سخريةُ واقع و بحثٌ عن ضائع !
مع كوبٍ شايٍ ساخنٍ بالنعناع بدأت الحكاية !!
و بسبب موقفٍ بسيط قد يحمل الكثير ثارت جدالاتٌ عدة ما بين ماضٍ و حاضر !
بعيداً عن ضجيجِ الشارع و ضوضاءِ السيارات و الماتورات التي لم تأتِ لنا بخير أبداً
فالغيوم السوداء بسبب احتراق الوقود و رائحتهِ المقيتة تخيم على المكان و ما أن تفتحَ نافذتكَ حالماً
آملاً أن يصلكَ عبق الطبيعة ألا أن تفاجأ بأن السعالَ قد أصابكَ بوحشية , كيف لا و كل ما حولكَ ملوثٌ بأيدي البشر
و بغضبٍ عنفني اغلقيها فما الذي ترتجيهِ من تشريعها !
و توالت سيل ذكرياتهِ علينا حمماً حين قال أنه كان كغيره لا يعرفُ سوى المشي على الأقدام و كانت في ذلك الوقت
أجمل رياضةٍ ممكن أن يمارسوها دون درايةٍ منهم في ذلك ! فهذا هو واقعهم و كانوا يقطعون عشرات الأميال دون كلل !
كان استيقاظهم منذ ساعات الفجر الأولى هو ما يبعث في نفوسهم الطمأنية و الأمان , يذهبون لاشغالهم و يعودون آخر اليوم
و حين يعودون / يعودون بابتسامة , عنوانها الرضا و القناعة
و سألنا أينكم منا الآن ؟! تسهرون قلقون و لا تستيقظون إلا بالمنبهات و ليتكم لا تتأخرون و حين تفيقون فالعبوس يفترشكم
و تذهبون و تعودون بنفس الكشرة و كأنكم ذاهبون و عائدون من مأتم !
لم نكن نعرف الانفلونزه و لا السكري و لا الضغط كأنتم و الآن ها نحن نعيش لنسمع عن آلاف الأمراض التي لم تكن
و التي صنعتها أيديكم فباتت تشكل خطراً يصيب الصغار منكم قبل كباركم !
أخبرنا أنه طيلةَ شبابهِ لم يسمع عن جرائم الاغتصابِ و السرقاتِ و حوادث خطفٍ من هذا القبيل بعكسِ جرائدنا و اعلامنا الذي لا يكِل
من ايذاعها ليل نهار , أن مياههم كانت أنقى و لم يستخدموا أجهزة التحلية و أن مشاعرهم كانت أبهى فأي شابٍ في ذلك الوقتِ ممكن
أن يرفع نظرهُ في عين أبيهِ كما الآن بكلِ وقاحةٍ و تبجح !
و رغم عدم وجود التلفاز و لا النت و الفيديو و البلي إلا أنهم لم يعانوا من أوقاتِ فراغ و التي تتراقصُ في أزقتنا بكل سخرية !
أنهم برغم نكباتهم و حروبهم و انتكاساتهم كانوا أقوى , و أنهم برغم فقرهم و قلةِ حيلتهم كانوا أغنى !
قال لم تعد سماءكم زرقاء كسماءنا , لم تعد أرضكم خضراء كأرضنا
و يمضي العمر بهم ليزدادوا حسرة على أحفادهم , و عبارةُ ما الذي يجري و ما السبب تلاحقنا
و أسكتنا جميعاً و في القلبِ ما ينطق يا جديّ و لكنه تائهٌ لا يعلم من
أين البدء !
و بين اطلالةٍ صوبَ الأمس و ما كان , و نظرةٍ إلى الواقع و ما يجري
أتساءل كغيري من أين البدء , ما الذي يجري , ما الذي تغير , و ما السبب , و إلى أين ؟!
مواقع النشر (المفضلة)