أنقــذوا كليات المجتمع من الانهيــار!




مقدمة:
يتعرض نظام كليات المجتمع في الاردن هذه الايام الى هجمة عدائية منظمة من مجلس التعليم العالي تجسدت في اصدار عدد من القرارات التي سيؤدي تطبيقها في مطلع العام الجامعي 2008/2009 الى اغلاق معظم كليات المجتمع الخاصة ان لم يكن جميعها خلال اربع سنوات، ومن ابرز هذه القرارات ما يلي :_ تخفيض الحد الادنى من معدلات القبول في تخصصات كليتي ادارة الاعمال والعلوم الادارية والاقتصادية وتكنولوجيا المعلومات الى (65%) في الجامعات الرسمية و(55%) في الجامعات الخاصة،بدلا من (70%) الذي كان معمولا به في اسس القبول للعام الجامعي 2007/2008.
تخفيض النسبة المخصصة للقبول في الجامعات الرسمية من خلال التجسير لاوائل الخريجين في امتحان الشهادة الجامعية المتوسطة (الشامل) في كل تخصص له نظير في الجامعات الاردنية من (20%) الى (15%) .
الغاء التخصصات التالية من كليات المجتمع
1.معلم صف 6. اللغة الانجليزية.
2.المكتبات . 7. تربية الطفل.
3.تكنولوجيا التعليم . 8. التسويق.
4.تكنولوجيا المعلومات 9. ادارة الاعمال.
5.الاحصاء التطبيقي.
4. تغيير اسم كليات المجتمع الاردنية الى كليات جامعية متوسطة.
وقد التقى رؤساء مجالس امناء كليات المجتمع الخاصة وعمداؤها برئيس جامعة البلقاء التطبيقية السبت 10/5/2008 ثم بوزير التعليم العالي يوم الاثنين 19/5/2008 وطرحوا وجهات نظرهم واعتراضهم على قرارات مجلس التعليم العالي، واوضحوا مخالفة هذه القرارات لاهداف كليات المجتمع وفلسفتها ومبررات انشائها، وخطورة تطبيقها على مستقبل كليات المجتمع الخاصة في الاردن . الا ان وزير التعليم العالي ابلغ رؤساء مجالس الامناء وعمداء كليات المجتمع الخاصة في ذلك الاجتماع بان قرارات مجلس التعليم العالي لن تتغير، وانه سيتابع تنفيذها.
ونظرا لخطورة تطبيق قرارات مجلس التعليم العالي على المستوى الوطني والتربوي والاقتصادي والاجتماعي في الاردن، وعدم ارتكاز تلك القرارات الى مبادىء العدالة والشفافية والشمولية والمؤسسية والحوار، فقد رأيت ان اوضح وجهة نظري في هذه القرارات من خلال المحاور التالية:
اولا: اسس القبول في الجامعات الاردنية
ان قرار مجلس التعليم العالي بتخفيض الحد الادنى من معدلات القبول في عدد من التخصصات في الجامعات الاهلية الى (55%) يتعارض مع دعوات جلالة الملك عبدالله الثاني وسياسة الحكومات الاردنية المتعاقبة للارتقاء بمستوى التعليم الجامعي من حيث مدخلاته وعملياته ومخرجاته، ويتعارض مع سياسة الدولة في ضرورة التركيز على التعليم التقني لتصبح نسبة خريجي كليات المجتمع الى الاختصاصيين هي نسبة عشرة الى واحد كما هو معمول به في معايير هرم العمالة الدولي .كما ان هذا القرار سيشجع الطلبة الذين تتراوح معدلاتهم بين (55%) و(65%) في شهادة الدراسة الثانوية الى التوجه رأسا للدراسة في الجامعات بدلا من التوجه الى الالتحاق بكليات المجتمع . وسيؤدي تطبيق هذا القرار الى اغلاق معظم كليات المجتمع الخاصة، ان لم يكن جميعها،خلال بضع سنوات،وهي الكليات التي ساهمت وما زالت تسهم بنصيب كبير في خطط التنمية الاردنية والعربية .ويشكل الاستثمار في هذه الكليات نسبة جيدة في الاقتصاد الاردني، وحققت معايير الاعتماد العام والاعتماد الخاص منذ تأسيسها .وبالتالي فهي مؤسسات تستحق الرعاية والدعم والحماية.
ثانيا: تخفيض نسبة التجسير .
ان تخفيض نسبة القبول في الجامعات الرسمية من خلال التجسير لاوائل الخريجين في امتحان الشهادة الجامعية المتوسطة من (20%) الى(15%) او التفكير في الغاء مبدأ التجسير حسب ما سمعنا من الوزير يوم 19/5/2008، يتناقض مع مسوغات التجسير التي اصدرتها وزارة التعليم العالي في عام 1987م وكانت تلك المسوغات كما يلي: المبدأ التربوي العالمي الذي يؤكد بان لا تكون اي مرحلة من مراحل التعليم مغلقة على ما بعدها من مراحل،وضرورة اتاحة الفرصة امام الطلبة الراغبين والقادرين عليها عقليا وماديا لاستكمال دراستهم.
التعليم حق لكل فرد ذكرا أم انثى، ومن واجب الدولة حماية هذا الحق،وضمان سهولة الحصول عليه حسب قدرات الطالب وامكاناته.
توصيــات المؤتمر الاول لكليـــات المجتمع الاردنية الذي عقد خلال الفترة من 22-23/10/1983م،والتي دعت الى ضرورة اتاحة الفرصة امام الطلبة المتفوقين من خريجي كليات المجتمع لاستكمال دراستهم في الجامعات الاردنية.
نصت الفقرة (د) من المادة (5) من نظام الترخيص والاعتماد لكليات المجتمع رقم(38) لسنة 1987م على ان الهدف من اصدار النظام هو تيسير انتقال طلبة الكليات الى الجامعات في المملكة حين تتوافر فيها الشروط والاسس المقررة. وقد قامت وزارة التعليم العالي في عام 1985م بتطوير الخطط الدراسية والمناهج في كليات المجتمع العامة والخاصة بحيث تكون موازية لمثيلاتها من الخطط الدراسية والمناهج التي تقدمها الجامعات الاردنية في السنتين الاولى والثانية،ولتيسير عملية التجسير بين كليات المجتمع والجامعات .كما قام بعملية التطوير هذه اساتذة الجامعات الاردنية من مختلف الاختصاصات مقابل مكافات مجزية صرفتها وزارة التعليم العالي لانجاز هذا العمل.
ثالثا: الغاء البرنامج الاكاديمي
تفيد سجلات وزارة التعليم العالي ان كلية المجتمع مؤسسة فريدة من نوعها بين مؤسسات التعليم العالي، تقدم مجموعة واسعة ومتنوعة من البرامج الدراسية بعد المرحلة الثانوية ودون المرحلة الجامعية، وتتصف بالشمولية والمرونة وتتناسب مع حاجات الافراد والمجتمع وخطط التنمية.
ويتضح من هذا التعريف ان الغاء البرنامج الاكاديمي من برامج كليات المجتمع قرار مخالف تماما لتعريف كلية المجتمع الاردنية واهدافها ورسالتها التربوية، وقد قدمت هذه الكليات جميع البرامج وما زالت كما يلي
1-المهن التربوية. 6-المهن الزراعية.
2-المهن التجارية 7- المهن الاسرية.
3-مهن الحاسب الالكتروني 8-مهن الطيران التجاري.
4-المهن الهندسية 9-المهن الفندقية.
5-المهن الطبية المساعدة. 10- مهن الاتصالات والنقل
11-المهن الاجتماعية.
كما ان قرار الغاء التخصصات الاكاديمية من كليات المجتمع مخالف تماما لفلسفة كليات المجتمع الاردنية واهدافها التي اعتمدتها وزارة التعليم العالي منذ نشأتها في عام 1985م، وكانت وما زالت مرتكزات تلك الفلسفة كما يلي : تحقيق ديمقراطية التعليم وذلك باتاحة الفرصة أمام الأعداد الكبيرة من حملة شهادة الدراسة الثانوية العامة للالتحاق بهذا النوع من التعليم العالي الذي تستجيب برامجه لحاجات المجتمع.
إعداد مواطنين متعلمين يسهمون في بناء وطنهم بوعي ومهارة.
الاستثمار الامثل للثروة البشرية في المجتمع.
ربط التعليم بحاجات البلد وخططه في التنمية.
توفير الطاقات البشرية اللازمة من المستوى المتوسط في المهن المختلفة.
تقديم تعليم متنوع يناسب مختلف القدرات والميول عند الدارسين.
اتاحة الفرص التعليمية للمواطنين الذين يمكنهم الاستفادة من التعليم بعد المرحلة الثانوية بكلفة قليلة نسبيا مقارنة بتكاليف الدراسة في الجامعات.
اتاحة الفرصة للافراد لاكتساب المهارات اللازمة للحصول على عمل.
اتاحة الفرصة للمواطنين للتعليم المستمر واعادة التدريب وتقديم برامج دراسية متنوعة ودورات تدريبية قصيرة وطويلة وخدمات تربوية للكبار على اساس التفرغ او في اثناء العمل.
رابعا:تغيير اسم كليات المجتمع
اصدرت هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي معايير الاعتماد العام للكليات الجامعية المتوسطة للعمل بموجبها اعتبارا من بداية الفصل الدراسي الاول للعام الدراسي 2008/2009. ومن الملاحظ ان هيئة الاعتماد اعتمدت في هذه التعليمات تسمية جديدة لكليات المجتمع الاردنية هي الكليات الجامعية المتوسطة . وبالرغم من معرفتنا بان كليات المجتمع هي كليات جامعية متوسطة من حيث المستوى العلمي والاكاديمي، فاننا نؤكد وجود اختلاف شديد بين مفهوم كليات المجتمع وفلسفتها ومفهوم الكليات الجامعية المتوسطة وفلسفتها . وقد اكد هذا الاختلاف بين المفهومين معالي وزير التعليم العالي عندما اعلن بان كليات المجتمع يجب ان تقتصر مهمتها على تقديم تخصصات فنية مهنية تطبيقية،وتتخلى عن تقديم البرنامج الاكاديمي . ولهذا اصدرت هيئة الاعتماد معايير الاعتماد العام الجديدة مستعملة تسمية جديدة هي معايير الاعتماد العام للكليات الجامعية المتوسطة بدلا من كليات المجتمع. وهذه التسمية الجديدة مخالفة تماما لمفهوم كليات المجتمع وفلسفتها وتشريعاتها التي صدرت بهذا الشان.
ان تغيير اسم كليات المجتمع الى كليات جامعية متوسطة يعكس تغييرا في المفاهيم والسياسات تجاه هذه الكليات التي اقتبس مفهومها وفلسفتها واهدافها من نظام كليات المجتمع الامريكية التي بلغ عددها في عام 1980 (1231) كلية مجتمع عامة وخاصة يدرس فيها من الطلبة المتفرغين (931ر825ر4) طالبا وطالبة ويدرس فيها من الطلبة غير المتفرغين(264ر996ر2) طالبا وطالبة .فكيف تسمح الدولة الاردنية باتخاذ قرارات سيؤدي تطبيقها حتما الى الغاء هذا النظام؟ وبناء على ماتقدم فاننني اناشد اصحاب الدولة والمعالي والعطوفة من المهتمين بواقع الاردن ومستقبله التربوي والاقتصادي، والاجتماعي التدخل فوراً كل حسب اختصاصه لالغاء قرارات مجلس التعليم العالي المشار اليها في هذه المذكرة، وحماية نظام كليات المجتمع من الانهيار، والسماح لكليات المجتمع الخاصة والعامة بمايلي: الاستمرار في تقديم البرنامج الاكاديمي في كليات المجتمع حسب ما تراه كل كلية مناسبا لمجتمعاتها المحلية والمصلحة الوطنية العليا.
السماح لكل طالب ينجح في امتحان دبلوم كليات المجتمع (الشامل) بمعدل (70%) فاعلى ان يلتحق بالجامعات الاردنية الرسمية او الخاصة لاستكمال دراسته الجامعية فيها وعلى حسابه الخاص، ومعادلة جميع المساقات الدراسية التي درسها في كلية المجتمع ضمن حقل تخصصه مادام قد تخرج من كلية معتمدة اعتمادا عاما وخاصا .
الغاء قرار تخفيض الحد الادنى من معدلات القبول في الجامعات الاردنية الى 55% لان تطبيق هذا القرار سيؤدي الى تدني مستوى التعليم العالي من حيث مدخلاته ومخرجاته وان المكان الطبيعي للطلبة الذين تقع معدلاتهم ما بين 55-65 في الثانوية العامة هو كليات المجتمع وليس الجامعات.

د. أحمد التل