شاركت جلالة الملكة رانيا العبدالله اليوم وزارة التربية والتعليم ومنظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونيسف) إطلاق الحملة الوطنية (معاً نحو بيئة مدرسية آمنة).وتهدف الحملة الى تخفيض معدلات العنف ضد الأطفال في جميع المدارس الحكومية ومدارس الأونروا في المملكة باستخدام وسائل تأديبية حديثة بدلاً من الضرب.وأكدت جلالة الملكة رانيا العبدالله امام نحو أربعة آلاف وخمسئة مدير ومديرة مدرسة بحضور رئيس مجلس الاعيان زيد الرفاعي ورئيس مجلس النواب عبدالهادي المجالي وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين والعاملين في القطاع التربوي تلازم العملية التعليمية والبعد التربوي المناط بالمعلم والأهل كونهم القدوة والنموذج.وقالت جلالتها ان العملية التعليمية ثلاثية الأبعاد، تتصدع إن لم تكن أساساتها الثلاثة، التلميذ والمربي وولي الأمر، راسخة، قوية، وعلى قدر المسؤولية.واضافت ان الضرب لم ولن يكون أبداً أداة للتعليم أو وسيلة للتأديب، مبينة ان هناك بدائل تعلم التلميذ الانضباط، وتضمن له كرامته كما تحفظ للمعلم هيبته، فالطفل يتعلم بالحب وليس بالرهبة.وقالت جلالتها ان ما نراه اليوم في مدارسنا ليس منا في شيء، فلا مجال للاستهانة او التهاون مع من يرى أن التأديب والضرب متلازمان، او من يعتقد أن عدم احترام قوانين المدرسة، أو تطاول التلاميذ على معلميهم مقبول، مؤكدة جلالتها أن للقانون سيادة إن لم يحترمها الفرد فلن تحترمه.وكان وزير التربية والتعليم والتعليم العالي الدكتور وليد المعاني عرض بداية النشاط نتائج الدراسة الوطنية حول العنف ضد الأطفال التي أعدتها اليونيسف والمجلس الوطني لشؤون الأسرة ووزارة التربية والتعليم.وأظهرت الدراسة أن أكثر من ثلثي أطفال الأردن يتعرضون لإساءات لفظية من الوالدين والمعلمين والإداريين في المدرسة، كما يتعرض نحو نصف الأطفال لإساءات لفظية من الإخوة والأطفال الآخرين في المدرسة ويتعرض نحو نصف أطفال الأردن لإساءات بدنية من أولياء الأمور والمعلمين وإداريي المدرسة.واضاف ان نحو15 بالمئة من الأطفال يتغيبون عن المدرسة ليوم واحد على الأقل في العام الدراسي لخوفهم من ضرب المعلم وتهديده لهم ووصفهم بألقاب.وقال الدكتور المعاني ان الوزارة أجرت مسحا قبليا شارك فيه 64119 طالبا وطالبة بنسبة10 بالمئة من مجتمع الدراسة وبلغت أعلى نسبة للعنف اللفظي وهي الصراخ في الوجه45 بالمئة، في حين بلغت نسبة العنف الجسدي متمثلة بالضرب بالعصا40 بالمئة، وبلغت أعلى نسبة للعنف الرمزي وهي حسم العلامات38 بالمئة.وأظهر المسح ارتفاع نسبة ممارسة العنف بارتفاع مستوى الصف، إذ أن أعلى ممارسة للعنف وقعت على طلبة الصف التاسع، وأدناها على طلبة الصف الرابع، وتعرض5ر33 بالمئة من الطلاب الذكور لممارسات العنف من قبل معلميهم مقارنة مع 3ر18 بالمئة لدى الطالبات الإناث، حيث يمارس العنف الموجه نحو الطالب بشكل أكبر في مدارس الذكور بنسبة5ر34 بالمئة ثم المدارس المختلطة5ر20 بالمئة فمدارس الإناث3ر18 بالمئة.وبين أن الحملة تهدف إلى تخفيض حالات العنف ضد الطلاب والطالبات بنسبة40 بالمئة في السنة الأولى من إطلاقها وبنسبة90 بالمئة مع السنة الثالثة، مناشدا مدارء التربية ومدراء المدارس بتبني الأسلوب الجديد في توجيه وتعديل سلوك الطلبة ودعم المعلمين لتبنيه، والتأكيد على عدم التساهل مع استخدام المعلمين للعنف، إضافة الى الإشراف والتوثيق والمتابعة لنسب العنف في المدارس من خلال المسح الشهري العشوائي.وألقت نائب المدير الإقليمي لليونيسف مارلينا فيفياني كلمة قالت فيها ان هذا اليوم يوم مشهود في تاريخ الأردن وأطفاله لأنه بداية حملة وطنية لإبقاء المدارس آمنة وخالية من العنف لأجيال المستقبل.وقالت فيفياني ان الحملة لن تنجح دون التزام ودعم جميع أعضاء المجتمع، من داخل وخارج المدارس الخاصة والعامة ومن قبل المعلمين والآباء والحكومة وقادة المجتمع ورجال الدين، إضافة إلى المجتمع المدني ككل.وعرض فيلم وثائقي اشتمل على قصص مروية من أطفال تعرضوا لعنف مدرسي وأساليب جديدة لتعديل وتوجيه سلوك الطلبة في المدارس.وستعمل الحملة على دعم صناع القرار، المعلمين والعاملين في مجال تنمية الطفولة المبكرة على زيادة الوعي لدى الاسر والمجتمع بأكمله حول أهمية اتباع الوسائل التأديبية الايجابية ومناهضة العنف، بالإضافة إلى تشجيع القطاع الخاص والحكومة على تخصيص موارد مالية وإنسانية أكبر لدعم تطوير الحملة، وزيادة فعالية الدعم المقدم لها.وتاليا نص خطاب جلالة الملكة رانيا العبدالله ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام على كل من حمل عبء الأمانة، أمانة المسؤولية، مسؤولية التربية والتعليم والتهذيب والتقويم.السلام على مديرات ومديري مدارسنا.أقف اليوم أمام أربعة آلاف وخمسمئة منكم، مسؤولين عن أربعة آلاف وخمسمئة مدرسة في جميع محافظات الأردن، آلاف بيوت العلم التي تضيء جوانب بلادنا، وآلاف العقول التي تكبر معكم وبكم.لقد كنتم دائماً على قدر المسؤولية التي أوليت لكم، وهي كبيرة، لأن مسؤولية القائد مضاعفة، فبيده دفة القيادة، وعلى أكتافه مسؤولية تربية جيل جديد.وأتمنى أن يعي طلابنا قيمة حكمتكم وألاّ تحرموهم من وقتكم وقلوبكم، لأن الطفل يتعلم بالحب، وليس بالرهبة.فكثر الله من أمثالكم، وبارك بتعبكم، وإصراركم على التربية السليمة.والقائد الناجح مسؤول ومساءل عند فشل جنوده، مكرم منتصر بفوزهم، لأنه مسؤول عن أفعاله وعن أفعالهم.شكراً لمنظمة اليونيسف ووزارة التربية والتعليم على الدراسة التي كشفت لنا أن هناك تخاذلاً في مجتمعاتنا الصغيرة، وعلى إطلاقهما مشروع "معاً"، لأن علينا "معاً" أن نداوي هذا الجرح.واضافت جلالتها "للأسف، لسنا جميعاً مدركين لهول ما أظهرته هذه الدراسة، لأن البعض يرى أن التأديب والضرب متلازمان، كما يظن بعض الأهل أن عدم احترام أبنائهم للقوانين المدرسية، أو تطاول التلميذ على معلمه مقبول".العملية التعليمية ثلاثية الأبعاد، تتصدع إن لم تكن أساساتها الثلاثة، التلميذ والمربي وولي الأمر راسخة، قوية وعلى قدر المسؤولية.هرمنا التعليمي مهدد.ما نراه اليوم في مدارسنا ليس منا في شيء! ليس في تاريخنا، ليس من شيمنا، فالأردن بلدنا الحبيب، يعد من الأفضل في المنطقة من حيث نوعية التعليم، وشعب الأردن معروف بدماثة خلق أبنائه، باحتضانه لزواره، وبقلب أبنائه على بعضهم.العنف متزايد في مجتمعنا والصحف اليومية لا تخلو من قصة اعتداء مواطن على آخر، فهل أصبح العنف لغة سهلة التداول بين الأردنيين؟! لا شك أن قلوب الأردنيين محبة بعضها بعضاً، الأطفال والأطباء والجيران والشرطة والعامل والتلميذ، لكن هناك خللا في الممارسات، والطفل مواطن المستقبل ما هو إلا نتاج تربيته سواء في المنزل أو المدرسة حيث يقضي ثلث يومه، وما يتعلمه من قدوته سيطبقه على مجتمعه بعد ذلك، فالطفل يقلد من حوله.هناك خلل في العملية التربوية، ولكن هناك أيضاً نقص في القدوة.لا مكان للعنف بيننا، لن نتجاهل المشكلة ولن نتظاهر بأنها ستحل نفسها.الضرب لم ولن يكون أبداً أداة للتعليم أو وسيلة للتأديب، هناك بدائل تعلم التلميذ الانضباط، فتضمن له كرامته، كما تحفظ للمعلم هيبته.وكما تعلمون، ابتداء من اليومِ تعدل نظام الخدمة المدنية، لن يكون هناك تهاون مع أي شخص في مؤسساتنا الحكومية يضرب طفلاً.أما التلميذ، فنحث وزارة التربية والتعليم بالتشديد على القانون القاضي بأن الذي يتطاول على زميل أو مرب ينقل الى مدرسة أخرى، وإن أعاد الكرة يفصل من المدرسة.فللقانون سيادة إن لم يحترمها الفرد فلن تحترمه.نعول على إدراككم بأن النظام الجديد أداة ردع وليس وسيلة عقاب، سيسهم في الحفاظ على سوية مجتمعكم المدرسي، وصيانة حرمته، ليكون انعكاساً حقيقياً لنيتكم ودعماً لجهودكم المتواصلة لتوفير الأفضل والأسلم لأطفالنا وأطفالكم.منذ فترة، انطلقت بالتعاون مع المعلمين والأهالي والمجتمع المدني حملة اسمها (عصا السلام).قرروا أن يجعلوا مدارسهم ملاذاً آمناً، تخلت المدارس طوعاً عن عصيها، واستبدلتها بالحوار، بالمساءلة، وبالمسؤولية، لأن التعليم، لا يأتي من مقدمة الصف فحسب، بل ينبع من جنبات مدارسنا، من توجيه المعلم، وتقدير المدير، وحوار ساحة اللعب، ومن إحساس الطفل أن هناك من يرعاه ومن يحرسه.أنتم قادة مدارسنا، والقائد الناجح يستشرف الأفق، ويأخذ بيدنا جميعاً لنصله.نتطلع إلى بصيرتكم، وإلى راحات أيديكم، لأجل طلابنا.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.بــترا
تفاصيل الخبر هنا...
مواقع النشر (المفضلة)