المرآة لم تعد تعكس الصورة
***
- بين الصورة والحقيقة بون شاسع
- كنا نظن ان المرآة تعكس الصورة
- والصورة تعكس الحقيقة
- لكن كان هذا قديما
- الان يختلف الأمر تماما
- ربما تنظر في المرآة فتجد آخر ينظر إليك
المرآة لم تعد تعكس الصورة
وما تراه بعينيك ليس بالضرورة أن يكون كما تراه
ليس بالضرورة أن يكون كما تظن
إن السراب يشبه الماء
وقد تقسم أنه ماء
لكنه ليس كذلك
***
انظر الى صاحب الملبس الضيق هذا الذي يتمايل هناك
هل ترى هذا الشعر الطويل والهيئة العجيبة
لو اعتمدت على هذه الصورة فستخدعك
إنه ليس كما قد يخيل لك من أول وهلة
كلا ليس من أبناء الطبقة الراقية ولا من أصحاف الترف
لو ترى أباه وهو غارق في عرقه من أجل أن يوفر له ما يجعله يذوب وسط أصدقائه لعلمت
وهذه الفتاة هناك
تلك التي تكشف أكثر مما تستر
نعم هذه التي يلتف حولها مجموعة من الشبان
كلا لم تخرج من المرقص إنما من الجامعة
وهناك
هذا الذي يرتدي حلة فخمة أشبه بالوزراء
أحمق أنت لو ظننته وزيرا
وهل رأيت وزيرا من قبل دون حراسة
إنه ليس وزيرا ولا مديرا
إنها عدة العمل
إنه مندوب مبيعاتوهذا الشخص المهيب ذو الشعر الأبيض في التلفاز
هذا الذي يتحدث بكل جوارحه ومشاعره
كلا إنه لا يتحدث عن محاولات هدم المسجد الأقصى
إنه ناقد رياضي
وأياك أن تنخدع في هذا الشاب مفتول العضلات
ربما تتخيل أنه بطل العالم في كمال الأجسام
يا لك من ساذج
أؤكد لك أنك لو دفعته لأسقطته على الأرض
إنه مجرد هيكل خارجي
لم تترك له السهرات الحمراء والدخان الأزرق عافية
ولماذا أراك تنظر باحتقار الى هذا العامل البسيط
خدعتك ملابسه المتواضعة أوهيئته الرثة
إنه يعمل حتى يستطيع الإنفاق على نفسه
فهو يحتاج لمراجع كثيرة ليكمل رسالة الماجستير
كلا لم أنتهي بعد
انظر هناك الى هذا الرجل ذو اللحية الطويلة
انزل ببصرك قليلا لا أقصد تلك الصورة
أياك أن تنخدع بلحيته
لم تعد اللحية بالضرورة تعبر عن التدين
قد كثر الذين يستغلونها في الخداع
فإياك إياك أن تحكم بالظاهر
فلم تعد المرآة تعكس الصورة
***
وفي زمانا هذا الذي اختلطت فيه المعايير
كثيرا ما تجد صور ومصطلحات براقة لكنها في الحقيقة لا تعكس الحقيقة
وماذا نقول وقد أصبح
المشروع محظورا
والكفر فكرا
والعهر فنا
والهلاوس أدبا
وفي زماننا هذا ليس من الضروري أن يكون حجم رد الفعل مساويا للفعل
وليس من الضروري أن يكون الرجل المناسب في المكان المناسب
ألم تر
عندما يقدم حملة المباخر
ويؤخر العالم للصف الاخر
أهل التنوير لماذا يملأون الأرض ظلاما
الفكر الجديد لماذا أراه قديما
أما عن رد الفعل فأمر عجيب
أذرع العنكبوت تغزل خيوطها حول السودان
وصراخ الجماهير على الهدف الضائع في اليابان
مليون قتيل والعراق تباع في سوق النخاسة
ونشيج المشاهدين يرتفع أمام الشاشة
الأقصى يرقص رقصة الوداع قبل الإنهيار
والعرب يرقصون طربا لنغمات المزمار
***
فلا تتعجب بعد هذا إن وقفت أمام المرآة فلم تجد صورتك
ولا تجزع إن رأيت فيها شبح قبيح ينظر إليك
ربما تكون هذه من المرات القليلة التي صدقت فيها المرآة
فتأمل يا عبد الله
مواقع النشر (المفضلة)