عندما تشاهد التلفزيون وحدك بدون رفقة فالخيارات متاحة أمامك لتتابع فيلم رومانسي أو برنامج وثائقي أو نشرة أخبار، وفي حال تعرضت لمشهد "مش ولا بد" فأنت أمام خيارين: إما أن يكون عندك وازع وضمير وتغير المحطة "وهذا نادر الحدوث" أو أن تتابع المشهد "بنص عين" على إستحياء وتستغفر ربك عشر مرات عند إنتهاءه "وهذا مايحدث غالباً"......
وبالنسبة للجلسات العائلية فالوضع مختلف والريموت دايماً تحت سيطرة الوالد العزيز والخيارات تتراوح بين قناة الجزيرة وقناة الناس، وفي حادثة شهدتها إحدى جلساتنا العائلية يحكى أن والدي "سهي" عن الريموت نتيجة لإنسجامه في موضوع آخر مع والدتي فقمت بتغيير المحطة ثم أعدت الريموت إلى قواعده بجوار "المكتة" سالماً دون ان يلاحظ أحد ذلك، وبدأنا بمتابعة فيلم أجنبي بدى لنا شيقاً مستغلين إنشغال الأجاويد.......
فجأة وإذا بمشهد جريء يجمع بين البطل والبطلة فما كان منّا إلا أن أعلنا النفير العام وصرنا نحوم في أرجاء الصالة مثل النحل في الخلية:أنا عطشت فجأة عطش شديد وهرعت إلى المطبخ ، أخوي عمل حاله بحكي تلفون، وأختي ظهر حنانها المفاجئ وعرضت سندويشة على أخي الصغير الذي إلتفت بدوره إلى أبي المشغول وقال له بنبرة تملأها الدهشة: بابا شوف بيبوسوا بعض! ، وما إن سمع أبي كلمة "بوس" حتى تمسمرنا جميعاً في مواقعنا وأدركنا أن: "ليلتنا أنس إن شاء الله" وقام والدي العزيز بالتغيير إلى المحطة المجاورة لإنقاذ الموقف لكن الوضع فيها كان أنيل: أغنية وراقصات بلباس البحر، فغير إلى القناة التي تليها بسرعة فاذا بالوضع أصعب: أحد طلاب ستار أكاديمي يوشوش صديقته سراً ويجلس إلى جوارها بطريقة "أخوية للغاية" وعلى المحطة إلي بعدها كان الأمر قد ازداد سوءاً: خليل يعاين خد ميرنا التي كانت على مايبدو "ماكلة كف مرتب"، وعلى مدار ست محطات متتالية لم يجد أبي مفراً من مشهد تلو المشهد و عندها لم نتمكن جميعاً من تمالك نفسنا و"فرطنا ضحك" لكن أبي لملم ضحكته على عجل وضغط على الزر رقم 1 بعصبية معلناً إنهاء الرحلة والعودة إلى الجزيرة.......
وبعد العناء "الريموتي" الطويل جمعنا أبي وقال بصوت حاد: من فيكوا إلي غير عن الجزيرة وأنا قاعد؟ فتطوعت بسرعة وقررت إنقاذ نفسي بـ "كذبة بيضا" وقلت له: إنت يابابا كبست عالريموت بالغلط وكنت مشغول فما حبيت أزعجك وأحكيلك تغير (حنونة!!!)، وهنا نظر الينا جميعاً وهو يحاول إخفاء إبتسامة وارء كشرة مصطنعة وقال لنا : على غرفكوا ومابدي أشوف وجه حدا فيكوا من هون لبكرة الصبح.........
على فكرة أبي ليس "غشيم" ولا دقة قديمة وهو يدرك تماماً أن المشاهد المصورة على الشاشات ألطف بكثير من المشاهد "التي تبث حياً وعلى الهواء" في الشوارع والمقاهي، ولكن لأبي رسالة مفادها: أن هذه المظاهر لا يجب أن تصبح "عادي" في حرم منزلنا على أقل تقدير!!!!!.
رحمة منذر مريان
مواقع النشر (المفضلة)