عن التطرف... والثقافة الديمقراطيةلا تـُـنكر حدة رد فعل الأجيال الجديدة في المغرب ، وهي تعاني وطأة أوضاع بالغة السوء، وإكراهات أكثر سوءً ، على المستوى النفسي ، وعلى الصعيدين التربوي والاجتماعي. أمام سؤال اللحظة الراهنة، عن علاقات الإسلام بالقضايا الساخنة، التي تشتعل من جرائها مناطق عديدة في العالم اختارت أن تجيب منذ وقت ليس ببعيد ـ ولكنه ليس بالقريب ـ بكيفية غير "هادئة " عن أسئلة الأجيال بخصوص مجمل العلاقات السياسية التي تحدد للفرد دوره في المجتمع من جهة، وتضمن له ـ أو لا تضمن ـ حقوقه الفردية والمدنية والسياسية، فحينما اختار حكام تلك البلدان منطق (العصا الغليظة) لمصادرة حقوق شعوبهم السياسية، وأية محاولة ٍ كانت مؤسسات المجتمع المدني السياسية والثقافية في أقطارهم تحاول التعبير عن إرادتها بواسطتها، اختارت تلك الشعوب مكرهة أن تتقوقع (طلبا للسلامة)حينما رأت أن العمل السياسي لا يفتح أمامها إلا بابا واحدا نحو عالم آخر، أبدع في وصفه ، ونقل أحداث مآسيه الكاتب العربي عبد الرحمن منيف في روايته( شرق المتوسط ) التي تدين بطريقة فنية ، أنظمة مارست لعبة ( القمع السياسي ) فأصابت بعصاها الغليظة رؤوسا " ساخنة " وفي أحيان كثيرة رؤوسا عاقلة ، كل جريرتها أنها كانت تـُنظـِّـر للعمل، ولا تدعو إلى العنف بأي شكل. أما من اشتبه في أنه يدعو إليه ، حتى ولو بالطرق المشروعة،التي تبيح للإنسان أن يرفع يديه احتجاجا، على مستعمر غاصب، محتل للأرض، فإن (موال) الإعلام العربي كان يساير الأطروحة الغربية التي تسمي كل عمل وطني من ذلك النوع (إرهابا).
هل أزعم أنني أقترب من تحديد بعض ملامح الصورة التي أنتجت العنف من فوق، قبل أن ينبع ما تفجرت به حماماته الدموية من حضيض المقهورين الذين سيقوا زمرا، ودفعوا قسرا، إلى صفوف استغلت قيادتها جهل الطبقات الفقيرة، وحركت دوافع العنف والتطرف لديها، عن طريق الإيحاء لها بأن هناك من يعمل بين المثقفين مثلا على هدم الدين، وإلا كيف نفهم إقدام إسكافي ّ أميّ على حمل السلاح
" انتقاما لدينه " من كاتب (أولاد حارتنا)، أم كيف نفهم أو نفسر موقف شخص لا يقرأ ، من مثقف في حجم (فرج فوده) أو (حسين مروة) اللذين لا يمكن أن يكون قاتلاهما قادرين بأي شكل على الرد الفكري على أيّ ٍ من أطروحتيهما، في أي كتاب من كتبهما، حتى ولو كان من استأجرهما ، يعتبر أنه بتصفية خصومه على هذا النحو الذي رأيناه في مصر ولبنان، وما زلنا نراه في الجزائر، يقدم جوابا (بالحديد والنار )، عنيت : جوابا تطبيقيا ـ يقطر دما ـ يصوره أمام الناس على أنه (انتقام للعقيدة) أما بينه وبين نفسه ، فإنه يعرف أهدافه السياسية، ما كان منها قريبا وما كان بعيداً، وعلى ذكر جرح الجزائر الأليم، فإن هول التطرف فيها، أكبر من أن تشمله صورة واحدة، أو أن يكون له تجل محدود.
فرغم صعوبة الفصل بين الثقافي والسياسي، وتحديد كل منهما، فإن صورة الصراع لا تكتملُ إلا بذكر أقطابه الثلاثة: السلطة والأصوليين والمثقفين الديمقراطيين، وإذا كان القطبان الأولان مسلحين بالنار والحديد، فإن ثالثهما لا يحمل إلا السلاح الرمزي الاعتباري، وهو سلاح غير فعال في بلداننا، وإذا كان واضحاً سبب الخلاف بين الجماعات المسلحة و(الجيش) وأن مبعثه حماية النظام والمصالح القائمة، فهل يمكن تبسيط الصراع بين الأصوليين والثقافة الديمقراطية (العلمانية) في الجزائر إلى صراع ثقافتين أو بالأحرى، لغتين هما العربية والفرنسية، تستعمل فيه مفردات الدين كمحرك إيديولوجي لبرنامج سياسي بديل ؟ إنه صراع أنتج العنف، كما رأينا، فاغتيلت الثقافة والعقل، وتعملق الجهل وتطاول، بعد أن وضع في رُوع الناس الخوف من أي عمل ثقافي، فكيف لا يحمدون الجهل الذي لا يفرخ إلا التطرف؟
وببساطة شديدة جداً، فنحن نعتبر أن سؤال العنف والتطرف على هذا النحو، لم يصبح مغربيا بعدُ،(*) إذ لا تزال الفرص أمامنا للنجاة ، مما أدى إليه القمع السياسي في بلدان أخرى، حينما سد على مؤسسات المجتمع المدني الطرق نحو أي حل، وعمِل من جهة أخرى على إفقار الطبقات الدنيا والمتوسطة،على نحو تراكمت معه مشاكل تلك الطبقات ، ليسود بينها مبدأ الحفاظ على البقاء مهما كانت الوسيلة، ففرط الناس ـ أو كما تشي بذلك أحوالهم الخارجية ـ في قيمهم، وتعاظم شأن المال ودوره بينهم، فأصبح الحصول عليه من أي طريق جاء أمرأ مشروعاً، للحفاظ على ما يقيم الأود، أو بدعوى ضمان بقاء الكائن، وفي بعض الأحيان، للحصول على امتيازات خارقة تجعل عالي القيم سافلها،وبقدر ما انسدت الآفاق تفنن المجتمع بكل طبقاته، في اصطناع وسائل سحرية تنفتح الأبواب لها بسرعة. ومع انهيار القيم أصبحت ممارسة العنف سيدة الموقف، ورغم ذلك ظل هناك من يطلب من الشباب العاطل الفقير أن يكون (جائعا ورائعا) كما عبر أحد الشعراء المغاربة، بعد أن أصيح الناس هنا يتحسسون بوادر العنف، وتستثير انتباههم طلائع التطرف التي " تبشر " بما لا تحمد عقباه، وهذه الوضعية ساهم في إنتاجها كل من كان يقدم منطق العصا والقمع والتهميش على المنطق الهادئ الذي يزن الأمور بميزان الفكر، في النظر إلى الإنسان الذي (تستطيع ) العصا إسكاته وتطويعه في مرحلة ، لكنها لا تعود قادرة على ذلك في مرحلة لاحقة.
وأحب أن أقول هنا : أن علاج العنف والتطرف لا يتحقق بتوجيه النصائح والمواعظ، والقول مثلا إن (الإسلام ينبذ العنف والتطرف) تعريضا بممارسيهما،ذلك أن مثل هذا الكلام لا يساهم في القضاء عليهما، لأن مبعثهما في المجتمع ليس أخلاقياً، ولا نفسيا فقط ـ فنحن لم ننس تحليل فرانز فانون في كتابه( معذبو الأرض ) لمراحل العنف الثلاث ـ ولكننا ننظر إلى التطرف والعنف على أنهما نتيجتان مترتبتان عن علائق اقتصادية محددة معروفة، ولا يمكن أن تزولا إلا بزوال أسبابهما، ونستطيع أن نراهن على أن العنف وجد وسيوجد بدافع من ممارسات قمعية وسياسية تفقيرية (سابقة وراهنة)، وأن التطرف وجد وسيوجد بسبب ٍ من فشل السياسات التعليمية التي أدت الاختيارات اللا شعبية التي قامت عليها منذ عقود، إلى طرد مئات الآلاف من التلاميذ الذين لم يستفيدوا من التعليم شيئا، بالإضافة إلى عقم برامجه التي لم تنتج ما كان ينبغي لها أن تنتجه من فكر نقديّ سليم ، يتسلح صاحبه بمناهج للتحليل، تنفعه في مجال عمله، وحاصل هذا كله كان الجهل التام بالنسبة إلى من لم يلتحق بالتعليم، والجهل المركب بالنسبة إلى من لم يتمه، وثالثة الأثافي أن خريجي الجامعات من ذوي التكوين العلمي ، لا يفكرون ـ وأكاد أجزم صادقا ـ على نحو علميّ ٍ دون حاجة مني إلى الاستناد على أطروحات (باشلار) في (التفكير العلمي الجديد) أو (فؤاد زكريا) في (التفكير العلمي) بل الأمر الملموس : أن التعليم أخرج لنا الأعداد الهائلة ممن لا يقوون على التفكير بمنهج صحيح، ولا يملكون من ثمّ ، حسا نقدياً، ومنهم من لم يحصل على أي رصيد معرفي ، يحميه من خطر الوقوع بين براثن ، أو في قبضة من يريد الإيقاع به، لأغراض ظاهرها حق ، وباطنها باطل. فتمكر به التوجيهات التي تصنع منه في الأخير(قنبلة) يتحكم فيها عن بعد، لتحقيق مآرب لا تكون للرجل ـ القنبلة سابق دراية بها أو وعي، ومثل هؤلاء ، أو من هم أعلى منهم قليلا أو كثيرا في التحصيلً، قد يُدفعون بعد شحنهم وتعبئتهم إلى مناقشة قضايا قد حُشيت بها رؤوسهم، تقلب العالم رأسا على عقبٍ، لنجد أنفسنا أمامهم في حيرة، ففي وقت كان وعيهم المغلوط الزائف يستعمل للتشويش على اليسار الثوري، أو مجموع الحركات التقدمية، في مشرق الوطن العربي ومغربه، لكن بعد المتغيرات الأخيرة ، وانهيار ما كانت تحاربه الرأسمالية العالمية، من أنظمة أوروبا الشرقية، على من تـُـراهم يشوشون الآن؟ فما كان خطرا شيوعيا في الماضي قد زال (ولو جزئيا) اليوم، وما كان يسارا ، أو إيذانا بانبعاث قوميّ ٍ يهدد الاستعمار في الوطن العربي، قد وُئدَ (وكان الوأد كلياً كما نعلم). إنهم، عندي، ببساطة يشوشون على ما يمكن أن نعتبره أخطر في نظرهم من " العدو " الشيوعي ومن " الخصم " القومي، ويرون أن الجو قد خلا لهم، فلماذا لا يبيضون ويصفرون؟ فيشوشوا على الاختيار الديمقراطي الذي نعلم ، ويعلم الجميع أنه الدواء لظاهرة العنف، بما هو رد فعل على عهود من الاستبداد السياسي، وباعتبار أن الديمقراطية هي الوسيلة الناجحة لاجتثاث التطرف، بكل ما يعنيه من نفي للآخر ، ومصادرة حقه في الحياة.
ولو أن نظامنا الديمقراطي كان سليما، لما استطاع أن يشوش عليه من " هؤلاء " أي " متطرف "
أو " إرهابي " ولكن خواءه وزيفه هما ما يجعلان من ديمقراطيتنا اختيارا شعاريا للاستهلاك ، وخداع الرأي العام الخارجي، وليس لخدمة الإنسان المغربي، ومن ثمّ ، فقد سهل التشويش على ديمقراطية جوفاء، لم يـْرقَ " الكائن البشري " في المغرب ، في نظر أصحابها بعد، إلى مستوى الإنسان الذي يستحق الاحترام، ذلك أننا مازلنا في مجتمعنا، سياسيا وثقافيا واقتصاديا، نفتقد من الديمقراطية ما كان دواءً للعنف، ووسيلة لاجتثاث التطرف. فمن المعروف أنه على المستوى الاقتصادي ، فإن برجوازيتنا(البليدة) لا تزال دون مستوى استيعاب المنظومة الفكرية الحقوقية لليبرالية، ولا تزال في ما تدعو إليه في مجال الاقتصاد ـ كما عبر عن ذلك الصديق نور الدين العوفي ـ جامدة ً عند حد ( ليبيرالة البقشيش) أما ما يتعلق بحقوق الإنسان ـ الفردية والمدنية والسياسية ـ فإنها تلتقي في تقييم ذلك، مع أعداء الديمقراطية(الواضحين) ونعني بهم الذين يرفضونها جملة وتفصيلا، ويختارون عوضا عنها من المفاهيم التراثية ، ما لا يؤسس لأي وعي تنظيمي ، أو يلتقي مع أي نظام ٍ سياسي ّ ٍ حديث.
إن الديمقراطية بما هي احترام للإنسان، وصون لحقوقه، وضمان لحق الاختلاف، الذي هو جوهرها، فلا ديمقراطية مع اضطهاد الرأي الآخر، وبما هي أيضاً، تمكين للمواطن من الجهر بمعتقداته، وبرأيه في المسؤولين، وسحب الثقة منهم وتداول السلطة، إن ديمقراطية بهذه المواصفات نظام مكلف، بل إن له مساويء في نظر من يعتقد بوجوب إيفاء المسؤولين حقهم من التعظيم، فهي حين تساوي بين الناس، تـُـخلّ ـ عندهم ـ بما لا يجب الإخلال به، ومن هنا نفهم أن التشويش على الديمقراطية يمكن أن يكون عملا مأجوراً من جهاتٍ، كما أن الذين يشوشون عليها ممن كانوا بالأمس يشوشون على الحركة التقدمية ، قد انكشفت ملامحهم في زحام الأقنعة التي عُرفت ألوانها وروائحها، فهل يستطيعون أن يسقطوا أقنعتهم عن وجوههم التي ( تشاور) بالتي هي أحسن، أم هل يتسلحون بعنف فيجيبوا أمام من يتمسك بحق الاختلاف، بتمسكهم بحق (التطرف) مبتعدين عن قناعاتنا الفكرية والثقافية، بدعوى أنها (مؤليكة) مُعلمنة ؟ وماذا فعل هشام شرابي في كتابه( المثقفون العرب والغرب)إذن ، حين نعت كلا من مؤلف ( طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) وصاحب ( حرية المرأة) و (المرأة الجديدة) بالمثقفين العلمانيين، أفكان بذلك يقدمهما قربانا على مذبح الأصولية ، ويضع رأسيهما على نطع من يكفرهما، وهما من هما بين زعماء الإصلاح الديني والاجتماعي في أواخر القرن الماضي ؟
ترانا نلاحظ مقدار بؤسنا الفكري والحضاري، ونحن على مبعدة (ألف يوم) فقط من الألفية الثالثة، يُـكفـَّـر بيننا من كانوا من رموز النهضة العربية الإسلامية الحديثة؟ أفبعد هذا يتساءل أحد عن أسباب فشل النهضة التي يتضح لنا شيئا فشيئا، بأي ذنب ٍ (وئدت) وقتلتْ ، لينتهي القرن العشرين (رأس الألفية الثانية) وبين فئات مجتمعنا من يريد أن يجهز على أي شكل من أشكال الطموح إلى بعث أي مشروع نهضويّ ، لا سبيل لنا إلى تحقيقه إلا باحترام الاختيار الديمقراطي( الصحيح) وليس اختيار من يجعل الديمقراطية مسألة ً أو موضوعا للمزايدة، و ربح الوقت في ميدان الصراع السياسي).
أوَ بعد هذا أيضاً، يبقى مجال للتناور في مسألتي العنف والتطرف، وكيفية التغلب عليهما؟ وهل يستطيع الوعظ أن يكون مؤثراً في هذا المجال؟
أما أنا فأرجو ألا يظهر ـ وقد جعلتهما نتيجة ولم يكونا سببين ـ من يفلسف العلاقة بينهما وبين ما نشهده
من انهيارات، أو بداية انهيار في المجتمع ، كعلاقة البيضة والدجاجة وأيهما اسبق إلى الوجود، فالظاهر أن الأمور لو اتخذت هذا المنحى، فإننا لن نستفيق من جدالنا إلا بعد أن تكون النار قد سدت علينا كل منافذ النجاة، وفي ذلك ما يقربنا من توصيف خصائص المناخ الثقافي الذي بدأ يتسبب منذ أزيد من عقدين في بلادنا مما ذكره (محمود أمين العالم)وهو ينذرنا ( حتى لا يصبح التكفير غطاء للتجميد والتجهيل والصراعات المجدبة)(1) حيث رأى أن اللحظة الثقافية الراهنة أصبحت تتميز بـ (1) ـ غلبة الطابع الديني في تفسير كل حقيقة وكل موقف (2) ـ ومعاداة الفكر العلمي (3) ـ وسيادة الفكر التجهيلي التكفيري
(4) ـ واستبدال ثنائية الإيمان والكفر بثنائية الوطنية والخيانة (5) ـ وهكذا أصبحت المرجعية الدينية هي منطق الحوار السائد) وباعتبار ما تمارسه هذه الخصائص كعوامل مؤثرة، يخضع لها في التحليل الأخير ، ويتصف بها كل من يقول بأن الإسلام ينبذ العنف والتطرف(**) ومن يقول بعكس ذلك على السواء، وهكذا فإن أمر إحدى مديريات وزارة التربية والتعليم الذي حدد لثانويات التعليم الأصيل في المغرب هذا الشعار، لإقامة أسابيع ثقافية تحته (هذه السنة) إنما هو أمر يزرع العنف والتطرف، بإقراره الضمني لمجموع خصائص المناخ الثقافي المريض الراهن. فهو شعار لا يتناقض أو يتنافى مع أي منها، وفيه نقل للصراع السياسي، بل ولأعنف ما تشهده ساحاته في بلدان أخرى، إلى أوساط تلاميذنا، وفيه مروق عن قواعد التربيتين الخاصة والعامة.إذ كيف تحارب الأنشطة التنويرية في مؤسساتنا،ويفتح المجال واسعا لثقافة الظلام، التي لا تلد إلا ظلاماً، إن من يزرع الريح لا يجن إلا العاصفة، التي لا نريد أن تكون حصاد مؤسساتنا التربوية العلمية، التي لا نريد لها أن تشهد تسييد اتجاه سياسي على آخر، أو إعلاء من شأن فكر على حساب فكر، إلا في إطار احترام (الحياد العلمي)، هذا إذا لم تكن مدارسنا مجالا للتربية الديمقراطية ، من أجل أن تخرج أفواجا من المثقفين المستنيرين، وليس جموعا من المتطرفين الذين يزرعون الرعب في المجتمع، من خلال أعدادهم التي تدعم عصابات (العنف) والجريمة.
إن ليل التطرف يوقع في مهاوي العنف، ويضاعف من ظلماته. وإن الطاقة الوحيدة القادرة على الإنارة هي الديمقراطية التي يجب أن نحمل مشاعلها منذ الآن، لنفتح بها الطريق للشباب، نحو مستقبل ٍ يكون فيه ـ هذا الشباب ـ مشبعاً، رائعا، ومنتجا عارفاً بمزايا إنتاجه، وعظيماً كما نحب له أن يكون اليوم وغداًً.
+*+ == +*+
هامشان:
1) محمود أمين العالم: مقال بنفس العنوان (مجلة القاهرة( العدد173 سنة 1993
*) كتبت هذه السطور قبل حوادث 16 ماي 2003 التي أصبح الإرهاب بعدها مغربيا
**) في قولهم ( الإسلام ينبذ العنف والتطرف) كناية من نوع التعريض، فالمعنى الذي يفهم من دلالة السياق، هنا هو تكفير من يمارس العنف، ويختار التطرف. هذا بالإضافة إلى أن قسوة وشدة في الأسلوب، والألفاظ المستعملة، إذ يعتبر ذلك من صيغ ممارسة العنف ( فهل هو لا وعي العنف ؟ ) إذا كان الأمر كذلك فإن المصيبة ستكون أعظم ، فقد ضرب مثلا ونسي خلقه، ومن المؤلم أن يخضع فكر واضع هذا الشعار ، ومن اختاره ، لنزعة تكفيرية تفسر ظاهرة اجتماعية أو سياسية تفسيراً دينياً، وأثر هذا الأسلوب لا تكون محمودة على متلقيه، من أية فئة كانوا. فأين هذا من " القول اللين " و" الموعظة الحسنة " وإنزال " العدو" منزلة الولي الحميم؟ إن نزعة التكفير هنا تبدو واثقة ، وعن لا وعي التطرف هذا، قد تنشأ أساليب من الرقابة الضمنية ، والعقوبات الجماعية وخيمة العواقب.
ماي 1997
(نشرت بجريدة (صوت الشمال) العدد الثاني (2) ماي 1997 )
مواقع النشر (المفضلة)