الســــــؤال !!
تجيء من بعيد..
تتأمل المدينة حولك، وأنت تسعى في دروبها، مترفقا في مشيتك، مُعتداً بهيئتك البسيطة، ولباسك التلقائي، وغطاء رأسك النقي، منهمكا بسؤالك وأنت تنسج الأمكنة خطوة خطوة، كأنك تدرز خيط الاستفهام على قماش هذا الزمان.. تجيء من بعيد، لتجلس على عربة الانتظار، مشعلا سيجارة صبرك، راشفا كأس التمني، بعد أن أرحت عكاز الدهشة، محاولا التفكّر في حكاية الصمت الأبلغ من زيف الكلام!!
***
تجيء بصمت..
تستريح قليلا، كأنك تهيئ الروح لرحيل أبعد!
تتكئ على ضمير الرصيف، وترقب نبض الشارع، فتتجاوزك السيارة المجاورة، وتبقى «البسطات» القريبة منهمكة بثرثرة البيع العابر.. كل شيء صار عابرا: سنوات العمر، خطوات الناس، خطايا الآثمين، وجوه الأحباب، نوايا الصالحين، عجلات العربات، ظلال البيوت، إطارات السيارات، تحديقة العيون، أغاني الطفولة، حدائق الظنون، كل شيء عابر، وأنت وحدك، يا كهل الرصيف، تراقب، وتوشك ان تكمل ما تبقى من اشتعال سيجارتك، ورشفة أخرى من كأسك، لتمسك، بعدئذ، عكازك، وتواصل طَرق السؤال على دروب المدينة، باحثا عن سلام روح مفتقد فيها، مشوقا لسكينة كانت تسكنها قبل فيض من الزمان.. تطرق.. تطرق.. تطرق..فيزيد، ولا ينقص شجن السؤال!!
مواقع النشر (المفضلة)