لا يمكن لأي مواطن أن يفهم معنى عقلية الجباية ما لم يقم برحلة اجبارية الى الجامعات الرسمية بحثا عن مقعد جامعي، فالجامعات الرسمية يبدو أنها اتفقت أن تفتح القبول في البرنامج الموازي وتغلقه قبل صدور قوائم القبول الموحد، والسب في ذلك تفريغ جيوب الأباء ، فمن المعروف أن الأباء يلجأون لتسجيل أبنائهم في الموازي خشية أن لا يحالف الحظ أبناءهم في القبول في البرنامج التنافسي الحر.
الأصل أن ييم اللجوء الى البرنامج الموازي بعد صدور قوائم القبول الموحد، ومن يجد أن التخصص الذي قبل به في قوائم التنافس لا يلبي رغباته يتجه الى الموازي، مما يعني أنه يتوجب أن يتم فتح الباب للقبول بالبرنامج الموازي بعد صدور قوائم القبول الموحد، وفي هذا بعض العدل المادي لجيوب الأباء، وقلت بعض العدل المادي، لأن فكرة التعليم الموازي للاردنيين المقيمين في الأردن فيها إجحاف كبير. والسؤال الذي يفرض نفسه، ما دامت الجامعات تمتلك إمكانيات لقبول المئات في البرنامج الموازي ، فهذا يعمي أن حجة تحديد أعداد المقبولين على قوائم التنافس بمحدودية الامكنة الاستيعابية للجامعات حجة غير صحيحة ، فالجامعة التي تستطيع قبول المئات في الموازي بعد قبول طلبة البرنامج التنافسي، يعني أنها في الأساس كانت قادرة على قبول المزيد من الطلبة على نظام البرنامج التنافسي.
ما كنت أظن أن عقلية الجباية قد تسربت الى جامعاتنا ، لأني كنت أظن أن الجامعات صروح علم، كل همها رفد المجتمع بما يحتاجه من كفاءات للنهوض بالتنمية الشاملية.
بات من الضروري مراجعة ما تقوم به الجامعات ، فجيب المواطن لم تعد تحتمل المزيد من الاستنزاف.
وإذا ما استمر حال القبول بالجامعات على النحو السائد حاليا، فبعد أقل من عقدين سيشهد مجتمعنا الأردني تغييرا بنيويا كبيرا، فسيكون غالبية خريجي الجامعات من أبناء الميسورين والمتنفذين، وليس من المتفوقين، وهذا يعني أن قلة فقط سيكون بمقدورهم مواصلة دراستهم الجامعية، والغالبية العظمى سيكتفون بشهادة محو الأمية، فأي مستقبل نعمل على بنائه بأيدينا.
لم يعد مقبولا التمادي بالسياسة التي تمارسها الجامعات الحكومية فما دامت هي جامعات حكومية، فيبنبغي أن يكون همها الأول والأخير توفير أكبر عدد من المقاعد الدراسية لأكبر عدد ممكن من الناجحين في الثانوية العامة ، وحصر البرنامج الموازي لأبناء الأردنيين المغتربين ، والعرب الراغبين في الدراسة بجامعاتنا، وفي أضيق الحدود المقيمين بين ظهرانيينا. وسوى ذلك فالعملية برمتها تصبح في خانة الاجحاف بحقوق المواطنين.
الله يكون بعون المواطن
مواقع النشر (المفضلة)