م . سالم أحمد عكور

جميعنا يعلم أن الحياة البشرية لا تخلوا من دخول العديد من الإختراقات السلوكية العابرة التي تخلخل سكونها وهدوئها ، وما أن تهدأ لتعاود كرتها من جديد بأساليب جديدة أكثر إيلاماً .. ناهيك عن الكثير من الظروف والمواقف والمنغصات المؤلمة التي دائماً ما توقظ مضاجعنا وتغزو هدوء حياتنا الاجتماعية ، وليست على مستوى الأفراد فحسب ، بل طالت هدوء الوطن واستقراره الاجتماعي ، وتفاوتت هذه الظروف ما بين ظروف " طارئة " والتي تزول بزوال أسبابها ، وأخرى " قاهرة " والتي لا بد من أن تترك أثاراً مؤلمة وعميقة ، تحتاج إلى مزيداً من قوة التحمل ومواجهةً للصعاب ، والإتسام بقليلاً من الصبر ، الذي يمكننا من تجاوز هذه الظروف والعواقب التي خلفتها .. على الرغم من أنها بالتالي ورغم آثارها ألمؤلمة وصعوبة تجاوزها بيسر وسهولة ، تصبح في عداد الذكريات الخالدة التي انطوت في عالم النسيان ..!!

ولكن .. لقد ازدادت في الآونة الأخيرة و" بأساليب مختلفة " أعمال إيذاء وإجرام بصورة لم نعهدها سابقاً على الساحة الأردنية من شأنها إيقاظ ظمائرنا قليلاً ، وتفتح لنا أبواب التفكر ملياً بما يدور ، ونضع هذه الأعمال تحت عدسة مجهر الحياة ، ومعرفة أسبابها ومسبباتها ، والدوافع الأساسية التي أدت إلى حدوثها وتفاوتها بين محاولات قتل وانتحار ، وقتل مقصود وغير مقصود ومتعمد وغير متعمد ، وتصفيات ثأرية بين المقيمين على ثرى الأردن ، وأخرى تفاوتت بين اختلاس وفساد ونصب واحتيال وسرقات وهتك عرض ، ولم تكتفي بهذا الحد ، بل طال الأذى والقتل فيما بين أفراد الأسرة والعائلة الواحدة ، ليزيد من وضعنا أكثر معصيةً وأعظم ايلاماً على النفس البشرية ..!!

أحياناً نُمَنْي النفس أن هذه المأسي ما هيّ إلاّ عبارة عن ظروف " قاهرة " أدت إلى حدوثها ، نتيجة العديد من العوامل الإجتماعية والاقتصادية التي عصفت على حياتنا مؤخراً وأحدثت شرخاً بين بعضاً من طبقات المجتمع ، وعكست مؤشراتها الاقتصادية لتقلبها رأساً على عقب ، فأطاحت بالطبقة العليا إلى المرتبة السفلى ، ونهضت بالسفلى إلى المرتبة العليا ، مما زاد في توسع الفجوة بين الفكر الذي كان يمثل دور " الإقطاع ورأس المال " ثم أصبح في عداد الطبقة العاملة والكادحة ، والفكر الذي كان يمثل دور " الطبقة العاملة والكادحة "

واصبح في مصاف الطبقات الاقطاعية والرأسمالية ، وهذا التباين بين الفكرين " المتكابرين " جعل من الإنسجام في التعامل فيما بين هاتين الطبقتين وكأنه شيء من ضرب الخيال .. وكبريائهم أبا التعامل مع الأمر الواقع الذي طرأ على حياتهم صعوداً أو نزولاً ، أو الاقتراب من الآخر الذي يقول في قريرة نفسه " وين كنت وين صرت " تفاخراً أو استهزاءً بالذات والآخر..!!

لقد باتت المشاهدات عبر الفضائيات والمواقع الاخبارية التي تنقل الأحداث وبصورة 24/24 ساعة ، و تعدد الأحداث الاجرامية باساليبها ونواياها المختلفة بهذه الصورة الدامية ، تخرج عن إطار الظروف الطارئة أو " القاهرة " التي تزول بزوال السبب ، بل بات مؤشرها يصعد متسارعاً نحوّ مفهوم " الظاهرة " الجرمية في المجتمع التي لا تزول إلاّ بزوال الروح البشرية ، مما يستدعي إلى وقفة تفكر فيما يجري ، والتدخل الحكومي السريع وإزالة الأسباب القاهرة التي تقع على كاهل المواطن إثر وضعه الاقتصادي السيء ، وحفظ ماء الوجه عربياً ودولياً ، وإضاءة الضوء الأحمر بصورة ناصعة وغير ضبابية أمام هذا المؤشر وايقاف سيره عند هذا الحدّ من الألم المتصاعد ، على أمل تصحيح مساره نحوّ حياة أقل بؤساً وفتكاً بأرواح البشر ..!!


لاكمال المقال الرجاء الضغط هنا...