فندق خمس نجوم ..عفواً..مستشفى.. خمس نجوم
الصحة نعمة النعم وبفقدانها تزول النعمة وتحل العتمة كضيف ثقيل لا يغادر ولا يهاجر ولا يسافر ومن أولويات التعارف والتواصل والتراحم، وإنك كائن في الحياة تحيا وبعد بسملة السلام ولغة الكلام تسأل من تلقي عليه السلام:
كيف الصحة؟
وهو السؤال البديهي الذي يتبادله الأشقاء والأصدقاء والرفقاء والزملاء قدّر أن يلتقوا ببعضهم بعضاً .. لأنه بعد بسملة السلام وقبل السؤال عن الحال والمال والأعمال والعيال.. لماذا لأن الصحة هذه الأيام لم تعد الرأسمال الجسدي فحسب بل صارت الرأسمال المادي أيضاً..
فصحة الناس.. يا ناس.. يا حكومة.. يا مجلس الشعب إذا ما أصيبت بالانتكاس ماذا يبقى لرفع الرأس فياما أحلى انتكاسة البنوكة وكل مفردات هذه الشربوكة ويا محلا الإفلاس.. وسأعطي مثلاً:
إذا ارتفعت حرارتك يا صديقي وأكلت لفحة هوا وشوية برد ولم ينفع معك الدوا وخصوصاً السيتامول وأولاد خالته وبنات عمته.. فستذهب لعند الطبيب عفواً الاسم غير دارج لعند الحكيم أو الدكتور.. مش هيك ومن الطبيعي كالمواطن العادي أن يسأل ويطمع أن ينزل بالدرجة الأولى أو الأعلى من الأولى وهنا تبدأ عليك آيات هبوط الأرقام بدلاً من هبوط آيات الراحة والصحة والعافية والاطمئنان، والذي يصير أن الفندق عفواً المستشفى لا تزيد عليك فقط سعر الغرفة المجهزة بسرير واحد ومكيّف وتلفزيون وطعام مميز وخدمة.. الخ بل تزيد عليك بقية الأسعار التي لا دخل لها بالفخفخة والرفهنة مثل كلفة العملية الجراحية وأجرة الطبيب وثمن الأدوية والصور والفحوصات وغيرو الله أعلم بما يعملون ويعلمون..
وتجدني أسأل ما هو الفرق بين الدرجتين الأولى والثالثة أو العاشرة.. في غرفة العمليات واختصاص الطبيب الجراح هل بالدرجة الثانية أو الثالثة طاولة العمليات التي يلقحون عليها المريض هي من (الفورميكا) الصينية وتلك الموجودة في مريض الدرجة الأولى هي طاولة من (الفورميكا) الفرنسي أو الألماني أو الأمريكاني إذا كان ذلك معياراً للأول..
وهل دواء وهواء مريض الدرجة الثانية وحتى العاشرة على طعم البندورة أو البوتاس ودواء الدرجة الأولى على طعم المانغو والأناناس؟ ونسأل بعد هل المقص الموجود والملقط والسكين والساطور المستعملين في عمليات مريض الدرجة الثانية وما بعد هي من التنك والفونت وتلك المستعملة في الدرجة الأولى هي من الذهب والألماس أو من الفضيات العالمية؟! ونسأل وبعد الموعد بتفوت لعنده والطبيب بيشلحك تيابك وبعدها بشلحك على الطاولة.. قبل ما يشلحك مصرياتك وبيدفشك على أبواب المختبرات (الخاصة والماصة) لتجري الفحوصات والتحليلات والتصويرات والتخطيطات.. الخ.. وبعدها بتحمل حضرة جنابك نتائج المختبر وبترجع لعن الطبيب عفواً الحكيم إياه.. وبتشلح له الأوراق على الطاولة.. ويقرؤها كمن يقرأ تعويذة بني سريان باستقدام الجان.. ليعود بعدها وبشلحك على أبواب المشفى عفواً المستشفى وبيقول بدّك مستشفى.. مافي هرب ولا طرب.. وتسأله إلى أين ويحاول أن يهديك ألست ضالاً بعلمهم ألست جاهلاً بمعرفتهم واتفاقاتهم الممهورة بلغة (الجنتلمان) والتي لا يجرؤ أحد على كتابتها على الورق.. وتدخل المستشفى من بابه الواسع واللاسع طالباً الإذن بالدخول وتحوّل إلى مكان القبول ليسألونك أول ما يسألونك في القرن الحادي بلا عشرين في أي درجة تريد الإقامة عفواً إجراء العملية.. ويسألونك وكأن حضرتك مشرّف لعندهم كي تمضي شهراً من العسل وبسؤالهم تشعر وكأنك داخل إلى (الشيراتون أو الميرديان أو الفورسيزن أو ستمضي الحياة في كارلتون الحياة)، وهنا يختلط عليك الوجع والألم والرقم وهذه معادلة من ثلاثة مجاهيل لا يحلها إلا المقتدر على تحمل الوجع والألم وليس من بيده علم الأرقام، وبالنسبة لأجر الطبيب عفواً الدكتور.. هل عندما يجري الطبيب عملية جراحية لمريض من الدرجة الثانية وحتى العاشرة يكون غشيماً وطشماً وعندما يجريها لمريض من الدرجة الأولى يصبح فهيماً وبروفيسوراً عالمياً وفشر البروفسور مايكل دبغي وفيليب سالم وهل هل... تنتهي هذه الأسئلة والهلهلة إنها لن تنتهي حتى تزول الحظوات والوصايات والاستنسابات والوساطات والسرقات ومقومات الفساد ولغة الشطارة والتي تعتمد على الاستغلال والاستهبال.. كل ذلك عن المشافي الخاصة أما العامة والتي هي تحت الرعاية الكاملة لولاة الأمر والتدبير فحكايتنا معها لن تكون بتدبير أو تشفير أو تسفير أو تهجير لأية مشكلة، وستكون في صفحة أخرى وحلقة قادمة. ولا تؤاخذوننا خلصت الصفحة وما خلصت الحكاية وتلك أولى الحكايات من ألف حكاية وحكاية.
مواقع النشر (المفضلة)