في يوم 22-5 من سنة 1986م خرجت صرخة إلى الدنيا ... هي طفلة جميلة أستطيع تشبيهها بسنووايت الحكايات ...
أضاءت حياة والديها ... ولا عجب في ذلك فقد كانت البكر ...
والبكر كما تعلمون هو من يضيف إلى البيت روحه ... هو من يوثق ان هذه الشراكة قد أصبحت فعلا أسرة ...
هو من يأتي على ذراع والدته بعد ولادته يحمل شعاع الأمل والسعادة والفرح والأبوة والأمومة والمسؤولية والكبرياء لمنزلهم الصغير ....
هذا هو البكر ... فكيف إن كان هذا البكر " تسنيم " !!
تربت تسنيم عند أجمل أب وأم بالعالم كله ..كبرت بدلالها سنة كاملة ... ولكن على قولها ( يافرحة ما تمت دلالي خلص بعد سنة وحدة بس )
ففي يوم 20-8-1987م قدمت انا إلى هذا العالم وشاء القدر أنا أكون أخت تسنيم ... ويا لهذا القدر السعيد ... كبرنا مع بعضنا ... أضأنا الحياة شموعا بكل مكان ... أيادينا لا تفترق ... قلوبنا تدق في نفس اللحظة ...
أرواحنا .. قد أخطأ إن قلت أرواحنا فقد كانت روحا واحدة تجسدت في جسدين مختلفين ...لا نفترق عن بعضنا أبدا لا بالأفراح ولا الاتراح ...
أذكر يوم كنا في ليلة عيد من تلك الليالي التي مرت على عمرنا ...
وكالعادة عبارة ليلة العيد ترتبط بهدية العيد ... خرجنا واشتريناها معا كانت ( عروسة ترقص ) أنا صاحبة الفستان الوردي وهي صاحبة الفستان الأزرق ... أذكر يومها عطلنا محل الهدايا عن تلك الليلة الحافلة حتى يحقق لنا طلبنا دون ان يغير اللعبة أو اللون ...حتى انه اضطر الى اخراجها من المخازن...
عدنا الى منزلنا اخرجنا الفساتين من الخزانة ولبسنا بجامة العيد ... وقضينا تلك اليلة نتحدث وننظر للفساتين الى ان جاء الصبح ... سرنا بالفساتين كالتوائم في ذلك اليوم وإلى الأب مباشرة لقبض العيدية ...أعطى ابي كل واحدة منا20 ريالا فقط .. بصراحة أنا أحمد الله أن أبي لم يكن سخيا معنا أكثر ... لأنه مع بداية استيلام العيدية والتي مجموعها40 ريالا ...انطلقت أنا وتسنيم إلى السوبر ماركت المقابل لمنزلنا ... كنا قد خططنا لمفاجأة أبي وأمي ... بأن نشتري لهم نوع من الأيس كريم يأتي كل خمس حبات متعددة النكهات بريال واحد فقط ...
أترك لكم حساب عدد حبات الآيس كريم التي قمنا بشرائها بالعيدية كاملة ... (الآيس كريم على قد المحبة )
عدنا إلى البيت والفخر يملأ وجوهنا بهذا الانجاز العظيم –طبعا عدنا مع حمولة الآيس كريم – ودخلنا المطبخ عند أمي وقلنا ( ماما ... ماما ... شوفي شو جبنالكم كل هاد ياماما بس ب40 ريال )
أعتقد ا ن امي يومها كانت ستفقد الوعي لولا لطف الله
آآآآه يا اختي تلك ايام قد خلت أتذكرينها ؟؟!!
أتذكرين غرفة ألعابنا التي قررنا يوما أنا نجعل منها مسبحا ... قمنا بنقل الماء لأكثر من ساعتين بفناجين الشاي ولم يمتلئ المسبح !!!!
إلى الأن أستغرب كيف بعد هذا الجهد لم تمتلئ الغرفة لتصبح مسبحا !!!!
تذكرين روضتنا ؟ ... أعتذر لك يا أختي يوم جرحت قدمك بالدراجة ... أعتذر لأني كنت دائما آخذ من دفترك بعض الورقات ... فقد كنت انت المجتهدة وانا الطفلة اللعوبة المدللة ...
تذكرين يوم خططنا أن ننتظر والدنا امام باب البيت في الساعة 2 بعد منتصف الليل .. لنسعده (ونعملو مفاجأة ) بعد ان يعود من سهرته مع اصدقائه ... يومها ابي كان أيضا سيفقد الوعي لولا لطف الله
( اذا سألتو وين كانت ماما فبخبركم انها سكرت باب البيت بالمفتاح وأخدت المفتاح وراحت نامت ... لكن عشان نسعد بابا ما في شي بيصعب ع آيات وتسنيم )
بعدها ... كبرنا وكبرت ايامنا معنا ... من أول يوم في المدرسة إلى اول يوم في الجامعة ...
وكل منا امام عين الآخر ... أتينا إلى الأردن لاستكمال الدراسة ... خضنا حياتنا الجامعية الجديدة انا وانت وحدنا ..
بيتنا ... مطعمنا ... صديقاتنا ...جامعتنا ....طقوسنا التي لا تنتهي من السعادة والفرح... هي حقا أروع الأيام ...
جاء يوم تخرجك يا رفيقة الدرب والروح ... أتيت لأنظر إليك ... شعرت انه ليس في الساحة إلا أنت ... ودامت أفراحنا في ديارنا عامرة ..
إلى ان جاء ذلك اليوم ... يعتبرونه بكل لغات العالم أنه فرحة العمر ... آه لو علموا ان في هذا اليوم تموت بعض القلوب ألف مرة ..وتتجمد فيه المشاعر من هول الفراق...وتضيق الأنفاس ... ويصعب يومها استيعاب الصدمة ... هل حقا اتى هذا اليوم ؟؟؟!!
جاء يوم 12-8-2008م
ارتدت سنووايت البدلة البيضاء ...
كم ازداد شعاع عينيها ... كم كانت رائعة بين أكالبل الورود ... كم كانت جميلة وهي على عرشها ... كم كان الورد يحسد نفسه أنه بين يديها ... كم كان الناس سعداء ... وكم كنت انا حزينة ...
رحلت سنوايت ...رحلت لمساتها عن غرفتنا ...
رحل حنينها عن دارنا ...
رحل البكر المدلل عن أمه وأبيه ..
رحلت ... وتشتت روح التوائم .
تسنيم .... كم أفتقدك .. بالامس دخلت إلى غرفتنا بعدما عدت لا أطيق الجلوس فيها فترات طويلة ...
كنت أنوي أن أضيف فيها شيئا من التغير في الديكور ... تذكرت لحظتها أنك كنت تفضلين دائما المنظر الحالي للغرفة ...
فأرجعت كل شيئ في مكانه ... علك ان تزيريها يوما لتجدي ما تفضلينه ...
هي تنتظرك ... وانا أنتظر تلك الروح الواحدة التي لا تفترق ...
قد علمت بأن انتظاري سيطول ... وأني أنتظر المستحيل ...بعد ان مر عيد ميلادي الواحد والعشرين دون أن يدق هاتفي الجوال برنة تحمل اسمك ...
لا بأس يا حلوتي ... المهم انك سعيدة مع من تحبين ...
يقولون لي (كلها كم يوم) وسأعتاد العيش بدونك ... وها انا بانتظر هذا الاعتياد ....
أختم كلامي بعبارة أكره سماعها ... ومللت من منها هذه الايام .. لكنها للأسف الحقيقة ..
هذه هي سنة الحياة ..
لاحظتم كيف يمكننا تلخيص حياة كاملة بورقة واحدة ....!!!
مواقع النشر (المفضلة)