كل العجب في موقف رجب
بقلم /أحمد عــدوان
وكأننا أمة لا تنتصر إلا بغيرها من الرجال، لم أجد بداية ما أتحدث به لأشيد بموقف رجب طيب اردوجان من منظور العبد لله الغلبان، سوي أنه رجل شهم عنده دم احمر يستحي ويتألم ويغضب من أجل القضايا العادلة عنده ثقة واستعصام بالحق لم نشهده في حكام يعدون أنفسهم من الجسد العربي محسوبين علي الرقعة العربية الممتدة، التي تنفر منهم ومن أشكالهم، لضحكاتهم المعهودة وابتساماتهم العريضة عند مواجهه كل مصيبة تعترينا .
ذلك الطيب المسئول المملوء بالثقة والعزيمة،لم تكن تصرفاته بمثابة اللطمة الحقيقة علي وجه بيريز النازي وحسب ، إنما بصقاً في وجوه الحكام والمسئولين العرب المبتسمين دوماً، ليعطيهم درسا في الرجولة والأخلاق التي يفتقدونها ويبدد تلك الأوهام والذرائع التي يتحججون بها من نزاعه إسرائيل وقوة رد فعلها إذا اظهروا تعنتهم ورفضهم للممارسات الاحتلال، خاصة أن تركيا في حلف الأطلنطي (الناتو) وتسعي إلي دخول الاتحاد الأوربي وإسرائيل لها دور بارز في الضغط والتأثير في موقف تركيا باستغلال اللوبي الصهيوني في عرقله مساعيها للالتحاق بالاتحاد، بالرغم من ذلك ومنذ اللحظة الأولي لضرب غزة أيد اردوجان مساندته للمقاومة، ودعم الحكومة التركية خيار الشعب الفلسطيني .
في حين يصر الحكام العرب علي تقليص دور المقاومة لما تمثله، خطر جسيم علي سلامة الشرق الأوسط ويبدون المخاوف من محاولة الاقتراب من نقض إسرائيل ولو بالتصريحات الجوفاء، ويبدو أن موقف الرئيس التركي قد بدل من تلك المظان التي تساوي بين (الإرهاب والمقاومة ) ليطالب الرئيس الأمريكي الجديد بتصنيف دقيق وفصلا محقق بين من يقاوم من اجل تحرير بلاده من الاستعمار وبين الإرهاب، في ظل الخلط الواضح للأوراق، ويعطي الحق علي أن أسلوب التستر علي الجرائم التي ترتكبها إسرائيل أسلوب قديم حيث الرواية الأحادية من جانب واحد هي رواية باطلة تستخدمها إسرائيل لسفك الدم الفلسطيني ولابد من المجتمع الدولي أن يفتح الساحة لطرفي الصراع وعدم التسليم بالرواية أحادية الجانب .
رجولة أردوغان وموقفه المشرف، لم نجده في الحكام العرب منذ أن عرف الشعب الفلسطيني طعم المعاناة ومرارة القصف الصهيوني والأسلحة الفتاكة التي يستخدمونها للتشنيع والتقطيع والتنكيل بالجسد الفلسطيني والقضية الفلسطينية ،وتقسيم الأرض وإرهاب الناس المعقد وصفه بكلمات أو مقالات أو مجرد صور ، لم يجرؤ حاكم عربي واحد في أدانه الأعمال الوحشية ،بحق الجسد العربي الفلسطيني وغزة المنكوبة خير شاهد ونعم الشاهد غزة، فمنذ اليوم الأول للحرب علي غزة لم نسمع حاكم عربي واحد كسر حاجز الصمت بالذود عن أهل غزة وإظهار بلده في حله العزة والكرامة واستشعارا بالأمانة التي قابلوها بالخروج أمام الشاشات ضاحكين في بلاهة مبتسمين في بلادة وكأن قطاع غزة وشعب غزة من تلك الكواكب الفلكية التي نسمع عنها .
في حين أن اردوجان وضع بلاده فوق كل المظان، حين قال أن كرامة تركيا لن يمسها كائن من كان وانه مضي الزمن الذي ينظر إليها كدولة تابعة .
أين حكامنا من هذا الحديث؟ فلم نجد منهم سوى عقد المؤتمرات لأخذ الصور التذكارية والابتسامات الوردية، والراحة النفسية، والمشاعر المتبلدة، والحرارة المنعدمة والفتور الأخلاقي فوجدوا كاميرات الإعلام مسلطة علي طلعتهم البهية فزاد حبهم في التملق، والرغبة في التسلق فأجمعوا علي أن الحرب علي غزة مبررة وضرورية وتناسوا أن يصرحوا أنها حتمية، فجلبوا أصدقائهم من الغرب فضم محور الاعتلال (الاعتدال) الأصدقاء الحقيقيين لهم واجمعوا كيدهم علي أن ما يخالفهم فهو باطل .
أنسحب اردوجان من مؤتمر (دافوس) موبخاً إسرائيل ورئيسها النازي بيريز مجرم الحرب الصهيوني، ونحن ما زلنا لا نجرؤ علي أن ندين جرائم الاحتلال من قتل الأطفال، بل نستقبلهم بالأحضان والقبلات المغلظة ونصدر لهم الغاز ومعلبات الفول وكل ما لذ وطاب دون مقابل على حساب قتل أطفالنا وحصار شعبنا .
أخيراً: لن يضيع حق طالما هناك أناس شرفاء وإن لم تربطهم بنا لغة أو مكان فرابط الدم والدين والإنسانية أكبر من تلك الروابط التي يحاصر بها بنو الجلدة أبناء الشعب الفلسطيني .
مواقع النشر (المفضلة)