مع اختلاف وتنوع عادات الزواج ما بين الأفراد من منطقة لأخرى فيما يخص النقوط في الأعراس، إلا أنها ما زالت قيمة اجتماعية باقية في مجتمعنا لم يمحها الدهر.
وتتحدث الجدة إيمان الحياري في هذا السياق حول النقوط قديماً قائلة: بعد أن يستكمل الضيوف طعام الغداء يجلس العريس أمام طاولة أرضية يوضع عليها سلة كبيرة أو ورقة وبجانبه والده وأحد اقاربه، وتبدأ مراسم النقوط من الأب كفاتحة خير ومباركة منه لابنه.
وترى أن النقوط المقدم من قبل المدعوين في الأعراس يأتي بمثابة مساعدة من الناس للعروسين، وجزء من معونة تحمل أعباء الحياة الكثيرة، وفاتحة خير لكل راغب زواج ، مشيرةً مع اختلاف العادات والطقوس وتنوع صور النقوط وأشكاله وارتفاع الأسعار واستبداله بهدية بسيطة لمنزل الزوجين إلا أنها ما زالت حاضرة في كافة الأفراح .
ولفتت إلى أن النقوط عادة اجتماعية موروثة منذ القدم لا يمكن إخفاؤها لما لها من أهمية على المجتمع وتشكل إطاراً يصب في بوتقة أشكال التكافل الاجتماعي ما بين الناس وأبناء المنطقة خاصة، يردونه إلى بعضهم البعض في المناسبات، مع الإشارة لتكاليف الزواج الباهظة.
وفي سياق متصل بيّن ضرار بني ملحم أهمية النقوط في وقتنا الحالي لما لهذا النوع من أهمية كبيرة في مساعدة الزوجين على مواجهة تحديات الحياة الجديدة المقدمين عليها، مشيراً إلى أن هذه العادة ساعدت العديد من الأزواج المقدمين على هذه الخطوة على استكمال الفرح، مشددا على ضرورة بقاء هذه العادة بين الناس والحفاظ عليها والتمسك بها.
وبحسب قول الزوجين محمد علي وليلى العدوان اللذين اقبلا على الزواج قبل أربعة أشهر: أننا لولا النقوط الذي جمعناه من قبل الأهل والأصدقاء والأحباء في حفل الزواج لما تمكنا من إقامة العرس وسنعاني الكثير من الأعباء، حيث أن اعتمادنا الأساسي على تسديد الديون المترتبة على اقامة الحفل هو النقوط، وهو بمثابة دين سنرده للمدعوين عند حدوث مناسبة.
ويقول أخصائي علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور محمود الخوالدة في هذا الموروث إن هذه العادة وغيرها جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي في الأردن الذي يساهم في إسناد الزوج في الظروف المادية الصعبة والتخفيف من تحمل نفقات وتكاليف الزواج، والمساهمة في زيادة أواصر الترابط والتراحم الاجتماعي وتحقيق التكافل الاجتماعي بما يسمى ب العونة في المناسبات المختلفة وأفراح الزواج خاصة، مؤكداً أن المجتمع الأردني كان وما زال يقدم شحذ الهمم والاصرار على التفاعل الاجتماعي وتأكيد الروابط في كل المجتمعات والقرى والأرياف والبوادي.
وأشار الخوالدة إلى أن تقديم العونة يتضح في موسم الحصاد وموسم قطاف الزيتون وبناء البيوت وفي النكبات وتقديم المساعدة المالية للشباب المقبلين على الزواج في الأفراح. معرجاً على الاختلاف في طرق التقديم.
واستشهد مدير أوقاف عجلون نايف الزعارير بقوله تعالى: (تعاونوا على البر والتقوى) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (تهادوا تحابوا) الذي يبين أن التعاون غريزة في جميع المخلوقات على اختلاف أجناسها وأمر ضروري لا تقوم الحياة بدونه ولا سبيل لبقائها إلا به ووسيلة لدرء الأخطار والركيزة الأساسية لبناء مجتمع أساسه المحبة والود والإخاء والبذل والمساعدة والصفاء، مؤكداً ضرورة أن تسود علاقة المجتمع بين أفراده المودة والمحبة والمساعدة.
وبيّن أن معنى النقوط في سياق الحديث الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم (تهادوا تحابوا) فيه إطلاق على العموم لم يخصص به وانما القصد من ذلك ان تبعث الهدية بين أفراد المجتمع المودة والالفة والتزاور والتواصل وهي عادة متجذرة منذ القدم.
مواقع النشر (المفضلة)