فور استقالة حاكم ولاية نيويورك آليوت سبيتسر إثر ضبطه وهو يطلب خدمات مومس في فندق راق في نيويورك، سارع خليفته في المنصب ديفيد باترسون الى الاعتراف بأنه خان زوجته واستخدم المخدرات. سبيتسر استقال لأن السلوك الامريكي المعياري لا يقبل بوجود تناقض بين الموقف الاخلاقي المعلن وبين السلوك الفعلي. باترسون سارع لكشف ما فعله امام الجمهور حتى لا يتورط في نفس المصيدة.
من الاجدر بالسياسيين الاسرائيليين الذين يعدون انفسهم الآن لخوض المنافسة على رئاسة الوزراء سواء داخل كاديما او في انتخابات الكنيست ان يتعلموا من ديفيد باترسون. صحيح ان اسرائيل ليست الولايات المتحدة وان السلوك المعياري في الدولتين ليس متماثلا - ولكن بيان ايهود اولمرت حول استقالته الوشيكة فرض مقياساً جديداً لتوقعات الجمهور ممن يرغبون بقيادته: هو لن يتحمل السلوك الفاسد منهم. خلافا لما فهم من بيان اولمرت - وكأن الاستقالة ستضع مستوى جديداً لسلوك الشرطة والنيابة العامة ووسائل الاعلام - المعيار الذي تنطوي عليه هزيمته معاكس تماما: قادة الدولة الذين سيأتون من بعده مطالبون بأن يكونوا انقياء والا فسيصلون الى المكان الذي وصل اليه اولمرت.
خضوع اولمرت للضغط الشعبي قد يبشر بانعطافه ايجابية في سلوك قادة الدولة. مثلما تركت ادانة اسحاق مردخاي أثرها على معاملة الضباط الكبار للمجندات الخاضعات لهم ومثلما فرض ابعاد موشيه قصاب عن مقر الرئاسة سابقه ايجابية في الدفاع عن النساء من التحرش والمضايقات الجنسية خلال الخدمة العامة ومثلما ادى كشف الشكاوي ضد البروفيسور ايال بن آري سواء كانت محقه ام لا - تهوية ازقة معتمة في المؤسسات الاكاديمية - تأتي استقالة اولمرت لتحقن اللقاح المقاوم للعفن السياسي. اولمرت أُجبر على التنازل عن منصبه ليس لأنه ضبط مذنبا في مجريات قضائية وانما لأن سلوكه يعتبر عملا غير لائق على المستوى الشعبي.
المتنافسون على مقعد اولمرت في كاديما وقادة حزب الليكود والعمل مطالبون الآن بالتأكد من اعمالهم واتخاذ قرار ان كان لديهم ما يبوحون به للجمهور قبل ان يطلبوا ثقته من جديد. هذه الدوله ستهتز ان وجدت نفسها في كل يوم امام عمل شائن وغريب من قادتها والدخول في تحقيقات قضائية. ان وضعت معلومات موثوقه امام مراقب الدولة او الشرطة حول سلوك من سينتخب من كاديما خليفة لاولمرت - بعد انتخابه - فستتبدد ثقة الجمهور بقادته كليا وستصاب الديمقراطية بضربة قاصمة إثر ذلك.
وحتى لا يحدث هذا السيناريو السيء يتوجب على المرشحين الاربعة ان يتصرفوا بشجاعة مع انفسهم وان يكونوا صريحين مع الجمهور: أولم يتركوا خلال مسيرتهم الجماهيرية الغاما من السلوك غير اللائق والتي قد تنفجر تحت اقدامهم بالتحديد عند لحظة وصولهم للقمة؟ عليهم ان يعرفوا ان هناك منافسون ومتربصون وخصوماً لن يترددوا في التصدي لهم واسقاطهم. وبما ان استعدادية الجمهور اليوم للمرور مر الكرام على سلوك فاسد يتناقض مع المعايير السليمة آخذ في التناقص كما تشير نهاية اولمرت، نوصي الاربعة المتنافسين على رئاسة الوزراء ان يدرسوا جيداً مدى مناعتهم امام التنبيش المحرج في ماضيهم.
لأنه ان لم يكن الامر كذلك فسيصلون الى الوضع الذي وجد فيه ايهود اولمرت نفسه في الاسبوع الماضي يوم الاربعاء في الثامنة مساءً: واقفاً امام الامة كلها وناظراً في عيون الجمهور ومعترفا بالاخطاء التي ارتكبها في الماضي والتي تجبره الان على الاستقالة من رئاسة الوزراء.
هذا نفس اولمرت الذي صرح قبل ذلك بشهرين انه ينظر في عيون المواطنين ويقول لهم انه لم يدخل الى جيبه فلساً واحداً. الفجوة بين الرواية التي يقولها السياسيون عند منافستهم على رئاسة الوزراء وبين تلك التي يبلون بها عندما يكونون مغلفين بشعور القوة إبان وجودهم في المنصب من جهة وبين الحقيقة التي تظهر من خلال التحقيق في الشرطة وفي الصحافة من جهة اخرى - هي الفتحة التي يقوم الجمهور من خلالها بإرسال طوفانه من عدم الثقة بقادته.
كاتب اسرائيلي
هآرتس
منقول عن صحيفة الغد
مواقع النشر (المفضلة)