آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

تحميل برنامج الغاء تثبيت البرامج من الكمبيوتر Should I Remove It » آخر مشاركة: اردني وافتخر دردشة وتعليله وسواليف.. » آخر مشاركة: عاشق الحصن بريد الاعضاء » آخر مشاركة: محمد العزام اهلا بكم ..رمضان كريم » آخر مشاركة: حسان القضاة شو عم تسمع هلا » آخر مشاركة: حسان القضاة ما هو سبب تواجدك في المنتدى والى اي حدّ يستمر او ينتهي إنتسابك له ؟ » آخر مشاركة: قلعتي أبدية مرحبا » آخر مشاركة: محمد العزام " أميــــرةُ قـوسِ النَّصـــــر" » آخر مشاركة: قلعتي أبدية ~ إبريـــــــــــــــــل ~ » آخر مشاركة: حسان القضاة اسئلة مهمة بالفوتوشوب في المطابع 2019 » آخر مشاركة: المصمم يزن جبريل صاحب المركز الاول فى مجال تنزيل الملفات كامل مدي الحياة IDM 6.32 » آخر مشاركة: siiin همسات وأشوق » آخر مشاركة: حسان القضاة ""أيلـول""... » آخر مشاركة: قلعتي أبدية تبليغ عن رسالة زائر بواسطة راشد مرشد » آخر مشاركة: أميرة قوس النصر اشتقنالكم » آخر مشاركة: Mahmoud Zaben تُراهات ما قبل النوم ... » آخر مشاركة: قلعتي أبدية شو مزاجك اليوم... » آخر مشاركة: قلعتي أبدية قبول بلاغ عطل ثلاجات كلفينيتور 01092279973 & 0235700997 وكيل كلفينيتور (م .الجديدة) » آخر مشاركة: الوكيل1 قبول بلاغ عطل ثلاجات هوفر 01154008110 & 0235699066 وكيل هوفر (م.6اكتوبر) » آخر مشاركة: الوكيل1 قبول بلاغ عطل ثلاجات جنرال اليكتريك 01207619993 & 0235700997 وكيل جنرال اليكتريك (الز » آخر مشاركة: الوكيل1
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 21

الموضوع: الاسلام ...

  1. #1
    عضو مؤسس الصورة الرمزية عاشق الحصن
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    الاردن
    العمر
    38
    المشاركات
    5,642

    افتراضي الاسلام ...

    الإسـلام

    الإسلام لغةً :
    يُعرَّف الإسلام لُغوياً بأنه الانقياد التام لأمر الآمر و نهيه بلا اعتراض، وقيل هو الإذعان والانقياد وترك التمرّد والإباء لعناد(قواعد العقائد للغزالي 236).

    الإسلام في الاصطلاح :
    هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك ومعاداة أهله.

    وأما معناه حسب المصطلح الديني، فهو الدين الذي جاء به محمد، والشريعة التي ختم الله تعالى بها الرسالات السماوية. وقد قام محمد عليه الصلاة والسلام بتبليغ الناس عن هذا الدين وأحكامه ونبذ عبادة الاصنام وغيرها مما يعبد من دون الله. والإسلام هو التسليم للخالق والخضوع له، وتسليم العقل والقلب لعظمة الله وكماله ثم الانقياد له بالطاعة وتوحيده بالعبادة والبراءة من الشرك به سبحانه.

    والإسلام ليس حصرياً على شعب دون شعب، أو قوم دون قوم، بل هي دعوة شاملة للبشرية كافة بغية تحقيق العدل والمساواة للبشر كافة. فالإسلام يقوم على على أساس الفطرة الإنسانية والمساواة بين مختلف أفراد المجتمع الإسلامي فلا يفرٌق بين الضعيف والقوي والغني والفقير والشريف والوضيع منهم، كما لا يفرق الإسلام بين الأمم والشعوب المختلفة إلا من باب طاعتها لله تعالى والتزامها بالتقوى، فهي تعتبر التقوى هي الاساس الذي يقيٌم به عمل الإنسان والتزامه بتعاليم الإسلام.

    والإسلام هو الدين الذي يقبله الله سبحانه وتعالى ولا يقبل سواه.
    قال تعالى : ((إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ)).

    وهو دين الأنبياء والمرسلين جميعاً:
    فالإسلام هو دين نوح عليه السلام حيث قال لقومه:
    ((فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ)).

    وهو دين خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام.
    كما قال تعالى: ((مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ)).

    وهو دين ذرية إبراهيم عليه السلام.
    ((إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمْ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)).

    والإسلام هو دين يعقوب عليه السلام وبنيه.
    كما قال تعالى: ((أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)).

    والإسلام هو دين لوط عليه السلام .
    كما قال تعالى: ((فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ)).

    والإسلام هو دين موسى ومن آمن معه.
    كما قال تعالى: ((وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ)).

    والإسلام هو دين عيسى عليه السلام ومن آمن معه.
    كما قال تعالى: ((وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ)).

    والإسلام هو الدين الذي دخل فيه سحرة فرعون يوم أن شرح الله صدرهم له وسجدوا لله قائلين:
    ((رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ)).

    والإسلام هو دين سليمان عليه السلام حيث قال:
    ((وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ)).

    والإسلام هو الدين الذي دانت به ملكة سبأ حيث قالت:
    ((رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)).

    وهو دين المؤمنين من الجن، قال تعالى حكاية عنهم:
    ((وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا)).

    والإسلام هو الدين الذي لا يقبل الله من أحد دينا غيره.
    كما قال تعالى: ((وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ)).

    وهو ما جاء خاتم الأنبياء والمرسلين محمد إلا بالإسلام.
    كما أمره تعالى بقوله: ((قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)).

    والإسلام هو الدين الذي رضيه الله لعباده.
    حيث قال: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا)).

    ك - والإسلام هو الدين الذي من أراد الله به خيرا شرح صدره له.
    كما قال تعالى: ((فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ)).

    والإسلام هو الدين الذي دعا يوسف عليه السلام ربه أن يتوفاه عليه.
    فقال: ((رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)).

    وهو الدين الذي يتمنى الكفار يوم القيامة أن لو كانوا من أتباعه .
    كما قال تعالى: ((رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ)).

    وأبى الله تعالى أن يجعل المسلمين كالمجرمين فقال:
    ((أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)).

    ولا أمن مِن فزع يوم القيامة ولا دخول للجنة إلا للمسلمين فقط.
    كما قال تعالى: ((يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ)).

    ومن مات على الإسلام فهنيئاً له في الدارين, ومن مات على غيره فقد خسر الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين.
    التعديل الأخير تم بواسطة عاشق الحصن ; 02-27-2010 الساعة 09:35 AM





  2. #2
    كبار الشخصيات
    سيد الحصن
    الصورة الرمزية هدوء عاصف
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    الأردن
    العمر
    42
    المشاركات
    21,880

    افتراضي رد: الاسلام ...

    [align=center]
    رسالة عمان

    بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على نبّيه المصطفى وعلى آله وأصحابه الغُرّ الميامين، وعلى رُسُل الله وأنبيائه أجمعين .

    قال تعالى : ) يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم ( صدق الله العظيم " الحجرات : 13".

    هذا بيان للناس، لإخوتنا في ديار الإسلام، وفي أرجاء العالم، تعتز عمّان، عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية، بأن يصدر منها في شهر رمضان المبارك الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان، نصارح فيه الأمة، في هذا المنعطف الصعب من مسيرتها، بما يحيق بها من أخطار، مدركين ما تتعرض له من تحدّيات تهدد هويتها وتفرق كلمتها وتعمل على تشويه دينها والنيل من مقدساتها، ذلك أن رسالة الإسلام السمحة تتعرض اليوم لهجمة شرسة ممن يحاولون أن يصوروها عدواً لهم، بالتشويه والافتراء، ومن بعض الذين يدّعون الانتساب للإسلام ويقومون بأفعال غير مسؤولة باسمه . هذه الرسالة السمحة التي أوحى بها الباري جلت قدرته للنبي الأمين محمد صلوات الله وسلامه عليه، وحملها خلفاؤه وآل بيته من بعده عنوان أخوّة إنسانية ودينا يستوعب النشاط الإنساني كله، ويصدع بالحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويكرم الإنسان، ويقبل الآخر .
    وقد تبنت المملكة الأردنية الهاشمية نهجا يحرص على إبراز الصورة الحقيقية المشرقة للإسلام ووقف التجني عليه ورد الهجمات عنه، بحكم المسؤولية الروحية والتاريخية الموروثة التي تحملها قيادتها الهاشمية بشرعية موصولة بالمصطفى صلى الله عليه وسلم، صاحب الرسالة، ويتمثّل هذا النهج في الجهود الحثيثة التي بذلها جلالة المغفور له بإذن الله تعالى الملك الحسين بن طلال طيّب الله ثراه على مدى خمسة عقود، وواصلها، من بعده، بعزم وتصميم جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، منذ أن تسلّم الراية، خدمة للإسلام، وتعزيزاً لتضامن مليار ومائتي مليون مسلم يشكّلون خُمس المجتمع البشري، ودرءاً لتهميشهم أو عزلهم عن حركة المجتمع الإنساني، وتأكيداً لدورهم في بناء الحضارة الإنسانية، والمشاركة في تقدمها في عصرنا الحاضر .

    والإسلام الذي يقوم على مبادئ أساسها : توحيد الله والإيمان برسالة نبيّه، والارتباط الدائم بالخالق بالصلاة، وتربية النفس وتقويمها بصوم رمضان، والتكافل بالزكاة، ووحدة الأمة بالحج إلى بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا، وبقواعده الناظمة للسلوك الإنساني بكل أبعاده، صنع عبر التاريخ أمة قوية متماسكة، وحضارة عظيمة، وبشر بمبادئ وقيم سامية تحقق خير الإنسانية قوامها وحدة الجنس البشري، وأن الناس متساوون في الحقوق والواجبات، والسلام، والعدل، وتحقيق الأمن الشامل والتكافل الاجتماعي، وحسن الجوار، والحفاظ على الأموال والممتلكات، والوفاء بالعهود، وغيرها وهي مبادئ تؤلف بمجموعها قواسم مشتركة بين أتباع الديانات وفئات البشر؛ ذلك أن أصل الديانات الإلهية واحد، والمسلم يؤمن بجميع الرسل، ولا يفرق بين أحد منهم، وإن إنكار رسالة أي واحد منهم خروج عن الإسلام، مما يؤسس إيجاد قاعدة واسعة للالتقاء مع المؤمنين بالديانات الأخرى على صعد مشتركة في خدمة المجتمع الإنساني دون مساس بالتميّز العقدي والاستقلال الفكري، مستندين في هذا كله إلى قوله تعالى ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) " البقرة : 285".

    وكرّم الإسلام الإنسان دون النظر إلى لونه أو جنسه أو دينه ( ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البّر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ) " الإسراء :70".
    وأكّد أن منهج الدعوة إلى الله يقوم على الرفق واللين ( أُدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) " النحل : 125" ، ويرفض الغلظة والعنف في التوجيه والتعبير ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر ) " آل عمران :159".

    وقد بين الإسلام أن هدف رسالته هو تحقيق الرحمة والخير للناس أجمعين، قال تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) " الأنبياء : 107" ، وقال صلى الله عليه وسلم " الراحمون يرحمهم الرحمن، إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " ( حديث صحيح ).

    وفي الوقت الذي دعا فيه الإسلام إلى معاملة الآخرين بالمثل، حث على التسامح والعفو اللذين يعبّران عن سمو النفس ( وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله ) " الشورى :40" ،

    ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) " فصّلت :34". وقرّر مبدأ العدالة في معاملة الآخرين وصيانة حقوقهم، وعدم بخس الناس أشياءهم ( ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا، إعدلوا هو أقرب للتقوى ) " المائدة :8" ، ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) " النساء :58" ، ( فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ) " الأعراف : 85".
    وأوجب الإسلام احترام المواثيق والعهود والالتزام بما نصت عليه، وحّرم الغدر والخيانة ( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً ) " النحل :91".

    وأعطى للحياة منزلتها السامية فلا قتال لغير المقاتلين، ولا اعتداء على المدنيين المسالمين وممتلكاتهم، أطفالاً في أحضان أمهاتهم وتلاميذ على مقاعد الدراسة وشيوخاً ونساءً؛ فالاعتداء على حياة إنسان بالقتل أو الإيذاء أو التهديد اعتداء على حق الحياة في كل إنسان وهو من أكبر الآثام، لأن حياة الإنسان هي أساس العمران البشري ( من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ) " المائدة :32".

    والدين الإسلامي الحنيف قام على التوازن والاعتدال والتوسط والتيسير ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً ) " البقرة :143" ، وقال صلى الله عليه وسلم " ويسرّوا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا " ( حديث صحيح ) ، وقد أسّس للعلم والتدبّر والتفكير ما مكن من إيجاد تلك الحضارة الإسلامية الراسخة التي كانت حلقة مهمة انتقل بها الغرب إلى أبواب العلم الحديث، والتي شارك في إنجازاتها غير المسلمين باعتبارها حضارة إنسانية شاملة . وهذا الدين ما كان يوماً إلا حرباً على نزعات الغلوّ والتطّرف والتشدّد، ذلك أنها حجب العقل عن تقدير سوء العواقب والاندفاع الأعمى خارج الضوابط البشرية ديناً وفكراً وخلقاً، وهي ليست من طباع المسلم الحقيقي المتسامح المنشرح الصدر، والإسلام يرفضها - مثلما ترفضها الديانات السماوية السمحة جميعها - باعتبارها حالات ناشزة وضروباً من البغي، كما أنها ليست من خواص أمة بعينها وإنما هي ظاهرة عرفتها كل الأمم والأجناس وأصحاب الأديان إذا تجمعت لهم أسبابها، ونحن نستنكرها وندينها اليوم كما استنكرها وتصدّى لها أجدادنا عبر التاريخ الإسلامي دون هوادة، وهم الذين أكدوا، مثلما نؤكد نحن، الفهم الراسخ الذي لا يتزعزع بأن الإسلام دين أخلاقي الغايات والوسائل، يسعى لخير الناس وسعادتهم في الدنيا والآخرة، والدفاع عنه لا يكون إلا بوسائل أخلاقية، فالغاية لا تبرر الوسيلة في هذا الدين .
    والأصل في علاقة المسلمين بغيرهم هي السلم، فلا قتال حيث لا عدوان وإنما المودة والعدل والإحسان ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين، ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ) " الممتحنة :8" ، .( فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين ) " البقـرة :193".

    وإننا نستنكر، دينياً وأخلاقياً، المفهوم المعاصر للإرهاب والذي يراد به الممارسات الخاطئة أيّاً كان مصدرها وشكلها، والمتمثلة في التعدّي على الحياة الإنسانية بصورة باغية متجاوزة لأحكام الله، تروع الآمنين وتعتدي على المدنيين المسالمين، وتجهز على الجرحى وتقتل الأسرى، وتستخدم الوسائل غير الأخلاقية، من تهديم العمران واستباحة المدن ( ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق ) " الأنعام :151" ، ونشجب هذه الممارسات ونرى أن وسائل مقاومة الظلم وإقرار العدل تكون مشروعة بوسائل مشروعة، وندعو الأمة للأخذ بأسباب المنعة والقوة لبناء الذات والمحافظة على الحقوق، ونعي أن التطرف تسبّبَ عبر التاريخ في تدمير بنى شامخة في مدنيات كبرى، وأن شجرة الحضارة تذوي عندما يتمكن الحقد وتنغلق الصدور . والتطرف بكل أشكاله غريب عن الإسلام الذي يقوم على الاعتدال والتسامح . ولا يمكن لإنسان أنار الله قلبه أن يكون مغاليا متطرفا . وفي الوقت نفسه نستهجن حملة التشويه العاتية التي تصور الإسلام على أنه دين يشجّع العنف ويؤسّس للإرهاب، و ندعو المجتمع الدولي، إلى العمل بكل جدية على تطبيق القانون الدولي واحترام المواثيق والقرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، وإلزام كافة الأطراف القبول بها ووضعها موضع التنفيذ، دون ازدواجية في المعايير، لضمان عودة الحق إلى أصحابه وإنهاء الظلم، لأن ذلك من شأنه أن يكون له سهم وافر في القضاء على أسباب العنف والغلوّ والتطرف .

    إن هدي هذا الإسلام العظيم الذي نتشرف بالإنتساب إليه يدعونا إلى الانخراط والمشاركة في المجتمع الإنساني المعاصر والإسهام في رقيّه وتقدّمه، متعاونين مع كل قوى الخير والتعقّل ومحبّي العدل عند الشعوب كافةً، إبرازاً أميناً لحقيقتنا وتعبيراً صادقاً عن سلامة إيماننا وعقائدنا المبنية على دعوة الحق سبحانه وتعالى للتآلف والتقوى، وإلى أن نعمل على تجديد مشروعنا الحضاري القائم على هدي الدين، وفق خطط علمية عملية محكمة يكون من أولوياتها تطوير مناهج إعداد الدعاة بهدف التأكد من إدراكهم لروح الإسلام ومنهجه في بناء الحياة الإنسانية، بالإضافة إلى إطلاعهم على الثقافات المعاصرة، ليكون تعاملهم مع مجتمعاتهم عن وعي وبصيرة، ( قـل هذه سبيلي أدعــو إلى الله على بصيرة أنـا ومــن اتبعني ) " يوسف :108 " ، والإفادة من ثورة الاتصالات لردّ الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام بطريقة علمية سليمة دون ضعف أو انفعال وبأسلوب يجذب القارئ والمستمع والمشاهد، وترسيخ البناء التربوي للفرد المسلم القائم على الثوابت المؤسّسة للثقة في الذات، والعاملة على تشكيل الشخصية المتكاملة المحصنة ضد المفاسد، والاهتمام بالبحث العلمي والتعامل مع العلوم المعاصرة على أساس نظرة الإسلام المتميزة للكون والحياة والإنسان، والاستفادة من إنجازات العصر في مجالات العلوم والتكنولوجيا، وتبنّي المنهج الإسلامي في تحقيق التنمية الشاملة الذي يقوم على العناية المتوازنة بالجوانب الروحية والاقتصادية والاجتماعية، والاهتمام بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وتأكيد حقه في الحياة والكرامة والأمن، وضمان حاجاته الأساسية، وإدارة شؤون المجتمعات وفق مبادئ العدل والشورى، والاستفادة مما قدمه المجتمع الإنساني من صيغ وآليات لتطبيق الديمقراطية .

    والأمل معقود على علماء أمتنا أن ينيروا بحقيقة الإسلام وقيمه العظيمة عقول أجيالنا الشابة، زينة حاضرنا وعدّة مستقبلنا، بحيث تجنبهم مخاطر الانزلاق في مسالك الجهل والفساد والانغلاق والتبعيّة، وتنير دروبهم بالسماحة والاعتدال والوسطية والخير، وتبعدهم عن مهاوي التطرّف والتشنج المدمّرة للروح والجسد؛ كما نتطلع إلى نهوض علمائنا إلى الإسهام في تفعيل مسيرتنا وتحقيق أولوياتنا بأن يكونوا القدوة والمثل في الدين والخلق والسلوك والخطاب الراشد المستنير، يقدمون للأمة دينها السمح الميسر وقانونه العملي الذي فيه نهضتها وسعادتها، ويبثون بين أفراد الأمة وفي أرجاء العالم الخير والسلام والمحبّة، بدقة العلم وبصيرة الحكمة ورشد السياسة في الأمور كلها، يجمعون ولا يفرقون، ويؤلفون القلوب ولا ينفرونها، ويستشرفون آفاق التلبية لمتطلبات القرن الحادي والعشرين والتصدي لتحدياته .

    والله نسأل أن يهيئ لأمتنا الإسلامية سبل النهضة والرفاه والتقدم، ويجنبها شرور الغلوّ والتطرف والانغلاق، ويحفظ حقوقها، ويديم مجدها، ويرسخ عزّتها، إنه نعم المولى ونعم النصير .
    قال تعالى : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتّبعوه ولا تتبعوا السبل فتفّرق بكم عن سبيله، ذلك وصّاكم به لعلكم تتقون ) " الأنعام : 153".
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ،،



    عمّان
    المملكة الأردنية الهاشمية
    رمضان المبارك، 1425 هجرية
    تشرين الثاني، 2004 ميلادية






    [/align]

  3. #3
    عضو مؤسس الصورة الرمزية تحية عسكريه
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    الدولة
    العاصمة- عمان
    المشاركات
    20,003

    افتراضي رد: الاسلام ...


    لإسلام دين التسامح دين المحبة لا للتعصب والجهل والتخلف

  4. #4
    كبار الشخصيات
    سيد الحصن
    الصورة الرمزية هدوء عاصف
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    الأردن
    العمر
    42
    المشاركات
    21,880

    افتراضي رد: الاسلام ...

    [align=center]
    الاسلام دين الحب والحرية




    البشر فى رحلتهم فى الحياة مسافرون الي الله فإما ان يكونوا سائرين عن طواعية و حب لله واليوم الاخر فإلى نعيم ابدى وهم العابدون المحبون واما ان يكونوا صائرين مضطرين عن كره للقاء الله واليوم الاخرفإلى شقاء سرمدى وهم العاصون والعياذ بالله .
    والانسان هوالذى اختارهذه الحرية من البداية عندما وافق على حمل أمانة التكليف أما باقى المخلوقات فقد اختارت الطريق السهل وهو الطواعية المطلقة قال تعالى{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} (11) سورة فصلت
    وقال{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} (72) سورة الأحزاب
    إذن فالانسان لم ولن يجبر على اختيار طريق معين اوحتى دين محدد{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (256) سورة البقرة
    اذ ارسل الله اليه الرسل من جنسه ليوضحوا له الطريق ثم جعل له الخيار فى النهاية واختتم رسالاته بسيدنا محمد (ص) { الْيَوْمَ وقد قامت رسالة الاسلام على دعامتين أساسيتين هما الحب اولاً : حب الله وحب رسوله واتباع سنته {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (31) سورة آل عمران

    وقال الرسول (ص) أحبوا الله لما يغذوكم به من النعم وأحبونى لحب الله . فإذا ما أحب العبدُ الله ورسوله احب بالتالى كل ما أمر به وكره كل ما نهى عنه وهذه المحبة سوف تثمرفى النهاية حب الله لنا وتوفيقه ايانا وزيادة هدانا ومغفرة اللمم من ذنوبنا
    ثانياً: الحرية و تأمل حديث الرسول (ص) : عش ما شئت فإنك ميت وأحبب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزى به . فسوف تندهش من حجم هذه الحرية التى يمنحها الاسلام للمؤمن فهو لا يحجر على اعماله ولا يضع العثرات امام اى عمل يختاره بمحض ارادته سواء كان ذلك العمل خيرا او شراً لانه بكل بساطة محاسب عليه فى النهاية {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (7-8) سورة الزلزلة
    وهو ايضا لم يفرض عليه حباً لشيئ محدد او شخص معين وانما قال له أحبب ما شئت ولكن تذكر ان الكل الى فناء ولن يبقى سوى الله الدائم{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} (26-27 سورة الرحمن)
    فان أردت ان تكون من السعداء فلا تحب غيره وليس من الغريب على المتأمل ان يرى تنبؤات الرسول (ص) بمحاولة الانسان لاكتشاف الطرق التى تطيل عمره على الارض وهوأيضاً لم يمنعه من هذا الأمل ولكن ذكره بان طول بقائه فى هذه الحياة مع البعد عن الله لن يمنعه من لقائه فى الاخرة {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} (95) سورة مريم
    فمن الواجب عليه ان يعد العدة لهذا اللقاء وليختر لنفسه .

    واذا تمحض الحب لذات الله إختياراً وبمنتهى الحرية لا خوفاً من ناره ولا طمعاً فى جنته صار عشقاً وهو اعلى مراتب الحب فالله وان لم يخلق جنة او نارا أهل لان يعبد فيكفيه عز وجل خلقنا وما يغذونا به من النعم لمن تفكر منذ ان كنا اجنة فى بطون امهاتنا وحتى نلقاه يوم القيامة .


    اللهم ارزقنا حبك وحب من أحبك وحب كل عمل يقربنا الى حبك اللهم آمين


    [/align]

  5. #5
    كبار الشخصيات
    عضو مؤسس
    الصورة الرمزية محمد العزام
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    الدولة
    الاردن
    العمر
    40
    المشاركات
    13,960

    افتراضي رد: الاسلام ...

    يجزيكو الخير على ماقدمتو

  6. #6
    كبار الشخصيات
    سيد الحصن
    الصورة الرمزية هدوء عاصف
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    الأردن
    العمر
    42
    المشاركات
    21,880

    افتراضي رد: الاسلام ...

    [align=center]
    كيفية فهم الأسلام



    ان الله جل وعلا يقول عن القرآن الكريم :" وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين الا خسارا. الأسراء 82". فالمؤمن الحقيقى هو الذى يبحث عن الهداية داعيا ربه جل وعلا فى صلاته قائلا مخلصا" اهدنا الصراط المستقيم" راجيا الهداية مستعدا لأن يضحى فى سبيلها بكل ما يعارضها مما توارثه من اقاويل وعقائد. هذا المؤمن يبحث عن الهدى فى كتاب الله العزيز وقد اخلص لله جل وعلا قلبه وأخلى عقله من كل الأفكار المسبقة والأحكام الجاهزة وأصبح مستعدا ذهنيا و قلبيا للقبول والأيمان والتسليم بما يقرره القرآن ويكون مخالفا لما وجدنا عليه آباءنا . لهذا المؤمن يكون القرآن الكريم شفاء ورحمة. والقرآن نفسه يكون للظالمين خسارا , اذ يدخلون عليه بفكر سابق مخالف للحق القرآنى و ينتقون من القرآن بعض آياته يخرجونها عن السياق ويتجاهلون بقية الآيات الأخرى فى نفس الموضوع, أو يبدلون مصطلحات القرآن بمفاهيمهم , وكل ذلك ليعززوا وجهة نظرهم. أى يدخلون على القرآن وهم " ظالمون" يريدون التلاعب بآياته فلا يزدادون بالقرآن الا خسارا.

    وعليه فهناك رؤيتان للاسلام ، رؤية الاسلام من خلال مصدره الالهي ،وهو القرآن الكريم . ومنهج هذه الرؤية هي ان تفهم القرآن من خلال مصطلحاته ولغته ، فللقرآن لغته الخاصة التي تختلف عن اللغة العربية العادية ،فاللغة العربية هى أقدم لغة حتى الآن , وهى –كأي لغة –هي كائن متحرك تختلف مصطلحاته ومدلولات الكلمات حسب الزمان والمكان وحسب الطوائف والمذاهب الفكرية وحسب المجتمعات ..وبالتالي فان الذي يريد ان يتعرف علي الاسلام من خلال مصدره الالهي القرآن – عليه ان يلتزم باللغة العربية القرآنية ،ثم يبدأ ـ بدون ادني فكرة مسبقة ـ في تتبع الموضوع المراد بحثه من خلال كل ايات القرآن سواء ما كان منها قاطع الدلالة شديد الوضوح وهي الآيات المحكمة ،او ما كان منها في تفصيلات الموضوع وشروحه وتداخلاته ،وهي الايات المتشابهة ،وهنا يصل الي الرأي القاطع الذي تؤكده كل ايات القرآن . هذه الرؤية القرآنية للاسلام .

    والرؤية الثانية للاسلام هي الرؤية التراثية البشرية التى تخلط بينه و بين المسلمين , وهي ان تنظر للاسلام من خلال مصادر بشرية متعددة منها تفسيرات القرآن والاحاديث المنسوبة للنبي وروايات أسباب النزول ،واقاويل الفقهاء والمفسرين ..ومن الطبيعي ان تجد آراء متناقضة حسب كل مذهب بل وفى داخل كل مذهب،وكل رأي يبحث عما يؤيده من القرآن بأخراج الاية من سياقها ،وان يفهمها بمصطلحات تراثه ومفاهيمه, و هم يبررون تضارب الأراء بمقولة تتهم القرآن العظيم بأنة حمال أوجه , وهم بذلك ينكرون قوله تعالى عن القرآن الكريم: " كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير. هود 1 " " أفلا يتدبروت القرآن ؟ ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا. النساء. 81 .

    ومن الطبيعي ان هذا الفهم للاسلام يتعارض مع حقيقة الاسلام ومع الرؤية القرآنية له . ومن الطبيعي ان من هذه الرؤية تخرج التشريعات التي يكون بها الاسلام متهما بالعنف والتخلف والتطرف .

    والواقع ان المسلمين في العصور الوسطي كانوا مثل غيرهم من البشر يعيشون ثقافة العصور الوسطي بتعصبها وتطرفها وحروبها الدينية والمذهبية ومحاكم التفتيش ودولها الدينية المستبدة المتألهة ، وقد قام أكثر علمائها بتأويل ايات القرآن وصناعة احاديث وتفاسير لتلائم تلك الثقافة ،وجعلوها مقدسة بنسبتها الي النبي (عند اهل السنة)او بنسبتها الي اقارب النبي (عند الشيعة)او بنسبتها للائمة المقدسين (عند الصوفية ).

    والذي يؤمن بهذه الرؤية التراثية البشرية للمسلمين ويأخذ عنها الاسلام لن يجد منها الا أكثرية من التخلف والخرافة والتعصب و العنف والارهاب ،اما اذا رجع يطلب الهدى من القرآن يتدبر آياته ومفاهيمه وتشريعاته ،فسيفاجأ بأن الاسلام هو دين التعقل و التحضر والتسامح والسلام الذي لا مثيل له .

    ان تدبر القرآن فريضة اسلامية منصوص عليها فى الكتاب العزيز " النساء81 محمد 24 المؤمنون 68 وكذلك الحال فى دراسة القرآن والكتب السماوية الأخرى. "ال عمران 79 الأنعام 105 . و هذه الفريضة ـ الغائبة ـ لها منهج دينى هو طلب الهداية باخلاص , ولها منهج علمى عقلى هو البحث المحايد بدون أحكام مسبقة مع الألتزام بمصطلحات الكتاب وعدم فرض مفاهيم خارجية عليه.

    والان ماذا عن علاقة الاسلام بالسلام ؟

    ان السلام هو الاصل في مفهوم الاسلام في علاقات المسلمين بغيرهم , وفي تشريعات الجهاد في الاسلام. وسنتعرض لهذا بالتفصيل علي النحو التالي :

    الاسلام والسلام من حيث المفهوم :

    نبدأ بمفهوم الاسلام والايمان طبقا لمصطلحات القرآن ولغته الخاصة .

    أ ـ ان كلمة الايمان في اللغة العربية وفي مصطلحات القرآن لها استعمالان :"آمن بـ"أي اعتقد في ،"آمن لـ"أي وثق و اطمئن ،ونشرحهما بايجاز :

    一-

    1ـ آمن ب" أي اعتقد ،مثل قوله تعالي (آمن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله :البقرة 285) وآمن بـ بمعني اعتقد بالإيمان القلبي الباطني. وفي العقيدة أو التعامل مع الله تعالي يختلف الناس حتي في داخل المذهب الواحد والدين الواحد , والقرآن يؤكد علي تأجيل الحكم علي الناس في اختلافاتهم العقيدية الي يوم القيامة والي الله تعالي وحده (البقرة 113،آل عمران 55،يونس 93،النحل 124،المائدة 48 ،الزمر 3،7،46).

    2- الاستعمال الاخر هو: آمن لـ.. أي وثق واطمأن واصبح مأمون الجانب يطمئن له الناس ويثقون فيه ،وتكرر هذا المعني في القرآن خصوصا في القصص القرآني ،ففي قصة نوح قال له المستكبرون (انؤمن لك واتبعك الارذلون :الشعراء 111)أي كيف نثق فيك ونطمئن لك وقد اتبعك الرعاع، وتكرر ذلك المعني عن (آمن لـ )في قصة ابراهيم (العنكبوت 26)وقصة يوسف (17)وقصة موسي (الدخان 21)(المؤمنون 47)وفي حديث القرآن عن احوال النبي محمد في المدينة (آل عمران 73 )(البقرة 75)ومواضع اخرى كثيرة . والايمان بمعني الأمن والامان والثقة والاطمئان هو بالطبع حسب السلوك أو التعامل مع الظاهر ،فكل من تأمنه وتثق فيه ويكون مأمون الجانب هو انسان مؤمن في مصطلحات القرآن ،اما عقيدته ـ ان كانت بوذية او مسيحية او يهودية او اسلامية –فهذا شـأنه الخاص بعلاقته مع ربه .والله تعالي هو الذي سيحكم عليك وعليه وعلي الجميع يوم القيامة .

    (3) وقد جاء الاستعمالان معا لكلمة الايمان في قوله تعالي عن النبي محمد (يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين :التوبة 61)أي يؤمن بالله اى يعتقد فيه وحده الاها ،ويؤمن للمؤمنين أي يثق فيهم ويطمئن لهم .

    والخلاصة ان الايمان في القرآن الكريم هو الامن في السلوك البشرى وفى التعامل مع الناس ،وكل انسان يامنه الناس ويثقون فيه يكون مؤمنا .ومعناه العقيدى أى في التعامل مع الله تعالي هو الايمان به وحده الاها لا شريك له , هو وحده الشفيع والولى والنصير والوكيل والمستحق وحده بالعبادة والتقديس ،والحكم علي هذا الاعتقاد الذي يختلف فيه الناس- مرجعه لله تعالي وحده يوم القيامة -والمهم ان يتعامل الناس فيما بينهم بالثقة والامن والامان …والسلام ..أي ان الايمان في الاسلام هو قرين السلام في التعامل مع الناس .

    ب- مفهوم الاسلام يشبه مفهوم الايمان في القرآن له معني سلوكى أو ظاهري في التعامل مع الناس ،ومعني باطني ،قلبي ،اعتقادي في الأعتقاد أو التعامل مع الله .



    1-الاسلام في معناه القلبي الاعتقادي هو التسليم والانقياد لله تعالي وحده . والاسلام بهذ المعني نزل في كل الرسالات السماوية علي جميع الانبياء وبكل اللغات القديمة ،الي ان نزل اخيرا باللغة العربية ،وصار ينطق بكلمة "الاسلام"التي تعني الاعتقاد والتسليم والانقياد والطاعة المطلقة لله تعالى وحده (الانعام 161:163)وهذا هو معني الاسلام في الاعتقاد ،والذي سيحكم الله تعالي عليه يوم القيامة ،لأن الله تعالي لن يقبل يوم القيامة دينا آخر غير الخضوع أو الاستسلام له وحده ،وذلك معني قوله تعالي (ان الدين عند الله الاسلام ). (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين :آل عمران 19،54)فالاسلام هو الخضوع لله تعالي بكل اللغات وفي كل زمان ومكان وفي كل الرسالات السماوية , الا انه عندنا وللاسف قد تحول الى وصف باللغة العربية لقوم معينين في عصور معينة .

    والله تعالي لا يهتم بما يطلقه البشر علي انفسهم من القاب وتقسيمات مثل (الذين آمنوا ) والذين هادوا (اليهود ) والنصاري والصابئين (أي الخارجين علي دين اقوامهم )لذلك فان القرآن يؤكد في آيتين ان الذين يؤمنون ايمانا باطنيا وظاهريا (بالامن والامان مع البشر وبالاعتقاد في الله وحده )ويعملون الصالحات ويؤمنون باليوم الاخر ويعملون له فهم من اولياء الله تعالي سواء كانوا من اتباع القرآن ،أو من الذين هادوا ،أو من النصاري او من الصابئين (البقرة 62 المائدة 69 )أي ان من يؤمن بالله واليوم الاخر ويعمل صالحا فهو عند الله قد ارتضي الاسلام أو الانقياد لله عز وجل، سواء كان من المسلمين او اليهود او النصارى او الصابئين في كل زمان او مكان او بكل لسان وذلك ما سنعرفه يوم القيامة، وليس لأحد من البشر ان يحكم علي انسان بشأن عقيدته ،والا كان مدعيا للالوهية، هذا هو معني الاسلام الباطني القلبي الاعتقادي ، هو فى التعامل مع اللة تعالي استسلام وخضوع له بلغة القلوب ،وهي لغة عالمية يتفق فيها البشر جميعا، وعلي اساسها سيكون حسابهم جميعا امام الله تعالي يوم القيامة.

    (2) اما الاسلام في التعامل الظاهري فهو السلم والسلام بين البشر مهما اختلفت عقائدهم يقول تعالي (يا ايها الذين أمنوا ادخلوا في السلم كافة )البقرة 208 .أي يأمرهم الله تعالي بايثار السلم .

    ونتذكر هنا تحية الاسلام الا وهي السلام وان السلام من اسماء الله تعالي، كل ذلك مما يعبر عن تأكيد الاسلام علي وجهه السلمي ويؤكد المعني السابق للايمان بمعني الامن والامان .

    هذا …

    (3) والانسان الذي يحقق الايمان السلوكى في تعامله مع الناس فيكون مأمون الجانب لا يعتدي علي احد ويحقق الايمان العقيدى في تعامله مع الله فلا يؤمن في قلبه الا بالله تعالي وحده الاها، هذا الانسان سيكون مستحقا للامن عند الله يوم القيامة . و الانسان الذي يحقق الاسلام السلوكى في تعامله مع الناس فيكون مسالما لا يعتدي علي احد ،ويحقق الاسلام العقيدى في تعامله مع الله تعالى فيسلم قلبه وجوارحه لله تعالي وحده ،هذا الانسان يكون مستحقا للسلام عند الله تعالي يوم القيامة ،وفي ذلك يقول جل شأنه (الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون :الانعام 82)أي ان الذين آمنوا بالله في عقيدتهم وآمن الناس لهم واطمئنوا اليهم لأنهم لم يظلموا احدا ،لهم الامن في الاخرة لأن الجزاء من جنس العمل .

    لذلك فان الله تعالي يعدهم بالسلام و الامن فى الجنة: يقول تعالي (ادخلوها بسلام آمنين :الحجر 46)ويقول عن الجنة (لهم دار السلام عند ربهم :الانعام 127)أي ان السلام والامان في التعامل مع البشر +الاستسلام لله والايمان بالله وحده وطاعته وحده =السلام والامان في الجنة .والاعتداء والظلم لله تعالي والناس = الجحيم.

    الكفر والشرك فى مفاهيم القرآن الكريم بايجاز نقول:

    1 ـ الكفر و الشرك سواء, هما قرينان فى مصطلح القرآن لذلك يأتيان مترادفين فى النسق القرآنى. يقول تعالى:" ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على انفسهم بالكفر. التوبة17", واذا قرأت الآيات الأولى من هذه السورة وجدت اطلاق مفهومى الشرك والكفر معا على اعداء الاسلام وقت نزول هذه السورة الكريمة , وأمثلة أخرى منها قول مِؤمن آل فرعون لقومه: " تدعوننى لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لى به علم ": غافر 42"

    2 ـ الكفر فى الغة العربية يعنى التغطية, أى كفر بمعنى غطى , ومثلها أيضا " غفر" ومنه المغفر الذى يغطى الوجه فى الحرب. وكلمة "كفر" أى غطى انتقلت الى لغات أخرى منها الأنجليزية : [Cover]. الا ان الله تعالى وصف المزارعين بالكفار, فالزارع كان يطلق عليه فى اللغة العربية "كافر" لأنه " يكفر الزرع " اى يغطيه بالتراب والماء لينمو. وفى ذلك يقول المولى جل وعلا: " اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب و لهو وزينة وتفاخربينكم و تكاثر فى الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته. ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما. الحديد 20" . لقد خلق الله تعالى البشر بفطرة نقية لا تعرف تقديسا الا لله تعالى ولا تعرف غيره جل وعلا ربا والاها و معبودا ووليا وشفيعا ونصيرا . ثم تأتى البيئة الأجتماعية وموروثاتها الدينية فتغطى تلك الفطرة النقية بالاعتقاد فى آلهة وأولياء و شفعاء ينسبونهم الى الله تعالى زورا , ويزعمون أنها تقربهم الى الله تعالي زلفا أو أنها واسطة تشفع لديه. ذللك الغطاء او تلك التغطية هى الكفر بالمعنى الدينى . و فى نفس الوقت فان ذلك هو أيضا شرك لأنه حول الألوهية الى شركة وجعل لله تعالى شركاء فى ملكه ودينه.

    وفى الواقع فان فى داخل الكفر والشرك بعض الأيمان حيث يؤِِِمنون بالله ايمانا ناقصا اذ يجعلون معه شركاء فى التقديس , أو يأخذون من مساحة التقديس ـ التى ينبغى أن تكون لله تعالى خالصة ـ ويعطونها لمن لا يستحقها من البشر و الحجر. وبهذا يجتمع ذلك الايمان ـ الناقص ـ بالله تعالى مع الايمان بغيره أي بتأليه البشر و الحجر , وفى ذلك يقول تعالى :" وما يؤمن أكثرهم بالله الا وهم مشركون" : يوسف 106"

    والله تعالى لا يأبه بذلك الايمان القليل لأنه " كفر" أى غطى الفطرة الاسلامية بالاعتقاد فى غير الله وتقديس غيره.. ويقول تعالى عن اجتماع الايمان القليل بالكفر :" ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلا : النساء 46." ويقول عن ذلك الايمان القليل و كيف لا ينفع عند الله تعالى:" قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا ايمانهم ولا هم ينظرون." السجدة 29".

    وبعضهم يرى أن الكفر هو الالحاد أى الانكار التام لوجود الخالق جل و علا , وان الشرك هو الاعتقاد فى آلهة واولياء مع الله, فالشرك عندهم يختلف عن الكفر .

    و نقول بالاضافة لما سبق ان الله تعالى ذكر فرعون نموذجا لاكثر البشر كفرا والحادا, بلغ به الحاده الى ادعاء واعلان الربوبية العليا وأن يتساءل ساخرا عن الله تعالى منكرا وجوده لأنه ما علم الاها للمصريين سواه ـ يقصد نفسه." النازعات:23 ـ 24" "القصص38" غافر 36 ـ37 .

    هذا الملحد الأكبر كان فى داخله يؤمن بآلهته الفرعونية , بل و يؤِِمن بأن لله تعالى ملائكة ," الزخرف 53".الأعراف 127" ولكنه انخدع بالملك والسلطان والتراث الدينى الذى يزكى طغيانه والكهنة والجند يؤازرونه فازداد طغيانا وتحدى رب العزة جل وعلا. وحين زال عنه سلطانه وجنده وكهنته وكهنوته و أدركه الغرق انكشف غطاء الوهم ورجع سريعا الى فطرته التى غطتها موروثات الشرك ,واعلن اسلامه فى الوقت الضائع حيث لا يجدى الندم ولا التوبة, و أصبح مثلا فى القرآن الكريم لكل مستبد يصل به استبداده الى الالحاد والتأله. ومع ذلك قل من يعتبر من أغلبية المسلمين من الراعى والرعية والرعاع.

    ان اعتى الملحدين فى عصرنا لا يستطيع الغاء الفطرة فى داخله, ومهما اعلن انكاره لله جل وعلا فانه عندما يتعرض للمرض أو الغرق أو المصائب يرجع ذليلا لربه جل و علا. وقد يعود الى عتوه بعد زوال المحنة , و قد يظل في غيه الى لحظة الاحتضار . وهنا يصبح اسيرا بين يدى خالقه يصرخ حيث لا يسمعه البشر من حوله وحيث لا ينفع الندم ولا تجدى التوبة. وحديث القرآن عن هذا الغيب وغيره يطول ـ وما أروعه ـ ولكن ليس هتا محله.







    هذه هي علاقة السلام باسم الاسلام وحقيقته ،فما هي علاقته بتشريعات الاسلام وعلاقة المسلمين بغيرهم ؟.

    المسلمون والسلام من حيث التاريخ :

    1- تدوين التاريخ الاسلامي بدأ واستقر في عصر الامبراطوريات التي شيدها المسلمون علي نمط الامبراطوريات الفارسية والرومانية ،ولذلك تلون التاريخ في كتابته بمفاهيم القوة والتسلط والتعصب أو بمعني اخر بمفاهيم الامبراطوريات في العصور الوسطى ، وبذلك اتسعت الفجوة بين القرآن والتراث في مجالات التاريخ والتشريع ،بل والعقائد ايضا .

    2- وفي ما يخص موضوعنا نجد الفجوة واضحة بين حديث القرآن عن المسلمين الاوائل في عصرالنبي و غزواته وبين السيرة النبوية التي تمت كتابتها بعد النبي بقرنين من الزمان ،في عصور الامبراطورية العباسية ،فالسيرة النبوية لأبن هشام وابن اسحاق الطبري وغيرهم تركز علي شدة بأس المسلمين في حروبهم في عهد النبي وتؤكد بين سطورها ان الاسلام انتشر بالسيف وذلك كي يبرروا ما حدث بعد موت النبي من فتوحات وغزوات تخالف تشريع الاسلام , ولكن نري في القرآن شئا اخر مختلفا .

    3- والبداية هنا تعود الي مصطلح القرآن عن الذين آمنوا وكيف انه يعني اساسا الذين اختاروا الامن والامان في تعاملهم مع الناس حتي لو كان هؤلاء الناس يعتدون عليهم ويضطهدونهم بسبب الدين. وحتي نفهم المعني المراد بالذين آمنوا في خطاب القرآن لأتباع النبي واصحابه نقرأ قوله تعالي لهم (يا ايها الذين أمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل علي رسوله والكتاب الذي انزل من قبل ،ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر فقد ضل ضلالا بعيدا :النساء 136) فالله تعالي يدعو هنا الذين امنوا الي الايمان بالله ورسله وكتبه السماوية . أي يدعوا الذين اختاروا الايمان بمعني الامن والامان ان يضيفوا الي ذلك الايمان القلبي بالله وكتبه ورسله .وعلى هذا النسق فالخطاب للذين آمنوا مقصود به الذين اختاروا السلم و الامن طريقا ،ويأتي الخطاب يدعوهم للايمان القلبي والطاعة واقامة الفرائض , أي يدعوهم الي الايمان القلبي ولوازمه من الطاعات ليتحقق الايمان القلبي مع الايمان الظاهري، او ليتحقق الامن والسلام مع الايمان بالاله وكتبه ورسله , ويتحقق اخيرا في الاخرة نعيم الجنة حيث السلام والامان .

    4- وهؤلاء المؤمنون المسالمون الذين اجتمعوا حول النبي في مكة ثم في المدينة اثروا السلم وتحمل الاضطهاد ، ولم يحاول احدهم الدفاع عن نفسه ،وتحملوا التعذيب في مكة وهاجروا منها الي الحبشة مرتين ثم هاجروا الي المدينة ،وعاشوا في مطاردة وقتال من المشركين الذين يريدون ارغامهم علي العودة لدين الآباء .وكان ممكنا ان يستأصلهم المشركون بالاضطهاد والقتل لولا ان نزل تشريع القرآن يبيح لهم الدفاع عن النفس .

    5- وعلماء التراث في العصور الوسطي لا يعطون آية الاذن في القتال حقها من التدبر لأن التدبر في معناها يعطي حقائق مسكوتا عنها ،فالاية تقول (اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله علي نصرهم لقدير :الحج 39)فهي اذن صريح لكل من يتعرض للظلم والقتل بأن يدافع عن نفسه بغض النظر عن عقيدته ودينه، اذ يكفي ان يكون مظلوما ومعرضا لاحتمال الابادة بالقتل حينئذ يأتيه نصر الله اذا قاتل دفاعا عن حقه في الحياة ،وقد غفل علماء التراث عن عمومية الآية في تشريعها الالهي لكل مظلوم يفرض الاخرون عليه الحرب ، اى كان من حق الشعوب التى فتحها المسلمون عنوة ان يدافعوا عن انفسهم و ان يردوا الاعتداء بمثلة.

    6- وغفل علماء التراث عن معني اخر اهم ،وهو ان الايذاء الذي اوقعه المشركون بالمؤمنين وصل الي درجة القتل، وحين يقاتل المشركون قوما مسالمين لا يردون علي انفسهم القتل فان الابادة لاولئك المستضعفين حتمية . أي ان القرآن يشير الي حقيقة تاريخية اغفلتها عنجهية الرواة في العصر العباسي الامبراطورى وهي ان المشركين قاموا بغارات علي المدينة وحدث قتل وقتال للمسلمين ، وسكت المسلمون لأن الاذن بالقتال لم يكن نزل بعد , فلما نزل التشريع اصبح من حقهم الدفاع عن النفس .

    7- وغفل علماء التراث ايضا عن التدبر في الاية التالية لتشريع الاذن بالقتال .

    فالاية تقول (الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق الا ان يقولوا ربنا الله، ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ...:الحج 4)الاية هنا تعطي حيثيات الاذن بالقتال لرد العدوان ،الاول ان اولئك المظلومين تعرضوا للقتل والقتال، والثاني انهم تعرضوا للطرد من بيوتهعم ووطنهم لمجرد انهم يقولون ربنا الله ،وهذا ما اشار اليه علماء التراث لكنهم غفلوا بسبب التعصب الديني في عصر الامبراطورية العباسية في القرون الوسطي – عن التدبر في الفقرة الثانية من الاية والتي تؤكد انه لولا حق المظلوم في الدفاع عن نفسه لتهدمت بيوت العبادة للنصاري واليهود والمسلمين وغيرهم حيث يذكر العابدون فيها اسم الله كثيرا .

    والاهمية القصوي هنا في تأكيد القرآن علي حصانة بيوت العبادة لليهود والنصاري والمسلمين حيث ذكر الصوامع والبيع والصلوات ،أي كل ما يعتكف فيه الناس للعبادة من اديرة وكنائس وغيرها ثم جاء بالمساجد في النهاية وقال عن الجميع انهم يذكرون فيها اسم الله كثيرا ولم يقل طبقا لعقيدة الاسلام في الالوهية (يذكر فيها اسم الله وحده) حتي يجعل لكل بيوت العبادة لكل الملل والنحل حصانة ضدالاعتداء .

    والاهمية القصوى هنا ايضا ان تشريع الاذن بالقتال ليس فقط لرد الاعتداء وانما ايضا لتقرير حرية العبادة لكل انسان في بيت عبادته ،مهما كانت العقيدة والعبادة ،فلكل انسان فكرته عن الله وعقيدته في الله وهو يقيم بيوتا لعبادة الله و لابد ان تكون هذه البيوت واحة آمنة تتمتع هي ومن فيها بالامن والسلام ،

    وتلك هي حقيقة الاسلام الذي غفل عنها علماء التراث .

    8- وكان منتظرا من المؤمنين المسلمين حول النبي ان يبتهجوا بتشريع الاذن بالقتال ورد الاعتداء والدفاع عن النفس ،ولكن حدث العكس اذ انهم تعودوا الصبر السلبي وتحمل الاذى ،ولذلك كرهوا تشريع الجهاد برد الاعتداء وغفلوا انه ضرورى لحمايتهم من خطر الابادة لأنه اذا عرف العدو انهم لن يسكتوا فسيتوقف عن الاعتداء عليهم ،وبذلك يتم حقن الدماء، وفي ذلك يقول سبحانه وتعالي للمؤمنين (كتب عليكم القتال وهو كره لكم ،وعسي ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وعسي ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون :البقرة 21:67)لقد كرهوا القتال دفاعا عن النفس وهو خير لهم واحبوا الاستكانة والخضوع لمن يحاربهم وهو شر لهم، والسبب انهم تعودوا السلام والصبر الي درجة اصبحت خطرا علي وجودهم ودينهم .

    الا ان هذا التوضيح القرآني للمؤمنين المسالمين لم يكن كافيا لبعضهم لكي يخرجهم من حالة الخضوع الي حالة الاستعداد لرد العدوان ولذلك فان فريقا منهم احتج على تشريع القتال، ورفع صوته لله بالدعاء طالبا تأجيل هذا التشريع , وفي ذلك يقول الله تعالي (الم تر الي الذين قيل لهم كفوا ايديكم واقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ، فلما كتب عليهم القتال اذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله او اشد خشية ،وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا اخرتنا الي اجل قريب قل متاع الدنيا قليل والاخرة خير لمن اتقي: النساء77).

    كانوا في مكة مأمورين بكف اليد عن الدفاع عن النفس اكتفاء باقامة الصلاة وايتاء الزكاة فلما فرض عليهم القتال الدفاعي إحتج فريق منهم وطلب التأجيل , وهذا يدل علي عمق شعورهم بالمسالمة وكراهية الدماء .

    9ـ وكانت الغزوات في عهد النبي اكبر دليل علي انحياز المسلمين للسلام وكراهيتهم للحرب الدفاعية التي اضطروا اليها. ونستشهد من خلال القرآن علي موقف المسلمين من ثلاث غزوات :بدر والاحزاب وذات العسرة .

    كانت غزوة بدر هي الاولي والاشهر، ولكي نفهم اسبابها الحقيقية علينا ان نعرف معني الايلاف في قريش التي اشارت اليه سورة قريش (لإيلاف قريش ايلافهم رحلة الشتاء والصيف ، فليعبدوا رب هذا البيت الذي اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) . لقد تعودت قريش علي رحلتي الشتاء والصيف بين الشام واليمن ، لتنقل التجارة بين الهند والروم. تأتى بضائع الهند الى اليمن فتنقلها قريش الى الشام, ومن الشام تأتى ببضائع الروم الى اليمن, ومن ثم الى الهند. وكان الايلاف يعني خارج مكة تأمين طريق القوافل القرشية بين مكة والشام وبين مكة واليمن ،وكان يعني داخل مكة ان يشترك القرشيون جميعا في تمويل قافلتي الشتاء والصيف وذلك بتقسيم رأس المال الى اسهم وفي نهاية كل عام تحسب ارباح الاسهم ويأخذ كل انسان حصته علي قدر اسهمه .

    وبإيذاء المسلمين وطردهم من مكة الي المدينة استولي المشركون علي بيوتهم في مكة ورؤوس اموالهم في قافلتي الشتاء والصيف، ولم يكن المسلمون ليجرءوا علي استرداد اموالهم طالما كانوا يتحملون ضرب عدوهم ،فلما نزل تشريع الاذن بالقتال كان طبيعيا ان يحصلوا علي حقهم من الايلاف بالاغارة علي القافلة التي تتاجر بأموالهم الضائعة ليحصلوا منها علي بعض ما ضاع من حقوقهم ،وجاءتهم البشارة اما بالنصر أوبالحصول علي القافلة. ومع عدالة القضية ووضوحها الا انه عندما نجت القافلة وجاء علي اثرها جيش المشركين ليقاتل الفرقة المسلمة قليلة العدد فان بعض المسلمين حين عرفوا بأنه تحتم عليهم ملاقاة الجيش بدلا من القافلة انزعجوا وخافوا مع ان البشرى لهم بالنصر قائمة طالما فرت القافلة . ولا نجد احسن من وصف القرآن لهذا الفريق الخائف من اهل بدر، يقول تعالي كما اخرجك ربك من بيتك بالحق ،وان فريقا من المؤمنون لكارهون، يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون الي الموت وهم ينظرون :الانفال5،6)أي انهم كانوا كارهين للحرب واعلنوا عن موقفهم بالجدال في الحق الذي اصبح واضحا, وعندما تحتم عليهم القتال الفعلي كانوا كأنما يواجهون الموت وينظرون اليه .

    وبالمناسبة نذكر ان حديث القرآن عن غزوة بدر يناقض روايات السيرة التي تؤكد خلافا للحقيقة ان جميع المسلمين في بدر تحمسوا للقتال ولم يرتفع صوت واحدبالتردد . ولولا ما ذكره القرآن ما عرفنا حقيقة الموضوع ،وان كانت الثقافة الاسلامية المعاصرة لم تنتبه حتي الان الي هذه الايات وغيرها اذ ان معظم الحقائق الاسلامية غائبة ولاتزال.

    وفي غزوة الاحزاب حاصر المشركون المدينة فبلغ الخوف من المؤمنين غايته ،ويكفي ان نتدبر قوله تعالي يصف المؤمنين وقتها(...واذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا ،هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا :الاحزاب 10،11)وادي الخوف ببعضهم الي الهرب وتعويق المقاتلين ونشر الاشاعات (الاحزاب 18،19،60)وفي المقابل ظهر المعدن الاصيل لبعض المؤمنين فازدادوا ايمانا وتسليما :ا(الاحزاب 22،33)

    وفي غزوة ذات العسرة آخر الغزوات ظل المسلمون حتي ذلك العهد غير متحمسين للقتال ورد الاعتداء مما جعل آيات القرآن اكثر تأنيبا لهم (التوبة 13،16)ومنها قوله تعالي (يا ايها الذين آمنوا مالكم اذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم الي الارض ،التوبة 38 )أي كانوا يتثاقلون اذا جاءهم الامر بالقتال ،أي ان التثاقل ظل معهم من البداية الي نهاية عهد النبي، هذا بخلاف المنافقين , فنحن نتحدث عن الذين آمنوا لنعرف كيف انهم آمنوا بمعني احبوا الامن والامان وكرهوا الحرب والقتال حتي لوكان الحرب والقتال دفاعا ضد عدوان لا ينتهي .

    ويكفي ان الله تعالي وصف حرب المشركين لهم بأنها حرب مستمرة تهدف لإرجاعهم الي دين الاباء ،يقول تعالي (ولا يزالون يقاتلونكم حتي يردوكم عن دينكم ان استطاعوا :البقرة 217) و جاء التشريع ليواجة باعداد اقصى قوة ممكنة ـ ليس للاعتداء ولكن لردع اولئك المعتدين وارهابهم حتى لا يفكروا فى الاعتداء. وهى سياسة الردع الوقائى التى ارساها القرآن الكريم وجعلها فى تأكيد السلم والحفاظ علية . ولمزيد من العلم تدبرقولة تعالى" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون بة عدو اللة و عدوكم.الأ نفال"60" و لاحظ اختلاف مصطلح القرآن عن الارهاب ـ ترهبون ـ عن مفهومة فى عصرنا, ليس فقط فى المفهوم ولكن ايضا فى التشريع , فارهاب العدو المعتدى هنا ليكف عن اعتدائة, اي لارساء السلام وليس لقتل المدنيين المسالمين.

    هذا ما كان عليه المسلمون الاوائل ضد مشركي مكة ولكن مالبث ان دخل مشركوا مكة في الاسلام بعد فتحها، وسرعان ما تصدروا جيوش المسلمين في حرب الردة بعد موت النبي ثم تصدروا الجيوش في فتوحات الشام ومصر ثم حكموا البلاد المفتوحة ثم وثبوا على السلطة واقاموا الامبراطورية الاموية بالحديد والنار، وتوارثوا السلطة وبعدها تغير المسلمون، واتسعت الفجوة بينهم وبين الاسلام .

    تشريعات الجهاد و القتال في الاسلام :

    1- في الاطار السابق نفهم تشريعات الجهاد في الاسلام .

    والجهاد في مصطلح القرآن يعني النضال ابتغاء مرضاة الله بالنفس والمال ،وقد يكون ذلك بالدعوة السلمية بمجرد قراءة القرآن كقوله تعالي (فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا :الفرقان 52)وقد يكون الجهاد دفاعا عن النفس وهنا تتوالي تشريعات القرآن لتضع احكامه وقواعده واهدافه .

    وعموما فالاحكام في التشريعات القرآنية هي اوامر تدور في اطار قواعد تشريعية ،وهذه القواعد التشريعية لها مقاصد او اهداف ،او غايات عامة ،فالامر بالقتال له قاعدة تشريعية وهوان يكون للدفاع عن النفس ورد الاعتداء بمثله او بتعبير القرآن (في سبيل الله )،ثم يكون الهدف النهائي للقتال هو تقرير الحرية الدينية ومنع الاضطهاد في الدين ،كي يختار كل انسان ما يشاء من عقيدة وهو يعيش في سلام وامان حتي يكون مسئولا عن اختياره امام الله تعالي يوم القيامة .

    ونضرب بعض الامثلة :

    يقول تعالي (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين :البقرة195) فالامر هنا (قاتلوا)والقاعدة التشريعية هي (في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين )وتتكرر القاعدة التشريعية في قوله تعالي (فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم :البقرة 194)اما المقصد او الغاية التشريعية فهي في قوله تعالي (وقاتلوهم حتي لا تكون فتنة ويكون الدين لله :البقرة 193)أي ان منع الفتنة هي الهدف الاساسي من التشريع بالقتال . والفتنة في المصطلح القرآني هي الاكراه في الدين والاضطهاد في الدين ،وهذا ماكان يفعله المشركون في مكة ضد المسلمين يقول تعالي (والفتنة اكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتي يردوكم عن دينكم ان استطاعوا :البقرة 217).

    وبتقرير الحرية الدينية ومنع الفتنة او الاضطهاد الديني يكون الدين كله لله تعالي يحكم فيه وحده يوم القيامة دون ان يغتصب احدهم سلطة الله في محاكم التفتيش واضطهاد المخالفين في الرأي ،وذلك معني قوله تعالي (وقاتلوهم حتي لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله : الانفال 39 ).

    والواضح ان هذه التشريعات في القتال في الاسلام تتفق مع مفهوم الاسلام والايمان والمسلم المؤمن ،او بمعني اخر هي تشريعات تؤكد علي السلام وتحميه من دعاة العدوان ،وتؤكد علي حرية العقيدة وتفويض الامر فيها له سبحانه وتعالي يوم القيامة وتحميها من دعاة التعصب والتطرف واكراه الاخرين في عقائدهم واختياراتهم.

    ومع وضوح الصلة بين المفهوم الاسلامي والايمان وتشريعات القتال ،الا ان تشريعات القرآن جاءت بتأكيدات اخرى حتى تقطع الطريق علي كل من يتلاعب بتشريعات القرآن ومفاهيمه ،ونعطي لذلك مثالا ساطعا في سورة النساء وهي تتحدث عن حرمة قتل انسان مسالم مؤمن مأمون الجانب ،تقول الاية 92 من سورة النساء (وما كان لمؤمن ان يقتل مؤمنا الا خطأ )أي لايمكن ان يقتل مؤمن مسالم مؤمنا مسالما الا علي سبيل الخطأ، او بمعني اخر لا يمكن ان يتعمد المؤمن المسالم قتل المؤمن المسالم الاخر، ثم تتحدث الاية عن الدية المفروضة واحكامها .

    وتتحدث الاية 93 عن عقوبة قتل المؤمن المسالم (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما )فالذي يقتل مؤمنا مسالما جزاؤه الخلود في جهنم مع العذاب العظيم ولعنة الله وغضبه ،وهي عقوبات فريدة قلما تجتمع فوق رأس احد من الناس يوم القيامة .

    وتتحدث الاية 94 عن ذلك المؤمن المسالم الذي تحرص تشريعات القرآن علي حقه في الحياة: يقول تعالي (يا ايها الذين آمنوا اذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ،ولا تقولوا لمن القى اليكم السلام لست مؤمنا )أي في ساعة المعركة علي المؤمنين ان يتبينوا حتي لا يقعوا في جريمة قتل انسان مسالم شاء سوء حظه ان يوجد في الميدان. ويعطى القرآن مسوغا للنجاة لكل مقاتل في الجهة المعادية فيكفي ان يقول (السلام عليكم )فاذا القاها حقن دمه واصبح مؤمنا مسالما حتي في ذلك الوقت العصيب ،أي ان المسلم المسالم المؤمن هو من يقول (السلام) حتي في ساعة الحرب واذاتعرض للقتل فان قاتله يستحق الخلود في النار والعذاب العظيم ولعنة الله وغضبه .

    و اذا كان محاربا يقتل المسلمين في الحرب ثم بدا له ان يراجع نفسه فما عليه الا ان يعلن الاستجارة ،وحينئذ تؤمن حياته او يعطي الامان، ويسمعونه القرآن حتي يكون سماعه للقرآن حجة عليه يوم القيامة ،ثم علي المسلمين ايصاله الي بيته في امن وسلام، وذلك معني قوله تعالي (وان احد من المشركين أستجارك فأجره حتي يسمع كلام الله ثم ابلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون :التوبة 6)

    [/align]

  7. #7
    كبار الشخصيات
    سيد الحصن
    الصورة الرمزية هدوء عاصف
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    الأردن
    العمر
    42
    المشاركات
    21,880

    افتراضي رد: الاسلام ...

    [align=center]
    سوف نتحدث في هذا المقال عن شخصية النبي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- باعتباره القدوة الحسنة المرتضاة من الله تعالى لكافة البشر، هذه الشخصية التي تكلم عنها بعض وسائل الإعلام العالمية بما لا يليق بها، في حين أننا نلاحظ أنه يُطبّل لأناس لا يتوفر فيهم معشار جزء من خلقه فهو صلوات الله وسلامه عليه،جمع الفضائل كلها،والمكارم جميعها،والمحامد بأكملها،إليه ينتهي الخير،وفيه تأصل البر،وعلي يديه فاض النور وأشرقت الهداية، وبه أنقذ الله البشرية، وأخرجها من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد،ومن ضيق الدنيا إلى سعتها،ومن جور الطواغيت إلى عدل الإسلام.
    ومن أجل ذلك كانت سيرته من أجمل السير،وصفاته من أنبل الصفات، وأخلاقه من أعظم الأخلاق، وحياته من أروع الحياة وأوفاها وأشملها.
    نعم إن التاريخ الإنساني على وجه الأرض لم يعرف عظيما من العظماء ولا زعيما من الزعماء ولا مصلحا من المصلحين استوعب في صفاته الذاتية والعقلية والنفسية والخلقية والدينية والروحية والاجتماعية والإدارية والعسكرية والتربوية ما استوعبه شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وما اختصه الله به من الكمالات التي تشرق في كل جانب من جوانبها وتضيء في كل لمحة من لمحاتها، حتى استحق أن يصفه الله عزوجل بالنور في مثل قوله تعالى (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين)(المائدة 15).
    ولا عجب في ذلك، فقد أرسله الله للناس كافة، قدوة صالحة لهم،ورحمة للعالمين. وهو القائل عن نفسه (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).(الموطأ).
    فرسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أن بعثه الله عزوجل للناس نبيا ورسولا كانت حياته صورة صادقة للدين الذي جاء به من عند الله، وما أجمل ما وصفته عائشة رضي الله عنها حينما سئلت عنه، فقالت (كان خلقه القرآن).
    أي أنه كان قرآنا حيا متحركا ملتزما بأحكامه ، عاملا بتوجيهاته، متبعا لهديه،ومنتهيا عند نهيه،يدعو إلى نوره، ويحتكم إلى شريعته،من أجل ذلك قال الله تعالى (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا)(الأحزاب 21).

    فهو القدوة إلى الخير والأسوة بين الناس إلى رضوان الله.
    وأيما دعوة من الدعوات، لا يتأتى لها النجاح والانتشار ما لم يكن لها من أصاحبها والداعين إليها قدوات صالحة في التطبيق العملي لتلك الدعوة في أخلاقهم وسلوكهم ومواقفهم في الحياة.
    لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في ذلك فقد صنعه الله على عينه، وأدبه فأحسن تأديبه، وأعده لحمل رسالته وتبليغ دعوته وإخلاص العبودية لرب العالمين قال سبحانه: (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم)(القلم 4).

    وسيرته صلى الله عليه وسلم العطرة سجل حافل بالمآثر مليء بالمكرمات، مفعم بالفضائل، إنه كنز المواعظ والعبر،ومدخر الدروس التي تنبض بالنور،ترشد إلى الخير،وتوقظ الهمم، وتشحذ العزائم،وتذكي الإيمان، وترسم الطريق إلى مرضاة الله، وتضع المعالم أمام الدعاة والمصلحين،وتجسم القيم العليا والمبادئ الرفيعة في شخص النبي صلى الله عليه وسلم،واقعا محسوسا،وحياة كريمة فاضلة.
    فما نقرأه عما ينشر عنه في العالم الآخر من معلومات مغلوطة وكاذبة وذلك باتهامه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - بأنه رجل حرب ونهب وسلب، وأنه كان غليظ القلب، وأن الدين الذي جاء به دين العنف والرهبة والقتال، وصار بعض الرموز عندهم يُنعتون بأنهم رجال المحبة والرحمة والسلام، وتناسى الناس في زحمة الكذب الإعلامي والتزوير في الحقائق التاريخية والدينية والثقافية شخصية النبي -صلى الله عليه وسلم- تلك الشخصية التي نالت القدر الأوفى من كل الشمائل والخصال النبيلة، والقيم الإنسانية العليا.
    لقد كان ميلاد محمد -صلى الله عليه وسلم- إيذاناً ببدء ثورة شاملة، حررت الإنسان والزمان والمكان، ورفعت عنها إصر عبوديات وأغلال كثيرة كانت تعيق انطلاقها جميعاً، فأخذ الإنسان حريته بيده، وصاغ هوية زمانه ومكانه صياغة جديدة، فجرت عناصر الخير في كل شيء، كان احتجاجاً قبلياً على كل عناصر الخير، فوقف الإنسان على ربوة التاريخ يسدّد خطواته نحو الأشرف والأفضل، ووقف المكان ليُلهم ويحتضن وينبت الأروع والأنصع، ووقف الزمان ليفسح ويتيح للأكمل والأشمل!
    ولد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسّم وثناء
    ولقد شكلت شخصية محمد -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- الرجل الذي اكتملت فيه كل الأخلاق الحميدة، وانتفت منه كل الأخلاق الذميمة، ولذلك خاطبنا الله بقول: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة). والمطّلع على سيرة النبي محمد -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- يدرك أنها كانت حقيقة تاريخية لا تجد الإنسانية غيره قدوة حسنة تقتدي بها، وهي تتلمس طريقها نحو عالم أكمل وأمثل، وحياة فُضلى، ومن الطبيعي ألا تجد الإنسانية مثلها الأعلى في شخصيات وهمية، وإلا فهي تضلّ طريقها المستقيم وتسير مقتدية بالخيال والأوهام، فمن حقنا إذاً أن نتخذ من سيرة النبي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- نموذجاً لسلوكنا في حياتنا.
    وحياة محمد -صلى الله عليه وسلم- تكشف أمامنا المثلى الأعلى في جميع أحوال الحياة؛ في السلم والحرب، في الحياة الزوجية، مع الأهل والأصحاب، في الإدارة والرئاسة والحكم والسياسة، في البلاغ والبيان، بل في كل أوجه الحياة. فمحمد -صلى الله عليه وسلم- هو المثل الكامل.

    ولن تجد الإنسانية في غيره مثلاً حياً لها؛ فسيرة محمد -صلى الله عليه وسلم- حقيقة تاريخية، يصدّقها التاريخ الصحيح ولا يتنكر لها، وهي سيرة جامعة محيطة بجميع أطوار الحياة وأحوالها وشؤونها، وهي سيرة متسلسلة لا تنقص شيئاً من حلقات الحياة، وهي أيضاً سيرة عملية قابلة للتطبيق، ذلك أن ما كان يدعو إليه محمد -صلى الله عليه وسلم- في القرآن والحديث كان يحققه بسيرته أولاً، وهذا ما شهد به معاصروه، فقالت عائشة -رضي الله عنها- وقد سئلت عن أخلاقه صلى الله عليه وسلم: «كان خلقه القرآن».
    فهو قدوة الرجال وحبيب الله ورحمة العالمين وأساس سلم العالم محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

    [/align]

  8. #8
    كبار الشخصيات
    سيد الحصن
    الصورة الرمزية هدوء عاصف
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    الأردن
    العمر
    42
    المشاركات
    21,880

    افتراضي رد: الاسلام ...

    [align=center]
    محمد الرحمة المهداة:


    إن رحمة النبي -صلى الله عليه و سلم- بُعد مهم في شخصيته، وفي دعوته، ومن صميم شخصيته رسولاً ونبياً ومبلغاً عن ربه وهادياً للناس. وحينما نقرأ قوله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) ونقف أمام الآية ندرك سعة رحمة هذا النبي الكريم، وكيف كان صلى الله عليه وسلم يفيض رحمة في خلقه وسلوكه وأدبه وشمائله. وإنه لتناسب وتآلف في أرقى مستوياته بين الرسالة والرسول في هذه الرحمة، حتى لا يُتصور أن يحمل عبء بلاغ هذه الرحمة إلى العالمين إلا رسول رحيم ذو رحمة عامة شاملة فياضة طبع عليها ذوقه ووجدانه، وصيغ بها قلبه وفطرته..(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ) [التوبة: 128]. فهو مثل أعلى للرحمة الإلهية لذلك وصفه الله تعالى بأنه رؤوف رحيم.
    لقد أرسله الله تعالى رحمة للعالمين.. رحمة شاملة للوجود بأجمعه. يستطيع المؤمنون الاستفادة من الرحمة التي كان يمثلها النبي -صلى الله عليه و سلم- ذلك لأنه (بالمؤمنين روؤف رحيم) ويستطيع الكافرون والمنافقون أيضاً -إلى جانب المؤمنين - الاستفادة من هذه الرحمة كذلك. فعندما قيل له: ادع على المشركين قال صلى الله عليه وسلم: "إني لم أُبعث لعانًا، وإنما بُعثت رحمة".
    كما أن رحمته شملت أسرته وأمته وأصحابه، فقد كان صلى الله عليه وسلم خير الناس وخيرهم لأهله وخيرهم لأمته، من طيب كلامه، وحُسن معاشرة زوجاته بالإكرام والاحترام، حيث قال عليه الصلاة والسلام: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي". كما أنه في تعامله مع أهله وزوجه كان يُحسن إليهم، ويرأف بهم ويتلطّف إليهم ويتودّد إليهم، فكان يمازح أهله ويلاطفهم ويداعبهم. كما كان يعين أهله ويساعدهم في أمورهم ويكون في حاجتهم، وكانت عائشة تغتسل معه صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحد، فيقول لها: (دعي لي)، وتقول له: دع لي.
    وكان صلى الله عليه وسلم رحيماً بالجميع، بل إنه يسمع بكاء الصبي فيسرع في الصلاة مخافة أن تفتتن أمه. و كان صلى الله عليه وسلم يمر بالصبيان فيسلم عليهم. وجاء الحسن والحسين، وهما ابنا ابنته وهو يخطب الناس فجعلا يمشيان ويعثران فنزل النبي صلى الله عليه وسلم من المنبر، فحملهما حتى ووضعهما بين يديه، ثم قال صدق الله ورسوله(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) [لأنفال:28] نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان فيعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما.
    فرحمة النبي -صلى الله عليه وسلم- جعلته لطيفاً رحيماً، فلم يكن فاحشاً ولا متفحّشاً، ولا صخّاباً في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح. بل إن سيدنا أنس -رضي الله عنه- يقول: "خدمت النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر سنين، والله ما قال أفّ قط، ولا قال لشيء لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا" ، وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادماً له، ولا امرأة ولا ضرب بيده شيئاً قط إلا أن يجاهد في سبيل الله". وفي رواية "ما ضرب رسول الله شيئًا قط بيده ولا امرأة ولا خادمًا إلا أن يجاهد في سبيل الله" .
    ولذلك قال فيه القرآن الكريم: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وشاورهم في الأمر) [آل عمران:159] ، فقد كان منهجه الرحمة بالعباد والتخفيف من الإصر والغلال التي عليهم، وهو في هذا يقول صلى الله عليه وسلم: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) .
    وتتجلّى رحمته -صلى الله عليه وسلم- بالمذنبين، وبمن لا يعرفون كيف تقضى الأمور فيعفو ويصفح ويعلم، عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مَه مَه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (لا تزرموه، دعوه) ، فتركوه حتى بال ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر، إنما هي لذكر الله، والصلاة، وقراءة القرآن" قال: فأمر رجلاً من القوم فجاء بدلو من ماء فشنّه عليه".
    كانت رحمة النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل غضبه، بل إنه في الحرب كان يقاتل بشجاعة، ولكنه أيضاً كان صاحب شفقة عظيمة، كان سياسياً، ولكنه في الوقت نفسه صاحب مروءة كبيرة وقلب كبير. ففي غزوة أحد استشهد عمه حمزة أسد الله ورسوله رضي الله عنه، ومُزّق جسده تمزيقاً. كما مُزّق جسد ابن عمته عبد الله بن جحش تمزيقاً. وشُجّ رأسه المبارك صلى الله عليه وسلم، وكُسِرت رباعيّته، وغطّى الدم جسده الشريف.
    وبينما كان المشركون جادّين في حملتهم لقتله كان أكثر رحمة بهم، وكان يدعو: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون". فهل يوجد أرحم من محمد في مثل هذه اللحظات.
    وفي فتح مكة كيف تعامل مع من أخرجوه وظاهروا على إخراجه وإيذائه؟ وكيف تعامل مع من حاصروه في شعب أبي طالب وتسببوا في وفاة أحب زوجاته إليه خديجة الكبرى رضي الله عنها، وفي وفاة عمه أبي طالب؟ فكيف كانت معاملته لأهل مكة بعد كل هذا التاريخ المملوء عداوة وبغضاً؟
    لقد دخل مكة بعشرة آلاف مقاتل، دخل على مركبه، والدرع على صدره، والمغفر على رأسه، والسيف في يده، والنبال على ظهره، ولكنه مع كل مظاهر لباس الحرب هذه كان أنموذجاً للرحمة.
    سأل أهل مكة: «ما ترون أني فاعل بكم؟» فأجابوه: "خيراً أخٌ كريمٌ وابن أخ كريم" فقال لهم ما قاله يوسف عليه السلام لإخوته: (لا تثريبَ عليكم اليوم يَغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين) (يوسف: 92) لقد قال لهم: "اذهبوا فأنتم الطُلَقاء".
    هذا هو محمد النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذه رحمته التي شملت كل الناس، واستمرت دستوراً هادياً إلى أن تقوم الساعة، وليست تلك الرحمة الكاذبة التي تأتي ردود أفعال من أناس يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، كما أنها ليس تلك الرحمة ذات الوجهين التي تُطبّق على البعض، ويُحرم منها البعض، كما نراه في كثير من الشخصيات والنظم والقوانين الدولية والمحلية، التي تحاكم آخرين وتستثني آخرين. أو تلك المؤسسات والشخصيات التي ترأف وترحم الحيوان، ولكنها تشرّع لظلم الإنسان لأخيه الانسان.

    [/align]

  9. #9
    كبار الشخصيات
    سيد الحصن
    الصورة الرمزية هدوء عاصف
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    الأردن
    العمر
    42
    المشاركات
    21,880

    افتراضي رد: الاسلام ...

    [align=center]
    أم لم يعرفوا رسولهم؟


    يقول الله تعالى في محكم تنزيله: (أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون) [المؤمنون: 69]، هذه الآية تشكل في الحقيقة مسوغًا هاماً لنا في تناول شخصية النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك أن معرفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سيرته وفي سنته وفي شمائله من أهم الأمور التربوية التي تساعدنا على الاقتداء به صلى الله عليه وسلم. فإنه لا توجد سيرة أخرى أجدى بأن تُقتدى ويُحتفل بها مثل سيرته صلى الله عليه وسلم. وفي تاريخ البشرية كلها لا نجد حياةً نُقلت إلينا تفاصيلها، وحُفظت لنا وقائعها في وضوح كامل، وتفصيل عميم شامل كما حُفظت، وكما نُقلت إلينا حياة محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- رسول الله ورحمته المهداة إلى الناس أجمعين، فكل كلمة قالها، وكل خطوة خطاها، وكل بسمة تألّقت على محيّاه، وكل دمعة تحدرت من مآقيه، وكل مسعًى سار لتحقيقه، وكل مشاهد حياته حتى ما كان منها من خاصة أمره، وأسرار بيته، وأهله، نُقل إلينا موثّقاً بأصدق ما عرف التاريخ الإنساني من توثيق وتدوين.
    ولا عجب في هذا، فمادام الله قد اختاره ليختم به النبوة والأنبياء، فمن الطبيعي أن تكون حياته منهجاً جليلاً لأجيال لا منتهى لأعدادها، وأن تكون هذه الحياة بكل تفاصيلها أشد وضوحاً، وتألقاً من فلق الصبح ورابعة النهار، لا بالنسبة إلى عصره فحسب، بل بالنسبة إلى كل العصور والأجيال.
    إن حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وشمائله، وجوانب شخصيته، ونتائج دعوته درس لكل سالك إلى طريق الله، وكل قائد أو مربٍّ أو رب أسرة أو سالك أي سبيل من سبل الخير إلى أن ينقطع الزمان.

    و أهم أبعاد شخصيته صلى الله عليه وسلم، هو المحبة. فكيف كان النبي -صلى الله عليه وسلم- رجل محبة؟ وما هي الجوانب التي شملها هذا الخلق العظيم؟ وما موقفنا نحن تجاه محبته؟
    [/align]

  10. #10
    كبار الشخصيات
    سيد الحصن
    الصورة الرمزية هدوء عاصف
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    الأردن
    العمر
    42
    المشاركات
    21,880

    افتراضي رد: الاسلام ...

    [align=center]
    منهجه يدعو إلى مجتمع المحبة:


    إنها لصورة قاتمة باهتة مخيفة تلك التي رسمها البعض للإسلام في أذهان الناس حتى صار الناس يخافون من الدين ومن التدين؛ لأنهم يظنونه شيئاً قاسياً لا يرحم، وأتباعه غلاظ لا يلينون، وأحكامه سيف قاطع على الرؤوس.
    وقد استثمر البعض الموقف، واتهموا النبي -صلى الله عليه وسلم- والإسلام بالحقد والكراهية، وكل أوصاف التجهم والتعصب والعنف، حتى لكلأنها صارت حقيقة، وأُسقط في أيدينا، وظن بعضنا أن هذا الزيف حقيقة.
    ولكن الحقيقة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نور يُستضاء به في ظلام الجاهلية، ومحبة خالصة تؤلف بين القلوب، وأن الإسلام شمس مضيئة أنارت ظلام الجاهلية، وهو دين الحب والأمل و الحياة واليسر، و شرائعه هي شرائع الحق والعدل، وأحكامه هي أحكام الحياة.
    وللقيمة الرفيعة لخلق الحب والمحبة في الحياة، وأهميته في تحقيق السعادة للفرد والأسرة والمجتمع والأمة والإنسانية، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- سعى لتحقيقه بوسائل متعددة، وربّى أصحابه وأمته على هذه النفسية الراقية، وحث على إشاعته بين الناس، ببناء كل العلاقات على أساس من الحب؛ حبّ الله، وحب الخير، وحب الصلاح والصالحين، وحب الإنسانية.
    وبعبارة أخرى فإن نهجه صلى الله عليه وسلم، وحياته كلها دعوة للتحابب. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه مسلم في كتاب الإيمان‏:‏ ‏"‏لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا‏، ولا تؤمنوا حتى تحابوا‏.‏ أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم‏؟ أفشوا السلام بينكم"‏‏.‏
    وجاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة أيضاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال‏:‏ ‏"‏سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله‏:‏ الإمام العادل‏.‏ وشاب نشأ بعبادة الله‏.‏ ورجل قلبه معلّق في المساجد‏.‏ ورجلان تحابّا في الله: اجتمعا عليه وتفرّقا عليه‏.‏ ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال‏:‏ إني أخاف الله‏.‏ ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله‏.‏ ورجل ذكر الله خالياً، ففاضت عيناه‏".‏ فمن الناس الذين يصلون إلى تلك المرتبة العالية يوم القيامة ‏‏(ورجلان تحابا في الله‏)‏ فاجتمعا على حب الله وافترقا على حبه‏.‏ بمعنى أن سبب اجتماعهما حب الله، واستمرا على ذلك حتى قضى الله أمراً كان مفعولاً فتفرّقا بموت أو سفر أو غيره، وهما صادقان في حبّ كل واحد منهما صاحبه لله تعالى، حال اجتماعهما وافتراقهما‏.‏
    ليس هذا فحسب، بل إن شرائع الإسلام وأحكامه كلها دعوة للمحبة، فالزكاة مثلاً التي هي قرينة الصلاة وجوباً وأهمية، فإن المستفيد منها وهو الفقير يشعر بأنه ليس وحده في المجتمع، وإنما هو فرد في جماعة لا تنساه وتكفله، ومن هنا تتلاشى الأحقاد وتنبت المحبة والألفة، وهكذا تكون الجماعة كالجسد الواحد، الغني يدفع من مال الله الذي عنده فيجد البركة والنماء، والفقير يتناول رزق ربه فيسدّ حاجته، والمجتمع ينقى ويطهر من الأمراض الخبيثة.
    ولهذا فإن حب الخير للناس مما يقوم عليه ويتقوى به إيمان المؤمن، ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن رجلاً لم يعمل خيراً قط، وكان يداين الناس، فكان إذا أرسل غلامه للتقاضي يقول له: خذ ما تيسر، واترك ما عسر، وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا، فلما هلك سأله الله تعالى: هل عملت خيراً قط؟! قال: لا إلا أنني كنت أداين الناس فكنت أقول لغلامي: خذ ما تيسر واترك ما عسر، وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا، فقال الله له: قد تجاوزت عنك".
    فهذه العلاقة بين المؤمن والمؤمن يحرص عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- لأنها تهب الجماعة المسلمة قوتها وصلابتها؛ فلا تهون ولا تتفتت ولا تعبث بها الفتن، فيقول صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا"، ويقول صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، فإن كل مؤمن هو لبنة في بناء المجتمع، يدخل الإيمان بينه وبين غيره كالمونة اللاصقة الجاذبة الموضوعة بين لبنات البناء، فيشتد البناء ويقوى وترتفع هامته، ثم إن من فيض الإيمان تنبعث الرحمة الهادية، التي ترجو ما عند الله، وإنه لحق، حيث يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا، فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة". ذلك هو الحب الذي جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- لبناء المجتمع عليه.

    [/align]

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 05-30-2012, 11:10 PM
  2. معاني الاسماء في الكون
    بواسطة تحية عسكريه في المنتدى الحانة
    مشاركات: 40
    آخر مشاركة: 10-15-2009, 02:19 PM
  3. يعتنق الاسلام ولكنه يخجل من السجود 'اقرأ المقال!'
    بواسطة زهره التوليب في المنتدى في حب الله نلتقي
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 09-10-2008, 04:19 AM
  4. شباب على الموضة (على طريقة الاسلام)
    بواسطة The Zain في المنتدى منتدى آدم
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 09-01-2008, 02:33 PM
  5. سيف الاسلام القذافي ينسحب من حياة ليبيا السياسية ويتفرغ للعمل المدني
    بواسطة حسان القضاة في المنتدى الاخبار العاجله
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-21-2008, 11:00 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •