نعم...لا زلت أذكرك يا صديقي...فذكراك في قلبي...
كنا أنا و أنت أصدقاء و ربما أكثر...أمضينا عامين من الإخوة...ولا زلت اذكر العامين كما لو أنهما البارحة.
في أول مرة رأيتك عندما دخلنا مدرسة الزرقاء الثانوية تمنيت أن أكون معك في نفس الشعبة و بالفعل تحققت أمنيتي...و عندها شعرت بأنني سأكون صديقك فذهبت إليك و تكلمت معك...و استقبلتني كما لو انك تعرفني من الصغر...وسألتك حينها عن موقع بيتك...وعندما أجبتني ملأ الحزن قلبي لأن موقع بيتي بعيداً عني.
كنت أتمنى دائماً أن لا ينتهي الدوام المدرسي حتى لا تبتعد عني...و لكني كنت اشتاق للغد حتى أراك...ثم فتحت أنا لك قلبي و قلت لك ما عندي من مستودع أسراري...ففي جراحي كنت تواسيني و في أفراحي كنت تفرح معي...و كانت لك مواقف معي لا زلت أذكرها حتى الان.
و انتهت مرحلة الأول ثانوي و التي يليها مرحلة الثانوية العامة(التوجيهي)...و لكنا اختلفنا من حيث حزم التوجيهي...وهذا هو الاختلاف الوحيد الذي حدث بيني و بينك يا أخي...
و لكن حتى لا نبتعد عن بعضنا البعض درسنا في مركز واحد لأخذ مادة الرياضيات...كنا ندرس بجد...و كنا نتحدى بعضنا في مادة الرياضيات...و اعترفت لي بأنني أفضل منك في هذه المادة
ثم بدأت المرحلة الثانوية العامة في المدرسة...فبالرغم من ابتعادنا عن بعضنا و ذلك بسبب اختلافنا بالحزم إلا أننا كنا نستغل الخمسة دقائق بين الحصة و الأخرى من أجل رؤية بعضنا البعض و في فترة الفرصة يكون كل منا مع الأخر.
و انتهى الفصل الدراسي الأول من المرحلة الثانوية العامة و حصلت أنا على معدل 85.3 و حصلت أنت على 76.2 ...عندها لم استطع أن أتكلم معك...لا أعلم لماذا!!!...في تلك اللحظة فإذا بك تتكلم معي على الهاتف و تقول لي "مبروك جنيدي،و الله ِ فرحتلك من كل قلبي"...حيث كان كل منا يعلم رقم الجلوس للأخر...عندها تمنين لو أن الناس جميعهم بطيبتك.
و بدأ الفصل الدراسي الثاني و هو مليء بالذكريات...و انتهت المرحلة الثانوية حيث أصبح معدلي 85.6 أما أنت فقد أصبح 75.3... و بادرت أنت بالاتصال بي و المباركة لي كما فعلت في المرة السابقة...كم أنت لطيف يا عمر...
و في فترة العطلة كنا نتشاور بشأن دراستنا الجامعية فقررت أنا بأن أتقدم للطلب في الجامعات الحكومية لدراسة هندسة الميكانيك...أما أنت فقررت أن تدرس الهندسة في مصر...لم أكن اعلم أن مصر ستكون سكين الفراق بيننا!!!
فحصلت أنت على مقعد في جامعة 6 أكتوبر في مصر لدراسة هندسة الاتصالات أما أنا فحصلت على مقعد في جامعة البلقاء التطبيقية لدراسة تخصص هندسة التكييف و التبريد و التدفئة...كنت أنت فرحاً لأنني حصلت على مقعد في هندسة الميكانيك لأنك تعلم بأن طموحي كان هو الحصول على مقعد في هذا التخصص.
و في يوم الفراق الأصغر يوم سافرت أنت إلى مصر ...كان يوماً عصيباً...سال الدمع مني على فراقك...كما لو أنني لن أراك أبدا...فذهبت أنت إلى مصر و كنت بين الحين و الأخر تتكلم معي على الهاتف و تطمئن علي
و بتاريخ 10/ 12/2007...في الساعة ال 3 صباحاً فإذا بصديقي سعيد يتكلم يتصل بي و هو يبكي و يقول لي بأن عمر قد تغمده الله فر رحمته اثر حادث سير في مصر...لم أصدق!!!ظننت أن سعيداً يمزح معي...و لكني قلت في نفسي لا لأن سعيد لا يعرف المزح ابداً...و بدأت انا بالبكاء...و هنا كانت لحظة الفراق الأكبر.
رحمك الله يا صديقي ...ذهبت إلى اللطيف بك...إلى الحنون عليك....إلى الرحيم بك...ذهبت إلى خالقك.
أما أنا اليوم يا صديقي فأني أقطع على نفسي عهداً بأن لا أنساك ...و ستبقى في قلبي إلى الأبد.
وداعاً أخي...وداعاً أخي...وداعاً أخي.
مواقع النشر (المفضلة)