حقوق الإنسان في أحدث إبتكار أمريكي
عندما تعلن اسرائيل رسمياً أن من حقها تدمير أي سلاح تملكه أي دوله عربيه فليس في ذلك انتهاك لحقوق الإنسان "اليهودي" ومن ثم فلا عقوبات ضد اسرائيل.
وأما عندما تعتقل اسرائيل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتقتل وتجرح الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ فليس في ذلك أي انتهاك لحقوق الإنسان "اليهودي" وهذا صحيح تماماً. ومن ثم فلا عقاب لإسرائيل بل أن إسرائيل تكافأ بالمال والسلاح والتأييد الديبلوماسي، لأنها لم ترتكب في تاريخها أي إعتداء على حقوق الإنسان اليهودي.
كان مصدر الخلط الدائم في فهم مواقف الولايات المتحده هو أنها تدافع عن حقوق "الإنسان" وتعاقب وتعادي كل من يسيء الى هذه الحقوق أو يمتهنها حتى لو كان من أقرب المقربين إليها.
لكن التعريف الرسمي لـ "الإنسان" في أحدث ابتكار امريكي هو أن "كل يهودي صهيوني داخل أو خارج اسرائيل."
اذاً فكل من يهدد حقوق هذا "الإنسان" أمر يرد على عدوانه وإذا فكر برد العدوان فهو عدو للولايات المتحده. وإذا فكر العرب في استخدام ما يملكون من أوراق سياسيه وإقتصاديه في مقاومة أعدائهم فهذا تخلف سياسي وجمود عقائدي، وخروج عن الأعراف الديبلوماسيه والإنسانيه المتحضره. لكن عندما يتخذ الإسرائيليون أكثر الإجراءات عنفاً في السياسه والحرب والإقتصاد فهذا موقف "إنساني" يجب تقديره أمريكياً – لأن حقوق الإنسان اليهودي في الإعتداء على "الهمج" من غير اليهود حقوق مقدسه ... كما تقول مبادئ (التلموذ اليهودي). وتصديقاً لذلك فقد وردت تعليمات جديده أطلقها رئيس الوزراء الصهيوني ايهود أولمرت ووزيرة الخارجيه تسيبي ليفني وباركها وزير الحرب ايهود باراك قالوا أن الحكومه والمعارضه الإسرائيليتين اتفقتا على فرض عقوبات على روسيا اذا بنت مفاعلاً نووياً في إيران وأضافوا أن إسرائيل والولايات المتحده ستفرضان كإجراء أولي عقوبات على روسيا اذا زودت موسكو المتطرفين الإسلاميين بالسلاح وقالوا أن مفاوضات حول هذا الموضوع قد أتفق عليه بينهم وبين الولايات المتحده.
واسرائيل هذه التي ساهمت فيما مضى بتسليح إيران خلال حربها مع العراك وتصورت أن الثورة الإسلاميه لن تستمر وأن علاقاتها القديمه أيام الشاه يمكن أن تعود، تقرع الآن ناقوس الخطر وتقول بلسان مسؤول أن إيران هي العدو "رقم واحد" ثم ترسل مسؤولاً الى كوريا والصين لإقناعهما بالتوقف عن ارسال الصواريخ الى طهران. لا بل أن النصيحه الأولى التي قدمتها اسرائيل الى الرئيس الأمريكي الجديد كانت راقبوا ايران ومع النصيحه عباره تختصر القلق الإسرائيلي بالقول ان ايران هي تهديد للهدوء في المنطقه ولأمن اسرائيل والولايات المتحده حيث لا فرق.
باختصار شديد ربما يكون للولايات المتحده دور معارض لسياسات اسرائيل الهمجيه – قلت ربما – خاصه باستعمالها أبشع أساليب التعذيب لشعب سلبت منه حقوقه ووطنه الذي سرقوه.
ولكن وفي كل مره كانت هذه المعارضه تختفي وراء التفهم الأمريكي المستمر للموقف الإسرائيلي، من خلال تحميل العرب الفلسطينيين مسؤولية عدم قبول الأمر الواقع.
وأخيراً فقد سمعت تحديداً لوصف هذه الحكمه من جانب أحد الديبلوماسيين في عمان بالأمس قال: في كل الأحوال تضل حقوق الإنسان العربي عامه والفلسطيني خاصه غير معتمده ما لم يحصل على شهادة حسن سلوك من البيت الأبيض، مفادها أننا مهذبون يصح التعامل معنا والحديث إلينا. وهي شهاده لا تقل أهميه في السياسه عن شهادة صندوق النقد الدولي في الإقتصاد.
وأما بعد .. فسوف يستمر عجز النضال بالسلام ويتفاقم السقوط فيه بلا خجل وتنهار قيم العروبه ليطل علينا القتله .. ملوحين بأيديهم الملوثه بحبر التواقيع على مبادرات السلام دون حياء. صدقوني لابد للنهر الساكن أن يولد ولو من قطره. ولنا عوده.
منقول عن: اخبار سرايا
مواقع النشر (المفضلة)