطمها على جدران الواقع

    يحاول أن يرتدي الشموخ معطفاً..ومن فائض الكبرياء في عينيه إشعال شمعه .. لا لتنير الطريق فحسب.. بل ليبحث أيضاً عن بذره الأمل في ذاته..لكن الرائحه المنتشره مع الخيط الأبيض المتسلل من لفافه التبغ في يده كانت تقول غير ذلك..

    أمام عدم قدرته على استيعاب المنطق..قد يفضل الجنون
    و أمام كل هذا الضعف... قد يستسهل الرضوخ...

    (( لا تندم على قرارٍ اتخذته بعد تفكيرٍ طويل.. )) يسترجع هذه السطور ويقرر أن يجعلها منهج حياه ..

    مكابره تأخذ طابع الكبرياء والكرامه.. مزيجٌ من التناقضات الغير منتهيه..يجلس على حافه السرير وبقايا ابتسامه غير مفهومه هي كل ما يملك.. ودموعٌ يرفض أن يفتح لها الأبواب.. وشوقٌ إلى احتضان امه.. والنحيب على صدرها .. والبوح لها بكل ما حصل...يحاول أن يستوعب.. لكن المعطيات الجديدة آخر ما يتوقع..

    كل هذا حدث في اسبوع.. من القمه إلى القاع.. والقاع موحشٌ جداً ..وباردٌ جداً..يحاول أن يجد الدفء في وردة ذابله تربعت على عرش المكتب أمامه .. امسكها بشغفٍ .. وتردد.. ارتعشت اصابعه مثل عصفورٍ اصابه المطر .. راح والصمت الذي لا يفسر يسكن عيونه يحاول البحث عن بقايا عطرٍ لسيده يوماً ما اهدته هذه الورده..

    لماذا عند كل نهايه يصبح لدينا رغبه بالتوحد مع الذكريات.. والعطور؟؟؟

    تنتابه اعراض حزنٍ مباغت فوق العاده.. يتسمر واقفاً مثل النخيل.. تمتد جذوره بين قبور الذكريات للوصول إلى الحقيقه.. والعطش حتماً معالم قصته الجديده.. وحياته الجديده..العطش إلى الحقيقه.. والسؤال الذي يفرض نفسه كل لحظه..إلى أي درجه كان ساذجاً..؟؟

    وبينما كان منشغلاً بصمته عن الدنيا.. وبرحله جذور النخيل في ذاته إلى اعماق الذاكره ..

    يتبع...
    التعديل الأخير تم بواسطة حسان القضاة ; 11-23-2008 الساعة 02:42 AM

  3. #3
    عضو جديد الصورة الرمزية بنت القمر
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    المشاركات
    23

    افتراضي عودة الزيتون....ج2

    وبينما كان منشغلاً بصمته عن الدنيا.. وبرحله جذور النخيل في ذاته إلى اعماق الذاكره ..وقعت عيناه على اركان مكتبه الصغير.. وتلك الوردة المبتسمة بفرح على سطح المكتب.. لكن هذه المرة ما اثار دهشته.. قصاصة ورق بجانب ابريق الماء.. وخلف رواية دمعة وابتسامة لجبران خليل جبران..

    اقترب بذلك الصمت المعهود.. تملأه اركان ثورة جديدة في عالم الذكريات ..
    وسار مقتربا من مدينته الادبية فوق رقعة مكتبه....بضع من امتار تفصل بين سريره البني الداكن ذو الجدران الاربعة وصاحب اصوات الضجيج المستمرة .. وكأنه كان يتأوه كلما جلس الى اركانه .. فقد مل جلوسه الدائم اليه.. وامتلائه بمدن الحزن والبكاء..

    الا ان تلك الثورات وانماط الضوضاء الشهية لم تفلح في ايقاظ النائم في اركانه....وكأن تفاصيل السبات باتت جزءا من حكايته اليومية.. تابع المسير بخطواته المتثاقلة.. والدهشة تملأ اركانه.. تلك القصاصة التي رآها.. اتكون قصاصته التي اضاعها قبل سنين...

    وصل الى اركان مدينته...وتلك الوردة المبتسمة بتثاقل فوق احزانه...لا ليلتفت الى عطر نسائي اراد ان يعثر على ذكرياته.. وانما لتقع عينيه على رواية ...مدينة الملائكة...

    تلك الرواية... نعم اذكرها جيدا.. كم من مرة صحبتني في رحلة الى اركان مدن العشق.. وكم من مرة رسمت لي اركان ثورة الحب الاولى...

    فبنيت تفاصيل قصتي وبيلسان.. من على اسطح الكناريات القديمة.. ومدن الملائكة.. وروايات الاساطير الشكسبيرية...مسكينة انتي يا بيلسان.. ما عرفتي طعم الحب الذي رسمته.. وما تذوقتي نشوة العشق بعد الغياب.. كل ما اردتي قليل من الكلمات الزائفة..فما علمتي ان مدن العشق لن تكون الا على صدري....

    وعادت تلك الروائح المنسية ترتعد بحرارة شوق امام اجفان كنان....والاف من ثورات اقلامه المنسية .. عادت من جديد...ترقص بانصات...امام لحنه المسائي...

    اقترب وعيناه تدور في صمت في محاجرها... حينا ترتعد خوفا من الاقبال على تلك القصاصة.. وحينا تتحرك شوقا لتحصل على تلك القصاصة...فتلك القصاصة.. تحمل ما ضيعه كنان قبل سنين....
    وبينما يده تسير في رحلتها الى تلك القصاصة.. استوقفت عينيه... صورة اخرى...للوحة كان قد رسمها.. ومنحها من روحه ذكرى...لوحة كل لون من معالمها.. هو حكاية وذكرى... لكم اتقنت صياغة التفاصيل.. ولكم اجدت بناء المضامين.. لكنني لم اعهد نفسي تائها في عالم لا يعترف بالتفاصيل الصغيرة.. وعاد ليقبلني..

    لا اريد.. لم اعد اريد.. الانضمام الى قافلة المهمشين .. اريد ان احمل التفاصيل الصغيرة.. وعلبة الواني.. واتوجه لارسم ثنايا روحي في صفحة بيضاء صغيرة...
    سامحيني ايتها المدن الملوثة بالضياع.. لن اكون عابرا على سكك القطارات.. وانما ساكون تفاصيل من اللوان الصامتة...

    على تلك الصفحة البيضاء.. كان قد رسم... شيخا بعباءة سوداء.. وملامح بطولية صامتة.. كان لتشققات الارض ولجداول المياه من وجهه نصيب.. وتلك الكوفية المتألقة فوق راسه... كانت رايات النصر الكبير... على اركان وجهه السمراء... اوجدت الدموع دروب.. وذرات التراب البنية التي عشقها... كانت جزءا من ابتسامته السمراء..

    تلك الابتسامة التي ما عرفوا يوما.. اي حزن خلفها يقبع.. واي تحد من على اركانها يولد... مشهد ذلك الرجل... وعبائته السوداء.. والارض التي ارتسمت على رقعة وجهه.. كانت بالنسبة لكنان .. رواية.. كلما نظر الى اركانها.. منحته طريقا جديدا للابداع... هكذا كان يقضي كنان يومه.. مستلقيا على سرير من الذكريات.. ومتاملا لوحة من جداريات الزمن...

    اما الصورة الاخرى...فقد تعلقت على جداره الاخر... وكل ما كان يمسك زواياها....بقايا من خيط ابيض.. كان قد وجده معلقا على نهاية ثوب والدته... فاستطاع التقاطه واضافه لجدارية كانت تقترب من السقوط... اواه .. اواه.. حتى خيط تعلق بفستان ثوبك يا امي.. كان يكفي لاقامة مدينة آيلة للسقوط.. وكان جديرا بحمل زوايا لوحة.. اتقنت فن السقوط....

    لن انظر اليكي الان يا صديقتي.. وساعود حاملا لكي ذكرى.. لكن دعيني اكمل رحلتي الى تلك القصاصة.. فلم اعد اطيق الانتظار....

    في تلك المدينة الادبية.. كانت جزر من الثقافة المختلفة.. ومحيطات من العلوم.. وسماوات من الادب.. في زاوية.. ارتسم جبران خليل جبران بما يحمل من جماليات.. والى جانبه استقر بدر شاكر السياب... واحلام مستغانمي... كل منهم حمل الى كنان فكرة.. وكل منهم كان جزءا من نص يومي.. اعتاد كنان ان يخيط تفاصيله.. على انغام فيروز.. ومارسيل خليفة وام كلثوم.. وظلال بيضاء من سيجارته البنية...

    كل هؤلاء.. وكثير من ذكريات.. راحت تتراقص بفرح امامه..ما استطاعت ان تثني يديه عن المسير.. ومحطات استوقفته لبرهة.. لكنها ما نجحت في حمله الى التفاصيل... اي قصاصة تلك التي استطاعت ان تسلب كنان من مزاجه اليومي.. ومن ذاكرته الممتلئة بالاحداث....

    وتابعت يده رحلتها.. تحلق فوق مدنه المتناثرة.. وتضفي على الوانها الباهتة.. املا ان كنان سيعود من هنا من جديد.. حاملا ذكراه.. فها هو قد وجد اخيرا تلك القصاصة الضائعة منذ سنين....

    وصل....طبول بدات تضرب انغامها في صدره... قطرات ماء تصببت في شوق من على جبينه... لكم اشتاقت الامطار الى ارض جبينه.. ولكم ارادت ان تعود من جديد.. تتناثر على قصاصاته ولوحاته... وهاي هي تولد.. لتعلن عن بدء رحلة من الانتصار...

    وصل.. وهاي هي يده السمراء الخفيفة... تمسك بزمام معركة العبور... انها قصاصتي الضائعة.. نعم انها هي... كلمات ما نطقها كنان علانية.. خوفا من لوم.. فقبل سنين كان قد اعلن كنان وفاته.. وتم نشر التعازي في الجرائد اليومية.. فبكت عليه اركانه.. وبكت عليه السما في عيني والدته... و السبب ضياع قصاصة ورق... ابتسامة ارتسمت على اركان وجهه السمراء... متيمة بالخوف من الفراق... وعاشقة للقاء... اما عينيه البنيتين.. تلك التي ارتسمت الارض في اركانهما.....فقد قادتا لحن اوركسترا الولادة اليومية...

    وصل وها هي يده تلتقف ما امامها من قصاصات.. اتلقيها جانبا.. وتمسك دون اي متاهات.. قصاصة الوجود الاخيرة...

    نعم انها الفرصة الاخيرة.. اما ان تعلن الولادة من جديد. واما ان يكون ذلك الخبر الذي ارتسم على صفحات الجرائد الصفراء الباهتة.. حقيقة....

    حمل اركان القصاصة في يديه... حاملا اياها.. الى محيط شفتيه... ليمنحها نسيم البحر اليومي...اطلقت شفتاه تلك الريح الخفيفة... واصوات من الانتصار... لتنفض الافا من بقايا غبار..

    كان قد استقر فوق قصاصته الاخيرة....غبار كان اعتاد ان يمحو اركانه بحرية عن قطع الخشب الكبيرة.. غبار كان يتقن صياغته من قطع الفخار القديمة... وغبار كان ينسج بقاياه على اوراق دفاتره اليومية...غبار نسي كنان ان يزيله.. فتراكم بحزن فوق اركان قصاصته الضائعة....

    لن انساك من جديد.. ولن اتركك ترسمين تفاصيل الحكاية.. كلمات ارتسمت على محيط شفتيه البنيتين...ونسائم الهواء تنطلق من على تراكيبها الخجلة... لتمحو ما علق في قصاصته من غبار النسيان....

    اكوام من غبار صامتة.. ارتحلت من على جدران الصمت الابدية.. لتشارك العالم.. رحلة التوجه الى النهايات... وملامح لقصاصة اختفت.. عادت للظهور...عادت لترسم على جدران الذكريات حكايات الوجود...

    اقترب منها.... والصمت يملأ المكان... نظر اليها... لتتسع عيناه....اتكون قصاصتي التي فقدتها.. ام انها بقايا من اوهام....

    اشاح نظره مبتعدا عنها قليلا.. فما عاد يملك قدرة الاصغاء.. الا انه ما لبث مجددا ان عاد... لتستقر في انماط عينيه تفاصيل القصاصة.... اتكون هي رحلة العودة من خلف اوراق الجرائد الصفراء الباهتة؟ ربما....

    يتبع.....
    لا يكون الحب قرارا ابدا .
    انه ذلك الشيء الذي يختار اثنين بكل دقة ويشعل بينهما فتيل المواجهة ويتركهما في فوضى المشاعر دون دليل.
    انه يريدهما بذلك ان يتعلما اول دروس الحب كيف يحتاج كل منهما الى الاخر.

  4. #4
    المدير العام
    رئيس مجلس الادارة
    الصورة الرمزية حسان القضاة
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    العمر
    40
    المشاركات
    3,262

    افتراضي رد: رواية "عودة الزيتون"

    رواية عودة الزيتون ( الجزء الثالث )

    قطيعٌ من الخيول البربه يركضُ في قلبه في عمر لحظه..

    وصوت المطر على زجاج النافذه يُغري بالبكاء ويُغري أكثر بتذكر اليد التي كتبت القصاصه على عجل بقلمٍ اسود..لماذا الاسود ؟؟؟

    تراها اختارت الاسود قصداً ؟؟ أم كانت حركه عفويه امام وقع الصدمه ..فاختارت الاسود عن مكتبه دون قصد …

    كان منشغلاً عن ما تكتب بصوت تحطم ناطحات السحاب في قلبه ..مُعلقاً عينيهِ على ذلك السوار في معصمها..وهي تكتب.. ما اجملها..واجمله..كان وحده
    يملك تفاصيل البدايه ومعالم النهايه..آهٍ عليه..تراهُ في يدها الآن ..أم يسكن صندوقاً فاخراً من الخشب ..كرمزٍ باهت للوفاء..

    عندما يستيقظ الماضي..نتمنى على الاغلب لو انه لم يفعل ..فلن نستفيد منه غير الألم والحسره..والندم احياناً..

    صوت المطر .. والقصاصه..وذلك السوار..ثلاثه خيوط تدفعه (( لاستحضار الماضي )) بحماقه عاشق.. يستيقظ الماضي مساء يوم الرابع عشر من تشرين الثاني من العام تسعه وتسعين وتسع مائه والف ..كان المطرُ يحتضن اربد بشيء من الفرح الغامض…((( كان الخيرُ يتساقط على سهول اربد بغزاره لم نعهدها منذ مده.. وربما لامتزاجي باربد وعشقي الكبير لها الدور الاكبر في تساقطه على تضاريس قلبي أيضاً..في ذلك المساء..

    كان الناس يتراكضون للاحتماء من المطر .. وحدي كُنت اسير غير مبالي بالبرد …احاول معانقه كل حبه قبل أن تصل إلى الارض..مستمتعاً بصوت (( المزاريب )) وبمنظر المياه التي لا تجد لها مصرفاً كالعاده في اربد.. ومشحوناً بطاقه عجيبه سببها المطر..وشبح اسود يسير بثقهٍ امامي لم استطع أن المح ولو وهماً ملامحه.. متعطراً بعطر الوطن المقدس وعطر الفلاحين المفضل… رائحه التراب بعد المطر..

    لم يكن من المتوقع في اربد أن تشاهد فتاه تحمل (( كمان )) في تلك الساعه المتأخره من الليل وتسيرُ وحدها تحت المطر ..شدني معطفكِ الاسود .. احسستهُ ممتزجاً بالأرض ..ويشربُ ايضاً معها المطر ..مسافه لا تزيد عن عشره امتار احاول تقليصها كل لحظه..لكن الاقتراب منكِ فقط كان فيه شحنه غير متوقعه من التوتر في اعماقي.. فاكتفيتُ بالمحافظه على العشره امتار دون رغبه بتقليصها.. عندما هاجمتكِ موجه من المياه الجاريه على طرف الشارع بعد مرور سياره سوداء – لماذا سوداء - على عجل ، اختل توازنك فجاءة .. وسقطت زنبقتي السوداء على الرصيف ..تمنيتُ لو ساعدتك لحظتها – ثم نهضت زنبقتي على عجل ..تتفقد الكمان برقهٍ فوق العاده .. احسستًُ بطيبتكِ
    وحنانكِ الكبير لأول مره ..وعاد معطفكِ الاسود ليمتزج بالارض اثناء المسير …

    ما كنتُ أعلم أن مجرد امساك ذلك السوار الذي سقط منكِ دون أن تعلمي على الارض كفيلٌ بأن اجلس أنا مكانه على رصيف عمري بانتظار معجزه …
    ربما تلك هي ضريبه الحب التي سيدفعها الجميع حتماً لاكن المسأله مسأله وقت فقط حتى ندفع الثمن ..

    امسكتُ السوار الفضي بحجر الفيروز الوحيد في منتصفه لاكتشف بأنه قطعه فنيه بحد ذاته.. أخذ شيئاً من القداسه فوراً.. ورحتُ اتسأل إذا كان من كنوز كسرى .. ففيهِ شيءٌ عتيق جميل …..امسكتهُ بفائض حنانٍ مثلكِ ، لم ارغب بأن يشعر بالوحده في يدي. أو ربما لاني علمتُ مسبقاً نزعتكِ إلى معامله الاشياء بلطفٍ مبالغ فيه احياناً..

    وما أن بحثتُ عنكِ امامي إلا شاهدت ذلك (( التكسي )) الواقف على يمين الشارع يقتلُ احلامي ..كرهتُ الاصفر من يومها ..حتى قبل أن تنطلق السياره غير منتبهه لحجم الخيبه في عيني …

    حاملاً أكثر من شعور .. اكثر من فرح .. والكثير من الخيبات .. عدتُ إلى منزلي ذلك اليوم ..في يدي شيءٌ
    مقدس لأنثى غامضه .. احسستُ بها قريبه إلى نفسي..
    - بل كانت الاقرب – وبرغم أني اجهل ملامح زنبقتي إلا أني اعلم عنها ما يكفي (( مجنوناً مثلي )) للبحثِ عنها في مدينه مثل اربد…)))

    في اربد – حتى ذلك الوقت – لم يكن العزف منتشراً بين الشباب ..ومن النادر جداً ان نلتقي بمن يستطيعُ العزف على آلهٍ موسيقيه .. فكيف بمن يمتلكها خصوصاً أن امتلاك آلهٍ موسيقيه يأخذ شكلاً من اشكال الترف – الغير محبب – في بعض المناطق….

    في اربد ما لا يزيد عن الخمسه مراكز متخصصه بتعليم العزف وهناك ايضاً يلتقي اغلب اهل هذا – الكار - ليمارسوا طقوسهم الجميله في العزف ..فهل يا تراها
    تتردد على تلك على تلك المراكز ؟؟
    كان يحاول اقناع نفسه بذلك خصوصاً أن الطريق الذي كانت تسلكهُ ليس ببعيد عن – شارع الجامعه – حيثُ توجد كل هذه المراكز .. وهل لديه هو اصلاً القدره على اقتحام هذه المراكز بسوارٍ فقط..دون سببٍ مقنع؟؟ عن من سيبحث.. وكيف سيسأل ..اسئله لم تُثني كنان عن القيام
    بما يريده كالعاده...

    يتبع..

  5. #5
    عضو جديد الصورة الرمزية بنت القمر
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    المشاركات
    23

    افتراضي رد: رواية "عودة الزيتون"

    الجزء الرابع
    اسئله لم تُثني كنان عن القيام بما يريده كالعاده...
    فكم من ثورة قادها كنان تحت مسمى الجنون وكم من قصيدة اعتاد ان يتلو اركانها على تفاصيل الليل المسجون في بقايا حبر على قصاصة. تلك القصاصة بحبرها الاسود المتكئ بحزن على جدران الورق الابيض. اعادت كنان الى ذلك الجنون الذي علمه كيف يكون عشق الحكايات الكبرى. وذلك المشهد الذي اوجد اركان مدن العشق الاخيرة في قلب مجنون حبات المطر.

    ...وعاد كنان الى اركان مدينتة الاولى. الى جدران الغرفة المنسية باعقاب التاريخ وقصائد بدر شاكر السياب وروائح الورق.... وذلك الكمان في الجانب الايمن من الغرفة. كم كان صديقا لكنان وكم احبه .... فكان لقائه بذات المعطف الاسود قصة احياء العشق في تشققات الكمان.
    عاد كنان في يديه سوار فضي .. وفي قلبه صورة زنبقته السوداء.. وفي اركان جسده الحان الكمان المهجور.

    وعلى الرغم من كرهه للون الاصفر. الاانه لم يملك سبيل سوى ان يوقف "تكسي موشحا بالاصفر" كان عابرا قارعة الطريق .. فالحان السمفونيات وشوقه لاوتار الكمان ... وذلك السوار الفضي خلق في يدي كنان.. سمفونية ... منحها لقب ... الزنبقة السوداء...

    عاد كنان مسرعا الى اركان مدينته المجهولة.. ودونما اي استئذان... دخل الى المكان... عاد الى غرفته دون ان يلقي تحية او سلام على اوراقه البيضاء.. فثورة باسم الزنبقة السوداء تعلن عن ولادة...
    عاد كنان الى كمانه الصغير .. اتكأ عليه بشوق.. لتغفو يديه على اوتار القصيد.. وتلك التشققات البنية التي اضفتها الشمس على الحان الصندوق الخشبية كانت كفيلة بخلق المزيد من حالات العشق...

    توقيع باسم الحب.. واخر باسم الحزن.. واخر باسم الارض.. واخر.. واخر.. وها هو اليوم سيضفي توقيعه الاخير.. الزنبقة السوداء...
    اتكأ كنان باحلامه الباردة... وكثير من ذكرى سوار فضي... وانغام فيروز ازرق.. استقر على الحان اوتار الكمان...
    ليلة... ما شارك النوم في احيائها.. وما علم سبيلا الى ايقافها.. مسكين انت ايها النوم.. فثورات الكمان اقوى... وسمفونيات العشق انقى... من تفاصيل القمر...فكانت معزوفته الاخيرة... ولحنه الاول في مدن العشق الكبرى...

    نعم اذكر.. تلك الليلة... فقد رسمت عليها الحان الكمان... على امل ان تساعدني.. في ثورة الجنون.. في ثورة البحث عن زنبقتي السوداء.. فعل لحني يكن لي شفيع.. وعل لحني يمنح قلبها الدافئ قصتي والكمان.. وفيروزها الازرق...
    واستمر كنان... في رسم لوحته.. وخط تفاصيل تلك اليللة على قصاصة ورق..استطاعت ان تكن جواز سفر لروحه المسافرة باسم الجنون.. نجحت ان تكون حكايته الكبرى.. تلك الحكاية التي ما اتقن الكون صياغة تفاصيلها.. وما علم كيف يكون عشق حبات المطر...
    تسمر كنان في لحظته... لتمتد الى الصباح....ما غادر كفيه دفء السوار.. وما غادرت اركانه تواقيع تشققات الكمان...الا عينيه... فقد نزل فوق اركانها شتاء النوم.. ونجح في اضفاء السكون على المكان...

    لياتي صباح الخامس عشر من تشرين الثاني..حاملا سنابل السماء... كان كنان مستلق بسكون على اركان سريره البني.. ونافذته... ما زالت ستائرها مرفوعة.. فما عشق كنان تلك الستائر التي تمنح المكان شعورا بالتوحد....لطالما احب كنان مشاركة الصباح لحظة الشروق.. ولطالما عشق الاستيقاظ على صوت الله اكبر في الحقول... وتلك الاشجار والزهور... تستيقظ معلنة التسابيح... تلك التي اتقن كنان فن الاستماع اليها.. فكانت اوراقه البيضاء ملأى بها.. وكانت اركان اوراقه المستلقية بحزن على مكتبه.. تحمل في نهايتها توقيع.. اني.. توكلت على الله...

    استيقظ كنان على صوت الله اكبر يملأ المكان.. بسنابل السماء.. فتلك الشمس التي اتقنت فن صياغة المكان.. اعتادت ان تزور اركان نافذته المشرعة.. لتداعب بسنابلها.. وجنات كنان...
    دخلت الشمس على عجل... اركان غرفته الباهتة.. لتمنحها ذلك الضوء الابيض.. وتضفي على رائحة المكان الرطبة.. مزيدا من اللذة اللامتناهية.. ما اجملها من رائحة... تعبق اركان المكان..
    دخلت على عجل... تداعب اجفن النوم في عينيه... وترسم ابتسامة بنور صباحي على اركان وجهه... ودونما ادراك.. وضع يديه فوق عينيه..فقد اطالت سنابل السماء المكوث فوق جفنيه... لتلملم الشمس اركانها وتغادر الغرفة على عجل.. فحبيبها الذي لطالما انتظرها... في يده سوار فضي... ودفئ يملأ اركانه...اتكون محبوبة اخرى... غيرها حلت على قلبه ...لملمت الشمس ثوبها... لتغادر الغرفة على عجل...

    ابتسم كنان... برفق... فتح عينيه... لا ليرى فنجان قهوته الصباحية... ولا ليلمح شبابيكه المشرعة... فحبيبته اليوم قد غفت بين كفيه... وزنبقته السوداء... اعلنت عن ولادتها على كمان.. وسوار...
    استيقظ ليمارس طقوسه الصباحية... اعتاد كنان ان يبادلها اطراف الحديث.. الا اليوم.. فبانتظاره رحلة من البحث ربما تكن طويلة... لكنها لا بد ستكن مثيرة...
    توجه على عجل... الى فنجان قهوته الدافئ.. ولونه البني المثير... ليرتشف منه ارتشافة مسرعة... ويمنح السكون في جوفه... ثورة جديدة...وحتى قهوته الصباحية.. تلك التي اعتادت ان تمنحه الدفأ .. ما نجحت اليوم في اضفائه على المكان.. فدفء سوار اعذب من دفء فنجان قهوة صباحية... اعذرني يا فنجاني.. فاليوم ساقابل زنبقتي السوداء... لاعيد الى كفيها السوار.. واتلو عليها تراتيل دفء الكنان...

    انهى كنان قهوته الصباحية... ارتدى ملابسه المستلقية على سريره... ولم يودع اليوم لوحاته ولا القصائد.. فالزنبقة السوداء تنادي على اركانه...
    خرج مسرعا من باب البيت.. دونما ان يلقي عليه تحية الوداع... خرج مرتديا ذلك القميص الاسود والبنطال الرمادي.. متوشحا بمعطفه الاسود... فقد كان البرد ما زال يلوح في المكان...

    خرج حاملا بيده سوار فضي... وباخرى قصاصة ورق... عليها تفاصيل لحن الكمان... وقف بسكون على رصيف الذكريات... متناسيا ضجيج المكان.. واصوات السيارات التي تملأ صباح اربد باركان الضجيج المحبب.. ذلك الذي يمنح الحياة لاركان الصباح.. وصور لتلاميذ المدارس.. يحملون حقائب ملائ بالكتب الروتينية .. تلك التي اعتادت ان تضع الطالب في حيز من الانتظار.. دونما ان تسمح له بمشاطرة الورقة افكار الابداع الطفولي اللامنتهية...
    وقف كنان بين جفنيه صورة ذات المعطف الاسود... بانتظار ذلك التاكسي الذي يكره...والضجيج المحبب ما زال يملأ ارجاء المكان... اوقف التاكسي ... وصعد.. القى على سائق السلام... واختصر الحوار بكلمة.. الى شارع الجامعة اذا سمحت...
    انطلق التاكسي.. يسير في الطريق.. يحاول ايجاد اختصارات.. كي يعود ويحصل على اجر جديد في خضم الازمة الصباحية التي تعبق اربد.. برائحة الحياة...
    وصل التاكسي...الى المكان... في رحلة لم تستغرق الخمس دقائق ...غريب ذلك الشعور.. حتى كنان التي اعتاد الشعور بالثواني .. لم يدرك الوقت.. واحس ان رحلة في ذلك الاصفر.. ما كانت طويلة...



    نزل كنان على عجل... اهدى سائق التاكسي سلام... وترجل من السيارة الصفراء.... ليجد نفسه في ذلك الشارع... كان فارغا على غير عادته.. الا من قليل من الطلاب السائرين بصمت الى مناهل العلم في جامعة اليرموك... وقليل من المقاهي الصباحية.. التي بدات باعداد فناجين القهوة.. والنسكافيه.. فهي صديقة الصباح ...
    فكرة اخرى خطرت على بال كنان.. اتكون طالبة في احضان الجامعة... ايدخل ليبحت عنها هناك.. ام يكتفي بالبحث في المراكز الموسيقية...
    اربد التي كانت في اعينهم صغيرة.. بدت كبيرة... ملائ بالضجيج... وذلك الشعور بانه سيجدها.. وان البحث لن يطول.. بات يتسربله الشك...
    ادرك كنان.. ان همته التي ابقته مستيقظا في ليلته..بدات تغفو... لينجح على عجل في اعادة احياءها.. ليمنحها امل.. انه سيجدها هنا في احضان اول مركز موسيقي سيطرق بابه...
    توجه بنظره الى تلك القارمات المعلقة.. على جدران المباني.. وكانها عناوين البيوت المنسية... فحجارة ارتسمت على تفاصيل الشارع... ما عادت تعرف الا بقصاصة ورق... معلقة على حائط المكان... نظر باسهاب وتمعن في تلك "القارمات" التي ما نجحت في لفت نظره يوما.. فقد كانت العناوين بالنسبة اليه تختصر بالوان حجارة المباني...
    في غمرة البحث.. وبينما التفاصيل الورقية ترسم في عينيه.. صورة من الترقب الحلو... استقرت انماط عينيه.. على لوحة... لمكان... بيت العود... للتعليم الموسيقي...
    ذلك الشعور الذي ارتسم في اركانه.. حالما لمح ذات المعطف الاسود.. عاد اليه... ورغبته في المحافظة على مسافة العشرة امتار... عادت اليه... وذلك السوار الذي كان دافئا... عاد ادفأ من الوقت المنتظر...
    ايبقى محافظا على مسافة العشرة امتار... ويمنح قلبه ذلك الدفء البارد.. ام يتجاوزها بشجاعة العاشق المجنون...اسئلة اخرى... عادت تزور كنان... الا انها لن تثنيه عما يريده كالعادة...
    سار كنان... حاملا في يديه.. ذلك السوار... برقة متناهية.. ونعومة.. ما اعتاد معاملة الاشياء بها.. الا ذاك السوار...ما اراد للوحدة ان تزوره.. وما اراد ان يفقده دفء الزنبقة السوداء...
    تلك الليالي الباردة.. بدعوى الشموع المقتولة.. ودعها كنان.... ففي قلبه... نام السوار.. وفي عينيه.. استقرت... ذات الرداء الاسود... ذلك الدفء الذي لطالما بحث عنه كنان... ها قد زار اركان قلبه المتعب... ليغفو في اركانه.. ويمنحه ذلك الدفء الذي لطالما عنه كان يبحث...
    ما اجمل الشعور بالدفء.. ومدن العشق.. وكثير من ثورات الوقت الصامتة...فبرد وحدة الليالي... غادر العاشق المجنون.. ليغفو في اركان قلبه... دفء عشق... ارض... حكاية... وقلب انسان...
    تذوقها.. نعم تذوق طعم الدفء الشهي... فاراد تجاوز مسافة العشرة امتار.. سار.. حاملا في يديه... نكهة الدفء... وفي تفاصيله...قلب عاشق مجنون... علم ان اربد..لن تقف حائلا في طريق ايجاد... دفء القلوب...
    بيت العود... كانت وجهته... ومدن العشق التي رسمها... بدات ترتسم في المكان... وصل.... وقف على مهل.. يرتقب... ينتظر... يتامل... مساحة الامكنة ما عادت تعنيه... والوان التفاصيل الصغيرة ما عادت ترويه.. ونكهة الشوق في عيون المسافرين ما عادت تكفيه... ليلمحها من بعيد... ذات الرداء الاسود... تجالس كرسيا.. بارجل اربع... تحتضن الكمان... وتغفو على تفاصيل الاوتار... وتهمس له... يا حبيبي...ساسافر في تفاصيلك... وساخط على اركانك تواقيع...
    ذات الرداء الاسود... تجلس هنا... الا ان مسافة العشرة امتار.. ما زالت.. في تفاصيل المكان... وتلك الملامح التي اراد ان يرسمها.. ما زالت تختفي... ايتجاوز تلك الامتار.. ليخبرها... عن مدن عشق... لن تكون الا في قلبه... وانغام كمان.. رسمها على اركان صدره...ام يبقى محترقا بدفء السوار....
    يتبع......
    لا يكون الحب قرارا ابدا .
    انه ذلك الشيء الذي يختار اثنين بكل دقة ويشعل بينهما فتيل المواجهة ويتركهما في فوضى المشاعر دون دليل.
    انه يريدهما بذلك ان يتعلما اول دروس الحب كيف يحتاج كل منهما الى الاخر.

  6. #6
    المدير العام
    رئيس مجلس الادارة
    الصورة الرمزية حسان القضاة
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    العمر
    40
    المشاركات
    3,262

    افتراضي رد: رواية "عودة الزيتون"

    الجزء الخامس
    منذ أول لحظه قدم له القدر اعتذاره عن كل ما سيحل به من كوارث نتيجه ذلك اللقاء.. اعتذار القدر كان بتسهيل مهمه كنان بصوره مكشوفه في العثور على الزنبقه السوداء…

    هي ايضاً منذ اللحظه الاولى اعطته اشاره تحذريه بعدم الاقتراب منها..لكنه فشل في التقاطها..كانت الاشاره تنساب مع انغام كمانها لحظه دخوله...انغام حزينه فوق العاده..تحتضن ملايين الخيبات العاطفيه..وتدعو كل من يسمعها إلى البكاء
    فيها دعوه سريه للدخول إلى مدن الحزن بسعاده..


    هو اللقاء إذن..

    وتلك صاحبه الرداء الاسود ..تجالس كرسياً..والناظر إليها لا يعرف من يحتضن الآخر هي أم الكمان.. ذلك الامتزاج الخارق والرابط السري بين عازفٍ محترف..وآلهٍ موسيقيه ..لحظه قد تمنح رسام اكثر من مشروعٍ لأكثر من لوحه..فكيف إذا كان من يعزف الزنبقه السوداء ..ومن يستمع رسام مجنون؟؟؟


    دائماً في الحب ..أمور بسيطه وأقل من عاديه ما أن يفعلها من نحب.. تأخذ طابع القداسه..نتعامل معها باندهاشٍ صادق لا يُفسر.. ونعطي لها اهميه المعجزات..والأمور الخارقه ..والغير متوقعه..
    فكيف إذا كان من نحب خارقاً بذاته.. ومدهشاً بدون تكلف..فهل يكفي أن ننتحر اندهاشاً للتعبير عن مشاعرنا..؟؟

    هو اللقاء إذن..

    ((ذلك القوس في يدها..هل يعزف على الأوتار عم على جسدي.. ))
    لكأنها ساحره طيبه تنثر العطايا والهدايا على جميع المندهشين حولها.. فذلك الاحساس الراقي الصادق الرفيع..كم منا يستطيع الوصول إليه..والاحتراق معه..لحظه تصوف .............

    غائصاً في تفاصيلها الصغيره كان كنان..فذلك الرداء الاسود بحزنه الغامض لم يكن دليلاً كافياً أنها هي من تجلس امامه ..الزنبقه السوداء......برغم أنه عندما اخترق حاجز العشره امتار وضع يده على الباب الخشبي لمدخل القاعه في (( بيت العود )) في محاوله غبيه لتطبيق قوانين فيزيائيه لتفريغ شحنه التوتر الكبير في جسده..

    يبن تلك الانامل الرقيقه ..كان الدليل القاطع..إنها هي ..مثل شيفره سريه كان خاتمها.. استطاع كنان أن يلتقطها بسرعه..ذلك الخاتم برغم حركته مع قوس الكمان إلا أن كنان استطاع الوصول إلى تفاصيله التي لم تكن غريبه عنه..كان يحمل نفس النقوش المرسومه على السوار.. ومما يؤكد ذلك أيضاً حجر الفيروز الصغير الجالس بخجل في منتصف الخاتم.. مما يفضح أن الخاتم والسوار جزء من طقمٍ واحد للزنبقه السوداء.. اكتشف ذلك مع فرحه سريه لكونه رسام... فالرسام وحده القادر على التقاط التفاصيل الصغيره والرسوم الأصغر ...بسرعه مدهشه.... إنها هي لكأنه يريد أن يصرخ (( أنا هنا )).. ليخرجها من حاله التصوف في العزف..ويفوز ربما بنظره ..


    انكمش قلبه فجاءة من الخوف..عندما أحس بتلك اليد القاسيه تهزه من الخلف..كان ضخماً جداً ذلك العازف ..نبه كنان أنه يسد المدخل الوحيد للقاعه .. اعتذر كنان بخجل..لكن خجله لم يمنعه من الابتسام مستغرباً (( أي الحانٍ قد تصدر من اصابع هذا العازف الضخم..؟؟))


    افسح كنان المجال للعازف للمرور..ليكتشف فجاءة بأن جميع الموجودين في القاعه ينظرون إليه..متسائلين ربما..(( من هذا الغبي الذي يسدُ المدخل..ويبتسم بسذاجه اثناء مراقبه ( بيلسان ) وهي تعزف..))

    ثواني كانت أطول من الثواني..اعادته إلى كتابٍ كان قد قرآه يوماً يصف أول سبع ثواني من عمر الكون بأربعهِ الاف صفحه.. فكم من الاقلام والأوراق سيحتاج كنان للتعبير عن بركان المشاعر في قلبه..عن تلك تلك الاحاسيس والانفعالات...والزلازل..

    اختصر كنان مسافه المترين بينهما بنظره..ليكتشف أنها هي أيضاً انتبهت لوجوده..رغم استمرارها بالعزف..

    تمنى لو نظر إلى عينيها أكثر..لاكن شعوره بالاحراج والخجل ارغمه على ابعاد عينيه مع علمه المسبق بأن كل العيون في القاعه تنظر إليه..

    توقف عند اعلانٍ وضع يجانبه على الجدار..يعلن فيه (( بيت العود )) عن عقد دورات للمبتدئين بعد اسبوعين فقط من الآن..........))

    نظر إلى بيلسان من جديد..واقترب منها..خطوه ونصف.. قبل أن يقول وهو يتأمل عيون حوريه تنظر إليه بتعجب.. (( هل وصلتُ متأخراً ؟؟؟ ))

    يتبع...

  7. #7
    عضو جديد الصورة الرمزية بنت القمر
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    المشاركات
    23

    افتراضي رد: رواية "عودة الزيتون"

    الجزء السادس
    التفتت اليه.. والحيرة تملأ اركان وجهها.. ونظرات التعجب تختلس مكانا في عينيها.... وصورتي.. طبعت في عينيها...
    لا اعلم.. اهي الوان الخريف البنية.. ام الوان الربيع.. اهي تفاصيل الحكايات الشرقية.. اهي الوان دمشق.. اهي بيروت ارتسمت على عجل.. امن انها بغداد .. بتفاصيل الموت الحلو.. اهو الاثير في الشواطئ.. اهي الثورات باسم الامواج.. اهي الوان البيوت العتيقة في حارات اربد.. اهي رسوم التاريخ في عيني بلقيس.. اهي قصائد الشعراء في ليلى.. ام انها.. فقط.. وفقط.. عيني البيلسان..

    لا اعلم ما الذي حصل.. لا اعلم ما الذي كان... لا اعلم اي كون احتوته في عيناها.. واي صدق عانق الوانها.... كم من الوان اضفتها على العيون.. وكم من تفصيل اجدته في الجفون.. الا انني لم المح الارض تقطن في عين السماء... كيف استطاعت ان تكون الارض والسماء معا.... وكيف استطاعت ان تكون الموت والحياة...

    في عينيها.. روايات سندريلا العرب.. وامير الظلام.. وفي عينيها.. دموع... وابتسام.. وفي عينيها.. ثورة المناضلين.. في صمت الاشياء... اي ريشة ستكون الوانها.. واي تحية ستكون انغامها.. وكيف لي ان اكون.. الا عنوانها.. ايا مدنا اختارت الولادة في سماء عينيها.. اتكون الاختصارات مجدية في وقت باتت فيه الحقائق هائمة.. اتكون الوان الموت.. احلى من تفاصيل الحياة...في عينيكي بيلسان... الاف من ابواق الحزن القائمة.. وتواقيع لعابرين.. ارادوا من مدن بكاء النساء.. ان تكون عنوانيهم الدائمة...

    ايها المارون اليوم وتواقيع الارض تملأكم.. وثورات مدن العابرين تخبركم.. ان حياة لن تكون.. الا من على عينيكي صغيرتي..
    احلام ولدت.. واحلام تموت.. وجداول ما ارادت الاستقرار في تفاصيل الارض.. فاختارت عيون الارض في البيلسان.. وتراتيل ليلية ما علمت كيف يكون المستقر.. وما ارادت البوح بسر الوجود...
    عندما تبدا الاشياء اعلان الموت.. وتختار الحياة.. كجريدة يومية لنشر الخبر.. اتكون احضان عينها درب رجوع.. وعودة المغادرين في الصفحات الصفراء الباهتة..

    وعندما تبكي الاشجار على اوراق.. اسقطها الخريف.. ويبوح الاسير بتفاصيل الحرية.. ويخبر عاشق الكون.. ان الحياة...في اسر عيني.. محبوبه... اتكون الوان عينيها لوحات العائدين من زمن الاغتراب.. الى قيثارة الحلم...

    في ذلك السكون الذي قطن عينيها.. ليضفي على لحظة باهتة من الترقب والانتظار.. جملة تسمرت على شفتي.. امام موت وحياة عينيها.... امام دروب العابرين على مهل.. كما خيالي الذي ارتسم في رحلة من الحزن النائم في عينيها...
    اي كمان ذاك الذي استطاع معانقة العشق.. واي كمان ذاك الذي استطاع احتضان الحزن.. اتكون بضع من اوتار قادرة على استقراء عينيها.. واكون انا عاجزا امام تناقضات ما كانت ولادتها الا في تفاصيل عينيها..

    تسمرت الوان صمتها في اركاني... لتشارك شفتاها في رحلة السكون... كنت ارتقب اللحظات.. لاسمع ما بخاطرها يجول.. ايكون لون الحياة في صوتها كما العيون.. ام ان الحزن هو العنوان لكثير من الامور... انتظرت... اترقب حركة لشفتاها.. عل الصوت ينطلق من كمان جسدها كما اوتار الكمان في يديها... في شفتيها.. تراكيب الحياة... وكم من غرائب الوقت.. وتصميمات الانتظار.. في شفتيها لون الغروب.. وابتسامتها.. كشمس ما ارادت مغادرة عشقها.. لكن القدر ارادها ان تعود... ما ارادت البكاء في لحظة ترقب.. فودعت محبوبها بابتسامة تملأ ثغر الشتاء...

    اي ابتسامة تلك التي ترسم الوان الفرح... في قلب عاشق.. وفي قلب مترقب لليل.. واي ابتسامة تلك التي ما ارادت الاستقرار الا في قلوب المحبين.. لترسمي اليوم الابتسامات.. وتعلني عن اغتيال قلبك...
    اتكونين الغروب الذي ابى توديع الارض ... فترك توقيعا... ان الشروق عائد.. وان النجوم... ستزور اليوم.. الوان الوجود...

    كم سرت وحيدا في الوان الغروب اعانقها على عجل... كم كنت هناك.. اسامر المسافرين في تفاصيل الليل.. يبوحون الى انغامه بالسر... ما علموا ان سر الليل كان.. في ابتسامة الغروب.. وروح اهدتها لعاشق مسافر في شفتيك...
    ارحميني يا اميرتي.. ما عدت اطيق الانتظار... هلمي اللي.. عانقيني ... برسم صوتك.. ارسميني.. بتفاصيل احرف ما علمت كيف تكون الولادة الا من على شفتيكي... وصمت اختار السكون والثورة في عينيكي... وبكاء.. ما كانت الوانه.. شموع.. انطفات.. وانما ثورات نساء.. اعلنت عن ثورة البقاء...

    "متاخرا... عن ماذا؟...يا سيدي الم تقرا الاعلان... فالدورة لم تفتح ابوابها بعد" ..

    نعم يا بيلسان.. الدورة لم تفتح ابوابها بعد.. فما رسمت اركان الممالك الا اليوم.. وما ولدت التواريخ الدمشقية الا اليوم.. من هنا.. من على اركان خريطة وجهك...
    ايا تاريخا.. خططت الارقام.. واردت مشاركة العالم.. احصاءات.. اما علمت ان التاريخ لم يكتب بعد.. وان الثورات ما ولدت بعد.. فانتفاضة الحجر.. وولادة الشجر.. اعلنت اليوم.. بتوقيع من صوت القمر.. بتوقيع.. من حكايا البيلسان....

    لا اعلم ما الذي حصل... وما الذي دفعني الى التسمر امام باب الغرفة كما الحجر... كل من كان في الغرفة... احاطني بعينيه... نعم كانت العيون تنادي علي.. تعزف على انغامي... مساحات من الترقب.. الا عينيكي يا بيلسان.. كانت تخط الاوراق.. وتعلن الحكايات... وترسم في يدي اللوحات... فكان صوتك القلم...
    كم من قلم رصاص القيته.. من يدي.. وضيعته بحجة .. ان الطريق ما عاد معي.. اليوم يا بيلسان.. اعدت الى معصمي القلم... اعدتي الي.. اركان لوحتي...
    سامحيني على جرأتي.. الا ان حكاية التاريخ.. ما كانت في يوم معي.. واليوم اكتشفت انها كانت نائمة في دفتري....
    في محاولة يائسة ... لاستقراء حكاية استقرت في عينيها... تقدمت كفارس اراد مخاطبة الظلم ... باي حق ايها الحزن اخترت عينيها... واردت ان تغفو في ثناياها... في محاولة بائسة حاولت ان استقرا الصمت في عينيها.. ايا لونا في عينيها... الهب الانتظار في اركان جسدي... واثار حفيظتي... لزيارة المقابر... في كثير من صمت العيون... اخبرني كيف تكون.. مدن البكاء.. في عيون النساء...



    كنت فارسا عليه ان يخوض اقسى انواع المعارك.. تلك المعارك التي لا يجدي فيها الانتصار.. فالنصر فيها كما الخسارة كلاهما مؤلم.. في معركة ترديك قتيلا على شاطئ الانتظار.. لتبني ... الاشياء على عجل.. وتعيد ترتيب الاماكن.. لتكون المعركة ذكرى.. او دموع.. وكلاهما من اقسى انواع العقوبات.. فكلاهما شوق وانتظار...

    في معركة تساوت فيها انغام النصر والخسارة... حاورتني عيناكي.. بخجل.. ان مدنا من بكاء النساء.. ستكون ثورة الموت.. على درب حياة الامل... وان حزنا استقر في انماط حقائب السفر.. ما كانت الا ذكرى من قضية ثورة.. اتقنها الحجر.. واختار من قلب بيلسان.. مستقرا.. وعالما من الالم...

    ايا حزنا قائم.. اما علمت انني قادم.. وانني احمل في قلبي.. اركان ثورة الحجر.. وان اشواق الانتظار لن تكون ... في قلب بيلسان للابد.. فانا ساكون عالمها.. ساكون لعينيها الابد.. ساوقف تفاصيل العشق.. واعلن عن تاريخ ولادة.. مدن العشق.. في قلبي انا...
    فلتمنحيني كسرة من قلبك الحزين.. ولامنحك كسرة من قلبي.. فكم من رموز الاقلام... ما اوجدت هداياها الا في اركان قلبك.. وكم من تفاصيل اللوحات باسم الانتظار.. ما اوجدت الوانها الا في عيني ثورات صمتك...

    كنت شاعرا.. بلا قلم.. فرحت ابحث عن قلمي في عينيها.. في لحظة.. من البحث ... احسست براحة.. توضعت على كتفي... "توجه الى هناك يا سيدي فهناك طلاب.. ينتظرون بداية الدرس"... كانت راحة مدير المركز... كم كرهتك.. كما كرهت اللون الاصفر... فقد سلبتني من لوحة.. ما زلت ارسمها.. في صمت الكمان في عيني البيلسان...
    التفت اليه..." سامحني يا سيدي"... وعدت بانماط نظري اليها.. "سامحيني.. يا انسة؟؟؟؟...."
    "بيلسان"... "اسمي بيلسان" ... انا مدربة الكمان في بيت العود... اذا اردت الانضمام الينا.. يمكنك الالتحاق بدروس الكمان.. التي سيعقدها المركز في بداية الاسبوع القادم"...

    بيلسان... واي رائحة تلك.. واي لون ذاك.. واي انغام ورود اختصرتها في ابتسامة توضأت على شفتيك.. لتكتسب انماط طهارة.. ما كانت للنساء.. ما كانت الا للبيلسان...
    "سامحيني يا انسة بيلسان... كنت ظننت اني تاخرت عن الدرس"... سامحيني.. ان سلبتك من مهرجان الكمان"....
    سامحيني سيدتي.. ان تجرات بالابحار .. ان سبرت اغوار الصمت في عينيكي.. لاكتشف سر الدفء في السوار...

    اه السوار... نعم... كنت قد نسيته.. كنت قد تركته وحيدا في جيبي... سامحني يا حبيبي... فقد احتضنني الدفء في عينيها.. ما عادت انماط الخيال في نقوشك تكفيني.. وما عدت اعشق التفاصيل الصغيرة للاشياء.. فها انا ابحر في شواطئ المجهول.. اخط النهار...

    زهرة من نرجس.. استقرت في شعرها.. وكانها البدر.. في ليلة.. حاكها السواد.. والف دعوة لنجمة.. لمشاركتها في حفلة الصفاء... ذلك الليل الذي اختار انماط الحياة في شعرها.. ملجـأ ... ونجوم ما ارادت المشاركة.. حياء... وبدر.. ارتسم بروائح النرجس.. يخالط الليل في شعر البيلسان...
    لكم جالست الليل في العيون.. ولكم شاركت التفاصيل معاني العبور.. اتذكرني ايها الليل.. على شبابيكي المشرعة.. بتاريخ الانتظار... اتذكرني .. اعاتب القمر.. وارسم قصيدا.. من عيون اختبئت.. من ضوء القمر...
    اتذكرني... متسمرا في انتظاري.. ما عاد سوادك ايها الليل يكفيني.. ففي شعرها.. يولد الليل.. وفي نرجسة عطرت شعرها.. يولد القمر...

    عدت من جديد.. ارتقب الليل في شعرها.. ليسلبني من لحظتي.. تهاوي زهرة النرجس من على شعرها الليلي... نعم لقد سقطت.. سقطت فرحا امام قدماي... لتخبر التاريخ.. الليلي... ان مدن الليل ستولد من على قلبي.. وستكون.. مدن العاشقين.. في ليل البيلسان.. اهازيج ليلية من على مدن ثوراتي...

    غادرت زهرة النرجس.. انماط الحياة في ليل شعرها.. لتستقر امام قدمي.... ودون ان ادري... تحركت.. يدي .. لتنقذ الزهرة... في جيبي البارد كان ما زال يستقر السوار.. لكن على ما يبدو ان الشوق لروائح النرجس.. حمله لمغادرة المكان على عجل.. في محاولة سريعة مني لالتقاط النرجس.. غادر السوار جيبي .. ليمنح صوت ارتطامه بالارض... انغام جديدة... من معزوفة الكمان...

    غادر السوار جيبي البارد... سقط امام عيني .. ليستقر الى جانب زهرة النرجس... صوت ارتطامه بالارض.. اصدر ضجيجا اغراها... للالتفات اليي من جديد.....
    نظرت الى كفي... فوجدت.. النرجس.. ولمحت اركان السوار... ابتسامة ارتسمت على شفتيها.. وابتسامة عادت تعانق بشوق الصمت في عينيها...

    نظرت اللي.. هذه المرة دون تكلف.. ودون عناء.. ارتسمت على انماط وجهها... اسئلة... تعانق بشوق.. اجابات ...تبحث عنها... اشحت بعيني بعيدا عنها.. في محاولة لعدم الرضوخ.. لمطالب عينيها.. فكيف لي ان امنحها.. عشيقي.. وكيف لي ان اهبها رفيقي..
    ااكون انانيا.. برغبة اجتاحتني للاحتفاظ بالسوار..... ربما لكنني ما عدت اعشق الاستلقاء وحيدا على فراشي... اشحت بنظراتي بعيدا عن عينيها.. وارتسمت نظرة من الجدية الغير مبررة على اركان وجههي... ادارت وجهها.. تجري خلف اركان عيني... وتلك الابتسامات الطفولية.. تغريني...

    اعادت على اركان عيني السؤال.. وهذه المرة.... قدمت الشاهد.. ومنحتني الدفاع... ابدت الي عيني .. ملامح خاتم.. كان جزءا من السوار.. انغام سوار ارتقص في كفي... ليغادر البرد في انغامي.. ويحاكي دفء الطفولة في انغام عينيها...

    غادرت كرسيها... وتركت القوس والكمان.. اقتربت مني... نظرت في عيني... في ضجيج الاماكن... وابتسمت...
    "اليست تلك نرجستي...؟"... وفي محاولة اخرى من فنون المراوغة.... نظرت الى السوار في راحتي.. واعادت على مسامعي تلك انماط الحديث الطفولية....." ما اجمله من سوار... البارحة سقط مني سواري... بحثت عنه... دون فائدة... وكأن انغام عاشق فارسي استردته"....
    ابتسمتُ... فمعركة.. تجنبتُ خوضها.. امام مدن من بكاء النساء.. الفيت نفسي.. في ابتسامات الطفولة المغرية... اوقع عهدا... بالهزيمة.. وقبول الانتصار...
    يتبع......
    التعديل الأخير تم بواسطة بنت القمر ; 11-23-2008 الساعة 02:35 AM
    لا يكون الحب قرارا ابدا .
    انه ذلك الشيء الذي يختار اثنين بكل دقة ويشعل بينهما فتيل المواجهة ويتركهما في فوضى المشاعر دون دليل.
    انه يريدهما بذلك ان يتعلما اول دروس الحب كيف يحتاج كل منهما الى الاخر.

  8. #8
    المدير العام
    رئيس مجلس الادارة
    الصورة الرمزية حسان القضاة
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    العمر
    40
    المشاركات
    3,262

    افتراضي رد: رواية "عودة الزيتون"

    الجزء السابع
    يأتي صوتها كنوع من الاغراء المبطن..ذلك الذي يتحرش بالرجوله دون قصد...ويدفعك للاستمتاع بالهزيمه معها..وددت لو أقول لها (( أحبك )) لكن صوتي المبحوح فجاءة لم يسعفني .. بل أني عجزتُ أن أجد في قواميسي ما يستحق أن أقوله في حضرتها.. لكأني أجرب لغه ما كانت لغتي قبل الآن تحدثت (( هذا ليس سواراً فقط.. بل هو ورقه من زنبقةٍ سوداء قذفتها الريح في طريقي.. ولا أزال اشتم رائحه التراب بعد المطر بين ثناياه.. هذا السوار هو حذاء سندريلا سقط منها قبل أن يخطفها القدر بذريعه أن منتصف الليل قد حان.. حجر الفيروز أخذ قداسته من سحر عينيها.. ونقوشه المبهمه الغامضه كانت تشبه المعلومات التي كنتُ أملكها عن أنثى تحتضن كمان سرقت قلبي قبل أن تخطفها الريح الصفراء..وتترك لي السوار عربون قصه حب..ليصبح السوار دليلي في الصحراء وأملي الوحيد بأن أجد واحتي... أنتِ )) قاطعتني .. رويدك قبل أن تتورط أكثر... وتضيع بين الكثبان الرمليه...وتطارد السراب..فلا تؤخذ الاحلام عنوه.. ولا يولد الحب بعمليه قيصريه لآن الطبيب عندها سيكتشف أن الحمل كاذب .. والحب أيضاً اسمى من أن يولد في العتمه.. فكل ما يولد في العتمه سيقى هناك...))
    - ألا يشفع له أنهُ ولد تحت المطر.
    ثوانٍ وشفاه التوتِ ترتجفُ على مشارف كلمه قبل أن تقطع صمتاً ثقيلاً وحاله ترقب واضح..فقد كنتُ مثل متهمٍ في قفص الاتهام ..منتظراً القاضي ليزف برائتي ..أو يحكم علي بالاشغال الشاقه المؤبده.
    - لا أنكر أني مأخوذه بجماليه هذا اللقاء .. ومذهوله من تصريحك العاطفي المفاجىء ..واشعر بانقلاباتٍ عسكريه في داخلي...وفوق هذا ممتنه لك على مجهودك الذي لا بد أنه كان كبيراً لاعاده السوار وأي فتاه ما كانت تحلم بأفضل من عاشقٍ مهوس بها لدرجه البحث عنها في المستحيل..ولكني لستُ مستعده لخوض تجربه عاطفيه الآن.. وأنا في كل الأحوال لا أحمل لك إلا الشكر..لشعورك النبيل...ولإعاده السوار....

    وسط ذهوله واحتراقه بكلماتها انتشرت حمى الاسئله في جسده.. هل تخاف من تجربه عاطفيه ستدفع ثمنها ذات يومٍ مضاعفاً للقدر.. أم أنها شبه مرتبطه بغيريه . أو هل تخاف أن تراهن عليه دون أن تعرف عنه شيئاً .. هل أخطى عندما صرح لها بحبه هكذا... دون أن يمنحها فرصه معرفته .. أم أن شيئاً في ملامحه أزعجها..تمنى لو أن الرمال المتحركه تبتلعه فتنقذه من لعنه الوقوف مكسوراً أمامها...

    ذلك الانكسار الروحي لم يستطع اخفائه ..فاضافت في محاوله يائسه لترميمه
    - انتظر فالاجمل يأتي متأخراً.
    - سوار الملكه حتماً سيعود لها...ولكن المحكوم بالاعدام يُعطى فرصه لأمنيه واحده قبل تنفيذ الحكم ..فهل لي بطلب ؟

    هل هو الغضب أم الخجل أم الندم الذي أتى بالربيع في غير موعده ليتفتح على وجنتيها الدحنون فجاءة.
    - رغم اعتراضي على تشخيصي كملكه نرجسيه إلا أني لا أملك ألا قولي اطلب ما تريد .
    كان بوده لو يقول .. أيتها النرجسيه أريد النرجسه ...لكنه قال
    -اريد النرجسه حتى لا اعود خاوي اليدين... فلعلي أجد فيها دفئاً كدفىء السوار يحميني من صقيع الوحده.

    مقايضه خاسره بكل المقاييس كانت.. وشعور كنان بأنه يستجدي الحب لا يرحم... فليس أصعب من تسول المشاعر .. وأن تشعر بأن من تمنحه عواطفك يتصرف باستخفافٍ ودون مسؤوليه مع أغلى ما تملك..وربما يكون مستمتعاً بانكسارك امامه حتى يرضي غروره...

    تناول كنان النرجسه وودع السوار دون أن يودع صاحبته... وأدار ظهره رغبة بالانسحاب فأتى صوتها مثل خنجرٍ زرع في ظهره
    - هل المشاعر تستبدل بهذه السرعه..وهل من الصعب قول كلمه وداع..أو ربما بدلاً منها تطلعني على اسم الامير..

    اجاب دون أن يلتفت إليها خشيه الوقوع فريسه لنظرات عينيها فتسحب منه من الكلام ما لم يعد لديه رغبه لقوله...
    -اسمي كنان ..وتابع المسير إلى خارج بيت العود.

    في المساء وبينما كان منشغلاً باعاده شريط الذكريات.. وتحليل كل المعطيات... وتفاصيل خيبته العاطفيه..مستمعاً لصوت ماجده الرومي تغني (( طوق الياسمين )) ومصغياً أكثر إلى نحيب الحب في قلبه انتبه إلى صوت الجرس معلناً قدوم زائر.. وبالرغم من انه لا رغبه لديه بمجالسه أحد إلا أن اصرار الزائر الواضح من صوت الجرس اجبره على فتح الباب، وإذ بصديقه ليث بالباب.
    - كم من الوقت يلزمك لفتح الباب .. هل كنت نائماً؟
    - -بل كنتُ هائماً
    ضحك ليث وأقفل الباب ولحق بي إلى الصاله.
    - دائماً تجلس في العتمه .. هل هي نزعه لتوفير الطاقه الكهربائيه.. أم محاوله للاختباء من العالم والزوار..فلولا أني اعرف لعدتُ منذ شاهدت البيت مطفئاً من بعيد.
    - بل العتمه فرصه متجدده لترتيب اولوياتنا وترميم احلامنا..فرصه لاعاده صنع علاقتنا بالاشياء من حولنا..والعتمه مفتاح كل لوحه رسمتها وكل سطرٍ لم اكتبه بعد .. وهي فرصه لاخفاء تشوهاتنا النفسيه ..فاللون الاسود شديد الامتصاص.. يمتص كل التراكمات والهموم ويدفتها تحت لحافه الاسود.
    ولعلمك فإن الوصفه الافضل للهروب من الحزن البكاء تحت المطر..والبكاء في العتمه..ففي كلا الحالتين ليس هناك من يتجسس على كبريائك المجروح ..ونزيفك الموجع ..

    اشعل ليث ضوءً خفيفاً في زاويه الغرفه ليتفاجىء اكثر من نظريتي حول العتمه بتلك الفوضى التي تعم المكان.
    -عليك احضار خادمه ولو لمره واحده في الاسبوع لتعيد لهذا المكان هيبته..
    اجاب كنان في نفسه ( ومن سيعيد إلي هيبتي )
    - هذا ما يجب أن يحصل وسأضيفه إلى خطتي الخمسيه القادمه .
    ضحكنا معاً .. ولم يكن الموقف مضحكاً ، لكني فضلت الاختباء خلف ستار الضحك حتى لا يشعر ليث بحزني ، رغم أني وددت البوح له بتفاصيل القصه إلا أن تاريخ ليث الاسود مع النساء وتجاربه السطحيه التي لا تنتهي لا تؤهله بأن يكون مستشاري العاطفي.
    -اتعلم يا ليث ..ارغب في تناول العشاء في الخارج ..والجلوس حتى الصباح في احد المقاهي للصباح..اريد استنشاق الهواء ..ةالهروب من افكاري..إلا اذا كنت تفضل أن اجرب لك احدى وصفاتي السحريه في العشاء هنا..ولكن احترس في العاده احضر طعاماً من المطعم كبديل احتياطي لما ساطهو ..وفي كل الحالات كنت افشل في تجهيز ما يمكن استساغته واتجه إلى الخطه باء –طعام المطعم -..
    ابتسم ليث – اقدر لك عرضك المغري بأن اكون فأر تجارب بمطبخك ..ولكني افضل النوم دون عشاء على هذا..هيا بنا إلى شارع الجامعه ..

    كنتُ ساشرع في تناول الطعام لكن منعني منظر فتاه تبكي بصمتٍ وبجانبها شاب على ما يبدو انه حبيبها ..وحاله من الوجوم والعتاب المتراكم تحدث بينهما..ودون اي جرائم سابقه في التلصص على المحبين شغلت كل راداراتي..واستنفرتُ كل حواسي لافهم ما يدور هناك ..كنتُ على استعدادٍ للتدخل وضرب ذلك الشاب إن تطلب الأمر ..فحقاً امام دموع الفتيات تتحطم قلوب الرجال..لكن سرعان ما فهمت الأمر..فلم تحجز طاوله واحده اصواتهم الهامسه عني وعن فضولي..كانت دموع التماسيح..يبدو أن الشاب كان يعاني ازمه ثقه في فتاته..فكلف احد اصحابه بمحاولخ ابات التكهنات..لتنجرف الفتاه وينكشف قناعها ..فتخسر الاثنين..مع اني اشك من اسلوب كلامه انها خسرته..قاطع افكاري لث ونبهني انه اوشك على انهاء طعامه وانا لم ابداء بعد..انهينا طعامنا..واعتذرت من لي عن تير رغبتي بالذهاب الى المقهى بحجه النعاس..وعدت الى البيت بشوق لا يفسر..امسكت النرجسه ليزول كل غضبي من صاحبتها..واتذكر قولها (( انتظر ..فالاجمل يأتي متأخراً )) اكتشفت فجاءة بانها لم تغلق الباب بوجهي..بل تركته موارباً..لتضعني بين اسئله الممكن والمستحيل ..ليصبح الدخول إلى عالمها اكثر اغراء..فامسكت ورقه وكتبت عليها (( أنا الجالس على حافه الجنون وأنتِ الساكنه في عيون المستحيل ..هل يمكن أن نلتقي من جديد في مكان غير السراط المستقيم ..))
    ثم تمتمت بنفسي – ربما – وقد قررت القيام بمشروع جنوني جديد..لاجلها..

  9. #9
    المدير العام
    رئيس مجلس الادارة
    الصورة الرمزية حسان القضاة
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    العمر
    40
    المشاركات
    3,262

    افتراضي رد: رواية "عودة الزيتون"


    الفصل الثاني..الجزء الأول

    هل هي غيمه صيف تأتي لتغريه بالمطر قبل أن يكتشف انها عاقر..أم انها غيمه مثقله ترفض أن تبكي على صحراء الجسد بذريعه أن موعد الافطار لم يأتي بعد..ولن يأتي ابداً..فهنيئاً له بالصيام ابد الدهر..

    هي من حذرته من مطارده السراب اليوم ارهقه العطش إليها ..ودليله في الصحراء طيفها فقط..فيأخذه إلى المناطق الملغومه برائحتها ..ويضعه بين الرمال المتحركه ويمضي..لبقى وحيداً محاولاً أن يصبح خبراً في تقصي الأثر ..بادواتٍ بدائيه جداً وبغريزه بدائيه ايضاً ..فهل يكفي هذا ليتحقق النصر..فبعبر من ابوابها السريه ليصبح حبيبها..هي من تحترف منع اي رجل من الاقتراب منها..فالطريق إليها دائماً مظلم..وسراديبها الملتويه تؤدي إلى المستحيل..هو من توقعها مثل البيوت العجلونيه مغلقه باحكام ..لكن مفتاحها دائماً مخفي اسفل الباب..يكاد يعلن عن مكانه لكل زائر مرتقب..وإذ بابوابها المصنوعه من الزجاج لتزيدك اغراء بدخول المنزل..موصده بشده..ومفاتيحها لا يعلم مكانها إلا الله ..
    هي بمكياجها الخفيف جداً وزينتها الباهته وملابسها الانيقه رغم تواضعها ..تصبح اشهى النساء فجاءة ..وتمنحك بترف شرف التحطم امامها ..دون أن تستطيع مقاومه السقوط لاجلها.. ولفرط تلذذك بانهيارك..ستستجمع قواك من جديد..لتحاول العوده إليها .

    اجمل ما في السقوط تلك الثواني وأنت معلق بين الارض والسماء محاولاً استيعاب الذي يحصل..لكنك تنتبه فقط إلى تلك الصور التي كانت مجهوله الملامح والتي تصبح اشد وضوحاًَ شيئاً فشيئاً وانت تسقط.. ولهذا فقط..السقوط نعمه دائماً.


    سته ايام تصلح لتسميتها حرب الايام السته افضل من اي شيء آخر ليعاود العوده كالعود إلى بيت العود..وهذه المره لابساً قناع طالب في المعهد عله ينقذه من الشبهات..

    عندما يصبح الحب شبهه تباً لكل القوانين عندها..فالحب اسمى من كل القوانين واقدس من كل العلاقات حتى الزواج..وهو الربط الاقوى بين الارواح ويستمر إلى اللا نهايه ..فلا ينبغي تحت اي ظرف تدنيسه والصاق به تهمه الشبهه..كما تلصق به تلك العلاقات الغبيه السطحيه القصيره والتي الغرض منها دائماً تحقيق نزوه ما..والتي يصنفها السذجاء تحت مفهوم الحب..

    يعود إلى صفوف الدراسه من جديد وهو من تخرج من الجامعه بتخصص الهندسه المعماريه قبل أن يتفرغ للرسم والكتابه احياناً..بانتظار ديوان الخدمه المدنيه..يعود إلى مقاعد الدراسه في معهد للموسيقى ولا يعلم بأن الموسيقى ستغير مجرى حياته وتحشر نفسها في كل لوحه سيرسمها وستختبى في كل سطرٍ سيكتبه..لتصبح هي..وهي فقط..لغته الجديده.

    يصعد درجات المعهد وقد تعهد لقلبه بأن يكمل مشروعه الجنوني حتى النهايه..فبيلسان قضيته التي لا بد وأن يربح بها..
    -ارغب بالتسجيل بدوره المبتدئين في عزف الكمان.
    اجابت الموظفه
    -مرحباً بك..املى هذه الاستماره لو سمحت ..ويتوجب عليك دفع قسط من رسوم الدوره الآن..والدوره الجديده ستبداء عند الساعه العاشره.

    نظر إلى ساعته ..ساعه وربع تفصله عن لقاء بيلسان..اخذ الاستماره وعبائها ودفع رسوم الدوره كامله ..واخذ يفكر ماذا سيفعل بساعه من الوقت بساعه من الوقت فهو لا يعرف كيف سيبذرها ..ثم تذكر انه يلزمه كمان ما دام سيتعلم العزف عليه،سأل السكرتيره اين يجد مكاناً بيع الآلات الموسيقيه..اعطته اكثر من عنوان..فاتجه بسرعه إلى اقرب مكان.


    فتح الباب لتعلن الاجراس الصغيره المعلقه فوق الباب دخوله..
    - تفضل سيدي بما استطيع ان اخدمك.
    - اريد كماناً.
    - هل هناك مواصفات من نوع محدد ترغب بوجودها.
    - اريده كاملاً..وبافضل المواصفات.
    - طلبك موجود.

    مثل التوابيت المغلقه وضعها صاحب المحل على الطاوله امام كنان..وعندما شرع بفتح العلب السوداء كان كنان يشعر بأنه ربما كان هناك جثث صغيره لاقزام مغلقه باحكام داخل هذه التوابيت.
    - سأخذ هذا الكمان،ولكن هل لديك كتب تساعدني بتعلم العزف عليه.
    - طبعاً..هناك كتاب جيد اسمه (( تعلم العزف على الكمان دون معلم ))..ويبداء معك من الصفر..
    غادر كنان على عجل ..ليصل إلى بيت العود متأخراً عشر دقائق عن الدرس..
    -اين درس الكمان سيدتي.
    -في القاعه رقم اربعه على يمينك سيدي.

    طرق الباب ودخل، لينظر إليه ما لا يزيد عن عشر طلاب موزعين دون ترتيب على مقاعد القاعه الكبيره وبيلسان تقف دون الكمان امامهم..فتقول له بعدما تفاجئت..
    - أنت..
    نعم أنا سيدتي..أنا العالق في وسط رمالك المتحركه مستمتعاً بسذاجه وهي تسحبني إلى الجحيم.
    أنا من عدتُ إلى مقاعد الدرس ليس طمعاً في علم..ولا حاجه لمعرفه.. بل لأني فقط..عطشٌ إليكِ..واطمع ان اكون قربكِ تحت أي صفه.
    اجاب كنان وملامحه تخفي أي معرفه سابقه بها..اجاب وكأنه لأول مره يراها..
    - انا طالب جديد في الدوره..اسمي كنان يا انسه..واعتذر عن التآخير..
    ذلك الجواب استفزها ..لكأنه ليس هو..هي من توقعت أن يكون عاد ليحاول من جديد التقرب إليها..يأتي وكأنه فقد ذاكرته..وقد صمم على انكار أي معرفه سابقه بها..فهو ينظر إليها ببرود شديد..وتلك البحه الخفيفه في صوته ..اختفت ايضاً..اثنى عشر كلمه فقط قالها..قد لا توحي بشيء إلى فتاه عاديه..لكنها بغريزه انثى احست بفتور واضحٍ بجوابه..وربما ايضاً عرفت معالم خطته الجديده.
    اجابت برغبه مماثله بتجاهل ما حصل بينهماوكأنه لم يؤثر بها لدرجه انها نسيت اسمه الذي نطق به مرتين..مره قبل ثوانٍ..ومره بل اسبوع..
    - تفضل كنعان ،ومرحباً بك، ولكن لا تتعود على التآخر ..قد يفوتك الدرس..
    ابتسم كنان ابتسامه دون ملامح ..تلك التي لا تعرف ما هي..ابتسامه مكابره..ام ابتسامه انكسار..
    - اسمي كنان آنستي وليس كنعان .

    دخل ليجلس في مقعد متقدم حاملاً كمانه وأوراقٍ بيضاء..مقعد فارغ يفصله عن فتاة مصغه إلى شرح بيلسان عن الموسيقى وتاريخ العزف عموماً..واشهر العازفين..والألات الموسيقيه عموماً..فقد بأن بأن درس اليوم عباره عن مقدمه ممله لكنان عن الموسيقى عموماً..لكن بعد خمس دقائق من جلوسه وشعوره بالضجر ، امسك قلمه ليس ليدون الملاحظات كالجميع بل ليرسم .. اخذ يرسم وجه الفتاه التي تجلس بجانبه ..برغم جمالها رسمها اجمل من الحقيقه ، يسترق النظر إليها تاره ..وإلى بيلسان تاره آخرى ..بقلم رصاص فقط.. حاك لوحه كامله لوجه حسناء مشغوله بالنظر إلى بيلسان ، وبينما كان مشغولاً باضافه اللمسات الذهبيه إلى اللوحه..وعيناه تتآرجحان بين لوحته والفتاة..انتبهت بيلسان إليه..وقطعت حديثها عن سيمفونيه الفصول الاربعه واقتربت منه.. القت نظره على لوحته ولثوانٍ توقعت بأن تكون هي صاحبه اللوحه..فتفاجئت من اتقان اللوحه وجمالها.. وانها ليست لها ايضاً..وبصلاحيات مدرسه في معهد امسكت الورقه ونظرت إليها..وربما لم تستطع اخفاء غيره غير مبرره اصابتها ..من صاحبه اللوحه..تلميذتها الجديده..

    - ما شاء الله.. جميل ما رسمت ..ولكن اجمل بكثير لو إلى الدرس اصغيت..فإذا لم تكن جدياً معنا..فأنا افضل أن تسترد نقودك وترحل..ثم في رسمتك انتهاك لخصوصيه فتاه قد لا ترغب بأن ترسمها..فهل استأذنتها بذلك؟
    - انستي ..اعذريني لصراحتي.. ولكني لم ادفع نقودي لاضيع وقتي بالاستماع إلى شرحٍ عن ادوات العزف البدائيه عند الهنود الحمر..وتطورها ..اتيت فقط لتعلم العزف على الكمان الذي لم يأتي احد على ذكره قط.. وفي النهايه انا رسام.. اينما وجدت الجمال ارسمه.. ولا يستطيع احد التدخل بيني وبين لوحتي .. ولا اعتقد أن الفتاه ستمانع رسمي لها..

    اصبح الجو مشحوناً بالتحدي .. مرحله استعراض القوى وعرض العضلات..فوضى بالصلاحيات بينهما .. وفوضى اكبر من المشاعر المخفيه باحكام.
    اجابت بيلسان بنبره من التحدي والغضب..
    - هذا الدرس عباره عن مقدمه موسيقيه عامه..ولا اعتقد أني تطرقت لسيره الهنود الحمر كما تقول..وهذا التهكم المبطن والاستهزاء المخفي بكلامك يكشف جوانب في شخصيتك لم اعتقد انها موجوده لديك..ولا تعلق على تعلم العزف..فكل من ينتظم معنا..ويصغي جيداً..ولديه رغبه بالتعلم.. سيتخرج عازفاً جيداً من هنا.. ثم لماذا لا نسأل صاحبه اللوحه التي لا تعلم بعد انك رسمتها عن موضوع اللوحه ..
    ودون ان تنتظر جوابه اقتربت من الفتاة..
    - انسه شذى.. ما تعليقك على هذه اللوحه..
    امسكت شذى اللوحه والسعاده تشع من عينيها وبأن عليها الانبهار الجميل وكأنها لا تصدق انها هي من باللوحه..
    التفتت إلى كنان وقالت..
    -شكراً لك سيدي ..فهذه اللوحه اجمل هديه وصلتني في كل حياتي..
    ابتسم كنان ابتسامه المنتصر وقال للفتاه..
    - انسه شذى بالرغم اني لم اهديكِ اللوحه بعد اتمنى ان تقبليها هديه مني ومن الانسه اقحوان..
    ضحكته بعد قوله فضحت كم يحمل تعليقه من السخريه المنمقه..
    - اسمي الانسه بيلسان وليس اقحوان..ولا اجد من اللائق التغابي بهذا الموضوع الآن..
    هيا لنكمل الدرس وقد اقفل اي حديث جانبي لا علاقه له بالدرس..واتمنى أن تصغي حتى لا ارغمك على ذلك..فأنا لا ارضى الاستخفاف بالدرس..وساتسامح معك لانه الدرس الاول..واتمنى ان لا يتكرر الامر..
    ابتسم كنان وبان عليه انه يقاوم رغبه كبير بالضحك..
    عادت انثى الفصول الاربعه لتتحدث عن سيمفونيه الفصول الاربعه ..لكنه انتقل معها بين الفصول الاربعه على ورقه بيضاء ..فكتب هذه المر ضارباً عرض الحائط بتحذرها الآخير ..كتب (( ذات مطر ))..


    وعند انتهاء الدرس .. شرع الطلاب بالخروج من القاعه ..إلا أن طالبه وقفت مع بيلسان تسألها ربما عن امورٍ من الدرس..إلا أنه حمل كمانه ومضى..دون أن يلتفت اليهما..وتناسى عن قصد خاطرته على ظهر المقعد ومضى..


    دقائق قليله مرت .. لتخرج الطالبه الآخيره ايضاً..ولتقع عينا بيلسان على الورقه .. اقتربت وهي تطمع أن تكون صورتها منقوشه عليها..وإذ بها......... ذات مطر

    ((ذات مطر..اكتشفتُ أنكِ المطر
    بكرمه وسخائه..
    بمزاجيته..ورائحة هوائه..
    ببروده.. برعوده..وجمال سمائه
    في انهماره الجميل علينا في عمر لحظه..
    في جبروته عندما يرغمنا بتعذيب انفسنا باستمتاع..تحت حباته

    ذات مطر.. اكتشفتُ أنكِ اقرب إلى الثلج من المطر..
    من جموده..اخذتي مشاعرك
    ومن لونه..زينتي خصال شعري
    لديك ساديه الثلج في قتل الاشياء الصغيرة ..ببرودة كبيرة.. وعلى مهل..
    فقتلني يومها ..ببرود عينيكِ
    ومن الصقيع الراسي على كفيكِ..

    ذات مطر تأكدتُ انك الخريف بذاته.. اكتشافي هذا كان فقط نتيجه التطابق المذهل بين ابتسامتك والخريف..
    أنتِ الخريفُ إذن..
    تخلعين زينتكِ على عجل..كما يخلعُ الخريف اوراق الشجر..
    وزينتكِ للاسف ليست أساور واطواق.. زينتك قلوبٌ

    حطمتها وتلذذتي بذلك.. لتصنعي منها احمر للشفاه..أو مسحوقاً سحرياً لازالة تجاعيدك البغيضه..
    أن تسقط من الشجره عندما ينتهي دورك..إنه لشعورٌ مؤلم..
    كرهتكِ من يومها... ولكن بشيءٍ من الحب الذي لم استطع تفسيره..
    كرهتك... وقررتُ الانتقام..

    ذات مطر..جاء الربيع..
    وتعلمتُ أن البكاء مع المطر لا يُجدي
    وأن العلاقات التي يحكمها مزاج المطر..لا تستمر
    وأن اصحاب القلوب الجامده لا يستحقون الاحترام
    وأن هناك اشجار لا تسقط أوراقها..حتى في الخريف

    أن اقتلكِ بشيءٍ من المنطق يحكمه الجنون..أن اجرب عليكِ اسلحتكِ في قتل من نحب.. أن أمارس معكِ ومع بقايا قصة لم تعد تعنيني جميع صلاحيات الحب وإمكاناته في التدمير.. أمر سيطر علي فجأة.. استيقظ الرجل البدائي في داخلي حاملاً رمحه.. وكأنني ذاهبٌ في رحله صيدٍ... لقتلك..

    ولكن قبل أن أرمي رمحي تراجعتُ عن قراري السابق..
    بل حتى شعرتُ بالغثيان منه.. كرهتُ أن اتوحد معكِ
    واستعير طقوسك الهمجية حتى وأنا اغادر.. فقتلتكِ
    على طريقتي.. بالصمت فقط..

    ذات مطر.. كنتُ مستمتعاً بصوت المطر.. عندما لمحتُ عيناكِ تمطران حزناً وكحلاً..
    تفاجئتُ من قسوتي وقتها وأنا اتابع المسير دون اكتراثٍ
    بوجودك.. حاملاً شمعتي- تحت المطر- وكل ما يشغل بالي لماذا لا نقدر قيمة الأشياء حتى نفقدها))
    التعديل الأخير تم بواسطة حسان القضاة ; 11-23-2008 الساعة 02:46 AM

  10. #10
    عضو نشيط الصورة الرمزية الفارس الشجاع
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    95

    افتراضي رد: عودة الزيتون....ج2

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنت القمر مشاهدة المشاركة
    وبينما كان منشغلاً بصمته عن الدنيا.. وبرحله جذور النخيل في ذاته إلى اعماق الذاكره ..وقعت عيناه على اركان مكتبه الصغير.. وتلك الوردة المبتسمة بفرح على سطح المكتب.. لكن هذه المرة ما اثار دهشته.. قصاصة ورق بجانب ابريق الماء.. وخلف رواية دمعة وابتسامة لجبران خليل جبران..

    اقترب بذلك الصمت المعهود.. تملأه اركان ثورة جديدة في عالم الذكريات ..
    وسار مقتربا من مدينته الادبية فوق رقعة مكتبه....بضع من امتار تفصل بين سريره البني الداكن ذو الجدران الاربعة وصاحب اصوات الضجيج المستمرة .. وكأنه كان يتأوه كلما جلس الى اركانه .. فقد مل جلوسه الدائم اليه.. وامتلائه بمدن الحزن والبكاء..

    الا ان تلك الثورات وانماط الضوضاء الشهية لم تفلح في ايقاظ النائم في اركانه....وكأن تفاصيل السبات باتت جزءا من حكايته اليومية.. تابع المسير بخطواته المتثاقلة.. والدهشة تملأ اركانه.. تلك القصاصة التي رآها.. اتكون قصاصته التي اضاعها قبل سنين...

    وصل الى اركان مدينته...وتلك الوردة المبتسمة بتثاقل فوق احزانه...لا ليلتفت الى عطر نسائي اراد ان يعثر على ذكرياته.. وانما لتقع عينيه على رواية ...مدينة الملائكة...

    تلك الرواية... نعم اذكرها جيدا.. كم من مرة صحبتني في رحلة الى اركان مدن العشق.. وكم من مرة رسمت لي اركان ثورة الحب الاولى...

    فبنيت تفاصيل قصتي وبيلسان.. من على اسطح الكناريات القديمة.. ومدن الملائكة.. وروايات الاساطير الشكسبيرية...مسكينة انتي يا بيلسان.. ما عرفتي طعم الحب الذي رسمته.. وما تذوقتي نشوة العشق بعد الغياب.. كل ما اردتي قليل من الكلمات الزائفة..فما علمتي ان مدن العشق لن تكون الا على صدري....

    وعادت تلك الروائح المنسية ترتعد بحرارة شوق امام اجفان كنان....والاف من ثورات اقلامه المنسية .. عادت من جديد...ترقص بانصات...امام لحنه المسائي...

    اقترب وعيناه تدور في صمت في محاجرها... حينا ترتعد خوفا من الاقبال على تلك القصاصة.. وحينا تتحرك شوقا لتحصل على تلك القصاصة...فتلك القصاصة.. تحمل ما ضيعه كنان قبل سنين....
    وبينما يده تسير في رحلتها الى تلك القصاصة.. استوقفت عينيه... صورة اخرى...للوحة كان قد رسمها.. ومنحها من روحه ذكرى...لوحة كل لون من معالمها.. هو حكاية وذكرى... لكم اتقنت صياغة التفاصيل.. ولكم اجدت بناء المضامين.. لكنني لم اعهد نفسي تائها في عالم لا يعترف بالتفاصيل الصغيرة.. وعاد ليقبلني..

    لا اريد.. لم اعد اريد.. الانضمام الى قافلة المهمشين .. اريد ان احمل التفاصيل الصغيرة.. وعلبة الواني.. واتوجه لارسم ثنايا روحي في صفحة بيضاء صغيرة...
    سامحيني ايتها المدن الملوثة بالضياع.. لن اكون عابرا على سكك القطارات.. وانما ساكون تفاصيل من اللوان الصامتة...

    على تلك الصفحة البيضاء.. كان قد رسم... شيخا بعباءة سوداء.. وملامح بطولية صامتة.. كان لتشققات الارض ولجداول المياه من وجهه نصيب.. وتلك الكوفية المتألقة فوق راسه... كانت رايات النصر الكبير... على اركان وجهه السمراء... اوجدت الدموع دروب.. وذرات التراب البنية التي عشقها... كانت جزءا من ابتسامته السمراء..

    تلك الابتسامة التي ما عرفوا يوما.. اي حزن خلفها يقبع.. واي تحد من على اركانها يولد... مشهد ذلك الرجل... وعبائته السوداء.. والارض التي ارتسمت على رقعة وجهه.. كانت بالنسبة لكنان .. رواية.. كلما نظر الى اركانها.. منحته طريقا جديدا للابداع... هكذا كان يقضي كنان يومه.. مستلقيا على سرير من الذكريات.. ومتاملا لوحة من جداريات الزمن...

    اما الصورة الاخرى...فقد تعلقت على جداره الاخر... وكل ما كان يمسك زواياها....بقايا من خيط ابيض.. كان قد وجده معلقا على نهاية ثوب والدته... فاستطاع التقاطه واضافه لجدارية كانت تقترب من السقوط... اواه .. اواه.. حتى خيط تعلق بفستان ثوبك يا امي.. كان يكفي لاقامة مدينة آيلة للسقوط.. وكان جديرا بحمل زوايا لوحة.. اتقنت فن السقوط....

    لن انظر اليكي الان يا صديقتي.. وساعود حاملا لكي ذكرى.. لكن دعيني اكمل رحلتي الى تلك القصاصة.. فلم اعد اطيق الانتظار....

    في تلك المدينة الادبية.. كانت جزر من الثقافة المختلفة.. ومحيطات من العلوم.. وسماوات من الادب.. في زاوية.. ارتسم جبران خليل جبران بما يحمل من جماليات.. والى جانبه استقر بدر شاكر السياب... واحلام مستغانمي... كل منهم حمل الى كنان فكرة.. وكل منهم كان جزءا من نص يومي.. اعتاد كنان ان يخيط تفاصيله.. على انغام فيروز.. ومارسيل خليفة وام كلثوم.. وظلال بيضاء من سيجارته البنية...

    كل هؤلاء.. وكثير من ذكريات.. راحت تتراقص بفرح امامه..ما استطاعت ان تثني يديه عن المسير.. ومحطات استوقفته لبرهة.. لكنها ما نجحت في حمله الى التفاصيل... اي قصاصة تلك التي استطاعت ان تسلب كنان من مزاجه اليومي.. ومن ذاكرته الممتلئة بالاحداث....

    وتابعت يده رحلتها.. تحلق فوق مدنه المتناثرة.. وتضفي على الوانها الباهتة.. املا ان كنان سيعود من هنا من جديد.. حاملا ذكراه.. فها هو قد وجد اخيرا تلك القصاصة الضائعة منذ سنين....

    وصل....طبول بدات تضرب انغامها في صدره... قطرات ماء تصببت في شوق من على جبينه... لكم اشتاقت الامطار الى ارض جبينه.. ولكم ارادت ان تعود من جديد.. تتناثر على قصاصاته ولوحاته... وهاي هي تولد.. لتعلن عن بدء رحلة من الانتصار...

    وصل.. وهاي هي يده السمراء الخفيفة... تمسك بزمام معركة العبور... انها قصاصتي الضائعة.. نعم انها هي... كلمات ما نطقها كنان علانية.. خوفا من لوم.. فقبل سنين كان قد اعلن كنان وفاته.. وتم نشر التعازي في الجرائد اليومية.. فبكت عليه اركانه.. وبكت عليه السما في عيني والدته... و السبب ضياع قصاصة ورق... ابتسامة ارتسمت على اركان وجهه السمراء... متيمة بالخوف من الفراق... وعاشقة للقاء... اما عينيه البنيتين.. تلك التي ارتسمت الارض في اركانهما.....فقد قادتا لحن اوركسترا الولادة اليومية...

    وصل وها هي يده تلتقف ما امامها من قصاصات.. اتلقيها جانبا.. وتمسك دون اي متاهات.. قصاصة الوجود الاخيرة...

    نعم انها الفرصة الاخيرة.. اما ان تعلن الولادة من جديد. واما ان يكون ذلك الخبر الذي ارتسم على صفحات الجرائد الصفراء الباهتة.. حقيقة....

    حمل اركان القصاصة في يديه... حاملا اياها.. الى محيط شفتيه... ليمنحها نسيم البحر اليومي...اطلقت شفتاه تلك الريح الخفيفة... واصوات من الانتصار... لتنفض الافا من بقايا غبار..

    كان قد استقر فوق قصاصته الاخيرة....غبار كان اعتاد ان يمحو اركانه بحرية عن قطع الخشب الكبيرة.. غبار كان يتقن صياغته من قطع الفخار القديمة... وغبار كان ينسج بقاياه على اوراق دفاتره اليومية...غبار نسي كنان ان يزيله.. فتراكم بحزن فوق اركان قصاصته الضائعة....

    لن انساك من جديد.. ولن اتركك ترسمين تفاصيل الحكاية.. كلمات ارتسمت على محيط شفتيه البنيتين...ونسائم الهواء تنطلق من على تراكيبها الخجلة... لتمحو ما علق في قصاصته من غبار النسيان....

    اكوام من غبار صامتة.. ارتحلت من على جدران الصمت الابدية.. لتشارك العالم.. رحلة التوجه الى النهايات... وملامح لقصاصة اختفت.. عادت للظهور...عادت لترسم على جدران الذكريات حكايات الوجود...

    اقترب منها.... والصمت يملأ المكان... نظر اليها... لتتسع عيناه....اتكون قصاصتي التي فقدتها.. ام انها بقايا من اوهام....

    اشاح نظره مبتعدا عنها قليلا.. فما عاد يملك قدرة الاصغاء.. الا انه ما لبث مجددا ان عاد... لتستقر في انماط عينيه تفاصيل القصاصة.... اتكون هي رحلة العودة من خلف اوراق الجرائد الصفراء الباهتة؟ ربما....

    يتبع.....
    الحب مصيبة و محنة

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •