عشية السقوط..
سهرت وحيداً..قلت سأغمض عيني على بغداد..وأودّع كل الأمهات والمحاربين بعبارة درويشية "تصبحون على بغداد"...عشية السقوط أتعبني لون النار في التلفاز، و التهم حدود الجفن وهوت بعض الرموش بحضنه كسنابل في فم منجل...سارعت وأطفأت اللهيب قبل ان يلتهم حلمي ..وأصبح لاجئاً جديداً "بخيبة مرقّعة" منصوبة على أرض الحقيقة...
**
عشية السقوط..
رفعت "أنتين" الراديو..ثبّته بين قضبان سريري الحديدي في دبي..وقلت سأحاول النوم..لكني لن اغرق..فاذا ما سمعت كلمت عراق..غسلت وجهي بالدعاء والتمني والتقطت رغيف الخبر وفلقته بيني وبين حلمي ..
**
عشية السقوط..
أخرجت قصاصات الجرائد، ومقالات الكتاب ، وصوت امي الراكض من الأردن ، وصور فندق الرشيد، ودم طارق ايوب الطازج، وعيون فاطمة ايوب الحزينة الخائفة كوطن..وأغاني سعدون جابر ..ومواويل الحزن المخزنّة تحت الصوت وعلى حافة الموت..
**
عشية السقوط
توقعت كل شيء الا ان تنزل - بهذه السهولة- دمعة من عين بغداد..أو تنزل بغداد من عيني كدمعة..وتكون القاضية وتكون "الركعة"..ويدنس البسطّار..شال العروبة..ويستبدل صوت ناظم الغزالي بصوت "بريمر"..
**
عشية السقوط
وجدوا على طاولة مهملة.. بدلة عسكرية..ورتبة متقدّمة ، و خطة لم يكملها قلم رصاص ..ووجدوا أيضا وجعاً نفاذاّ مثل العرق يبلل أطراف الأكمام والياقة..
**
بغداد..يا عاصمة الحزن.. يا عاصمة الحبِّ.. يا ضحية "الجُبِّ"..القي على وجهي قميص عروبتك لأرتد عاشقاً...فأنا "يعقوب" أوجاعك...
احمد حسن الزعبي
مواقع النشر (المفضلة)