جنون العظمة
أثناء حديث مدمر القذافي ألم تلاحظوا كثرة استخدامه للأنا : أنا و أنا و أنا ..
قال القذافي :" أنا مجد لاتفرط فيه ليبيا ولا الدول العربية أو الإسلامية أو أفريقيا أو أمريكا اللاتينية"
و قال كلمات أخرى ، بل و نسب لنفسه أمور لا يجوز أن ينسبها لنفسه
هذه الكلمات لا تخرج إلا من شخص مصاب بـ مرض اسمه جنون العظمة ؛ فأحببت أعطيكم نبذة عن هذا المرض ..
شطحات جنون العظمة هل لها حلول ؟
تصاب بعض النساء بجنون العظمة، كما يعاني بعض الرجال من هذا المرض، فيظن نفسه شخصاً عظيماً، مما يجبر الزوجة على أن تعيش في حيرة من أمرها ما بين الإمبراطورية التي يعيش فيها زوجها وبين الواقع الحقيقي للحياة.
هؤلاء الأشخاص يظنون أنهم يعلمون كل شيء ، ويفهمون كل شيء ويدركون كل شيء في العالم، وهاهم مهما حققوا من علم وجاه وثروة يظل الفرق بين خيالاتهم وواقعهم شاسعاً؛ لذا يعتبر هؤلاء الأشخاص في نظر الطب النفسي أشخاص لديهم اضطراب في الشخصية نتيجة خلل في تصورهم لأنفسهم وإمكانياتهم وفهمهم لذاتهم بالشكل الصحيح، فرغم كل الإنجازات التي يحققونها فإنهم يعانون داخلياً من عدم الاستقرار النفسي، كما يعانون من تقلب المعنويات وسرعة انحرافها وتذبذبها أحياناً، وكثيراً ما يمرون بفترات اكتئاب أو قلق أو أرق لأنهم لا يدركون مدى أنانيتهم وغرورهم الغير مبرر، وهو عكس ما يعتقد الناس أن هذه الشخصية سعيدة بإنجازاتها الوهمية.
من هو الشخص المريض بداء العظمة؟
يمكن التعرف على الشخص المريض بداء العظمة أو ما يعرف طبياً باسم (البارانويا) من خلال صفات عديدة، فعادة يكون جامداً ومتزمتاً، ولا يتقبل النقد، بل هو من ينتقد الناس ويستخف بهم ويتسلط على من هم دونه. كذلك يريد أن يسخر الناس لخدمته والعناية به؛ لذا فهو شخص غير محبوب. كما يمكن التعرف عليه بسهولة من طريقة مشيته المختالة الطاووسية، وتفكيره الخرافي رغم الحيل الذكية التي يصطنعها المريض لتأييد معتقداته الخاطئة، وبإمكانك التأكد من أن الشخصية التي أمامك مصابة بداء العظمة عندما يخبرك أن وسائل الإعلام تتحدث عنه، وأن اليابان أرسلت أشخاص ليراقبوه، أو أن أمريكا تعرض عليه المليارات مقابل نظرياته العلمية الفذة، وهو رافض أو يعتقد أنك ترغب في معرفة معلومات عن حياته الشخصية لأهميتها البالغة لمجرد سؤاله عن وظيفته مثلاً.
أسباب الإصابة بداء العظمة:
تأتي التربية كأهم مصدر للمرض النفسي؛ لأنها البناء الأول في شخصية الطفل وتطوره فيما بعد، فاضطراب الجو الأسري يهدد أمن الطفل من خلال المنافسة الغير المتكافئة، وقلة الخبرة في تحديد مستوى الطموح الذي يتناسب مع قدرات الطفل ونموه، كذلك الدلال المبالغ فيه والعكس القسوة والحرمان خاصة في السنتين الأولى من حياة الطفل التي تؤدي لنفس المرض.
وحتى لا نلقي اللوم دائماً على الأسرة، اعترف أطباء النفس أن هناك بعض الاضطرابات السلوكية لدى الأطفال لا تتناسب مع المسبب، فالأم التي تقول لطفلها: أنت أحسن ولد في العالم، أو أنت أجمل بنت في العالم. ليست مخطئة بل تعزز ثقة طفلها، ولكن بعض الأطفال يستجيبوا بطريقة غير سوية، وهنا يأتي دور الأم في الملاحظة والتقييم والتعديل، وغالباً الأطفال الذين لديهم استعداد لداء العظمة يتسموا بالوحدة، وقلة الأصدقاء والتقلب الانفعالي وإحساس بعدم الأمن والشك في الآخرين وعدم الثقة فيهم، وكلما نما الطفل تزداد هذه السمات حدة وتبدأ مشاعر العظمة في الظهور.
أسباب غير متوقعة لشطحات جنون العظمة:
تبدو بعض الأسباب غير متوقعة لداء العظمة، مثلاً فإن تأخر الزواج قد يسبب ذلك، حيث يتعالى الشخص على الإفصاح عن رغباته المكبوتة، ويبدأ الحيل الدفاعية، كتبرير عدم الزواج أن أشخاصا يتربصون به، ويحيكون مؤامرة ضده، وفي الغالب تتركز الأوهام حول أناس غير محددين وغير معروفين، أو قد يعزي الأسباب إلى أن المجتمع لا يقدره حق قدره، فيبدأ ينقطع اجتماعياً ويعيش وحده في مجتمع زائف، وقد يلجأ الشخص بالتعويض والبحث عن نقاط قوة ليداري بها نقاط الضعف.
ومن ضمن الأسباب الغير متوقعة: الدراسة التي ذكرت أن قلة النوم والإرهاق تؤدي إلى القلق، وتعكر المزاج، وتزيد العناد والشك، والشعور بالاضطهاد، وقال الباحثون: إن الحرمان من النوم يجعل الشخص معرض للبارانويا أكثر من غيره بمعدل خمس مرات.
ولتعدد الأسباب تعددت أنواع داء العظمة كما عددتها الأخصائية النفسية أمنة عبد الحفيظ، فمنها توهم العظمة: كأن يعتقد الشخص أنه بطل أو مخترع.
وتوهم الاضطهاد: كأن يعتقد الشخص بوجود أشخاص يحاولون وضع السم له في الطعام.
والتوهم الجنسي: فيتخيل أن أحد المشاهير يحبه ويرسل له رسالة عبر الإذاعة أو التلفزيون.
وقد يتحول داء العظمة إلى مشاكسة، فيصر المريض على المطالبة بحقوقه قانونياً، ويلجأ للقضاء في كل كبيرة وصغيرة. وأصعب أنواع داء العظمة النوع المختلط الذي يضم أنواعاً مختلفة من التوهم.
كيفية علاج داء العظمة:
تقول الأخصائية النفسية أمنة عبد الحفيظ: "إنه لابد من وضع برنامج متكامل لعلاج المريض، يشمل العلاج بالعقاقير لجعل المريض أكثر طواعية خلال العلاج النفسي، وفي الوقت نفسه لابد أن يخضع المريض للعلاج التربوي والمهني والاجتماعي، وللمحيطين به دور مهم في العلاج، فلا يحطون من قدره فيزيد عناده، ولا يسايرونه فيتمادى. فعليهم أن يكونوا موضوعيين ويسألوه أسئلة محددة مثل: كيف؟ ومتى؟ وأين؟ فالأسئلة المحددة لا تعطي مجالا لسرد التبريرات. ولا نغفل العلاج الديني فله دور كبير وفعال في مثل هذه الحالة، في الحد من حالة الغرور والكبر التي ذمها الدين الإسلامي".
وتضيف بالقول: تأتي صعوبة علاج داء العظمة داخل المستشفى؛ لأن المريض يجد من يتعاظم عليهم بسهولة، ويزيد اعتقاده بوجود من يرغب اضطهاده، وأن له أعداء هم الذين أدخلوه المستشفى، لذا العلاج في البيت ممكن وهو الأفضل؛ لأن المريض لا يشكل خطراً، ولا تعتبر البارانويا جنوناً بالمعنى الحقيقي غير أن تطور المرض البطيء وعدم انفصاله عن الواقع يجعل المريض يبدو طبيعيا في تصرفاته، ومقنعاً في تبريراته، فتنتقل الأوهام للمحيطين بالمريض بعد فترة من الزمن، خاصة إذا كان الشخص السليم بمعزل عن المؤثرات الخارجية، وهو ما يسمى بالانفعالات المشتركة وفي هذه الحالة يجب توعية الشخص السليم أو عزله عن المريض إذا اقتضت الحالة.
من جهة أخرى تأتي صعوبة العلاج لأن الإحساس بالعظمة يتمركز حول الذات التي لها ثبات نسبي، إلا أنه يمكن تعديله وتغييره ضمن جلسات منظمة، وبحسب نظرية الذات لكارل روجرز فإن أفضل طريقة لإحداث تغيير في سلوك الشخص هو إحداث تغيير في مفهومه عن ذاته وقدراته وإمكاناته، وهو ما يجعله يضع قدميه على أرض الواقع ويبعده عن شطحــــات الخيال
مواقع النشر (المفضلة)