المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نادر الطراونة
[align=justify]
. . . زمنٌ طويلٌ مّر ، لم أسمع خلاله غير نبضات قلبي الراكضة ، وسقسقة طائر وحيد انفرد بجناحيه على غصن عار في الجهة المقابلة ، حبوت في تلك اللحظات على أربع باحثا ً عن صخرة ألوذ بها ، تأويني ، فأتويت ، وأخذت أتابعها بصمت ، كانت عيناها رائعتين ، متألقتين مثل قمرين ، مثل عشبتين تحت المطر ، رجعت خطوات وكانت المسافة بيننا قريبة ، تأملت وجهها أكثر ، غزالة برية ، جنية وحشية ، لم تخترقها النظرة اللاهثة من قبل ، فاكتست ملامحها بالتحفز والذهول ، غير أن جسدها أخذ يرتخي شيئا ً فشيئا ً مثل عرق البابونج الشهي ...!!!
مدت لسانها استهزاءً وقالت بهمس ...!!!
ما الذي فعلت ...!!!؟؟؟
ذهلت لبعض الوقت وقلت متعجلا ً بخجل ...!!!
لم أفعل شيئا ً ...!!!
تراقصت جدائلها الغجرية الموحشة وأجابت بخبث ...!!!
"رأيتك ..." ...!!!
كنت ما أزال أحمل حجرا ً ، رميته بعيدا ً واستبدلته خوفا ً بيدي ، وأنا أرى الخجل ينهش جسدي ويفترس ما تبقى من عظم ...!!!
طلبتها ملابسي كي أنجو من الريح القادمة بأسرع وقت ، لكنها لم تأبه برجائي ، إذ رفعت ساقها على صخرة قريبة وأخذت تهتز تحديا ً ، وتمعن في صفعي بنظراتها المتشفية القوية ، مشيرة إلى بنطالي المشدود على خاصرتها ، وهو يتأرجح مع ثوبها ، من هبات الريح التي أخذت تلسع جسدي المفضوح ...!!!
قالت بلهجة أكثر هدوءا ً ...!!!
أخبرني ماذا كنت تفعل وأنا أعطيك ملابسك ...!!!؟؟؟
نشرت نظري حولي متفحصا ً الشعاب والتلال القريبة ، كان شيء ما يسري في دمي ، يدغدغ أطرافي ، يتسلل في داخلي ببطء مثير ، ويبث الحرارة اللاذعة في وجهي رغم برودة المساء التي أخذت تجلد جسدي المعلن ...!!!
قلت لها مرتعشا ً ...!!!
من أين أنت ِ ...!!!؟؟؟
التفتت إلى أسفل التلال وقالت منتصرة ، الآن سيأتي من يقتلك ...!!!
ولكن ، أخبرني لماذا نزعت ملابسك هكذا ...!!!؟؟؟
فأجبتها مرتبكا ً ...!!!
كنت أريد أن ... ...!!!
فقالت ...!!!
أقترب وخذ ملابسك ، اقترب ، اقترب ، هنا ...!!!
نظرت إلى أسفل التلة ، رأيت بيوتا ً من الشعر ، ممددة كأجنحة طيور أسطورية ، يندفع من بينها دخان الحطب المحترق نحو الفضاء ، اندفعت نحوها دون تردد ، قفزت من بين الصخور العارية ، وضلت تركض ممسكة ً ملابسي على صدرها الأنيق ...!!!
أدركتها ...!!!
وفي لحظة صامته غريبة كنت قد التحمت بالجنّية بين صخرتين ...!!!
[/align]
[align=center]إنتهــــــــــت[/align]
صديقي وأخي نادر ..كان لي شرف المرور على سطورك والتوحد مع نبضها والرقص مع ايقاعها ..ومع صوت المطر .. هي تجربه جديده لمبدعنا نادر .. وربما كانت أكثر من ذلك .. فهذا الانتقال السلس بين السطور لتشكيل لوحه مبهمه المساحه .. لنسقط جميعاً في فخ النهايه السريعه ونتعثر معكم بين صخرتين .. هنا نادر من البدايه كان مصراً على اجبارنا أن نعيش الحلم بتفاصيله معه ... وقد استمتعنا بذلك .. هي تجربه نوعيه وانتقاليه في فكرك المبدع .. ونتاج سيكون حاسماً وقاسياً ومقياساً لما سيأتي بعده من قصص قصيره ننتظرها بشوق ..
نادر .. شكراً على كل هذا الابداع ..بانتظار جديدك ..
حسان
مواقع النشر (المفضلة)